موضوعات مسرحيات فوزي منيب

موضوعات مسرحيات فوزي منيب

العدد 801 صدر بتاريخ 2يناير2023

ما زلت أتابع حديثي عن أهم موسم صيفي لفرقة فوزي منيب المسرحية عام 1929 في روض الفرج من خلال التعرف على موضوعات المسرحيات التي لخصها الرقباء في تقاريرهم الرقابية! ومن هذه المسرحيات، مسرحية «سر الليل»، وقال الرقيب في تقريره عنها يوم 8/4/1929: حضرة صاحب العزة مدير المطبوعات، قرأت رواية «سر الليل» تأليف فوزي منيب أفندي، وهي تتلخص في ما يأتي: عثمان عبد الباسط له زوجة اسمها أم أحمد، يندمج في السلك العسكري ويصل إلى درجة جاويش، ثم يقع اعتداء على رئيس الحرس. ويتهم عثمان وكذا الضابط في هذه الجنابة. ثم يتوصل عثمان إلى الحصول على اعتراف من جميلة بأنها القاتلة – ويكون أن عثمان هذا يهبط ضيفاً كريماً في المستشفى ومن هناك يفر هارباً من وجه العدالة – ويحاكم الضابط وكذا أم أحمد ولكن الرجل عثمان يحضر آخر الأمر يحمل اعتراف جميلة بنت رئيس أطباء المستشفى. فيفرج عن الضابط البريء وينعم عليه وكذا على عثمان فيرقى إلى درجة ضابط – وقد حذفت عبارة شائنة في ص 10 من هذه الرواية، وما أرى ما يمنع تمثيلها بعد ذلك.
أما التقرير التالي – وفقاً لتاريخه - فقال فيه الرقيب: حضرة صاحب العزة مدير المطبوعات، طالعت رواية «كنز القبطان» أو «جزيرة المتوحشين» المقدمة إلى الإدارة بواسطة فوزي منيب أفندي. وهي تتلخص في أن «هوشخان» يسكن في دار تملكها أم زوزو. ثم يبحر الجميع إلى أميركا – هوشخان ومهنى وعثمان – ويصلون إلى العالم الجديد ويهبطون فندقاً هبطه من قبلهم ملك الزنجبار، وهناك يتهمون بتهمة التجسس ويحاكمون عسكرياً، فيحكم عليهم جميعاً بالإعدام رمياً بالرصاص. وما أرى ما يمنع تمثيلها بعد حذف المحذوف.
ولعل القارئ سيلاحظ بساطة الموضوعات وعدم منطقية أحداثها، ووجود اضطراب في كتابة ملخصاتها، وكأنها تنتمي إلى الغرائب والطرائف لغرض التسلية، وأغلبها مأخوذ – أو مقتبس – من مسرحيات علي الكسار وأمين صدقي! والتقرير التالي يؤكد على ما قام به فوزي منيب من تغيير في عناوين المسرحيات المُرخص بها من قبل، مثل مسرحية «اللي فيهم» التي مثلتها من قبل فرقة نجيب الريحاني وفرقة يوسف عز الدين، والتي غيّر فوزي اسمها إلى «الكرسي الكهربائي»! ويقول الرقيب في ذلك يوم 13/4/1929: حضرة صاحب العزة مدير المطبوعات، طالعت رواية «اللي فيهم» أو «الكرسي الكهربائي» المقدمة إلى الإدارة من فوزي منيب أفندي – وهي من الروايات السابق التصريح بتمثيلها – وقد عانيت كداً وتعباً لا يطاق في قراءتها لرداءة الخط – على أني أخشى حيال ذلك أن يكون قد فاتني شيء فيها لسوء خطها – وهي تتلخص في ما يأتي: الدكتور «رفعت» طبيب له عيادة ريفية فيها «ستهم» عاملة يقع حوار طويل بين الدكتور هذا وبين هذه العاملة ثم يجئ «عثمان» تمرجياً في العيادة وهو له دين في ذمة أم الدكتور قدره 250 قرش وكان من قبل ذلك في خدمة أحدهم في القنطرة – وله صديق زميل اسمه أبو العنين – وعثمان مدين لأبي العينين بمبلغ 50 قرشا ويكون أن مريضاً يهبط العيادة في غيبة الدكتور – ويدفع الطمع والشره صاحبنا «عثمان» فيتعهد معالجة المريض ويجلسه على الكرسي ويكون أن الطبيب قد غفل عن الكرسي فتركه مكهرباً – حتى إذا ما جلس عليه المريض أغمى عليه – ويقع عثمان في هذه الورطة ويظن أن الرجل قد مات ويقبض عليه هو وصاحبه ولكن الطبيب يعالج المريض فيفيق ويبرأ عثمان وصاحبه – ويتزوج الأول من «ستهم»، وما أرى ما يمنع تمثيلها.
