تحولات النصوص المسرحية لجيل الستينيات في الوسائط المرئية

تحولات النصوص المسرحية لجيل الستينيات في الوسائط المرئية

العدد 794 صدر بتاريخ 14نوفمبر2022

حصل الباحث جمال الفيشاوي على درجة الماجستير بتقدير امتياز، من المعهد العالي لنقد الفني بأكاديمية الفنون وذلك في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر الجاري، عن أطروحته، وبحثه بعنوان «تحولات النصوص المسرحية لِجِيل الستينيَّات في الوسائط المرئية.. نماذج مختارة».
وتكونت لجنة المناقشة من الأساتذة: أ د. غ/ أحمد بدوي، عميد المعهد العالي للنقد الفني الأسبق، وأستاذ النقد الأدبي مشرفًا أساسيًا ومناقشًا ومقررًا، أ.م. د./نادر رفاعي، أستاذ مساعد النقد السينمائي والتلفزيوني بالمعهد العالي للنقد الفني مشرفًا مشاركًا ومناقشًا، أ.د. غ/ محمد زعيمة أستاذ الدراما والنقد المسرحي، بمعهد النقد الفني مناقشًا من الداخل، أ.د./ فدوى ياقوت رئيس قسم السيناريو بالمعهد العالي للسينما مناقشًا من الخارج
وقُدمت المناقشة بحضور العديد من الأكاديميين، بقاعة ثروت عكاشة بمعهد النقد الفني، وفي مقدمة الحضور دكتورة. غادة جبارة رئيس أكاديمية الفنون.
وفي مقدمة بحثه تلا جمال الفيشاوي: «يُعْتَبَر المسرح أَبًا للفنون، ويُطلَق على السينما الفن السابع؛ وقد ظهر المسرح قبل السينما بحوالي 23 قرنًا من الزمان؛ وقد اقتبست السينما عن المسرح، والسينما في مصر شأنها شأن السينما في العالم؛ تستقي موضوعاتها من مصادر متعددة كالأدب، فالسينما في مصر نَقَلت عن المسرح العالمي والمصري، كما نقلت عن روايات عالمية ومصرية؛ حتى إنها كانت تنقل عن فيلم عالمي أو مصري يُقَدَّم بمعالجة جديدة ولو كانت بسيطة وبمسمًى جديد».

أثر المسرح في السينما والتليفزيون
وتابع الباحث: «وفي النصف الثاني من القرن العشرين ظهر التليفزيون؛ ، ويؤكد عادل النادي: «عندما نشأ التليفزيون وليدًا اعتمد على المسرح، والسينما أيضًا، وباقي الفنون الأخرى، ولم يستطع أن يستقل بنفسه ويصبح فنًّا مستقلًا حتى الآن؛ بالرغم أن الكثيرين يحاولون جعله فنًّا ثامنًا، ولكنه لم يصبح بعد فنًّا ثامنًا؛ لأن التليفزيون منذ نشأته وهو يعتمد على السينما والمسرح، والسينما نفسها وسيلة مُتَّكِئَة على المسرح»، وبهذا يكون المسرح قد أثر في السينما والتليفزيون؛ لهذا كانت هذه الدراسة: «تحولات النصوص المسرحية لجيل الستينيِّات في الوسائط المرئية-نماذج مختارة».
وسرد الباحث: تتميز فترة الستينيات بأنها من أخصب الفترات على مستوى الإبداع الفكري والأدبي في مصر؛ حيث انطلق خلال هذه الفترة عدد ليس بالقليل من كاتبي نصوص للمسرح المصري، رصدوا في نصوصهم المسرحية المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مرت بها مصر منذ ثورة يوليو 1952، وتعتبر هذه النصوص تراثًا مهمًا من تاريخ المسرح المصري.
واختار الباحث، من أعمال نعمان عاشور، ولطفي الخولي، وسعد الدين وهبه موضوعًا للبحث في النصوص المسرحية لهؤلاء الكُتَّاب، ثم تناول كيفية تعامل الوسائط المرئية (السينما، والتليفزيون) مع هذه الأعمال المنقولة إليهما، حيث أوضح أن هؤلاء الكُتَّاب جاءت شهرتهم بكتاباتهم لنصوص مسرحية منها ما تم عرضه على المسرح، لكنهم كتبوا أيضًا للسينما.
نعمان عاشور (1918: 1987)، ينتمي إلى جيل الكتَّاب الذين ذاع صيتهم بعد ثورة يوليو 1952 أمثال: (رشاد رشدي، سعد الدين وهبة، ألفريد فرج، لطفي الخولي) وغيرهم من الكتَّاب الذين أَثْروا الحركة المسرحية في مصر، وكتب نعمان عاشور العديد من المسرحيات التي عرض معظمها على المسرح، ونقلت السينما المصرية فيلمين يحملان نفس أسماء مسرحياته، هما «الناس اللي تحت»، و«برج المدابغ»، ونقل التليفزيون مسلسلًا يحمل نفس الاسم لمسرحيته «عائلة الدوغري».
عن لطفي الخولي (1928: 1999): فهو ينتمي لجيل نعمان عاشور؛ وقدم مسرحيته الأولى «المغناطيس» 1955م، وقدم لطفي الخولي أول أعماله المسرحية «قهوة الملوك» 1959، وقدمت السينما فيلم «القضية 68» عن مسرحيته «القضية».
وسعد الدين وهبه (1925: 1997): ينتمي لنفس جيل الستينات؛ و قدم مسرحيته الأولى «المحروسة» 1961، وقدم قطاع الإنتاج – اتحاد الإذاعة والتليفزيون مسلسل «السبنسة» عن نص مسرحيته بالاسم نفسه.

