المسرح التونسي في الدوريات المصرية 1934 - 1935

المسرح التونسي في الدوريات المصرية 1934 - 1935

العدد 760 صدر بتاريخ 21مارس2022

في يناير 1934 قالت جريدة «البلاغ» تحت عنوان «فرقة الأحباب في تونس»: «جاءنا من تونس أنه قد تألفت في تونس فرقة تمثيلية اسمها فرقة الأحباب، وسوف تحيي حفلاتها الأولى في بنزرت والكاف. وهذه الفرقة مؤلفة من شباب تونس الذين شغفوا بالتمثيل واشتركوا قبل ذلك في فرق أخرى محترفة».  أما مجلة «الجامعة» فقال مراسلها التونسي تحت عنوان «رواية الوحوش»: «لحضرة الأستاذ محمود كامل المحامي مكانة رفيعة عند الأدباء التونسيين الذين يتتبعون آثاره القيمة بمنتهى الإعجاب، ويعرف قراء الجامعة الغراء أن روايته «الوحوش» التي دبجها باللسان المصري الدارج قد نقلها عنه إلى اللغة العربية شاعر الشباب التونسي «محمود أبو رقيبة» وقدمها إلى فرقة الشيخ إبراهيم الأكودي بتونس فمثلتها في الصيف الفارط ونالت نجاحاً كبيراً. وفي هذا الموسم بعثت جمعية «التهذيب» بصفاقس – عاصمة الجنوب التونسي – خطاباً من السيد أبو رقيبة ترغب منه أن يقدم لها الرواية لتقوم بتمثيلها فأرسلها إليها كهدية أدبية نفسية ومثلتها الجمعية في أسبوع العيد فأحرزت نجاحاً باهراً وخرج الجمهور يلهج بالعظة الغالية التي احتوت عليها الرواية بالحبكة المسرحية الفريدة التي وضعها فيها حضرة مؤلفها العبقري المحترم. وقد قام بدور «أمين» السيد علي العياري، وبدور «الدكتور» السيد حامد أبو زيد، وبدور «عامر» السيد صالح سبالة، وبدور «ماهر» السيد محمد المسدي، وبدور «زينب» السيدة وسيلة صبري، وبدور «نفيسة» شقيقتها الآنسة عزيزة نعيم، فوفقوا جميعاً».
وفي فبراير قالت مجلة «الجامعة» عن مسرحية «جميل بثينة» إن فرقة «القدماء» بمدينة القيروان مثلتها، وهي من تأليف «عبد الرحمن الساعاتي»، وقامت فيها بدور البطلة ممثلة تونس الشهيرة السيدة فضيلة ختمي. وأشارت المجلة إلى «مؤتمر الممثلين»، قائلة: «عقد الممثلون التونسيون اجتماعاً تحضيرياً برئاسة شيخهم الكبير الأستاذ إبراهيم الأكودي لتكوين مؤتمر ينظر في مصالحهم، فألقيت في هذا الاجتماع عدة خطب، ووقع الاتفاق على اجتماع ثان». وفي مارس عادت المجلة إلى الحديث عن مسرحية «الوحوش» قائلة: «مثلت «جمعية التهذيب» على مسرح البلدية بصفاقس رواية «الوحوش» فكان إعجابي كبيراً جداً بموضوعها المفيد ولغتها الأنيقة وبممثليها الذين أتقنوا أدوارهم جد الاتقان. ورأيت الإقبال بالغاً حده. والناس معجبون بالرواية غاية الإعجاب! كيف لا وهي من تأليف حضرة الروائي الكبير الأستاذ محمود كامل المحامي الذي وضعها باللغة الدارجة. وتعريب شاعر شبابنا النابغة الأستاذ محمود أبو رقيبة. هذا ولي بعض ملاحظات على الإخراج. لكن حبذا لو خصت البلدية جمعيات صفاقس التمثيلية بالإعانة ذات بال حتى تتمكن هذه الهيئات الفنية من القيام بمهمتها على الوجه الأتم. وقد ألقت السيدة وسيلة صبري خطاباً شكرت فيه الجمهور باسم جمعية التهذيب قالت فيه: «وها هي الجمعية تقدم لكم في هذه الليلة رواية «الوحوش» النفيسة التي تنطوي مغازيها العظيمة على الحكمة البالغة والموعظة الثمينة. وفي عزم جمعيتكم هذه أن تستمر على اختيار الروايات المفيدة المهذبة للأخلاق العامة. ولا شك أنها ستجد منكم أيها السادة الفضلاء المعاضدة المنشودة».