أما تقرير مسرحية «السر في السبت»، فقال فيه الرقيب: حضرة صاحب العزة مدير المطبوعات، طالعت رواية «السر في السبت» تأليف فوزي منيب، وهي تتلخص في ما يأتي: حسن بك رجل عصبي المزاج ذو نزعة خاصة، يأنف من رؤية الكلاب، ولا يحب أن يأوي كلباً في داره. وهو متزوج من سيدة لها ولع بالكلاب، وهي من أجل ذلك تربي كلباً في دارها، ولكن زوجها يحنق عليها من أجل ذلك، ويحاول إبعاد الكلب، وفعلاً يتم له ما أراد. ولحسن بك خادم اسمه عثمان وخادمة اسمها أم أحمد، وهو يكره أن يكون في خدمته متزوج أو متزوجة، لذلك عثمان وأم أحمد يتفقا على الزواج سراً. وتحمل أم أحمد وتلد مولوداً ذكراً حتى إذا أحسا دنو صاحب الدار وخافا الفضيحة خبآه في سلة، كانت تحوي الكلب الذي استبعده حسن بك، والذي جاء به ثانية رشوان بك خال صاحبة الدار. ولحسن بك هذا خالة اسمها خديجة عجوز شمطاء تحن إلى الزواج، وتود لو كان لها رشوان بك زوجاً. ويخبئ عثمان ابنه من سيده في «النملية»، ويفتضح أمره ويعترف أخيراً لسيده بالحقيقة، ثم يقترح على صاحب الدار حسن بك أن يزوج الست الكبيرة خديجة لرشوان. وقد حذفت كلمة واحدة من هذه الرواية في ص16 وما أرى ما يمنع تمثيلها بعد ذلك.
أما مسرحية «قمر الزمان» فكتب الرقيب تقريراً عنها يوم 16/5/1929، قال فيه: هذه رواية فكاهية بريئة، تتضمن حادثة أمير ترك بلاده حينما رأى أن أباه قتل لما كان يبديه من الظلم في الرعية، وهاجر إلى مصر متخفياً. وأخذ يشتغل عند بعض صنّاع المراكب. ومضت خمسة عشر عاماً على ذلك، وكانت البلاد تبحث عن أميرها وجاءت الأميرة قمر الزمان بنفس الغرض. واشتبه فيمن يدعى عثمان وهو أحد أولئك الصنّاع بأنه الأمير المنشود. فأخذوه إلى العرض وهو ذاهل مرتبك وهناك أخذ يبدي من الإشارات والأقوال ما يُضحك وذلك لبعده كل البعد عن الوسط الملوكي .. وأحبته الأميرة قمر الزمان .. وبعد مضي الخمسة عشر عاماً بالتمام عاد الأمير الحقيقي إلى البلاد واتضح كل شيء .. وكانت تحبه فتاة تدعى مسعدة فأصبحت أميرة ونالها حظ سعيد .. وأما الأميرة قمر الزمان فإنها تبعت محبوبها بعد أن أغدق عليها الأمير رزقاً واسعاً ومالاً وفيراً. وقد حذفت العبارات الواردة في الصفحات ... وفيما عدا ذلك لا أرى مانعاً من تمثيلها.

