«أحدب نوتردام» حينما تتلاقى أرواح الضعفاء النقية

«أحدب نوتردام» حينما تتلاقى أرواح الضعفاء النقية

العدد 756 صدر بتاريخ 21فبراير2022

«اللي يجمعهم الموت ماتفرقهمش الحياة».. تتجلى هنا قمة الرومانسية في صورة من أبهى الصور عندما يبذل المحب كل ما يبذل من أجل إسعاد حبيبته لدرجة الموت في سبيلها حتى يصيرا هما الاثنان ترابا ممتزجا يستحيل أن ينفصل.
كتب فيكتور هوجو رواية “أحدب نوتردام” ليطلق بها صرخة من صرخات الضعفاء والمهمشين في المجتمع ضد الظلم وإنكار المجتمع , لاسيما مع المبالغة في وجود الفوارق الطبقية بين الفئات الاجتماعية المختلفة. وقد تناول هذا من خلال تلك القصة شديدة الرومانسية وتنطوي على تراجيديا عنيفة. وطرح من خلالها كيف أن الإنسان لا يجب أن يقاس أو يعامل بمظهره الخارجي ولا بفقره وضعفه بل بما يكن جوهره من نقاء النفس  وجمال إنساني. كشف هوجو في روايته عن زيف السلطة الدينية وظلم السلطة السياسية واغتراب الغجر وقسوة المجتمع ضدهم وضد كل المهمشين. وقد نشرها هوجو عام 1831 باللغة الفرنسية باسمها الأصلي “كاتدرائية نوتردام”. وتدور أحداثها في أواخر العصور الوسطى في باريس في عهد لويس الحادي عشر،  من خلال الأحدب الذي تسببت إعاقته وتشوهه في قمع المجتمع له رغم ما يحمل داخله من جمال إنساني دفعه للتضحية بنفسه وبجسده القبيح من أجل بقاء حياة الفتاة الجميلة التي أحبها الجميع وتميزت أيضا بالنقاء الإنساني الجميل بداخلها. وقد ظهرت عدة معالجات درامية للرواية في مختلف أشكال التعبير الفني والأدبي من خلال عدة أفلام سينمائية وأعمال تليفزيونية وعروض مسرحية في العديد من دول العالم.
على خشبة مسرح الطليعة التابع للبيت الفني للمسرح قدم المخرج/ ناصر عبد المنعم مسرحية “أحدب نوتردام” التي قام بترجمتها وإعدادها للمسرح بالعامية المصرية الكاتب / أسامة نور الدين عن النص الأصلي للرواية. يبدأ العرض من خلال الشاعر المغني جرانجوار العاشق المحب لأزميرالدا . حيث يسرد حكاية أزميرالدا بطلة العرض من خلال  قراءة مذكرات كازيمودو الأحدب. فنعرف من خلال برولوج قصير في البداية بينه وبين كريستين مربية أزميرالدا أنها قد ماتت محكوما عليها بالإعدام وأن الأحدب كازيمودو من شدة حبه لها حبس نفسه معها في قبرها حاضنا جسدها حتى يموت معها وليختلط تراب جسده بتراب جسدها حيث تقول كريستين:(مين اللي يقدر يفرق تراب العاشق المسكين عن تراب حبيبته غير اللي سواهم بأمر للتراب).
من خلال أسلوب الاسترجاع أو الفلاش باك تنطلق الأحداث بداية بالاحتفال بعيد المجانين (المهرجين) حيث نرى استعراضا راقصا يجمعهم وهم يحتفلون في المدينة بألعابهم ورقصاتهم وأغاني الغجر والمهمشين. ومن ضمن طقوس الاحتفال يتم اختيار كازيمودو ملكا للمجانين. وفي أثناء الاحتفال تظهر أزميرالدا الغجرية وتنجذب إليها الأنظار بالرقص والغناء ولشدة جمالها حتى تصير مطمعا للكثيرين وهدفا لكل عاشق متيم. القصة كبيرة وأحداثها كثيرة ومتشعبة. قام المترجم ومعد النص المسرحي/ أسامة نور الدين بتناولها من خلال ثلاثة خيوط رئيسة تمثل مثلث علاقات أزميرالدا التي أودت بها إلى نهايتها المؤسفة وهي: جرانجوار الشاعر المغني والذي تزوجته بين أهلها الغجر انصياعا لتقاليد وعادات الغجر, دون أن يعلم غيرهم بذلك. والثاني هو فيبوس الضابط الذي أحبها وأرادها لنفسه لكنها كانت تأبي أن ينال من جسدها دون زواج. والثالث والأهم هو فرولو أسقف كنيسة نوتردام والذي عشقها إلى حد الجنون وهو يمثل عنصر الشر الخفي ومحرك الأحداث بالرواية. وأخيرا في خط مواز أو في كفة أخرى مقابلة المنقذ وممثل الحب الرومانسي الحقيقي الصادق الأحدب كازيمودو ذو القلب الطيب.