ازدهار الحركة المسرحية
وأوضح الباحث: وقامت ثورة 1952 ضد الفساد والقهر وسيطرة رأس المال على الحكم ووجود طبقة عليا وطبقة دنيا؛ ومع الثورة تغيرت مصر من نظام إلى نظام، وتغيرت الحياة سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا، وانتعشت الحركة الثقافية، فازدهرت الحركة المسرحية؛ فظهر العديد من مؤلفي المسرح، وانصهر الفنانون في هذه البوتقة فكتبوا أعمالًا فنية عن الفكر الثوري عندما كانت تنادي الثورة بإزالة الفوارق بين الطبقات؛ فكتب نعمان عاشور «الناس اللي تحت» وقدمها المسرح الحر 1956 من إخراج كمال ياسين، ثم تم نقلها إلى السينما بالاسم نفسه، وقام نعمان عاشور بكتابة قصة وحوار الفيلم سيناريو وإخراج كامل التلمساني، وعُرِض 1960.
وفي العام نفسه بدأ إرسال التليفزيون المصري؛ فاعتمد مثل التليفزيون في العالم على المسرح وتعتبر سنة 1961 البداية لتطبيق الفكر الاشتراكي، وكان لطفي الخولي مسايرًا للتغيُّرات والتحوُّلات الاجتماعية لكن برؤيته الخاصة؛ فكتب مسرحية القضية التي عُرِضَت على المسرح القومي «الأزبكية» في 2 مايو 1962 من إخراج عبد الرحيم الزرقاني، وسجل التليفزيون العرض المسرحي، إخراج محمود مرسي.
وذات صباح اهتز كيان المواطن المصري بما حدث في نكسة يونيو 1967، وكتب لطفي الخولي عن مسرحيته «القضية»- التي قُدِّمَت لأكثر من موسم مسرحي- القصة والحوار لفيلم تمت تسميته «القضية 68»، وكتب السيناريو صلاح أبو سيف، وعلي عيسى، ووفية خيري، والفيلم من إخراج صلاح أبو سيف.

