سيد الإمام يحتفل بـ«هوامش في الإخراج المسرحي» في ختام مهرجان آفاق

سيد الإمام يحتفل بـ«هوامش في الإخراج المسرحي» في ختام مهرجان آفاق

العدد 554 صدر بتاريخ 9أبريل2018

كتاب «هوامش في الإخراج المسرحي» هو وثيقة تأمل ومراجعة ومقارنة بين الكثير من العروض التي تتجاوز النقد الجزئي إلى بناء أسس نظرية متماسكة لانطلاق العملية الإبداعية، ولكنها في الوقت نفسه لا تزعم قولا فصلا ولا كلمة نهائية.
يحاول د. سيد الإمام من خلال كتابه الجديد أن يبني العقل الخلاق بما يدعم ويعمق انطلاق الخيال إلى آفاق أرحب وأكثر قدرة على التواصل مع المجتمع ككل.
يقول د. سيد الإمام في مقدمة كتابه «هوامش في الإخراج المسرحي»، انتهيت منه في صيف 2010، ونشرت منه أجزاء وقتها في جريدة «مسرحنا»، ولكنني نسيته بعدها على الرغم من أن كثيرًا من أصدقائي رحبوا بما فيه، وأوصوني بالعمل على نشره، وشغلت بأعمال أخرى عنه.. وبعد سبع سنوات تذكرته إثر محاضرة دعيت إليها ضمن خطة تدريبية بالشباب والرياضة، فعدت إليه لأبحث عنه وأعده للنشر، واتتني الفرصة لاستعادة الزمن ومراجعة ما كتبته بل وتعديل ما فيه، تعديلات جذرية أحيانا وكأني أكتبه لأول مرة. أضاف: في الواقع إنني ما كنت أفكر أن أكتب في الإخراج الدرامي أو مذاهبه، ولا أساليبه المتنوعة التي تكاد تختلف باختلاف المخرجين، ولو تعاملوا مع الفضاء الدرامي نفسه. و”هوامش الإخراج” بالتبعية يمكن أن تفسر كيف جاءت العملية الإخراجية على هذا النحو الذي تجسد في العمل المسرحي نفسه كما يتلقاه الجمهور.
يتضمن كتاب «هوامش في الإخراج المسرحي» 6 هوامش، هي: أسس تكوين المخرج، الشخصية الدرامية ودوائر الوجود، المعمار الدرامي، دوائر الوجود وقضية التفسير، نسخة الإخراج وفن الدراماتورج، جماليات وتكنيك الحركة.
وقد شهد ختام فعاليات مهرجان آفاق المسرحي بمسرح الهناجر للفنون، الثلاثاء 27 مارس، حفل توقيع الكتاب الجديد «هوامش في الإخراج المسرحي» للدكتور سيد الإمام، وبهذه المناسبة أقيمت ندوة حول الكتاب تحدث فيها الناقدة ليليت فهمي، الناقد والمخرج أحمد الحناوي، المخرج عادل بركات، وأدارها الناقد باسم عادل شعبان.
الناقد باسم عادل شعبان أبدى إعجابه الشديد بكتاب «هوامش في الإخراج المسرحي» للدكتور سيد الإمام، الذي اعتبره امتدادا للمشروع أو السلسلة التي يقدمها الكاتب من خلال إصدار الكتب الأكاديمية المتخصصة في ما يتعلق بالدراما والتمثيل والإخراج المسرحي، وفي ما يتعلق أيضا بنظريات المسرح بشكل عام خاصة في القرن الثامن عشر.
وقالت الناقدة ليليت فهمي إن د. سيد الإمام مهتم بترجمة الكثير من النصوص المسرحية من أجل إكمال الحلقات المفقودة في الوسط الثقافي، وإن الإهداء ينقلنا إلى مجموعة علاقات مركبة تبدأ من د. فوزي فهمي، ثم إلى د. سيد الإمام، مرورا بالزميل والأستاذ أحمد الحناوي، انتهاء بالشعر والجمال المطلق.
وأشارت ليليت إلى أن الكتاب يتناول مجموعة من المواضيع الهامة لفهم عملية الإخراج في إطار إعادة إنتاج النص، وأن مفهوم الدراماتورج يشير إلى أن النص ملك صانعه بمعنى أنه يتعامل مع بنية متماسكة تماما تعزز مفهوم الجمال بشكل ما، والخطاب الآيديولوجي.
أوضحت ليليت أن مفهوم الدراماتورج يختلف عليه كثيرًا لأنه غير محدد، ويفكك مركزية سلطة المخرج، بالإضافة إلى أن دوائر الوجود تهتم بمسألة المعاناة التي تعانيها الشخصية، وإعادة طرح النص وفقا لأسئلة بينية، مستشهدة بمسرحية «مكبث» لشكسبير التي تنطلق من سياق تاريخي، وأحقية السلطة سواء بالوراثة أو الفعل، مشيرة إلى أن المخرج في هذا النص معني بمسألة العدالة، وهو سؤال لا يفقده النص على الإطلاق.
كما قال الناقد والمخرج أحمد الحناوي، إنه تتلمذ روحيا على يد د. سيد الإمام، وإن الكتاب ليس مجرد هوامش في الإخراج المسرحي فقط، وإنما يحتوي على عدة فنون أخرى أيضا، مستدعيا في ذهنه مجموعة كبيرة من التداعيات النفسية والذهنية لتاريخ مضى.
