هل آن الأوان لجمع كل النقاد فى كيان واحد وإنشاء نقابة للنقاد الآن؟

 هل آن الأوان لجمع كل النقاد فى كيان واحد وإنشاء نقابة للنقاد الآن؟

العدد 789 صدر بتاريخ 10أكتوبر2022

دعا د .عصام أبو العلا لإنشاء نقابه للنقاد؛ لذا كان ضرورياً استطلاع رأي  نقاد مصر حول  هذه الدعوة ومدى ضرورة تلبيتها وإنفاذها في الوقت الراهن
حاجة ماسة لعمل نقابة نقاد مصر
في البداية قال صاحب الدعوة د. عصام أبو العلا:  «سبق مشروع إنشاء نقابة نقاد مصر قبل أكثر من عقد من الزمان فكرة أخرى هي إنشاء «الجمعية العربية لنقاد المسرح» التي كانت تخالجني لسنوات، ثم أعلنتها في حديث ثنائي بيني وبين صديق عمري الناقد الكبير الأستاذ سباعي السيد. وبالفعل عرض الفكرة خلال موقعه المسرحي « المسرح دوت كوم « وصممنا نموذج الاشتراك وأعطيته لمجموعة من أساتذة المعهد العالي للفنون المسرحية قسم النقد، وقسم النقد بجامعة عين شمس وبعض الأصدقاء من النقاد؛ منهم الدكتورة سامية حبيب، وتم تدشين الجمعية؛ ولكن حدثت مجموعة من المنغصات الشخصية التي هدمت البناء الذي سعينا لإنشائه، فقدمت استقالتي من الجمعية لاكتشافي عدم جدية بعض الزملاء وانشغالهم بقضية رئاسة الجمعية. وقد  كنت أطمح إلي أن يكون الصديق الأستاذ سباعي السيد هو رئيس الجمعية لمجموعة من الأسباب الموضوعية، أهمها قدرته على إدارة الجمعية خلال مرحلة تأسيسها الأولى، وبعد سنوات من فض الجمعية باتت الحاجة ماسة لعمل نقابة نقاد مصر كما أراها. لماذا نحن بحاجة إلى نقابة لنقاد مصر الآن؟ عند الإجابة على هذا السؤال ننطلق من ثلاث حقائق أساسية فرضتها الظروف الراهنة، يمكن إيجازها فيما يلي :
أولا: الوضع المتردي الذي وصلت إليه كافة الفنون السمعية والبصرية؛ من أدب ومسرح وسينما ودراما تليفزيونية ودراما إذاعية وموسيقى وفنون تشكيلية وباليهات. وهذا يستدعي نقدا يتسم بالموضوعية يقوم بتقويم العملية الفنية في كافة مجالات الفنون.
ثانيا : ما أخذته نقابة المهن التمثيلية من قرارات أبلغني بها شخصياً نقيب المهن التمثيلية وأحد أعضاء مجلس إدارتها من أن هناك بعض الشعب لم يعد هناك حاجة لإضافة أعضائها كأعضاء عاملين، ويكتفى بوضعهم الحالي كمنتسبين، وهم خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية قسم الدراما والنقد المسرحي، النظام المعتمد، الحكومي، كذلك  رفض النقابة ضم خريجي قسم الدراما والنقد المسرحي بكلية الآداب جامعة عين شمس وخريجي جميع أقسام المعهد العالي للنقد الفني. وعلى هذا الأساس تضحي مهنة النقد الفني بلا أي مؤسسة تحميها وهو ما يجعلنا في حاجة ماسة لإنشاء هذه النقابة لقيادة الرؤية الفنية في مصر في المجالات الفنية كافة ونقوم حالياً بعمل الإجراءات القانونية لتنفيذ ذلك، علماً بأن من سنقترحه نقيبا سيكون مكسباً للنقابة، إلي جانب أن مجلس إدارتها سوف يمثل كافة تخصصات وشعب النقابة وليس شعبة واحدة كغيرها من النقابات السابقة. .