تسليع الفن
وفرح الشعب المصري لانتصار أكتوبر 1973، وفي 1974 صدر القانون 42 وتعديلاته الخاصة بفتح باب الاقتصاد المصري لرأس المال العربي والأجنبي في شكل الاستثمار في كل المجالات، وهو ما عُرفَ بقانون الانفتاح الاقتصادي الذي أصبح فيه الفن سلعة كأية سلعة؛ حيث كان الهدف الوحيد هو المكسب المادي؛ فكانت التسلية وانتزاع الضحكات بشتَّى الصور بعيدًا عن القيم الفكرية والفنية وتأثر المسرح المصري بتغير ذوق ونوعية الجمهور نتيجة لاتساع قاعدة السياحة العربية وازدهار شرائح اجتماعية معينة ماليًا مثل الحرفيين والمقاولين والسماسرة وتجار العملة وغيرهم مما أدى إلى هبوط مستوى الأعمال الفنية كما تأثرت السينما المصرية وقدمت أفلام أطلق عليها أفلام المقاولات لقلة تكاليف الفيلم ومستواه الفني، كما تأثر المستوى الفني للمسلسلات.
ويؤكد ذلك مصطفى محرم: «انتشرت شركات الإنتاج الخليجية وأنشئت لها مكاتب اتصال في مصر واقتحم عالم الكتابة كل من هب ودب وقامت المحطات الكبيرة بالعمل بنظام الإعلان ونظام يمنح النجم سلطات كبيرة فاختارت النجوم النصوص حسب ما يكون بصرف النظر عن مستواها الفني والفكري، ولذلك أنتجت مسلسلات في الخليج عن نصوص مسرحية لجيل الستينيات وتأثر مستوى المسلسلات المنتجة في مصر وعادت لإنتاج مسلسلات عن نصوص جيل الستينيات أيضًا وبالطبع كان من الضروري أن يتم إعداد النص المسرحي ليُناسب الوسيط المرئي.
وفي 1990 كتب محمد جلال عبد القوي السيناريو والحوار لمسلسل «السبنسة» عن النص مسرحية سعد الدين وهبه، وتم عرضه من إخراج نور الدمرداش، والذي سبق وقدمه المسرح القومي علي مسرح الأزبكية في 19 يناير 1963م، من إخراج سعد أردش، وسجل التليفزيون العرض المسرحي من إخراج نور الدمرداش، وما بين عامي (1963- 1990) حدثت في مصر تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية، ويشير عادل النادي: «أغلب المسلسلات التي تكتب للتليفزيون كانت قصص سينمائية من قبل أو مسرحيات»، ونستطيع القول بأن كلا من السينما والتليفزيون اعتمدا على النصوص المسرحية.
وفي نهاية المطاف أوضح الباحث أن النص المسرحي في طبيعته يختلف من حيث البناء الدرامي عن الفيلم السينمائي والمسلسل التليفزيوني؛ ولذلك قام الباحث بهذه الدراسة: «تحولات النصوص المسرحية لجيل الستينيات في الوسائط المرئية - نماذج مختارة».

أهمية وأهداف البحث
وأوضح جمال الفيشاوي أن أهمية البحث فهي تتجلَّى في إلقاء الضوء على السؤال التالي: كيف كان يفكر مُبْدِعُو الوسائط المرئية في جَدْوَى تناول النصوص المسرحية كمصدر إبداع لهم؟
وأهداف البحث أن جيل الستينيات مجموعة من المبدعين انشغلوا بقضايا المجتمع ورصدوها في نصوصهم المسرحية، ثم تحول بعض من هذه النصوص إلى الوسائط المرئية، مما يُغري أي باحث بدراسة هذه الظاهرة التي أغرت مُنْتِجِي الوسائط المرئية في مصر «السينما والتليفزيون» بتناولها عبر هذه الوسائط.

مشكلة البحث
وتتلخص مشكلة البحث في سؤال رئيس، هو: ما طبيعة المتغيرات البنائية على النص المسرحي حال تحويله إلى الوسائط المرئية؟ ويَنْتُج عن هذا السؤال الرئيس الأسئلة الفرعية التالية:
ما مدى التزام الوسيط المرئي بالبنية الدرامية للنص المسرحي؟
كيف يستطيع المتلقي عند مشاهدته الوسيط المرئي تفسير النص المسرحي وتأويله تأويلًا جديدًا؟
كيف يتم إبراز العلاقة الجدلية بين الكلمة والصورة للنصوص المسرحية المنقولة إلى الوسيط المرئي ومعرفة المشاهد بها؟
ما الأسباب التي تجعل مُنْتِجِي الوسائط المرئية يختارون نصوصًا مسرحية معينة وتحويلها إلى وسيط مرئي؟

منهج البحث
واستكمل الباحث جمال الفيشاوي: في إطار مشكلة البحث، أصبحت الاستفادة من تكاملية المناهج التعددية، وكذا النظريات والدراسات النقدية ضرورة؛و استقر الباحث على اختيار منهج الاستقراء السوسيولوجي والاستدلال الذي يساعد على فهم النصوص المسرحية المختارة؛ لِما تشير إليه العلاقة من تداخلات النص المسرحي وما يرتبط بمفاهيم وثقافة المجتمع؛ فيما يُستخدم الوصفي لتحليل المحتوى، ويستخدم الباحث هذا المنهج لدراسة محتوى الوسيط المرئي، وإلى أي مدى حافظ على بنية النص المسرحي، وما الظرف الذي أُنْتِجَ فيه الوسيط المرئي.