وتحدث الحناوي عن أول خبرة معرفية تكونت في ذهنه عندما تحدث د. سيد الإمام عن دوائر الوجود، وهي أن المؤدي يقع بين ثلاث دوائر، هي: الاجتماعي، والنفسي، والمادي، مطلقا عليها فكرة «الخطاطة». قال: أرى تلك العلاقات التي توجد بين دوائر الوجود، وأن العلاقات والتقاطعات بين الدوائر الثلاث تكاد تكون قليلة جدا، ولكن التباعدات تخلق عدة تقاطعات يشير بها المخرج إلى المسرح.
وأضاف الحناوي أنه حاول عقد مقارنة بين الدائرة الذاتية ومثلث «ماسلو» للاحتياجات، الذي وضع من خلاله حاجات الإنسان الأساسية اللازمة للبقاء مثل «الطعام، والشراب، والتنفس.. غيرها»، مشيرا إلى أن هذا المثلث يعتبر جزءا من الخطاطة التي قدمها د. سيد الإمام.
أوضح الحناوي أن ما درسه في قاعة الدرس أبعد قليلا عما ذكره د. سيد الإمام في كتابه، بمعنى أنه أشار إلى خطاطة أكثر تعقيدا، وأن الممثل الهاوي قد يجدها صعبة بعض الشيء، ولكن بعد البحث سيجدها وسيلة سهلة للوصول إلى الشخصية بوضوح. انتقل الحناوي بعد ذلك إلى هامش الحركة الذاتية التي ترتبط بإيجاد شكل ذاتي بعيدا عن العلاقات التي تشكلها الشخصيات الأخرى، وتنطوي على حركة داخلية تصنعها الشخصية بإيجاد مركز لها.
بينما قال المخرج عادل بركات، إنه تعلم أن الأشياء البسيطة من الممكن أن تصبح هي الأكثر أهمية، قائلا: إن الكتاب المتخصص يتناول النظرية والمذهب، ثم يأتي في الهامش ويفتح نافذة على العالم الخاص بك، فما بالك لو أن هذا الهامش هو أسس وقواعد ونقط انطلاق هامة، وما بالك أيضا إذا عكسنا المرآة وانطلقنا من العالم ومنك إلى النظرية متسلحا بخيالك وموهبتك وخبراتك الحياتية (الأسرة، المدرسة، الأكاديمية، المسرح.. وغيرها)، وأن كل هذا العالم محمل بداخلك لأنك تحمل في قلبك روح العالم فتقف من خلاله على أرض صلبة.
أضاف بركات أن مطالعة الكتاب توحي للقارئ وتشير إليه بأن هذا الكتاب مهم لمن يبدأ خطواته في التأليف الدراماتورج، وأيضا للممارس كي يعيد ترتيب أفكاره وخططه، مشيرا إلى أن الكتاب أدهشه لأنه يجيب على بعض الأسئلة التي نجدها أثناء ممارسة اللعبة على المسرح، وكل هذا يصب في «نهر الإبداع».
أشار المخرج عادل بركات إلى أن الكتاب استطاع أن يعيد ترتيب أشياء كثيرة بداخله، وأن الهم الشخصي بداخل د. سيد الإمام تحول إلى هم أجيال تحتاج أن تستقي هذه المعرفة ولكن بشكل مختلف، وأن ترتيب الهوامش جاء على هيئة إطار منحنى بناء درامي، متابعا: «سأظل أتعلم ما حييت».
د. سيد الإمام قال إن كتاب «هوامش في الإخراج المسرحي» يتكون من 6 هوامش وليس مذاهب أو نظريات، لأنها قضية مهنية صرف لا تهم إلا الأساتذة المتخصصين في قاعة الدرس، ولكنني قصدت بتلك الهوامش الأسس التي تساهم في تكوين وإعداد المخرج، بدءا من علاقته بالمجتمع وانتهاء بجماليات وتكنيك الحركة.
أضاف د. سيد الإمام أن النص الدرامي له طبقات، ويجب على المخرج أن يحكم على النص الذي بين يديه إذا كان عملا متماسكا أو مفككا، مشيرا إلى أن هناك الكثير من المخرجين الذين يتشدقون بأنهم «أصحاب رسالة»، متسائلا: هل تحول المخرج إلى خطيب؟
انتقل د. سيد الإمام بعد ذلك إلى هامش التفسير، مشيرا إلى الوعي القصدي الذي يكون قادرا على الاختراق من أجل الوصول إلى هدف معين، وأن قضية التفسير تعتبر جزءا من الوعي القصدي لدى المخرج، ولكن لا بد أن يستغنى المخرج عن هذا الوعي حتى يكون عنده قدر من الموضوعية والحيادية في أحكامه.
وأشار د. سيد الإمام إلى أن المخرج لا يخاطب مجموعة أفراد، وأنه إذا تعامل مع جمهوره على هذا الأساس، فلن يخرج إلا عملا مسرحيا مفككا ومشتتا، مؤكدا أن المخرج يخاطب وعيا جمعيا يبحث من خلاله عن قضاياهم ووجدانهم المشترك، وأن كل زمن له تاريخه وإحساسه ووسائل التواصل الخاصة به.
تابع: أن قضية التفسير لدى المخرج ليست مجرد انطباع، ولا رأي، ولا نيات، وإنما هي تعليم الأسس العلمية والمنهجية التي تجعله قادرا على تفسير النص بكل الفضاء الدرامي من حوله.
واختتم د. سيد الإمام حديثه قائلا: من لم يفهم شغل المخرج، لن يفهم شغل الحركة والإيقاع السمعي والبصري، وإن ثراء المخرج ليس فيما في جيبه وإنما في خياله أي «خزانة الخيال».
 


ياسمين عباس