تحديد أوجه الاختلافات
فيما قال المؤرخ المسرحي  والناقد د. عمرو دوارة:  بداية لا بد من تأكيد موقفي بتأييد، وتشجيع ومساندة جميع التنظيمات الأهلية التي يتم تكوينها بهدف تقديم الخدمة العامة، وخاصة إذا كانت بمجال الآداب والفنون التي يمكنها المشاركة في الارتقاء بمستوى الوعي، وكذلك بالذائقة الجمالية، بحرصها على نشر قيم الخير والحق والجمال. ومما سبق يجيء ترحيبي بأي مبادرة جادة لتأسيس كيانات جماعية (سواء نقابات أو جمعيات أو نوادي .. إلخ)؛ وبالتالي فإن حماسي يتضاعف ونحن بصدد الحديث عن مبادرة تأسيس نقابة نقاد مصر التي أطلقها الأستاذ الأكاديمي صديقي الناقد والباحث الجاد/ د. عصام أبو العلا، والتي طبقا لتصوراته يمكن أن تنقسم إلى عدة شعب طبقا للتخصصات التالية: النقد الأدبي، النقد المسرحي، النقد السينمائي، النقد الموسيقي، نقد الفنون التشكيلية، نقد فن الباليه، نقد الدراما التليفزيونية، نقد الدراما الإذاعية .وبصفة عامة فإن الفكرة المطروحة جيدة جداً، ولكني أنبه صديقي د. عصام أبو العلا إلى أن الفكرة سوف تقابل بمؤامرات ومحاولات لزرع الفتن من قبل بعض الفشلة؛ ولكني أرى أن تلك المؤامرات يمكنه التصدي لها بكل سهولة ويسر بوعيه وخبراته، وأرى أن الصعوبات والمعوقات الحقيقية تكمن في تلك القوانين واللوائح المنظمة التي تحد وتقلص من أنشطة المجتمع المدني، والتي للأسف واجهت كثير من المحاولات الجادة قبل ذلك.
وتابع قائلاً : لا أحتاج إلى الإيضاح أو التأكيد بأنني بذكر تلك المعوقات لا أهدف لا قدر الله إلى إشاعة روح اليأس والإحباط ولكنني أهدف وأسعى بكل الحب إلى إضاءة بعض علامات الطريق بالإضافة إلى الدعوة إلى شحذ الهمم للتكاتف والتعاون والتنسيق؛ لتحقيق ذلك العصف الفكري والتفكير الجماعي المنشود في كيفية التغلب على جميع المعوقات الإدارية واللوائح المقيدة. وبداية أقرر أن نجاح تحقيق وتطبيق أي فكرة ونقلها من مرحلة الطموحات والآمال إلى أرض الواقع تتطلب في البداية الوقوف على جميع التجارب السابقة في نفس المجال، وذلك حتى لا تتكرر البدايات ويتم البدء في كل مرة من نفس نقطة البداية!!
وأضاف: لقد سبق أن نشأت فكرة تشكيل تجمع مهني لنقاد وكتاب المسرح منذ نهاية ستينيات القرن الماضي، خاصة بعدم توقفت مجلة المسرح في إصدارها الأول (1964 – 1968) التي كانت تصدر عن فرقة «مسرح الحكيم» (إحدى الفرق التابعة لمسارح التلفزيون ووزارة الإعلام)، وبالتالي توقف أنشطة «نادي مسرح الحكيم» الذي قام بدور كبير في تنشيط الحركة النقدية، وخلال السنوات التالية تكررت بعض المحاولات، ومن أهمها الشروع في تأسيس «جمعية نقاد المسرح» في منتصف تسعينيات القرن الماضي برعاية كل من د. فوزي فهمي، ود. سمير سرحان وبحضور عدد كبير من النقاد وفي مقدمتهم: الكاتب الكبير بهاء طاهر، د. أحمد عتمان، ولكن اصطدمت محاولات الإشهار بضرورة إيجاد مقر ثابت باسم الجمعية (تمليك أو إيجار مستمر). وبعد عدة سنوات تجددت الفكرة مرة أخرى وبالتحديد خلال السنوات الأولى من ثمانينات القرن الماضي من خلال قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة القاهرة وتم ترشيح الدكتور رشاد رشدي لرئاسة جمعية النقاد (نقاد الأدب بكافة فروعه)، وانضم إلى الجمعية بمرحلة التأسيس كل من الأساتذة: د. فاطمة موسى، د. عبد العزيز حمودة، د. سمير سرحان، د. محمد عناني ومن معهد الفنون المسرحية بعض الأساتذة والخريجين ومن بينهم: د. فوزي فهمي، أبو بكر خالد، محمد التهامي، ولكن للأسف توقفت إجراءات إشهار الجمعية ولم تظهر إلى النور.
واستطرد قائلاً: «وتبقى النقاط الأساسية التي يجب مراعاتها عند كتابة اللائحة الخاصة للنقابة الجديدة المزمع إشهارها هي: ضرورة تحديد أوجه الاختلافات بينها وبين شعبة النقد بنقابة «المهن التمثيلية»، وكذلك بينها وبين شعبة النقد بنقابة «اتحاد كتاب مصر» مع تحديد الامتيازات التي يمكن  للنقابة الجديدة تقديمها لأعضائها من خدمات مهنية واجتماعية. هذا مع ضرورة مراعاة ملاحظة مهمة وهي: ذلك الاختلاف الكبير والتباين في خلفية وثقافة وممارسات الأعضاء وعلى سبيل المثال فقط أرى ضرورة تقسيم شعبة النقد المسرحي إلى أكثر من فئة كما يلي: الأساتذة الأكاديميون، النقاد المتخصصون، الصحفيون والإعلاميون الممارسون للنقد المسرحي بالصحف والقنوات.. إلخ.