عينة البحث
واختار الباحث ثلاثة كُتَّاب من جيل الستينيات، اشتركوا في الكتابة الواقعية ذات الصبغة الاجتماعية، تتسم بروح الكوميديا، والاتجاه الثوري، واختار بعضًا من نصوصهم المسرحية التي نقلت إلى الوسائط المرئية، وهي:
نعمان عاشور: فيلم «الناس اللي تحت» عن المسرحية.
لطفي الخولي: فيلم «القضية 68» عن مسرحية «القضية».
سعد الدين وهبه: مسلسل «السبنسة» عن نص المسرحية.

محتويات الرسالة
ورسالة الباحث تتألف من مبحث تمهيدي وثلاثة فصول وخاتمة، حيث أن موضوع المبحث التمهيدي يتكون من مطلبين وهما: النص، والتحولات.
والفصل الأول: يُوضح القضايا والبنية الفكرية ودلالة المكان للعينة المختارة، وبدأ الباحث بكتابة إطار نظري عن الفكرة المسرحية والفكرة في الوسائط المرئية أتبعها بالقضايا والبنية الفكرية لكل نص درامي مسرحي كتب خصيصًا للعرض على خشبة المسرح تم ما طرأ على هذه القضايا والبنية الفكرية عندما تم تحول هذا النص إلى وسيط مرئي ثم تعرض الباحث إلى دلالة المكان في النص وما طرأ على التغير في المكان عندما تحول النص إلى وسيط مرئي.
والفصل الثاني: يوضح بنية الحبكة بين النص الدرامي المسرحي والوسائط المرئية للعينة المختارة، وبدأ الباحث بكتابة إطار نظري عن الحبكة المسرحية والحبكة في الوسائط المرئية، ثم قام بتعريف الصراع حيث أن الحبكة تتشابك فيها الأحداث، وترتب على أساس الحدث والصراع ثم كتب الباحث عن الحبكة وآليات الصراع ومفاهيم وتعريفات الصراع، وأخيرًا عند تحليل الحبكة ثم التقسيم إلى ثلاثة أقسام و هي: العرض التمهيدي و الصراع و الحل.
وقام الباحث بتحليل بنية الحبكة لكل نص درامي مسرحي كتب خصيصًا للعرض على خشبة المسرح تم ما طرأ على هذه الحبكة عندما تم تحول هذا النص إلى وسيط مرئي.
الفصل الثالث: ويوضح توظيف الشخصيات بين النص الدرامي المسرحي والوسائط المرئية للعينة المختارة، وبدأ الباحث بكتابة إطار نظري عن الشخصيات المسرحية والشخصيات في الوسائط المرئية أتبعها بالشخصيات لكل نص درامي مسرحي كتب خصيصًا للعرض على خشبة المسرح تم ما طرأ على الشخصيات عندما تم تحول هذا النص إلى وسيط مرئي.