وبمرور سريع على الأحداث فإن كازيمودو هو قارع الأجراس بالكنسية التقطه الأسقف فرولو صغيرا بعد فقده من الغجر ورباه وعلمه وجعله خادما مطيعا له داخل الكنيسة وقارعا للأجراس ولم يكن يخرج للناس نظرا لشكله القبيح وعيبه الخلقي بالتشوه الظاهر في ظهره. حتى جاء عيد المجانين واختاره الجميع ملكا للمجانين دون رغبة الأسقف الذي لم يكن يريد له أن يختلط بالناس حتى لا يتأذوا من منظره القبيح. أما أزميرالدا فهي الفتاة الشقية الجميلة المرحة الجذابة فقدت من أمها وهي صغيرة وأخذها الغجر وقاموا بتربيتها حتى ظهرت معهم في هذا الاحتفال الذي كان بداية انطلاق الأحداث المهمة للرواية.
لقد تخلى كل من الثلاثة بوضوح عن طبيعته وناقض قواعد وأصول مهنته وخالف قوانينها؛ الأسقف فرولو خالف عقيدته وأحب أزميرالدا بجنون وحاول الاستحواذ عليها بكل الطرق. فبعد أن فشل في التأثير عليها أمر كازيمودو بخطفها بعد أن أقنعه أن هذا لرضا الرب. لكن كازيمودو يفشل وينكشف أمره ويحاكم فيحكم عليه بالجلد. وأثناء صراخه مقيدا لا يجد من يعطف عليه ويسقيه شربة ماء سوى أزميرالدا التي أشفقت عليه وفكت قيوده. وهي عندما اختلى بها الضابط فيبوس وحاول النيل منها بالقوة ورفضت دخل الأسقف وقتل فيبوس وهرب ثم فقدت أزميرالدا وعيها. 
عندما أفاقت وجدت نفسها متهمة بقتل فيبوس وحكم عليها بإشعال النيران فيها. وهي في محبسها جاءها الأسقف فرولو ليساومها أن تعطيه نفسها مقابل أن يبرئها لكنها ترفض. ينقذها كازيمودو ويحميها داخل الكنسية لأنه يمنع على رجال القضاء الدخول إلى الكنسية. مما أتاح لهما فرصة الاقتراب من بعضهما واستكشاف كل منهما لشخصية الآخر فترى أزميرالدا الإنسان الطيب النقي في كازيمودو والذي يختفي خلف قناع القبح. ويشعر كازيمودو بعاطفة الحب الجارف نحوها ذلك الحب المنزه من كل غرض حب الروح الذي يسمو فوق كل العلاقات والمصالح والذي جعله يدفن جسده معها في قبرها حتى يموت معها في أحضانها ويختلط ترابهما في القبر.
 لقد أحدثت أزميرالدا تحولا في شخصية كوازيمودو من شخص منعزل ومنطو عن العالم بين جدران الكنيسة نتيجة إعاقته إلى شخص إيجابي قادر على الفعل وعلى تغيير الأحداث وعلى حمايتها دون الجميع. وأثناء حمايته لها داخل الكنيسة يراقبهما الأسقف وانتهز فرصة وجود أزميرالدا وحدها وحاول الاعتداء عليها فأطلقت صوت صافرة أعطاها لها كازيمودو لتناديه بها وقت الحاجة حيث أنه يعاني من ضعف السمع نتيجة قرع الأجراس باستمرار. فيأتي مسرعا لينقذها ويهجم على الأسقف محاولا قتله ثم أدرك بعدها أنه هو الأسقف معلمه ومربيه. وينكشف سر الأسقف أمامه حيث تكشف له أزميرالدا أفعاله الدنيئة معها. 