لا توجد مؤسسسة نقدية ترعى من درسوا النقد في تخصصاته المختلفة
د. ناهد الطحان ناقدة أدبية ومخرجة دراما بالإذاعة المصرية قالت: إذا نظرنا إلى الواقع النقدي اليوم، سنجد أن مهنة النقد صارت مهنة من لا مهنة له، ونجد أقلاماً تكتب أي شيء باعتباره نقدا وهو يخلو من مقومات النقد التي يعرفها المتخصصون، إلى جانب هذا، لا توجد مؤسسة نقدية ترعى من درسوا النقد في تخصصاته المختلفة وحتى بدايات الألفية الثالثة لم نسمع عن ناقد متخصص في الدراما التليفزيونية أو الدراما الإذاعية أو النقد الموسيقى أو نقد الباليه أو نقد الفن التشكيلي، بالرغم من أن هناك مؤسسة علمية عريقة تسمى المعهد العالي للنقد الفني تقوم بتدريس كافة تخصصات النقد، ولا توجد جرائد أو مجلات أو نقابة لهم. أضافت:  فعلاً إننا بحاجة إلى نقابة نقاد مصر، لأنها ستضمن أن يعمل النقاد المتخصصون بالفعل في مجالات تخصصاتهم في الجرائد والمجلات والقنوات التليفزيونية والاذاعية إضافة إلى أن وجود هذه النقابة سيضمن متابعة الأعمال الفنية متابعة دقيقة بما يضمن تطورها وازدهارها، وينتج عنه رقي المجتمع فكريا وجماليا .

لا يمكن أن يتطور الإبداع دون مواكبة نقدية
 فيما أشار الناقد أحمد عبد الرازق أبو العلا إلى أن : فكرة النقابة تقوم على حماية حقوق أعضائها، فضلا عن إتاحة الفرصة  أمامهم ليمثلهم مجلس منتخب، يستطيع الدفاع عن تلك الحقوق، ومخاطبة مؤسسات الدولة المعنية بهذا الأمر، لتسهيل مهمتهم، حين يريدون تنظيم مؤتمر، أو غيره من الفعاليات المحددة في لائحتها وأن تكون هناك نقابة للنقاد، أمر مهم، جدا لماذا ؟  لأن كلمة (نقاد) تشمل كل النقاد الذين يمارسون عملهم، ويواكبون كل الأنواع الفنية والأدبية، وكنا في بداية التسعينيات قد فكرنا في إنشاء جمعية تضم نقاد المسرح، وحاولنا القيام بتلك المهمة، لتكون على غرار جمعية نقاد السينما، إلا أن المجموعة التي حاولت القيام بهذا لم تستكمل مهمتها لأسباب كثيرة لا داعي لذكرها الآن، أما اليوم فإن تلك الفكرة  تجيء في موعدها تماما، خاصة وأنها ليست قاصرة كما قلت علي نوع فني واحد أو أدبي، لكنها تشمل كل الأنواع، والدور الذي ستلعبه، الهدف الرئيسي منه هو العمل على مواكبة الإبداع الفني والأدبي بكل أشكاله، وأنواعه ليتطور في ظل الظروف الحالية  التي نرى فيها كل شيء في هذا المجال يتدهور، النقد مواكب للإبداع في حركته، ولا يمكن أن يتطور الإبداع ويسير سيرا طبيعيا بدون حماية ومواكبة نقدية، وتلك النقابة ستساعد نقادها علي القيام بعملهم من خلال إصدار مطبوعات وكتب، فضلا عن تنظيم ندوات متخصصة، ومواكبة  لكل ما هو مطروح على الساحة، فضلا عن ترسيخ مفهوم النقد  لدي كل من يقدم إبداعاً  مواجهة لتلك العدوانية التي نراها الآن بسبب غياب النقد المنهجي العلمي الحقيقي، وسيطرة النقد الصحفي الانطباعي الذي صار نموذجا يعجب الفنانين وبعض الكتاب، لأنه مسالم، ولا يتحدث عن السلبيات، بما يضر الكاتب والمبدع والفنان، ولا يساعد أحداً منهم على تطوير ما يقدمه في إطار الإيمان بالقيم الفنية الجميلة والأصيلة والراقية.