نموذج الاقتباس
وفي نهاية مايو 1929 قدم فوزي منيب طلباً رسمياً إلى مدير الرقابة الفنية – وهو مدير المطبوعات – قال فيه: «حضرة صاحب العزة مدير المطبوعات أتشرف بأن أقدم لعزتكم رواية «بنت الوالي» اقتباس بقلمي والتمس التصريح لي بتمثيلها على مسرح كازينو ليلاس بروض الفرج وأقبل فائق احتراماتي». وهذا المستند يؤكد أن النص من اقتباس فوزي منيب!! وتقرير الرقيب سيظهر لنا كيف يقتبس فوزي نصوص مسرحياته، وماذا يفعل بها، وكيف يوفق أو يحوّر الأحداث .. إلخ!! وأرجو عزيزي القارئ أن تتحمل قراءة التقرير التالي حتى نهايته، ولا تشعر بأي ضيق أو ملل، لأن نهاية التقرير بها المبرر المقنع لأي شعور ستشعر به خلال القراءة!!
يقول الرقيب في تقريره: تتلخص الرواية فيما يأتي: الفصل الأول: بينما يكون أحد القرويين يغازل قروية إذا بقروية أخرى تريد التحبب إليه على كره منه وتجبره على تقبيلها. ثم يدخل أحد البكوات «حسن بك عرنوس» ويلتقي بأحد أتباع حاكم البلد التركي ويفهمه هذا أن سيده عهد إليه بانتقاء عروس مصرية له، لأنه قتل زوجته الأولى في أول يوم زواجهما، كما أنه قتل خمس زوجات غيرها في مدة خمسة شهور. وهذا الباشا رزقه الله مولودة منذ عشرين سنة فألقت بها والدتها بالبحر ولما عرف الوالد عهد إلى حاجبه بالبحث عنها في ظرف 24 ساعة. وقد لاحظ عرنوس بك أن الابنة تردد كلمة «نزهة» في القرية فأحب استجلاء الحقيقة، وأخذ يلقي على الفتاة أسئلة تبين منها أنها هي التي ألقيت بالبحر بعد مولدها فيفهمها حقيقة أمرها. ويدخل رجل تركي «حاجي بابا حمص أخضر» ومعه أتباعه ويطلب الزواج من الفتاة نزهة. وفي الفصل الثاني يجتمع الوالي التركي بحاجبه وأتباعه ويطلب إلى عرنوس بك أن يطلعه على المقابلات وترتيباتها وأخبار البلاد، ثم يأمر بإعدام أحد الأتباع «البلطجي» لأنه حاول التحرش بحرمه، وبعد ذلك يقول لعرنوس بك إنه يريد استعمال القرباج مع «حاجي بابا حمص» لأنه يتزوج ويطلق يده. ولكنه لما يعلم أنه الرجل ذو حول وقوة وعنده عساكر وسلاح يغير معه غطرسته ثم تدخل ابنته نزهة وتقول له إنها تريد الزواج من رجل اسمه سيف فلاح وترفض الزواج من الأمير سيف الدين. وفي «الفصل الثالث» نجد حاجي حمص أخضر يطلب إلى حاجبه حزنبل أن يسمم زوجته لأنه يريد التزوج من غيرها - من جلبهار - فيتظاهر هذا الأخير بالطاعة ولكنه بدلاً من أنه سيسقيها سماً يضع لها بالكأس مخدراً - قبل النوم - ويفهم مولودها قد مات حتى إذا ما تأخذ تصدق عاد إلى السيدة وأعطاه ما يوقظها ويفهمها أنه فعل الشيء مع السيدات الأخريات. وفي «الفصل الرابع» يأتي عرنوس بك لمقابلة الوالي فيتقابل مع حزنبل ويرى شخصاً ممدوداً على الأرض ويعلم من حزنبل أنه ميت وأن حاجي بابا أمر بقتله ليتزوج من عروسه ويدور حوار بين الاثنين فيخبر كل منهما الآخر بأنه لم ينفذ حكم الإعدام بالسيدات والرجال بل كان يعطيهم مخدراً - قبل النوم - متظاهراً بأن الإعدام قد نفذ. ثم تظهر جلية الأمر وينتهي الحال بأن يتزوج الرجال الخمسة الذين ظن إنهم ماتوا من السيدات الخمس اللائي أراد حاجي بابا التخلص منهن. هذا مضمون الرواية التي لم أجد بها أي ارتباط أو تناسب بين فصولها ومناظرها كما أنه من الصعب معرفة فكرة المؤلف التي يرمي إليها غير غطرسة الحاكم وزميله التركيين وقتلهما النساء والرجال بنية الاستسلام لشهواتهما ورغائبهما. وإني لا أرى ما يمنع تمثيلها بعد أن يحذف منها ما هو مشطوب بالمداد الأحمر في الصفحات.
