الملتقي الشهري للأراجوز وندوة عن خيال الظل

الملتقي الشهري للأراجوز وندوة عن خيال الظل

العدد 776 صدر بتاريخ 11يوليو2022

تحت رعاية الأستاذ الدكتور إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة والأستاذ الدكتور هشام عزمي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة وإشراف الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف رئيس المركز القومي لثقافة الطفل عقد في الحديقة الثقافية بالسيدة زينب ومديرها الباحثة ولاء محمد ندوة في يوم الملتقى الشهري للأراجوز عن خيال الظل أدارها الباحث أحمد عبدالعليم وتحدث فيها كلا من الفنان أيمن حمدون والناقد المبدع محمد الروبي.
وبعد أن قدمهما عبد العليم اعطي الكلمة لأيمن حمودة كي يعرض تجربته فقال:
أنا سعيد جداً بوجودي في المركز القومي لثقافة الطفل، فالمركز له دور كبير في تشكيل وعي الفني والثقافي،  والحكاية تعود منذ طفولتي فكنت أهوى الرسم والنحت والتشكيل، وفي الماضي كانت قنوات التليفزيون المصري ثلاثة فقط وكنت أشاهد برنامج الحكاية للفنان حسن عبدالغني وكان البرنامج يحكي قصة من خلال عروسة وكنت اهتم بالعروسة وتفاصيلها أكثر من اهتمامي بالقصة التي تروى، وفي مرحلة الشباب التحقت بالدراسة في كلية الخدمة الاجتماعية ودرست خدمة الفرد والجماعة وتنظيم المجتمع، وسيكولوجية الطفل، واكتشفت أن مسرح الدمي شيء مهم في توعية الطفل، ومسرح الدمي قادر على ترسيخ المبادئ والقيم والعادات ... إلخ. 
لكنني لم أدرس هذا المسرح وما زالت مندمجاً في حبي للفنون التشكيلية، وفي يوم ما كنت موجود في الأوبرا وقابلت مخرجة تدعى إيزيس فرنشان وكانت تحمل كمية من الجلود فسألتها عن هذه الجلود وماذا تفعل بها، فحكت لي الحكاية وأنها تستخدمها في مسرح خيال الظل وأبلغتني أنه توجد منحة بين مصر وأمريكا تسمى منحة فالبريت تقدم في المركز القومي للمسرح وعرضت على أن اشترك فيها وكان الدكتور سامح مهران رئيس المركز في ذلك الوقت، وبالفعل اكتشفت وجود قامات فنية تقوم بالتدريس بشكل علمي ومنهم الدكتور سعيد أبو راية والقي محاضرة في صناعة خيال الظل وأحسست بالانبهار وأنه فتح الباب لي لدخول عالم خيال الظل، ولم يبخل بالرد على أي استفسار. تصادف وجود الأستاذ بهائي الميرغني رحمه الله في هذه المحاضرة فقد كان من المهتمين بفن الدمي. تعرفت علي صديقي المبدع ناصر عبدالتواب ومنذ هذه اللحظة تحولت الحكاية من مجرد هواية إلى الاحتراف واشتركت مع إيزيس ونبيل بهجت في تكوين فرقة ومضة وحققت نجاحا، ثم كانت النقلة بدعم من اليونسكو وقمت بتقديم أول معرض لخيال الظل على مستوى العالم قدمت تاريخ خيال الظل مثل جنوب شرق آسيا أو شمال أفريقيا ... إلخ وهذا المعرض جعلني أتعلق بالمسرح أكثر وقمت بالبحث في خصائص كيفية تحريك خيال الظل في دول العالم مثل تركيا واليابان وإندونيسيا وفنلندا وغيرها، فكل دولة لها تقنية تعمل بها. 
على الرغم من ذلك أعتبر بدايتي الحقيقية مع المسرح عندما اتصل بي الأستاذ الفنان جلال عثمان عندما كان مديراً لفرقة الغد وطلب مني تصميم خيال الظل في مسرحية كيد النسا بطولة سلوى خطاب ومفيد عاشور ومن إخراج عادل أنور.
بعد نجاح العرض اتصل بي من مكتب وزير الثقافة الأستاذ أحمد الجعفري وابلغني بترشيحي للعمل  وطلب مني مقابلة الدكتور أحمد مجاهد وكان المسئول عن هيئة قصور الثقافة في ذلك الوقت وعند مقابلته وجهني إلى هذا المكان الموجودين فيه الأن (الحديقة الثقافية بالسيدة زينب – التابعة للمركز القومي لثقافة الطفل) وطلب مني أن أقوم بتأسيس فرقة مسرح وعند حضوري للمكان اعتبرته جنة بوجود الأطفال والخضرة ومساحة المكان وأيضا أصدقائي موظفي الحديقة ومنهم الباحث أحمد عبدالعليم الذي اجلس بجواره الأن ولم أبالغ إذا قلت أن الجميع قدم لي الدعم وكان هدفهم جميعاً نجاحي، ونجاحي يعتبر نجاح لهذا المكان والكل يعمل على قلب رجل واحد، قدمنا مسرحية لعبة الغولة، وبمناسبة دعمي قبل عرض المسرحية بيوم واحد جاءت بطلة العرض والتي كانت تروي الأحداث واعتذرت حيث أنها لم تستطع حفظ الحوار، فانقذني ناصر عبدالتواب ولن أنسي له هذا وابلغني أنه توجد عروسة معينة في المخزن ستساعدني كثيرا وأقوم أنا مع العروسة بإلقاء الحوار وبالفعل استأذنت الأستاذ مؤمن ونس واعطي لنا العروسة والحمد لله نجح العرض بفضل الله وتوجيه ودعم ناصر عبدالتواب ودعم أحمد عبدالعليم ومؤمن ونس.
بدأت خطوة جديدة حيث أنه لدى صديق يدعى محمد كريم كان لديه فرقة تسمى مونتورز وطلب مني المشاركة في عرض مسرحي وهذا العرض سوف يشارك في مهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل بنابل في تونس واستفادة الفنان من أي مهرجان أنه يقابل شخصيات فنية من دول العالم، وقابلت خوسينه فرو من انجلترا وصار بيننا حديث نتج عنه تعاون عمل مشترك، وفي أوربا لا توجد جلود وليس لديهم صناعة خيال الظل وبالتالي درست كيف يقدم خيال الظل على المسرح في أوربا وبدأت في مخاطبة بعض الدول مثل بولندا وفرنسا وإنجلترا وحاولت استغلال خبرتي في مجال النحت والفن التشكيلي في عمل عروسة خيال الظل، وعندما تعاونت مع بلاد مختلفة تعرفت على تفاصيل أكثر عن كيفية تحريك عروسة خيال الظل.
بعد انتهاء التجربة السابقة وعندما كنت في مهرجان سينما الأطفال قابلت الأستاذ ياسر الصغير والأستاذة إيمان سند وطلبت مني العودة مرة أخرى إلى المركز القومي لثقافة الطفل لتقديم عرض مسرحي وقدمت لي رواية أحمس نفرتاي وحيث أنني من جنوب الصعيد وأن قصة احمس كانت مقررة على الصف الرابع الابتدائي تحمست جداً، وهنا تكمن أهمية مسرح الدمى في مسرحة المناهج وكانت هي أخر تجربة لي مصر منذ سنة 2015 .
يوجد في المعرض (خيال الظل) الذي شاهدناه قبل هذه الندوة بعض النماذج من العروض وما زلت أسعى لتقديم عروض تحركني من داخلي كمحب لفن خيال الظل  وأتذكر ما فعله معي  ناصر عبدالتواب  سنة 2010 عندما قدمني للمخرج الكبير محمد فاضل وسافرنا سوريا لأقدم خيال الظل في مسلسل الثائرون نياما. واشكر كل من وقف بجانبي في هذه المسيرة.
عاد أحمد عبدالعليم لإدارة الندوة وأثني علي تجربة أيمن حمدون وقال أنه من المبدعين الذين تعلموا خيال الظل وعلمه لأخرون ولم يبخل بعلمه ومنهم من يجلس معنا أحمد وإسراء وهما من قاما بترميم العرائس الخاصة بالمركز، وطلب منه الناقد الأستاذ محمد الروبي توجيه بعض الأسئلة لأيمن حمدون عن عروسة خيال الظل فانتقل الحديث بين كل من محمد الروبي وأيمن حمدون.