وعندما تعرف أن أمها هي جيدول الراهبة التي تقيم بالكاتدرائية وأنها ليست أصلا من الغجر, في نفس الوقت يتمكن القضاة القبض على أزميرالدا وتنفيذ حكم الإعدام بها. ليحزن عليها كازيمودو ويعانقها في قبرها ليموت معها.
إن تلك المعالجة للكاتب أسامة نور الدين لقصة فيكتور هوجو قامت بالتركيز على التناقض داخل الشخصيات الغير سوية وهم الأسقف والضابط فيبوس لعدم تساوي أفعال كل منهما مع الواجب أو المعتقد أو الفعل المطلوب منه. كما أظهرت سلبية فعل الشاعر المغني جرانجوار الذي عشق أزميرالدا وتزوجها بالفعل لكنه ليس لديه القدرة على احتوائها وحمايتها ولا يفعل شيئا سوى البكاء والندب دون فعل إيجابي يذكر. وأخيرا التركيز على الحب الحقيقي الصادر عن الشخصية الأنقى والأطهر كازيمودو رغم بشاعة شكله ونفور الناس منه. أما أزميرالدا بين كل هذا فلم تكن سوى رد فعل مع الجميع تحاول أن تتعايش وتتأقلم بشعور المطارد الذي يبحث عن الأمان.
 البداية من خارج الستار للشاعر جرانجوار يتحدث فيها إلى الجمهور وكأنه فرد منهم ثم يفتح للجمهور الصندوق السحري للحكاية ليشير بفتح ستار خشبة المسرح. ومن خلال الفلاش باك واسترجاع الأحداث التي يرويها من صفحات مذكرات كازيمودو ينفتح ستار المسرح كاشفا عن عالم سحري ومبهج في هذا الاحتفال الجنوني امتلأ بالرقص والغناء واللعب وألعاب السيرك والتهريج والجنون والأزياء الجميلة ذات الألوان المبهجة . ليضعنا المخرج ناصر عبد المنعم في أجواء احتفالية تبث شعورا من السعادة والبهجة والغرابة. ويواصل المخرج لعبته لجذب المتلقي في المشاهد الأولى لتكون من خلال ألعاب وحيل الغجر وعلاقاتهم وحواراتهم الباسمة بقيادة المرح «كلوبان» ملك الغجر خفيف الظل, لتكون تلك مرحلة زرع المعلومات حتى يستوعب المتفرج أبعاد وتفاصيل تواريخ الشخصيات. وبدهاء فني يتسلل بنا العرض إلى  مآسيه وأحداثه الدرامية دون ملل حيث ينتقل من مشهد لآخر برشاقة بعد أن جذب تعاطفنا مع شخصية أزميرالدا في شكل غنائي استعراضي خفيف ومعبر عن حياة الغجر.
 في عدة مناظر من تصميم حمدي عطية كان الديكور جميلا وأنيقا ومعبرا عن واقع كل مشهد فهو شبه واقعي من خلال بانوهات تعبيرية عن كل مكان يتم فيه الحدث بداية بالساحة الرئيسة أمام كنيسة نوتردام حيث الخلفية مبنى الكنيسة يعلوها الجرس, وقد تزينت برسومات وأشكال معبرة عن طبيعتها الدينية الكنسية مع وجود بانوهات جانبية يمينا ويسارا تشكلت من وحي المشهد بنقوش بسيطة دون تكلف. اعتمدت ألوان الديكور هنا على التنوع في إسقاط ألوان إضاءة مختلفة من كافة الزوايا ومن ظهر الخلفية للتعبير عن كل حدث يدور في الساحة بالتنوع بين كل لحظة وأخرى. ثم ينتقل بنا إلى مشهد داخل الكنيسة بتغيير الخلفية الخارجية بخلفية داخلية للكنيسة مع تثبيت بالبانوهات الجانبية من المشهد السابق كموتيف مكمل معبر لمكان الحدث. يأتي بعد ذلك  مشهد المحكمة بوضع موتيف في عمق المسرح مكون من بانوه حائطي به جناحان جانبيان، وقد رسمت به دائرة صغيرة منقوشة خلف كرسي القاضي. مع وضع مقاعد للحاضرين على يمين خشبة المسرح. ثم يأتي مشهد ساحة بيوت الغجر  معبرا عما هم فيه من عشوائية وفقر وبساطة المعيشة من خلال موتيفات قماشية مهملة وملقاة على بانوهات خشبية مفرغة حتى يوحي المشهد ككل بأنك في مكان شعبي وفقير جدا. ثم مشهد السجن حيث وضع في الخلفية قضبان السجن احتوت كل المساحة أفقيا ورأسيا. لكن المخرج هنا جعل خارج السجن وراء الخلفية وداخل السجن خشبة المسرح من ناحية صالة المتفرجين حيث يوحي ذلك للمتفرج بوجوده داخل السجن مع أزميرالدا مما يؤكد تعاطفه وتوحده معها في محبسها. وكان التغيير بين المشاهد سلسا وسريعا بانسيابية دون فواصل زمنية.