نتمنى أن يتخذ هذا المشروع مساره الفعلي نحو التنفيذ
الناقدة د. وفاء كمالو قالت: «يشير المنظور الفكري لدراسات ميشيل فوكو إلى أن النقد يقف نقيضا للأيديولوجيا وأن وظيفته هي تفكيك الأيديولوجيا السائدة عن طريق كشف تناقضاتها بهدف تدميرها، ويؤدى هذا إلى تأسيس ايديولوجيا جديدة  تتحول هي كذلك إلى ايديولوجيا سائدة، تخضع بدورها للتفكيك، وهكذا حتى تتصعد حدة الصراعات الايديولوجية في السياق الثقافي إلى نقطة التناقض الكلى بهدف تفكيك السائد وخلق الشروط الملائمة لثورة جذرية تفرض واقعاً جديداً ضمن التركيبة الثقافية والاجتماعية .
تابعت:  إن وظيفة النقد هي تدمير سلطة النص التي يستمدها من تماسكه الخارجي، ومن استدعائه لأشكال الماضي وطقوسه، استناداً إلى وحدتها وتناسقها، والتي تفرضها الايديولوجيا السائدة المسيطرة، بحيث يمكن الوصول لمستوى تثوير الايديولوجيا ضد نفسها، ويصبح من الممكن أن تزداد حدة الوعي وصولاً إلى الزاوية الحرجة، التي يتم فيها التمرد على الواقع القائم وتجاوزه، هذا ملمح من ملامح المفاهيم العلمية والثقافية للنقد  يؤكد أن الناقد كيان فكرى وفنى غزير الوعي، يتصدى عبر كتاباته إلى أخطر المهام والقضايا الفنية الفكرية الثقافية، وفي هذا السياق نحن نعيش حالة من الخلل والزيف وخلط المفاهيم، ونجد أن هناك الكثير من الجهلاء غير المؤهلين  يتصدون بسذاجة وقحة لنقد الفن، ونصبح أمام تيارات من التغييب والاهتراء والسخف والابتذال، لذلك لابد من التوقف بحزم أمام هذه الظاهرة المشينة.
وأكملت: من المؤكد أن الاقتراح الذى يتبناه الدكتور عصام الدين ابو العلا هو البداية الحقيقية الثائرة لمواجهة التردي والسقوط، ومن المعروف أن هذا المشروع هو سباحة ضد تيارات الجهل، وأن انشاء نقابة نقاد مصر سيقابل من الجهات المضادة بالمؤامرات والعراقيل، لكن صاحب الفكرة دكتور عصام يمتلك إرادة المواجهة ويصر على تحقيق الهدف، وهناك العديد من الاقتراحات مثل تقسيم النقابة القادمة إلى عدة شعب، وهذا بالطبع أمر شائع موجود مثلا في نقابة المهن التمثيلية، ويذكر أن نقابة نقاد مصر تهدف إلى استعادة هيبة الحركة الفنية وترسيخ الرسائل الثائرة في أعماق المتلقي كما انها ستقوم بدورها الاجتماعي لرعاية النقاد، وفي سياق متصل يجب أن يكون هناك اشتباك حيوي مع الحراك الثقافي والفكري والابداعي في الوطن العربي
واستطردت: علينا ان نحدد السؤال الأهم وهو: من هم النقاد ؟؟ حتى نتمكن من مواجهة المدعين والمرتزقة وحتى يقتصر النقد على أعضاء النقابة ونتجاوز منطق الاستفزاز السافر الذى وصل إلى استضافة اليوتيوبر باعتبارهم من النقاد المتميزين، ومن المؤكد أن الدولة يجب أن تكون حاضرة في صدارة هذا المشهد؛ لنتجاوز العديد من الإشكاليات ومنها التمويل، ونتمنى أن يتخذ هذا المشروع مساره الفعلي نحو التنفيذ.

