ختام مؤتمر المسرح المستقل والمهمّش في مصر

ختام مؤتمر المسرح المستقل والمهمّش في مصر

العدد 763 صدر بتاريخ 11أبريل2022

اختتم مؤتمر  المسرح المستقل والمهمّش في مصر  فعالياته يوم الاثنين الموافق 28 من مارس، على خشبة مسرح الفلكي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، حيث دارت مناقشة عن نمطي مسرح الأطفال والمسرح المجتمعي بحضور كل من مؤسس المؤتمر دكتور دينا أمين والضيوف كل من ياسمينا أبو سيف .شريف القزاز. ليلي سعد .
استهل الختام بكلمة الدكتورة دينا أمين حيث بدأت كلمتها قائله: اليوم نستكمل معاً برنامج مؤتمر المسرح المصري والعربي الآن ومستقبلاً، والذي سلطنا الضوء فيه علي المسرح المستقل والمهمش لمدة أربع أيام مليئه بفعاليات رائعة. نواصل اليوم الأخير من المؤتمر مع حضور متحدثين وفناني مسرح لهم تجارب خاصة ومميزة. سنبدأ اليوم حلقة النقاش مع ثلاثة أشخاص يكرثون وقتهم وجهدهم لتعليم وإعادة تأهيل الأطفال من خلال ممارسات مسرحية مختلفة. هم لا يقومون بعملهم من أجل الظهور ولكن من أجل الإنسانية. ولهم عندنا تقدير كبير خاصة أننا كمسرحيين ندرك جيداً أهمية التأثير النفسي والتأهيلي للمسرح علي الأفراد والمجتمعات. وسوف نشاهد أيضاً عرض لأطفال جمعية تواصل التنموية. ونأمل أن نستطيع أن نبرز ولو جزء صغير من جهودهم، ونشجع زملائنا وطلابنا المسرحيين في التوجه إليهم وعرض المساعدة بالجهد والوقت. خلال هذه النسخة من المؤتمر أجرينا حلقة نقاش مثيرة حول تعريف المسرح المستقل وممارسته، ونأمل أن تعيد هذه الدورة الحياة للحوار ولإعادة النظر في تاريخ ووضع الفنانين المسرحيين المستقلين. كما نأمل متابعة النقاش في هذا الموضوع في مناسبات ثقافية آخري. كما قدمت لنا فرقة الورشة ليلة من لياليها الساحرة. كما أقمنا ورشتي عمل لفنانين مسرحيين رائعيين: داليا صبور عن مسرح إعادة التمثيل وحسن الجرتلي عن الحكي. واليوم سوف نشاهد نتائج هذه الورش كما سيقدم برنامج المسرح بالجامعة الأمريكية شهادات مشاركة لحضور الورش. ثم نختتم فعاليات المؤتمر بأداء رائع لنورا أمين. 
واستكملت كلامها عن التحضير للمؤتمر مقدمه فريق العمل معها قائله: كان الإعداد للمؤتمر عملية طويلة ومثيرة وقد عمل الفريق بلا شكوي لتحقيق نجاح المؤتمر فكما تعرفون لا أحد يعمل بمفرده في المسرح فنحن فريق وفرقة. وقدمت المديرة التنفيذية للمؤتمر ليلي غنيم والمديرة الفنية لينا صقر. 
ثم ختمت كلمتها بتقديم المتحدثين في مناقشة المسرح المجتمعي ومسرح الطفل: والأن أقدم المتحدثين في حلقة النقاش: دكتوره ليلي سعد مثلت وأخرجت في المسرح التربوي ومسرح الأطفال والمسرح الاحترافي. وهي عضو مؤسس في act theater group وهي حالياً مديرتها الفنية.
ياسمينا أبو يوسف هي تنموية نشطة في ريادة الأعمال الإجتماعية. وهي تقود حالياً مشروعاً إنمائياً شاملاً قي عزبة خيرالله. وقد أسست مع آخرين جمعية تواصل للتنمية، توفر جمعية تواصل تعليماً مجانياً عالي الجودة للأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدرسة بسبب ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية. كما تركز تواصل علي الفنون الإبداعية والأنشطة الفنية المرتبطة بالتراث الثقافي المصري مثل المسرح والكورال والإيقاع والموسيقي والسيرك والرياضة التي تتضمن فيها إحساساً بتحقيق الذات وسبباً للاستمرار في المدرسة وعدم الانفصال.
شريف القزاز هو خبير استشاري في إعادة تأهيل الفن ومخرج مسرح تفاعلي. وهو مدرب مستقل لديه خبرة أكثر من 20 عاماً في تنظيم ورش فنية ومسرح. وهو مؤسس مبادرة بصمة للفنون والتنمية والدعم النفسي.  