وفي 9/6/1929 كتب الرقيب تقريراً لمسرحية «غرايب الدنيا» أو «ابن الشمس»، قال فيه: طالعت رواية «غرائب الدنيا» المقدمة من فرقة فوزي منيب أفندي، وهي تتلخص في ما يأتي: «الفصل الأول» أسماء حفيدة متلوف باشا تمت بعاطفة حب وغرام إلى ابن عمها جميل، وتود أن تتزوج منه بيد أن جدها يريدها أن تتزوج من موظف عنده اسمه أدهم بك. أما هي فتأبى ذلك وأما أدهم بك هذا فلا يسعه حيال صدودها ورفضها إلا أن يحتال حيلة ليتخلص من ورطته – ذلك أنه يعمد إلى استخدام رجل اسمه «يني» لاختطاف «أسماء» وتسفيرها إلى أمريكا – فيكتب خطاباً إلى أسماء يقلد فيه خط عشيقها جميل وانتحل اسمه ليفر بها طالباً إليها موافاته إلى أمريكا. «الفصل الثاني»: ويهبط «يني» مع «أسماء» إلى فندق ويدعي أنها خطيبته أما هي فتصرخ وتستجير – فيجيرها مصارع ويعدها بالخلاص من موقفها، ويسعى «جميل» إلى الفندق ليلتقي بأسماء فيقابله المصارع ويزعم أنه خطيبها المزيف الذي تسخر منه، ويتخلص «عثمان» من الموقف ويطلق رصاصته على المصارع. أما «يني» وعصابته فيخطفون «أسماء» ويسلمونها إلى «الجنرال بامبولا» ليتزوج منها قسراً – ويبعث الجنرال في طلب راهب البلد ليقوم بعقد الزواج، ويكون مسكن الراهب هذا واقعاً إلى جوار مسكن «عثمان» فيعمد «عثمان» إلى الحيلة ويسرق ملابس الراهب ويلقى الجنرال في زي الراهب – ويسر إلى أسماء بحقيقته حتى إذا حان وقت العقد اضطرب عثمان وتلعثم لأنه لا يعرف من أمر صيغة العقد ولا الرسوم المرعية في مثل هذا الموقف شيئاً – ويحضر جميل وتتضح الحيلة لدى الجنرال فيصدر حكمه عليهم جميعاً بالإعدام بيد أنه لا يلبث أن يعفو عنهم. «الفصل الثالث» أما هم – بعد أن يُعفى عنهم – فيأوون إلى فندق ويعلم بأمرهم «يني» فيحتال على صاحب الفندق ليكون خادماً عنده – وإنما يعمد إلى ذلك حتى يتمكن من سرقة ما عند «عثمان» من مال – وينفرد جميل بأسماء في غرفة - وهو ما نأخذ به المؤلف .. وهو معاب الرواية - ويأتي عثمان إلى غرفة أخرى ويستغفل «يني» «عثمان» ويتوثب ليسترق إلا أنه يستيقظ ويضبطه ويفضح أمره أمام من في الفندق. «الفصل الرابع» ويكون أن أدهم – بعد أن وزع أسماء إلى أمريكا – قد جاء بأسماء مزيفة هي عيشة ويكون أنه استغل متلوف باشا أو يستحضر المأذون لعقد القران – ويعود عثمان ومن معه من أمريكا – ويفضح أمر أدهم لدى الباشا ويطلب إليه أن يزوج جميل من أسماء بنت عمه فيتم ذلك .. وما أرى ما يمنع تمثيلها بعد حذف المحذوف في صفحات.


سيد علي إسماعيل