آن الأوان لجمع كل النقاد فى كيان واحد
السيناريست أيمن سلامة أشار إلى وجود كوكبة من القامات النقدية فى فترة ستينيات وسبعينات القرن الماضي فى كافه الفنون ومنهم على سبيل المثال د. غالي شكري، المفكر والمؤلف لويس عوض، د. رشاد رشدي، د. نهاد صليحه، عز الدين إسماعيل، د. هدى وصفي، وجميعهم قامات نقدية لها باع طويل، مشيرا إلى  افتقادنا لدور الناقد على كل الأصعدة.
وتابع قائلاً : أن الأوان أن تحدث نهضة ثقافية وفنية، وأن نبحث عن الناقد الحقيقي، خاصة أن هناك الكثير من الفضائيات تقدم الهواة ومدعي الثقافة واليوتيوبر على أنهم نقادا يتحدثون عن الأعمال الفنية فيما النقد علم ويدرس فى أكاديميات.
واكمل: يتواجد النقاد فى أماكن مختلفة بعضهم فى نقابة الصحفيين، وبعضهم فى المهن التمثيلية وبعضهم فى اتحاد الكتاب، وآن الأوان لجمع كل النقاد في كيان واحد، هذا الكيان يمثل نقابة تهتم بقضايا النقد والنقاد وتؤسس لوجود حركة نقدية فى المجتمع الثقافي، دفاعاً عن هذه المهنة وألا يطلق لقب «ناقد « إلا على الناقد الحقيقي .

كيان تأخر وجوده  كثيراً دون سبب مقنع
فيما أعربت الناقدة المسرحية والسينمائية أمل ممدوح عن ترحيبها بتأسيس نقابة للنقاد فقالت: من المهم جداً وجود نقابة للنقاد، وأرى أنهم فئة مهنية تحتاج رعاية حقيقية لحقوقها، والتصدى للأمور المعيقة لممارستها، والتي يتعرض لها أحيانا النقاد لمجرد ممارستهم الأمينة لدورهم، ومن جهة أخرى وجب أيضا وجودها للتصدي لمن يسيء لدوره منهم، وهو كيان تأخر كثيرا وجوده دون سبب مقنع، أتمنى بالطبع إنشاء وتأسيس كيان لهم على أن يكون خاصاً بكل تخصص نقدي وليس جامعا لكل التخصصات؛ ليمكنه أن يناقش مشاكل وتطويرات عالم كل مجال نقدي، فتكون جمعية نقاد المسرح مثلا مع تحديد هل هي للمصريين فقط، وهل نقاد المسرح فقط أم كتابه أيضا مثلا، ففي مجال السينما توجد جمعيتي نقاد السينما المصريين، وجمعية كتاب ونقاد السينما، فيجب تحديد الفئة بدقة، ورأيي الشخصي أن تكون خاصة بنقاد فئة محددة، مع وضع شروط مهنية غير متساهلة للانضمام إليها بوجود لجان مشهود لها بالكفاءة والأمانة لقبول العضو المنضم كناقد.
وأضافت :أتمنى أن تكون مؤثرة في دورها وتجتمع بأعضائها لوضع آليات تفيد مماسة مهنة النقد وتحميها، وتحمي أعضائها من أي انتقاص وأيضا من المتطفلين على المهنة المسيئين لها، وتحقيق حراك ونشاط يضيف لهذا المجال، وليست كيانا شكليا استعراضيا، إن حدث هذا تكون خطوة جيدة ومؤثرة سنقدرها بالتأكيد .