ماهي التقنيات الفنية في صناعة عرائس خيال الظل؟
حمدون: أولا أنا من أخميم  بصعيد مصر وقبل أن نتعرف علي خيال الظل لابد أن نتعرف على الظل نفسه، فنحن نصعد الجبل في صعيد مصر وكانت عمتي تقول لي أن ظل الأنسان هو ما يهديه للعودة، فإذا كان وقت الشروق يكون ظل الإنسان في الغرب، وفي وقت الظهيرة لا يوجد ظل وهكذا، ولو تريد العودة إلى حيث جئت لابد وأن تعكس ظلك.
وبالنسبة لصناعة عرائس خيال الظل فهي تصنع من الورق المقوى أو من الجلد، والورق ينتج خيال ظل لونه أسود وإذا أردت تلوينه تضيف علية السلوفان باللون المطلوب ليصبح ملوناً، أما الجلد فنستخدم ثلاثة أنواع من الجلود هي جلود للجمال أو البقر أو الحمير والجلود يخترقها الضوء، أما عن كيفية صناعة العروسة فهذا يتوقف على الديكور والشخصيات في العرض المسرحي وكيف تتحرك هذه الشخصيات داخل العرض، وبدأ بالشرح علي نموذج عازفة الكمان وان المطلوب من هذه العروسة التحرك في اتجاه واحد، ثم شرح على نموذج تشريح جسم الإنسان وأن هذا النموذج يتحرك في كل الاتجاهات.
الروبي: تقول أن مجسم خيال الظل مصمت ولا ينفذ من خلاله الضوء وبالتالي يظهر لنا على شكل ظل أطلق عليه خيال الظل كما قلت، وأن بعض الجلود يخترقها الضوء، والسؤال إذا اخترق الضوء للجلد فهل من الممكن مشاهدة تلك المجسمات؟