وفي مارس أشارت مجلة «الجامعة» إلى أن «فرقة الأحباب» قامت برحلة إلى بلدة الكاف فأحيت فيها حفلة مثلت بها رواية «الزوجات الخائنات». وقالت إن «جمعية التمثيل العربي» مثلت مسرحية «مصرع كليوباترا» لأحمد شوقي، وقام بدور «أنطونيو» السيد صالح أصواوي، وبدور «كليوباترا» السيدة وسيلة صبري. وفي فبراير 1935 قالت جريدة «أبو الهول» عن مسرحية «عبد الرحمن الناصر»: «تقوم اليوم منافسة قوية بين فرقتي المستقبل العربي، والتمثيل العربي، وقد أعلنت كل منهما عن اعتزامها إخراج رواية عبد الرحمن الناصر وحددا موعداً لذلك!
وفي مارس نشرت مجلة «الصباح» موضوعاً مهماً عنوانه «بلاغ من جمعية المسرح إلى الأدباء»، قالت فيه: «إن جمعية المسرح أنشئت على فكرة: 1- إن البلاد التونسية ثرية بنتاجها الأدبي وأنها غنية بكتاب المسرح تُضارع في هذا الميدان مصر والشام وغيرهما من الأقطار. 2- أنه آن لفن التمثيل في البلاد التونسية أن ينتقل من طور الاقتباس والاقتفاء إلى طور الاستقلال والإنشاء لحاجتين أولاهما أن ذوق الجمهور قد اختمر وتهذب وصار لا يرتاح إلى ما يعرض عليه من الروايات المماشية للطور القديم، وثانيتهما أن همة التونسيين قد تحررت من عناكب التردد وانطفاء الثقة في النفس وتطلعت إلى الجديد الراقي والمبتكر المنم عن التحسن الحقيقي. وهي في تقديرها ذلك وانتهاجها في العمل تحقق ما يختلج بفؤاد كل أديب وكل هاو لفن المسرح. كما هي أول جمعية عالجت فن التمثيل وكان محركوها ينتمون كلهم لأسرة حملة الأفلام والأدباء. وما من أحد من أعضائها إلا وكان كاتباً حذق اللغة وامتشق اليراع وعد في صف ذوي العزائم الثاقبة. وجرياً على القاعدة التي ارتسمتها جمعية المسرح شعاراً لها وبرنامجاً لأعمالها وهي التونسي قبل كل شيء. يلذ لها أن تعلن إلى أرباب القلم أنها مستعدة لفحص الروايات التي ألفوها أو ترجموها وتخصيص جوائز لها وتمثيلها. وهكذا تملأ جمعية المسرح ما استناطت بعهدتها من الحض وتنفيذ الجزاء وتلقى على كاهل أهل الأدب ما ينبغي أن يتعهدوا به. وتحريضاً للروائيين تشعر الجمعية أنها اتصلت بالشاعر الخطير والأديب الذائع الصيت سعيد أبي بكر برواية موضوعة تونسية الحوادث في منتهى الروعة والإبداع ستعلن عنها بكلمة عند الإبان. وفي الختام ترغب جمعية المسرح من كافة الأدباء أن يمدوها بما حبكت أقلامهم وصاغت قرائحهم من روايات مهما كان نوعها وأسلوبها. وترفع إليهم مع تحياتها عاطر السلام [توقيع] «جمعية المسرح»».
وفي مارس أيضاً أخبرتنا مجلة «الصباح» - على لسان «حسن سيالة» بأن «جمعية التمثيل العربي» سافرت إلى مدينة سوسة لتمثيل مسرحية «عبد الرحمن الناصر». كما أخبرتنا بانتخاب مجلس جمعية النهضة التمثيلية في مدينة بنزرت، وأسفرت النتيجة عن انتخاب السادة: الحازم الغيور السيد حمدة الصفاقسي رئيساً لها، والسيد محمد السوسي كاهية أول، موريس صباغ كاهية ثان، محمود المفتي كاتب باللغة الفرنسية، خميس بن خليل كاتب باللغة العربية، عثمان بك بن صالحة أمين مال، محمد المغراوي كاهية، عمر بن بشير قائم عام، محمد بن يوسف مدير الفن، محمد بن محمد كاهية، والأعضاء هم السادة: حمودة القروي، المنوبي العدوانية الطاهر القروي، محمود الزرلي على المغراوي. 