في شكل مبهج أيضا وجميل جاء تصميم الملابس لنعيمة عجمي جيدا ومتناسقا مع باقي عناصر الصورة المرئية لاسيما ملابس نساء الغجر التي كانت تتسم بالألوان الصريحة والزاهية التي تعطي انطباعا مبهجا خصوصا مع الرقصات المختلفة, أما الرجال فكانت ألوان ملابسهم محايدة معبرة عن الفقر الذي يعيشونه, وهكذا كانت ملابس باقي الشخصيات ملائمة للعصر الذي تدور فيه أحداث الرواية ومناسبة لطبيعة عمل كل شخصية مثل الأسقف والضابط والمغني وأصدقائهم ولاعبي السيرك والمهرجين وغيرهم.
قامت الإضاءة التي صممها أبو بكر الشريف بدورها في إبراز رؤية المخرج باستخدام تعدد الألوان وتساقطها على قطع الديكور ومن خلفها وداخلها لإكمال التكوين اللوني لحوائط وجدران الكنيسة مع التعدد والتنوع في التغيير اللوني طبقا للحدث الدرامي على خشبة المسرح وإن عابه الإسراف في توزيع الألوان بشكل مبالغ فيه في بعض المشاهد. وتم توظيف الإضاءة بشكل جيد في اللحظات الخاصة بشكل موحي ومعبر عن طبيعة اللحظة الدرامية.
كما كان للأغاني والموسيقى للملحن كريم عرفة أثر كبير في دعم رؤية المخرج بما لها من إيقاعات سريعة ومبهجة وكلمات وأشعار معبرة أحسن الشاعر طارق علي في كتابتها موحية بجو البهجة والمرح المسيطر على إيقاع العرض بشكل عام مثلما في أغنية استعراض (المدينة) والتي تصف أحوال المدينة بنت اللذينة الرزينة المستكينة، وأغنية (أزميرالدا) التي تتحدث عن بطلة العرض، وأغنية استعراض (مجانين) في الاحتفال بعيد المجانين والتي كانت مناسبة للرقص واستعراض المهرجين وألعاب السيرك مما أشاع جوا احتفاليا بهيجا. ثم الأغنية الحزينة لكازيمودو التي عبر فيها بصوته الأجش المؤثر عن حزنه وشجونه وأحلامه أثناء تقييده وتوسله للناس من أجل العطف عليه بشربة ماء. لاسيما أن الملحن كريم عرفة قد استمد ألحانه من روح موسيقى الغجر في أوروبا مع توظيف الجيتار الاسبانيش في التوزيع رغم استخدامه مقام (حجاز) وهو مقام موسيقي شرقي فكان للموزع الموسيقي أيمن التركي دورا متميزا في إظهار جمال موسيقى العرض واستلهام روح الغجر فيها. وصاحب تلك الأغاني رقصات جميلة ومعبرة صممتها كريمة بدير لتكتمل الصورة المرئية بكل عناصرها باستعراضات جيدة ورشيقة. ولا نغفل دور ماكياج إسلام عباس في العرض حيث أجاد في رسم الملامح الشكلية للشخصيات  لاسيما شخصية الأحدب كازيمودو فكان من عوامل النجاح الأساسية فيه.