وبدأت النقاش مع الضيوف من خلال سؤال: ما هي المشكلات التي تواجههم في أنشطتهم المسرحية. ووجهت السؤال أولاً إلي الدكتوره ليلي سعد.
وقالت ليلي: المشكلات جميعها يمكن حلها إذا كنا نملك شغف وحب للعمل الذي نقدمه. فمن الأكيد أنني أقابل مشكلات فهذا هو الطبيعي ولكن جميعنا نقوم بحلها لأننا شغوفين بما نفعله.
واستكملت كلامها عن بدايتها قائله: لقد بدأت مسرح الأطفال في الثمانينيات في بوسطن. ولم نكن نعرض في مسارح بل كنا نعرض في الشوارع والحدائق ونذهب إلي مستشفيات الأطفال والملاهي فكان ذلك يرسم فرحة ليس علي الوجه فقط بل فرحة في القلب. ظللت 35 عاماً في أمريكا وعندما عدت درّست في الجامعة الأميريكية وأسست act theater group في 2009. بدأ الفريق بشباب من الجامعة الأميركية وبدأنا بعمل أعمال للأطفال وأعمال للكبار من 2009 إلي 2013. ثم تفككت act لظروف سفري إلي قبرص لكني قدمت مسرح أيضاً في قبرص، لأن من يولد في جيناته حب المسرح لا يمكنه التخلي عنه. وفي 2019 قامت حكاوي بدعوتنا لنقوم بعرض أطفال علي مسرح الفلكي. ثم توقفنا مرة آخري بسبب كوفيد 19. ويجب عليّ أن أشكر tcc  لأنهم هم من احتضنونا بعدما تفككت act واعطونا الفرصة للعرض في مسرح الفلكي.
واستطردت حديثها قائله: الحقيقة أن كل من في act يعملوا بدون مقابل فهم يعملوا لأنهم يحبون ما يعملوه من أجل الشغف. وقمنا بتقديم عرضين رائعين جداً منهم عرض  «the animals lawsuit». ابني هو من عرفنا علي ذلك الكتاب وهو من قام بتمويل الفريق لذلك انتجنا مسرحيتين باللغة العربية والانجليزية. فنحن مسرح فقير ونقوم بصنع أشياء بسيطة جداً.
ويمكن القول أن تلك هي المشكلة التي تقابلنا عندما يأتي ممثلين للفريق يريدون العمل ولكن بأجر. لكن يوجد من يتقدمون للفريق وهم يعلمون أن العمل به بلا مقابل وجميعهم مواهب حقيقية وهم كثيرين لدرجة أنني وددت إنتاج مسرحيات كثيرة لأخذ كل المواهب التي تتقدم لنا. لذا فيوجد دائماً الحل.
=بدأت ياسمين أبو سيف كلمتها متحدثة عن تجربتها التي ارتبطت بالأطفال قائلة في أحدي أيام شهر رمضان الكريم عام  2005 كان أول احتكاك بيني وبين أطفال «عزبة خير الله».
فالمدرسة قررت توزيع  «صناديق الإطعام «وكانت البداية هي التوجه  «لعذبة خير الله « بعد ان وقع الاختيار عليها و ذهبنا  بالفعل وتزاحم الناس والأطفال حولنا .
وفي حالة من الطفولة الشديدة والأريحية اصطحبت بعض  أطفال « عذبة خير الله « لحين استكمال التوزيع وأعددت معهم بعض الرسومات للنحل والفراشات والورود والنجوم والشمس . 
وفي ظل هذا الامتزاج جاءت لي أم من العذبة وهي تقول لي بصوت عالي  «أنتي طفلة عشان تلعبي مع العيال بدل ما تسعدينا وتقفي جنبنا «وحينها زاد التزاحم وقررت الانسحاب وحذف الأطفال بعض الرمال والطوب علي سيارتي معبرين عن احتجاجهم علي انسحابي .
وتابعت» ياسمينا» بت استرجع حديتي معهم وتذكرت سؤالي لطفل حينما قلت له ماذا تفعل بيومك؟ فقال لي اعمل وماذا تعمل؟
«أنا بقلوظ الحديد واجلخه» صدمني الرد للغاية طفل يحمل علي عاتقه في سن صغير جزء كبير   من مسئولية أسرة ولا يمارس طفولته، ومن هنا بدأ السؤال ماذا ستفعل لمساعدة أطفال عذبة خير الله؟
وفي رحلة بحث طويلة وضعت أفكار متعددة لمساعدتهم مثل عمل فصول  محو أمية للأمهات ولكن وجدت من الصعب تغيرهم بشكل جاد.
فانتقلت إلي فكرة أن أوفر فرص عمل للشباب ووجدت صعوبة بالغة فأكثرهم غير متعلمين ولا يصلحوا إلا في إعمال البناء والعمارة.