نقابة أم جمعية للنقاد
فيما أشار الناقد أحمد خميس إلى طرح فكرة تأسيس نقابة للنقاد أكثر من مرة فقال: تم تداول تلك الفكرة أكثر من مرة من قبل ورغم أهميتها ودورها المنتظر إلا أنها لا تكتمل أو يستحوذ عليها واحد من المستفيدين الذين وثق فيهم النقاد، والمرجو لو بالفعل خلصت النوايا وأتيح إنشاء جمعية جديدة أن تكون قوانينها متاحة للجمي، وتسمح بتداول الأفكار والرؤى حتى نصل لصيغة مرضية لكل المشاركين، وأن تحدد بالضبط من هو المسموح له بالعضوية وعلى أي الأسس، فالملاحظ في الفترة الأخيرة  أن تلك المهنة دخل إليها كثير من الأفراد غير المشتغلين بالفعل بالعمل النقدي، وهؤلاء من الممكن ان يضروا ويحصلوا على حقوق ليست لهم، ويأخذوا أماكن ليست لهم ويسيئوا بالطبع لأ صحاب المهنة ناهيك عن ما يمكن أن يحدثونه من زعزعة الثقة في مسألة النقد وأهميتها للعمل الفنى .
وأضاف: المرجو من تلك الجمعية أو النقابة المستقبلية أن تتخذ كافة الاحتياطات والإجراءات التي تسمح بممارسة العمل النقدي كأن تخاطب المهرجانات المختلفة، وتعقد معها بروتوكولات تعاون، كما يرجى منها تطوير الزملاء المنتسبين لها، وتوفير برامج تدريبية لمن يحتاج من الأعضاء، وافكارا تسمح بالتطوير والمشاركة في الفعاليات الفنية.. تلك فكرة طيبة يرجى أن يساعد على وجودها المخلصون من أبناء المهنة.

على المتحمسين مناقشة الهدف منها
وقال الناقد أحمد هاشم: ظل حلم وجود كيان يتحلق حوله نقاد المسرح المصريين ويتجمعون فيه هاجساً وحلماً يراود نقاد المسرح على مدار سنوات طويلة، وظل هذا الحلم يطفو ويخبو من فترة إلى أخرى، وفى أواسط تسعينيات القرن الماضي بدأ بعض نقاد المسرح يأخذون خطوات جادة ؛ لتفعيل ظهور هذا الكيان وكان على رأس هؤلاء النقاد الراحل الدكتور «حسن عطية» ومعه الناقد الكبير «محمد فتحي التهامي» ،وكذلك الناقدين الراحلين «ناهد عز العرب، «حازم شحاتة»، وكاتب هذه السطور وآخرين من شباب النقاد آنذاك، وعقدت بعض الاجتماعات لمناقشة اللائحة الخاصة بهذا الكيان الذى اتفق على تسميته بـ «نقابة نقاد المسرح المصريين» من شروط العضوية، والهدف من النقابة وغير ذلك، ولم يستكمل هذا المشروع الحلم لعدة أسباب أهمها تحزب البعض ضد البعض، وتمكن الفرقة قبل التكوين واتهام البعض للبعض الآخر بالرغبة في السيطرة على الكيان الذى لم يتشكل بعد، وكان السبب الأهم حين شرعنا فى ترخيصه من وزارة الشؤون الاجتماعية ـ كما كانت تسمى حينها ـ  حيث اشترطت ضرورة وجود مكان مستقل ستعاينه الوزارة يكون باسم النقابة ـ إيجارا أو تمليكاـ  وكان هذا هو الصخرة التي تحطم عليها الحلم لصعوبة توفير ذلك المكان حينها.
تابع: اليوم رأينا الفكرة تتجدد مرة أخرى بدعوة من الصديق الدكتور «عصام أبو العلا» الذى طرحها على استحياء عبر الفيس بوك ؛ ليتجدد الحلم الذى طالما داعبنا كثيرا، ولكى يؤخذ الأمر بجدية فبالضرورة على المتحمسين مناقشة أمرين مهمين حول هذا الكيان: أولا الهدف منه، وثانيا الدور الذى يمكن أن يلعبه للنقاد وللحركة النقدية، وفى رأيي المتواضع أن الأمرين متداخلين كثيرا، فالهدف هو جمع النقاد في هذا الكيان ـ أيا ما كان اسمه، ورعاية مصالحهم، ولا أقصد المصالح الاجتماعية فهذا الدور تؤديه نقابة المهن التمثيلية، وإنما المقصود هو رعاية المصالح النقدية ،والتحدث باسمهم فى المحافل المسرحية كالمهرجانات وغيرها، وتوفير فرص لنشر كتاباتهم النقدية المتخصصة في ظل مزاحمة غير المتخصصين، وكل من هب ودب حتى أصبح النقد المسرحي مهنة من لا مهنة له، وكل مدع، وكذلك رعاية آداب المهنة والحفاظ عليها، ووضع شروط أمام كل من يريد الانتساب إليها، وكذلك الدفاع عن أعضائها أمام كل متطاول من أدعياء الفن الذين يتطاولون أحياناً على كل منتقد لأعمالهم الفنية واتهامه بالتشهير أو عدم الفهم لمجرد اختلافه معهم في وجهات النظر حول أعمالهم الفنية، كما يمكن لهذا الكيان أن يلعب دورا هاما فى تثقيف أعضائه سواء بعقد الندوات المتخصصة حول بعض العروض أو حول الكتب الهامة في التخصص أو غير ذلك.
تابع هاشم : في كل الأحوال فإن وجود مثل هذا الكيان أمر هام وضروري لكل ناقد مسرحي جاد، وأهميته ليست للنقاد والحركة النقدية فقط، بل ستكون فى خدمة الحركة المسرحية المصرية بشكل عام، وننتمى أن يتحقق وجوده على مستوى الواقع ويمكن التغلب على المعوقات الإدارية.