وفي مايو قالت مجلة «الصباح»: قررت جمعية المستقبل التمثيلي إعادة تمثيل رواية «العشرة الطيبة»، وسنسمع مرة أخرى ألحان فقيد الموسيقى الأستاذ سيد درويش. كما أشارت المجلة إلى أن الأديب سعيد أبو بكر ألف رواية «الزواج الدامي»، وقد مثلتها جمعية المسرح، وكانت البطولة لشافية رشدي. وكتبت جريدة «أبو الهول» تحت عنوان «التفنن في الإعلانات» قائلة: «تطورت إعلانات المسارح تطوراً كبيراً فلقد أعلنت جمعية المسرح ذات يوم عن رواية «الزواج الدامي» بقولها «السيدة شافية رشدي أمام القضاء بتهمة القتل»!! كما كتبت مجلة «الصباح» تحت عنوان «فرقة متجولة»: «ألف الأستاذ صالح الزواوي فرقة تمثيلية متجولة للتمثيل الكوميدي، وقد انضم إليها الممثلون: سيد شطا ومحمد التريكي والبشير الرحال وأحمد بوليمان ونور الدين بن رشيد وستقوم قريباً برحلة تطوف فيها سوسة والمهدية وصفاقس وقابس وجربة».
وفي مايو أيضاً كتب «حسن سيالة» في جريدة «أبو الهول» تحت عنوان «جمعية التمثيل العربي بتونس»، أن الجمعية مثلت رواية «الواجب» وختمتها بفصل مضحك يسمى «عمي مصباح في المستشفى» فكان لهذا الفصل الأخير الاستحسان الكبير فنشكر المؤلف والممثل البارع الأستاذ حمودة معالي والمدير الفني الأستاذ الشيخ إبراهيم الأكودي. كما كتب المراسل أيضاً عن «فرقة المستقبل التمثيلي»، قائلاً: «نظراً لطلب كثير من الأهالي إعادة رواية «العشرة الطيبة» فستعيد هذه الفرقة تمثيلها لثاني مرة على المسرح البلدي فنهنئ حضرة مديرها الأستاذ البشير المتهني بمجهوده الفني ونرجو لفرقته النجاح والتوفيق». وقال أيضاً تحت عنوان «فرقة تمثيلية جديدة»: «أشعرنا الأستاذ صالح الزواوي الممثل التونسي أنه توفق مع نخبة من نوابغ زملائه إلى تكوين فرقة باسمه قصدها الدعاية للفن المسرحي والموسيقي التونسي دعاية تشرف السمعة الفنية التونسية بالرحلات بداخل القطر التونسي، وعلمنا أنه سيجعل رحلته الأولى بهذه الأيام إلى مدينة: سوسة، المهدية، صفاقس، قابس، جربة».
أما مجلة «الصباح» فنشرت تحت عنوان «رواية الغرور»، قائلة: «بادرت جمعية التمثيل العربي في إحضار هذه الرواية وقد أخرجتها أخيراً على المسرح البلدي. والرواية قوية جمع فيها مؤلفها الأستاذ أحمد تقي الدين طائفة من الأفكار الصائبة وقد لقيت من إقبال الجمهور أكثر من سابقاتها وكان النجاح الأدبي فيها عظيماً. وفي مقدمة الفائزين من الممثلين من قاموا بأدوار: حامد، والكهل الأول، وروبير، وحياة. وانتهت الرواية بفصل مضحك وقد قيل لنا إن هذه الرواية خصص دخلها لفائدة الممثلين بجمعية التمثيل العربي». وفي عدد آخر قالت المجلة عن المسرحية: «مثلت جمعية التمثيل العربي رواية الغرور فأجادت الإخراج وإن كنا نأخذ على الملقن صوته العالي ونأخذ على الممثلين والممثلات إنهم وهم يظهرون في أدوار ساكني الريف كانوا بالجوارب البديعة والأحذية الواردة من أبدع معامل أوروبا، وقد أجاد الأستاذ محمد بن التيجاني، والأساتذة عبد الستار البرغوتي، والمختار بو كرداغة، والبشير الزواوي، وشافية الصغيرة، وصبرية كمال».