وأضافت  أبو سيف في أثناء زيارتي احدي المرات «لماري اسعد‹ تبادلنا أطراف الحديث في هذا الموضوع فاقترحت علي  أن أقابل الأطفال وأتعامل معهم لتحديد طرق مساعدتهم وتأثرهم بالفكرة ومن هنا قمنا بتأسيس مدرسة مجتمعية تابعة لوزارتي التضامن الاجتماعي ووزارة التربية والتعليم  وقمنا بتجميع الأطفال ولإقناع زاويهم  كان من الضروري  إنشاء ورش تعليمية للحرف لننال موافقة الأسر  مع الحرص علي الدراسة و توافر عائد مادي كعامل جذب .
وواصلت أبو يوسف وبدائنا خطوة تلي الاخري قمنا بإنشاء  المسرح ثم ضممنا إليه آلات الإيقاع مثل الطبلة والعروض المسرحية والكورال .
واستطردت أبو يوسف لتحقيق التميز والاختلاف  أدخلنا السيرك والأكروبات واستعنا بمدربين متميزين ثم مزجناه بالفلكلور والاستعراضات.
واكتشفنا  بوقوف الأطفال علي المسرح يحدث لهم حالة من التميز ينمي إحساسهم بأهميتهم. 
ومع الوقت أصبح ما يمارسون من نشاطات وسيلة ضغط لتعديل سلوكهم فأصبح ارتكاب الخطأ عقابه الحرمان من مزاولة النشاط الفني والاشتراك بالعروض.
وأضافت توصلنا أيضا لنتيجة مهمة وهي تغير فكر الأمهات وتقبلهم اختلاط البنات بالأولاد داخل نطاق  الأنشطة وأثمرت التجربة بمرور  السنوات حالة من الثقة والترابط بين الجمعية والأسر 
وأشارت ياسمينا أن التجربة أثمرت أيضا عن اهتمام المجتمع بالأطفال والحرص علي التواصل معهم والوقوف بجانبهم وتشجعيهم والاهتمام بهم ففي  العام الماضي وتحديدا في شهر رمضان الكريم قمنا بعمل عرض مسرحي حضرته وزير التضامن الاجتماعي «نفين القباج»
وتضمن العرض المزج بين الطلبة والسيدات من نفس  المنطقة والتي قمن بغناء أغاني من تراثهم الشعبي. 
ومن هنا رأت الوزيرة أن لهم دور في التمكين بالمحافظات في مبادرة «حياة كريمة» وبالفعل أقمنا عرضين في التوعية علي خطورة الزواج المبكر وتنظيم الأسرة ومشكلات الإدمان وفادت التجربة الأولاد فاختلفت حياتهم لتواجدهم بالفنادق الكبيرة والمراكب النيلية والمحافظات المختلفة وأنهم موضع اهتمام وأنهم نجوم وأنهم يستحقون هم أيضا حياة كريمة .
واختتمت أبو يوسف حديثها قائلة  إن من أبرز المشكلات التي أوجهها  هي أن مدارس التعليم المجتمعي يتلقي فيها الطلاب التعليم بالمرحلة الابتدائية فقط.
ونسعي جاهدين مع وزارة التربية والتعليم منذ فترة لاستضافة فصل المرحلة الإعدادية بمقر الجمعية لكن نجد الكثير من المعوقات وهذه المدرسة بالأساس تستضيف المتسربين من التعليم منذ سن الستة سنوات لينتموا الي مدرستنا بين التسع سنوات 
ويستكملوا تعليمهم بالمرحلة الابتدائية وينتقلوا إلي المدارس الحكومية بالمرحلة الإعدادية ولكن كثير من الحالات لا يكتمل مشوارها نظرا لتكاليف المدارس الحكومية كالدروس والمجموعات وعدم توافر عائد مادي.
ومن الإيجابيات للتجربة وجود بنت بالعرض اليوم تقوم بتدريب الأخريات علي الأكروبات.
ومن هذا المنطلق أقول إن كل طفل لديه موهبه وطاقات مختلفة وتحتاج مزيد من الاهتمام والرعاية والتوجيه للطريق ليستفاد منهم المجتمع الصحيح .
وقال شريف القزاز في كلمته: أنا من خريجي كلية الفنون الجميلة بالزمالك، وأبدأ حديثي معقبا علي كلمة الدكتورة «ليلي»، إنها كانت تقول رغم عدم تواجد العائد المادي فنحن سعداء بما تقدمه للأطفال وأنا أضيف أننا سعداء أيضا  بالتواجد ولا أعني الحضور فقط بل الحضور والوعي والتواجد والحس.