حمدون: الشكل عموماً سيظهر ولدى قدرتان لمشاهدة التفاصيل 
أولاً: عمل تفريغات في الشكل وشرح على عازفة الكمان بوجود تفريغات مكان اليد والأصابع، وبالتالي تفسر المجسم أكثر وبعض العاملين بخيال الظل يطلقون على هذه العروسة عروسة نور.
وعقب الروبي: من خلال حديثك أنه يوجد تقنيات لعروسة خيال الظل، تقنية للعروسة المصمتة التي تظهر للمتلقي بالون الأسود، والتقنية الأخرى للعروسة الملونة وهي أكثر تعقيداً حيث أنك تقوم بتفريغ أجزاء معينة من العروسة وتدهن المفرغات بالألوان . 
وقال عندما أشاهد بعض أعمال خيال الظل انبهر بأداء محرك خيال الظل، والسؤال كيف يتحكم لاعب خيال الظل (المخايل) تحريك العروسة؟
حمدون: المخايل (لاعب خيال الظل) يقوم بالتدريبات الجيدة على عمله وماهو المطلوب أداءه بالضبط في عرض خيال الظل ولذلك في بعض الأحياء يلجأ لي لاعب خيال الظل ويطلب بعض التعديلات حتي يتمكن من أداء الحركات المطلوبة.

هل من الممكن أن يقوم أكثر من لاعب لتحريك عروسة واحدة؟
حمدون: في بعض الأحيان يوجد مساعد لكل فريق العمل يعاون من يحتاج للمساعدة، ولكن طبقا للتقنية المستخدمة في هذه الدولة، ففي بعض الدول مثل تركيا لا يحرك عروسة خيال الظل إلا لاعب واحد فقط، وفي إندونيسيا من الممكن أن يصل ارتفاع العروسة متر أو متر ونصف، أما في مصر فارتفاع العروسة ما بين 30 سم : 50سم فلكل بلد تراثها الخاص بها، وعن تجربتي الشخصية أرسلت خارج مصر عدد من العرائس يحركها لاعب واحد وأخرى يحركها لاعب ومساعد معه.