يجب أن تتوافر شروط مهنية وشروط قانونية لإقامة نقابة
وطرح  الناقد د. محمد سمير الخطيب وجهه نظر مختلفة فقال: كانت هناك عدة دعوات ؛ لكنها باءت بالفشل ولم تأخذ المسارات الفعلية، فهناك تجربتان لى مع الدكتور حسن عطيه ولكنهما لم يكتملا،  يجب عند إنشاء كيان تحت مسمى «نقابة « أن تتوافر شروط مهنية وشروط قانونية، ما هى الامتيازات التي سيحصل عليها اعضاء النقابة، وكيف ستقوم النقابة بتحسين شروط المهنة، يجب وضع كل هذا في عين الاعتبار، وهل سيكون للنقابة دور فى منع المتطفلين على النقد؟ كل ظني انه سوف يكون هناك صعوبة في ذلك، لأن ذلك سيفسر على انه ضد حرية الرأي والتعبير.

يجب توفر بعض المفردات
أما الناقد د. محمود سعيد فقال: الدعوة لإقامة نقابة للنقاد أمر شديد الأهمية خاصة أن الصورة الحالية للنقاد موزعه بين العديد من الجهات ففي اتحاد الكتاب للنقد شعبه، وفي نقابة المهن التمثيلية أيضا للنقاد شعبه، وتلك في حد ذاتها أزمة حقيقية،
فعلي سبيل المثال نجد خريجي قسم الدراما والنقد بنقابة المهن التمثيلية، واقسام المسرح المتنوعة، وبمجرد تخرج الطالب ينضم للنقابة حتي دون مزاولة مهنة النقد؛ وتلك ازمة أخري أما في اتحاد الكتاب فشعبة النقد تقبل عضوية الكاتب الذي يؤلف ثلاثة كتب تخص النقد بشتي انواعه المسرح والشعر والقصة والرواية.
وتابع : هناك من يحصل علي كارنيه اتحاد الكتاب ويتوقف تقريباً عن الإنتاج النقدي، إذن المشكلة في استمرار مزاوله النقد، وهنا يظهر دور نقابة النقاد بشكل مهم، ففيها يجب إتاحة الفرص سواء لدارس النقد وممارسه سواء بفتح آفاق للنشر أو منحهم فرص التواجد بالمؤتمرات والمهرجانات بعيداً عن منطق الشلة والمعارف والحبايب.
وأكمل قائلاً: في تلك النقابة يجب توافر بعض المفردات منها استمرار مزاوله النقد وجدية الكتابة مع متابعة كل الأحداث الفنية والأدبية الجارية، بشكل موضوعي وعلمي، والأهم من كل ما سبق تحديد من هو الناقد ؟

غياب النقد يعطي المساحة الكبيرة لظهور المتدني من الأعمال الفنية
أستاذ مساعد دكتور إيهاب صبري رئيس قسم النقد الموسيقي بالمعهد العالي للنقد الفني شدد على أهمية تأسيس نقابة للنقاد فقال: نحن في احتياج لمؤسسة مثل نقابة النقاد فى تخصصاتهم المختلفة، والمتعددة سواء فى النقد المسرحي أو النقد السينمائي أو النقد الأدبي أو النقد الموسيقي ؛ وذلك لإعادة بناء وتشكيل الفكر الفني، والإسهام فى بناء الشخصية المصرية المثقفة؛ لأن غياب النقد يعطي المساحة الكبيرة لظهور المتدني من الأعمال الفنية التي تؤثر سلباً على المجتمع.


رنا رأفت