واستكمل القزاز حديثه قائلا أثناء تواجدي بالكلية عرض علي أحد الزملاء الاشتراك بفريق المسرح ولأني ملئ بالشغف أقبلت علي التجربة ولحسن حظي في تلك الفترة كنت أجد عروض مميزة ومخرجين كبار مثل هشام عطوة، وناصر عبد المنعم، خالد جلال، ووقتها كان يقدم ناصر عبد المنعم العرض المسرحي «مساء الخير يا مصر»، وكان تواجدي في كواليس هذا العرض وأنا أشاهد أمامي النجم محمد منير، سوسن بدر وغيرهم  يصنع بداخلي حالة من السحر.
وهذا المزج بين الفن التشكيلي والمسرح شكل وجداني وشكل طريقي.
تابع القزاز بعد فترة أقمنا ورش بالصعيد وورش بجيزويت المنيا وجيزويت الإسكندرية وأسيوط، وسوهاج، فقررنا تكوين فريق واطلقنا عليه اسم «بصمة للفنون والتنمية الشاملة والدعم النفسي، ومن خلال  درستنا لعلم النفس بصورة مكثفة بجامعة عين شمس قسم علم نفس خصصنا البحث  عن متخصصين في علم النفس الإكلينيكي لنتماشي مع خطين متوازيين .
واستطرد قدمنا عرض ‹ضوء اخضر «مع أطفال الشوارع وكان يناقش قضايا التسرب  من التعليم ومشاكل الشارع بصفة عامة وكانت بمثابة تجربة قوية ومختلفة ووجدنا مدرسة الشارع ثرية للغاية ففي التعامل مع أطفال الشارع نجدهم دائما مستعدين وجاهزين ومقدمين علي التجربة ويملكون استيعاب و دراية بالكثير 
ولكن كان يرتبط عطائهم بحالة الحب التي تنمو و تربط بيننا ففي حالة عدم الامتزاج والحب معهم لا يستطيعوا أن يقدموا عمل جيد، وأضاف عملت سنة معهم تحت رعاية الهيئة الإنجيلية، وقدمنا عرض «ضوء أخضر» علي ساحة الهناجر .
ونجح العرض نجاحا كبيرا ولم يصدق من رأي العرض أن  هذا العرض أول تجربة مسرحية لتلك الأطفال .
وتولت العروض فقمنا بعمل عرض مع السجناء،»الغارمات «باسم «جوه البرواز».
ودائما كنا نحرص أن يكون الاسم له عمق ومعني ومن اختيارهم .
ولكن أكثر المشاكل التي كانت تواجهنا هي العرض بأماكن مبهرة  كان يحدث نوع من الصدمة للسجينات لذالك أقمنا مبادرة «طب وبعدين».
ولأننا متلقي دعم من مؤسسات الدعم المدني وله زمن ومهلة فقررنا من خلال هذا المبادرة نتابع مع اللاجئين وزوي الإعاقة وغيرهم لعمل حالة من التواصل بطرق مختلفة وكانت أخر عروض لنا هو «فستان أحمر»، وكانت تجربته مختلفة وتعاونا مع نهضة المحروسة  والعرض كان قوي ويعالج قضايا نسوية مثل التحرش والختان والزواج المبكر والعنف الأسري وتم عرضه بأسوان وبالقاهرة وبأماكن مختلفة وكان عرض ناجح وممتع ومختلف .
وأوضح القزاز أن أكثر المشاكل التي تقابله الاستمرارية، وأشار القزاز «أنا الآن أؤسس مبادرة جديدة باسم «نجوع» جمع النجع  وهدفها نصل إلى الناس في العمق وبدأنا نعمل علي تقنيات مختلفة».
مثل v r ونضع عليه العروض الفنية ليشاهده الأطفال والأمهات ويكون هذا نقطة انطلاقة أو تحفيز لاستكمال الطريق وصنع التغير.
فانا  دائما اسعي للنجاح وأحاول جاهدا المحافظة علي الاستمرارية حتي في حالة عدم وجود الدعم  فأقوم دائما بالتعاون مع جهات معنية في المحافظات والنجوع فنتواصل مع قصور الثقافة لنعرض من خلالهم أو من خلال جمعيات يوجد لديها إقامة لاستضافتنا .
وأضاف  نحن  نحرص علي تأسيس  كوادر بالمحافظات ذات مواصفات معينة ليتم التواصل معنا حتي لو من خلال الإيميل واجتماعات ببرنامج الزوم وأحيانا يعمل معنا بعضهم .
وكمثال لهذا يوجد طفل من أطفال بلا مأوي حدث له تغير كبير  من خلال العمل معنا وأصبح لديه بطاقة شخصية ووفرنا له العمل ويشترك معانا بورش مدفوعة الأجر ليحدث حالة من الدمج بينه و بين فئات وأعمار مختلفة.
 


نهاد المدني