الروبي: سؤال بسيط ليستفيد المتلقي، ما هي المميزات بين صناعة عروسة خيال الظل من الورق أو من الجلد؟
حمدون: ميزة الجلد هي الاستدامة، بمعنى أن قطعة الجلد الطبيعي تعيش لفترات طويلة، كما أنها قادرة على إخراج الضوء، فمثلاً جلدة الجمل هي جلدة تكاد تكون شفافة وصلبة ونستطيع تشكيلها ونحدد ألوانها كما نريد، وجلدة الحمار قوية بسبب الشعيرات الدموية الموجودة بها ونعلم أن خيال الظل يتعرض لمصدر ضوء وتكون درجة الحرارة مرتفعة، وبذلك يتأثر الجلد ولذلك لابد من أن يكون قوي ليتحمل درجات الحرارة، كما نقوم بتركيب دعامات من الحديد حتى نحافظ على تشكيل العروسة .
وأنهي حواره بتوجيه الشكر لجميع الحضور وكل العاملين في المركز القومي لثقافة الطفل. 
وأعطي أحمد عبدالعليم الكلمة للأستاذ محمد الروبي بعد أن وصفه بالناقد المبدع
فقال الروبي: أشكرك على هذا الوصف وأتمنى أن أكون كذلك وأوجه الشكر لكل العاملين في المركز القومي لثقافة الطفل، وانا انبهرت بتجربة أيمن حمدون،  وأقول أن الناقد هو متذوق للعمل الفني مثل المتلقي ولكن بدرجة أعلى بحيث أنه يستطيع أن يفك شفرات أي عمل فني يتعرض له بالتحليل ويجب على من يقوم بالنقد أن يحب ما يعمل ثم التدريب طوال الوقت مثله مثل أي مبدع في أي مجال من المجالات الفنية، ولذلك عندما كنت طالبا في قسم الدراما والنقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية كنت شغوف بحضور محاضرات عن التمثيل والإخراج على سبيل المثال لأستاذنا كرم مطاوع أو عن الديكور لأستاذنا رمزي مصطفي رحمة الله عليهما، وسألني أحد الأساتذة ماذا تريد من حضورك محاضرات ليست مقررة هل تريد أن تكون ممثلاً أو مخرجا أم مصمم ديكور فكانت إجابتي أريد أن أكون ناقداً جيد، والناقد المبدع كما عرفني أحمد وأتمني أن أكون كذلك هو من يطلع كل التخصصات الأخرى، ولذلك اطلب من أيمن حمدون في حالة إقامة ورشة لتعليم صناعة خيال الظل أكون أول المتدربين وبالتالي تساعدني هذه الورشة على فهم ما يحدث أثناء مشاهدتي وتحليلي لعرض مسرحي يقوم على فكرة خيال الظل بشكل عام، ومن المهم أن يظل أي إنسان في أي تخصص بأن يقوم بتحصيل العلم والاطلاع على إبداع الأخرين وخاصة الخبرة العملية وليست النظرية فقط ومن هنا يتولد الإبداع. ومن هذه المقدمة المهمة أتحدث عن موضوع الندوة الخاصة بخيال الظل فالدراسة النظرية في المراجع قالت أن خيال الظل هو أحد أشكال الفرجة الشعبية التي كانت منتشرة في مصر مثل المحبظين  والأراجوز وحفلات السامر، وقد تعرفنا عليه عن طريق اليونان أو الصين وهناك من يقول أنه كان من موروث المصري القديم، وعموماً وبشكل عام فأن الموثق دون شك أن مصر اطلعت على فن خيال الظل في القرن الثالث عشر، على يد طبيب عراقي من الموصل يدعى ابن دنيال، عندما جاء إلى مصر هارباً من بطش التتار في عهد الظاهر بيبرس، ويقال أنه أول من قدم عروض خيال الظل التي أبهرت الناس وبالطبع كانت ولابد أن تبهر الناس في هذا الوقت. ثم بدأ ينزوي مع ظهور السينما. ثم بدأ يظهر مرة أخرى والانتباه إليه إلى جانب عناصر فرجة شعبية أخرى وبالتحديد في عقدي الخمسينات والستينات.
بعد ثورة يوليو ومع المد القومي؛ بدأ مثقفين مصر والوطن العربي بطرح أسئلة نحو الهوية، وبدأت الدعوة تحديداً سنة 1962 يطرح يوسف إدريس بأنه لابد وأن يكون لدينا مسرح خاص بنا، حيث أن المسرح فعل اجتماعي  ولا يخلو مجتمع في العالم لم يقدم مسرحه الخاص به وأسماه فعل التمسرح، أما بالنسبة لطرق القياس من حيث البناء الدرامي ليست هي القضية، فهذه قضية أخرى، ومن هنا التقط شباب المسرحيين في ذلك الوقت هذه الرغبة في البحث عن أشكال سماه بعض النقاد أشكال ما قبل مسرحية، والحقيقة أنا لا أحب هذا التعبير لا نه ضد الفكرة، ما دامت ما قبل مسرحية فمعناها أدني، ويوسف إدريس كان لا يقصد هذا، بل كان يقصد أن هناك عناصر مسرحية نحتاج نطورها، والمقصود بالشباب الذي طبق ذلك على مستوى الكتابة هم جيل الكتاب منهم يسري الجندي وأبو العلا  السلاموني ورأفت الدويري، وعلى مستوى الإخراج عبد الرحمن الشافعي وغيرهم، وصار بعض الشباب في ذلك الوقت في الوطن العربي على نفس الدرب.
من ضمن الأشكال ما قبل مسرحية – بين قوسين – هي فرجة خيال الظل ، ولقارئ هذه المسيرة كان خيال الظل أضعف الأشكال المسرحية استخداما إلى أن جاء شاب من جيلنا يدعي بهائي الميرغني رحمة الله (فقد مات شهيداً في حريق بني سويف) وهو أول من انتبه لخيال الظل باعتباره فرجة شعبية يمكن أن يستخدمها في عروض مسرحية وليست حلية كما كان يستخدمها الأخرين بمعني أنه اهتم بالشكل والمضمون معا، فالأراجوز مثلاً مكان عروضه في الشارع ولابد أن يكون فنان الأراجوز مسيطراً على الشارع وإذا لم يسيطر فهو المخطئ، فسيقدم القهوجي القهوة وينادي على طلبات الزباين وهكذا، فالحياة ستكون طبيعية وهنا تكمن سيطرة لاعب الأراجوز بأن يسيطر للحظات يلفت انتباه القهوجي ليشاهد ما يقدمه وهكذا. ننتقل إلى بهائي الميرغني فهو أول من انتبه لخيال الظل مسرحياً واجتهد في ذلك حيث أنه أحد المبدعين المهمومين الذين لديهم مشروع، بهائي الميرغني ابن المنيا ارتبط بالمسرح في عمر ستة سنوات، وجاء في المرحلة الثانوية إلى شبرا الخيمة وأسس فرقة شبرا الخيمة المسرحية، فهو مهموم بأن يكون الوطن أجمل، وهنا هو الفرق بين الفنان الحقيقي والفنان صاحب الحرفة، فصاحب الحرفة ليس لديه مشروع ولذلك من الممكن أن يصنع عملاً جميلاً ولكن مجمل أعماله تجدها لا تمثل مشروعاً، فمن الممكن أن يصنع مسرحية أو فيلم، والمسرحية أو الفيلم الجديد من الممكن أن يكون ضد ما قدمه من أفكار أي أنه قدم الشيء وضده، وهذا الفنان يطلق عليه صاحب حرفة، والفنان المهموم هو من يكون صاحب مشروع بأن يكون الوطن أجمل والحياة أجمل،  وكان بهائي من هؤلاء المؤمنين بأن الله أعطى له موهبة ليفيد بها الناس ويكون وطنه ذو الطبيعة الخاصة أجمل وهذه الطبيعة الخاصة ما يطلق عليه الهوية، وتتمثل الهوية في الفن المعبر عن السلوك الإنساني في العادات والتقاليد، في الأفراح وحتي في المراسم الجنائزية،  ولذلك نجد أن لكل شعب هويته الخاصة به ولابد أن لا نقارن بما لا يصح مقارنته،  فعلى سبيل المثال نقول ماذا تحب البرتقال أو التفاح، فكل منهما له من يحبه وله مذاقه ومفيد فهذا المقارنة خاطئة، نعود لبهائي الميرغني فقد انتبه بأن يستخدم خيال الظل بطريقة تحافظ على التراث ، وأن يشعر المتلقي بأهميته ويذكر الأجيال الجديدة بأن الوطن يملك فن قديم ومستمر، وتلك هي الهوية .  
لذلك أطلب من مبدعين الفن أن يضع كل منهم نصب عينيه سؤال وهو: لماذا ؟