وفي يونية 1935 قالت جريدة «أبو الهول» عن «جمعية التمثيل العربي»: «قام المطرب أحمد شاهين بدور «رودريك» في رواية «عطيل» والسيد محيي الدين مراد بدور يعقوب فأجاد الأول تمثيلاً وتلحيناً وأبدع الثاني في المكر والخداع، كما أجاد الممثلون الآخرون». وحول الجمعية، قالت جريدة «الأمة» في نوفمبر تحت عنوان «اللص الشريف»: «استقر رأي جمعية التمثيل العربي أن تفتح موسمها برواية من غير التي ذكرتها في برنامجها واختارت لذلك رواية اللص الشريف وقد نسخت الأدوار وتم توزيعها على الممثلين والمتوقع أنها ستقدمها للجمهور في الأسبوع الأول من نوفمبر ويقول الذين يعرفون الرواية أنها على جانب عظيم من المغازي الحكيمة». وقالت المجلة أيضاً تحت عنوان «في دار المستقبل التمثيلي»: «أدينا زيارة لنادي المستقبل التمثيلي بدعوة من مدير الفرقة الفنان البارع الأستاذ بشير المتهني وقد وجدنا نبغاء الممثلين يعملون بحزم ونشاط لإحضار رواية «ابن الرجا» وكانوا يتمرنون على ألحانها تحت إدارة الأستاذ الفنان «سيد شطا» والأستاذ محمد الحبيب يتولى مراقبة اللغة وتصحيح التحريف. والحق يقال إن المجهود الذي شاهدناه من فرقة المستقبل التمثيلي يفوق ما كنا نعرفه عنها ولذلك نتوسم لها موسماً ناجحاً وإقبالاً عظيماً».
وفي ديسمبر 1935 نشرت مجلة «الصباح» مجموعة كبيرة من أخبار المسرح التونسي، منها ما كتبته تحت عنوان «فاتحة جمعية المسرح»، قائلة: «احتفلت جمعية المسرح بافتتاح موسمها لهذا العام واختارت لذلك رواية «جارتي» التي ألفها الكاتبان البارعان الأستاذان محمد زروق وعبد العزيز الوسلاتي وفي الوقت المعين ارتفع الستار عن أفراد الجمعية بملابسهم العادية فشنفوا أسماع الحاضرين بنشيد جديد نظمه الشاعر البارع الأستاذ الطيب سكيك ثم ألقى شاعر الشبان المسلمين السيد محمد المرزوقي قصيدة عصماء من شعره الفحل حيّا بها الجمهور وشكر جمعية المسرح على أعمالها القيمة، وعلى الأثر ابتدأ التمثيل وكان المسرح عبارة عن مجلس أمة في بلاد برلمانية يجلس فيه النواب حسب مبادئهم وأحزابهم وكان التصفيق تارة من اليمين وأخرى من اليسار على مقتضى أفكار المتفرجين وما يروقهم من نظريات المؤلفين. ولو وقعت الدعاية للرواية على هذا الوتر لكان الإقبال أعظم لا من طرف المحافظين ولا من طرف المجددين، ولولا ضيق المجال لحللنا الرواية وأبدينا فيها أفكارنا بإطناب ولكننا نكتفي بهذه العجالة ونتمنى لجمعية المسرح موسماً حافلاً ناجحاً». وبعد ذلك مباشرة قالت المجلة تحت عنوان «تارتوف»: «بعد نجاح جمعية المسرح في رواية «جارتي» شرعت في إخراج إحدى مسرحيات موليير ألا وهي رواية «تارتوف» التي تولى نقلها إلى العربية خصيصاً لجمعية المسرح البارع المتفنن السيد عبد العزيز الوسلاتي، والمتوقع أن يكون إخراجها على المسرح البلدي في أيام عيد الفطر المبارك.
ونشرت المجلة نشيد جمعية المسرح، وهو من نظم الأستاذ طيب سكيك، وتقول كلماته:
نحن حفاظ حمى الفصحى على مر الزمان
نرفع الفن وبالتمثيل نسعى للأمام
نخدم «المسرح» نعليه إلى أسمى مكان
أو نراه ساطعاً كالبدر في ليل التـام
فننا فن جميل     نعم ما أبقى العــرب
فانبذوا كل دخيل      تونس مهـد الأدب
أنتمو يا نشأة العصر ويا ذخر البلاد
    ألفوا أو ترجموا للشعب ما يشفي الفؤاد
كي تروا مسرحكم يختال في سبيل الرشاد
وتروا تونسكم تسبق في يوم الرهان
فننا فن جميل       نعم ما أبقى العرب
فانبذوا كل دخيل     تونس مهد الأدب
نحن حفاظ حمى الفصحى على مرّ الدهور
نخدم التمثيل والفن بعزم لا يخور
ولنا في الله والشعب معين ونصير
نبلغ المأمول والقصد بحمد وامتنان
فننا فن جميل       نعم ما أبقى العـرب
فانبذوا كل دخيل         تونس مهـــــد الأدب


سيد علي إسماعيل