كان الأداء التمثيلي بشكل عام يمثل نقطة ضعف العرض رغم تفاوته بين الممثلين الذين سقط بعضهم في هوة المونوتون نتيجة قلة الخبرة و لحاجة بعض آخر للتدريب. وهذا ما يؤخذ على المخرج في اختياراته للممثلين في عمل لمسرح الدولة وليس في ناد أو مركز شباب. فكيف للبيت الفني للمسرح وهو مؤسسة للمحترفين يكون فيه مستوى التمثيل مشابها لمستويات فرق الهواة, وهل هذا هو مستوى ممثلي مسرح الطليعة العريق؟ لكن عموما كان للممثلين ذوي الخبرة دور كبير في الحفاظ على التوازن العام للأداء التمثيلي. وقد أجادت رجوى حامد أداء دور أزميرالدا الفتاة الغجرية المرحة اللعوب الشقية رغم افتقادها لكاريزما شخصية أزميرالدا وهذا ليس قصورا منها ولكن يعود أيضا لاختيار المخرج. وقد أحسنت رجوى في طرح أبعاد الشخصية بما فيها من رومانسية وما تحمل من طيبة وإنسانية تغلب عليها خصوصا عندما عطفت على كازيمودو (الجاني عليها) بشرب الماء وإنهاء الحكم  بعقابه بعدما حاول خطفها. وأظهرت قوة شخصيتها أمام خبث وشر الأسقف العاشق ورباطة جأشها أمام الضابط. إضافة لتحملها المآسي والعقاب حتى لا يكسر أحد حريتها. كما أجاد جورج أشرف  في دور الأحدب وأحسن أداء انفعالات الشخصية مع التحكم في أبعادها الجسمانية والتمكن في أداءه الصوتي. وأجاد توصيل إحساس الإنسان المنبوذ المظلوم من المجتمع لعيبه الخلقي ويعاني من اضطهاد الجميع له ثم كتم عاطفته الجياشة نحو أزميرالدا مع إحساس المتفرج به وبمعاناته. وكان لخبرة محمد عبدالوهاب في أداء دور الأسقف بهدوء وثبات بما يحمل من شر خفي والتناقض الداخلي مع عشقه الكبير لأزميرالدا مع تخليه عن واجبه الديني وأصول عقيدته وإظهار عكس ما يضمر أمام جموع الناس. وكان لمحمد دياب مذاق خاص في تحقيق البسمة بخفة ظله في أداء شخصية كلوبان ملك الغجر الذي تولي أزميرالدا بعد اختطافها في صغرها لكنه برغم حبه لها ومحاولة حمايتها لا يستطيع المحافظة عليها نتيجة اهتزاز شخصيته وسلبيته أمام السلطة وخوفه منها مما يؤدي إلى قتل من يحب (أزميرالدا) أمام عينيه وفي محيطه دون أن يقدم أي فعل يدعو إلى تغيير هذا الواقع المرير. كما تناول محمد حسيب شخصية القاضي فلوريان أداءا جيدا ورزينا مع خفة ظل بسيطة وجميلة بخبرة خففت وطأة مشاهد المحاكمة لتحقق رؤية المخرج في التناول المبهج للرواية. ولا يتسع المجال هنا لتناول جميع الشخصيات, لكن بشكل عام كان هناك جماعية والتزام واجتهاد من الجميع بغض لنظر عن بعض الفروق الفردية بينهم. وقد شارك في تلك المعزوفة الجماعية تمثيلا كل من : يحيى محمود في دور جرانجوار, هبة قناوي في دور كريستين ملكة الغجر ومربية أزميرالدا, حسام الشاعر في دور الضابط فيبوس, محمود طلعت, عمرو شريف, مي السباعي, أحمد مخيمر, مريم الجندي, فادي ثروت, آية خلف.
العرض في مجمله جيد ومبهج وممتع أداره المخرج ناصر عبد المنعم بخبرته, وأحسن طرح رؤيته متوافقا مع رؤية الكاتب أسامة نور الدين, وهو عرض جاذب للمتفرج في كل عناصره, لم يشوبه سوى ضعف الأداء التمثيلي كما ذكرنا من قبل, إضافة حاجته إلى التخلص من بعض الحوارات المتسمة بالإطالة الزائدة عن حاجة الحدث الدرامي.


أحمد محمد الشريف

ahmadalsharif40@gmail.com‏