أخيراً ومن خلال هذه المنصة أدعوا لنهائي الميرغني بالرحمة
انتقل الحديث للباحث أحمد عبدالعليم وقال: أشكر الناقد المبدع محمد الروبي على هذه الكلمات المهمة والمثمرة ودعا الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف رئيس المركز القومي لثقافة الطفل للتعقيب فقال:
أشكر الناقد محمد الروبي والفنان أيمن حمدون والباحث احمد عبدالعليم ومديرة الحديقة الباحثة ولاء محمد على هذه الندوة وكل العاملين بالحديقة الثقافية، وأتوجه بالشكر لك من شرفنا بالحضور من المبدعين كلاً بأسمة، وعن موضوع الندوة وما قدم اقول أعتبره مثل المسلسل المتصل المنفصل، فالاتصال يكمن في الفرجة الشعبية، وقد يكون الانفصال عن خيال الظل المرتبط بعروض الدمى، وقد أعطي الناقد محمد الروبي درساً مهماً وبسيطاً لمن يريد أن يكون ناقداً وهو أن يطلع الناقد على أصول الحرفة الفنية، وسعدت جداً بتناوله كما سعدت بأيمن حمدون فقد سمعت عنه كثيراً وعمله في المركز لكنني أول مرة التقي به وشكرا لكم جميعا .
تناول أحمد عبد العليم الميكرفون وشكر الجميع وانتهت الندوة.
 


جمال الفيشاوي