نتائج الدراسة
النتائج العامة
لا شك أنه عندما يحول نص درامي معد خصيصًا للعرض على خشبة المسرح يقوم الكاتب بكتابته طبقًا للبناء الدرامي المسرحي، وعندما يقوم نفس الكاتب أو غيره بتحويل نفس النص لتقديمة من خلال الوسيط المرئي ذو التقنيات المختلفة، فمعنى ذلك أنه تم الإعداد، أو تمت عملية اقتباس لنقل هذا النص الأصلي من وسيط تعبيري إلى وسيط  تعبيري أخر يختلف عن المصدر في المعالجة والأدوات طبقًا لرؤيته مقدمي النص في الوسيط المرئي؛ فتكون النتيجة إنتاج عملًا إبداعيًا جديدًا.
وعند القيام بإجراء تحولات لنص مسرحي إلى وسيط مرئي يطلق على هذه العملية الإعداد أو عملية اقتباس وقد اختار الباحث أن يطلق على عملية التحولات اقتباس وتكون النتيجة الحصول على ثلاث صيغ تفسيريه وهي: الاقتباس (الحرفي/ الحر/ الفضفاض)
نتائج من خلال عينة الدراسة
تؤثر الظروف السياسية الخاصة بإنتاج الفيلم السينمائي على عملية اقتباس النصوص المسرحية على شاشة السينما، وهو ما ظهر جليًا من خلال فيلم «القضية 68»، والذي ناقش فيه عدد من القضايا لم تظهر في النص الدرامي المسرحي، القضية ومن هذه القضايا:
التطبيق السيء للاشتراكية وما شَابَ الانتخابات من تحايل الفاسدين بشراء أصوات الكادحين والمستضعفين بالتبرع لهم والمتاجرة بعرق الناس وجهلهم.
مناقشة قضية عمل الأطفال وحرمانهم من الأجر المناسب وعدم التأمين عليهم، وكذلك حرمانهم من التعليم.
مناقشة تحرر المرأة من ظلم وسيطرة الرجل عليها والمساواة بينهما وخروج المرأة إلى سوق العمل.
وفرضت النصوص المسرحية المقتبس منها الأفلام السينمائية تقديم عدد كبير من المواقف الدرامية داخل الأماكن المغلقة ويظهر ذلك جليًا في النص الدرامي  المسرحي الناس اللي تحت فجميع الأحداث تقع داخل عمارة الست بهيجة، وفي فيلم «الناس اللي تحت»،  تدخل بنا الكاميرا غرف معيشه الناس اللي تحت، وفي كل غرف تكشف لنا عن شخصية من يسكنها وتوضح جزء من حياته الخاصة وتدل على بيئته وعمله، كما عرضت لنا الكاميرا حياة الست بهيجة عندما تجولت داخل شقتها في الدور العلوي ومدي اتساع المكان المعبر عن الثراء وفي الوقت نفسة يعبر عن الشعور بالوحدة وشدة الاحتياج لمن يؤنس وحدتها كما أضافت الصورة التي نقلها الفيلم لهذا المكان المغلق لمحة من الجمال وثراء المكان.
ومن خلال تقديم هذه العينة في الوسائط المرئية تعددت الأماكن مما أعطي صورة بصرية حققت المتعة للمتلقي وحاولت كسر الرتابة في الحوار الطويل في النصوص الأصلية، وقدمت الوسائط المرئية للمتلقي تأويلًا جديدًا عن النص الأصلي وظهر ذلك جليًا في فيلم «القضية 68 ».
وحاد صانعوا المسلسل التليفزيوني «السبنسة» عن الحبكة الرئيسية التي كانت أساس البناء الدرامي في النص الدرامي المسرحي «السبنسة»، فقد تم تقديم أكثر من نصف العمل «ثمانية حلقات» بعيدًا عن الحدث الرئيسي « وجود القنبلة، ثم سرقتها» وما ترتب عليها من أحداث وفي باقي الحلقات «ستة حلقات» عادوا للخط الرئيسي ولكن تم تقديم أحداث مختلفة ولذلك قام المؤلف محمد جلال عبد القوي برسم الأحداث في خطوط متوازية ربط بعضها بعضًا وصنع منها الحبكة الرئيسية وبعض من الحبكات الفرعية.
وانحاز صانعي الوسائط المرئية إلى بعض الشخصيات من العمل الأصلي دون غيرها بتغيرها بشكل من الأشكال وأصبح الدور البسيط والثانوي في النص الأصلي شخصية رئيسية أو محورية، ففي مسلسل «السبنسة» نجد شخصية العمدة حيدر من الشخصيات الرئيسية، وركز المؤلف على أبعاد الشخصية (المادي – الاجتماعي – النفسي» وأصبح لها تاريخ داخل المسلسل، وأصبح العمدة محركًا للأحداث ومؤثرًا في البناء الدرامي، عكس شخصية العمدة في النص الدرامي المسرحي فكانت شخصية موجودة فقط حتي يستقيم البناء السياسي والاجتماعي لبلدة الكوم الأخضر ويقوم العمدة بتقديم متهمين.
واهتم صانعوا المسلسل التليفزيوني «السبنسة» بإضافة أو حذف بعض الشخصيات طبقًا للرؤية الفنية ومن الشخصيات التي تم حذفها «عبدالتواب، ناظر المحطة، فلاحة» ومن الشخصيات المضافة «أبو سماعين، أم هدية، شفيقه هانم، الخالة ست وغيرهم» كما قام المؤلف بتهميش شخصيات مثل «المأمور، الحكمدار» بينما طور من شخصية أخري «مندوب السرايا» وأصبح هو أعلى سلطة ويتحكم في كل الأشخاص الموجودة، بينما كان في النص الدرامي يدعي ممدوح بيه وكيل النيابة، وأدى ذلك إلى إضافة تفاصيل وحذف أخرى مما ساهم في وجود صراعات لم ترد في النص الدرامي فخلق عنصر التشويق، مما جعل المتلقي يعيش حالة من الشغف والترقب التي تدفعه للحرص على متابعة الأحداث.
 


همت مصطفى