دور الأراجوز في المسرح

دور الأراجوز في المسرح

العدد 754 صدر بتاريخ 7فبراير2022

برعاية الدكتور إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة والدكتور هشام عزمي أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، أقام المركز القومي لثقافة الطفل برئاسة الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف في الحديقة الثقافية للطفل بالسيدة زينب، بقيادة الباحثة ولاء محمد محمود، ندوة بعنوان دور الأراجوز في المسرح أدارها الباحث أحمد عبد العليم وتحدث فيها الفنان محمد نور مدير عام مسرح القاهرة للعرائس، والفنان محمود حسن مدير عام المسرح القومي للأطفال، وبعد أن رحب بهما وشكرهما على تلبيتهما للدعوة قال: بعد أن سجل الأراجوز المصري على قائمة الصون العاجل بمنظمة اليونسكو للتراث اللا مادي منذ 28 / 11 / 2018 وفي نفس اليوم من عام 2019،2020،2021، أقام المركز الملتقي السنوي الأول والثاني والثالث للأراجوز المصري، ثم تم تحويله الي ملتقي شهري في يوم 28 / 12 / 2021  واليوم وفي الملتقي الشهري تم تقديم العرض المسرحي أراجوز وأرجوزتنا تأليف سعيد حجاج ورؤية وإخراج ناصر عبد التواب تم قدم كلا من حمدي مجدي والطفل إسلام فقرتان للأراجوز وهما لاعبان تخرجا من مدرسة الأراجوز، وقام بدور الملاغي الفنان محمد عبد الفتاح سلامه، ثم قدم العرض المسرحي حواديت أراجوز من إنتاج البيت الفني للمسرح – المسرح القومي للأطفال وتم تقديم فقرة عن المسرح الأسود، ونقدم الآن هذه الندوة ويشرفنا أن يتحدث فيها مسئولين عن المسرح وثقافة الطفل واترك الكلمة للفنان محمد نور .
رحب الفنان محمد بالحضور وقال : سعدت جدا بالمجهود الكبير الذي يقوم به المركز القومي لثقافة الطفل، فهو الوحيد الذي يحافظ على فن الأراجوز، هذا التراث والشكل الشعبي للفلكلور الأصيل الذي تمتاز به مصر، فالأراجوز هو من مهد لظهور فن العرائس في مصر، وكان هذا الفن في طريقه للاندثار لولا صحوة الفنانين الذين حملوا على عاتقهم فكرة أحيائه، ولذلك أشكر الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف والفنان ناصر عبد التواب. فن الأراجوز كما هو موجود في مصر موجود في بلاد أخري بأشكال وأسماء مختلفة، وفي مصر كان يصل للجمهور في أي مكان، وكان يعبر عن هموم ومشاكل الناس. إن فن الأراجوز خرج من وسط الناس وعاش وسطهم ولم يغادرهم، وكان الكبار والأطفال يستمتعون بهذا الفن فقد كان لسان حال الشعب، ومن خلاله يتم عرض الهموم والمشاكل ويسخر منها بهدف الوصول إلى حل، فكان قائد لحركة التنوير رغم بساطته،  كما أنه يخاطب الطفل ويرسل إليه رسائل تعليمية بشكل غير مباشر. ومهد فن الأراجوز لظهور فن العرائس، وكان في مصر نجوم لهم تاريخ وبصمة في فن الأراجوز، وقد ساهموا في تطويره وخرجوا به من الشكل الشعبي الذي كان موجود في المولد والأحياء الشعبية وأصبح موجودا في عروضنا المسرحية، وقد استغلت الأشكال الفنية الأخرى نجاح الأراجوز ووظفته فنيا، وقد اهتم مسرح العرائس منذ بدايته بفن الأراجوز، وبدأ فن العرائس بشكله الحالي في مصر سنة 1959، وكان لا يعلم أحد عن العرائس غير الأشكال الفلكلورية البسيطة مثل: الأراجوز وخيال الظل، وعندما جاءت الفرصة لإنتاج أول عرض مصري عن العرائس وهو الليلة الكبيرة،  كان الأراجوز جزء أساسي من العرض، فقد كان أول عروض لمسرح العرائس الشاطر حسن، ثم عرض بنت السلطان، وكان بإشراف خبراء من رومانيا قاموا بتدريب أول فرقة مصرية للعرائس في ذلك الوقت. وحكاية عرض الليلة الكبيرة يتلخص في أن الفرقة الرومانية التي قام بعض أعضائها بتدريب أول فرقة مصرية على فن العرائس تقيم مهرجان بوخارست الدولي وهو أحد وأهم مهرجان للعرائس في ذلك الوقت وطلبت من مصر أن تشترك بعرض في هذا المهرجان، وكانت معظم الفرق المشاركة من دول العالم لها تاريخ كبير في فن مسرح العرائس يكاد يكون بعضهم أكثر من 200 سنة من العمل الاحترافي، كمان كان لديهم جامعات وأكاديميات لتدريس هذا الفن، فماذا تقدم مصر؟ وعمرها عامان فقط في هذا المجال وسط الفرق المتقدمة، فوقع الاختيار على الصورة الغنائية (أوبريت) الليلة الكبيرة، والذي قدم في الإذاعة المصرية سنة 1957، وكان مدة 13 دقيقة، وكان اختيار ذكي من القائمين على تقديم هذا العمل وهم الراحلون (صلاح جاهين – سيد مكاوي – دكتور ناجي شاكر – صلاح السقا)، حيث أن هذا العمل شديد الخصوصية والمحلية  يتكلم عن المولد لكنه يعبر عن الشكل الشعبي المصري، فهو جدير بأن يمثل مصر في الخارج، حتي يتعرفوا على الفلكلور المصري، وكان أهم ما أضيف إلى هذه الصورة الغنائية هو المشهد الشهير للأراجوز مع العمدة، ومن هنا يتضح وعي جيل الرواد بقيمة هذا الفن وأهمية واستثمار نجاحه وشعبيته وحب الناس له، وكانت إضافة مشهد الأراجوز ليست مقحمة على العمل حيث أن الصورة الغنائية تحكي عن المولد ونحن نعلم أن الأراجوز مرتبط بالمولد. ثم توالت العروض وبعضها كان من ضمن مشاهدة الأراجوز. وكانت تنال استحسان كبير من الجمهور، وفي الحقيقة نحن نقدم العروض في مسرح العرائس بأصوات مسجلة وعندما يتطلب العرض وجود أراجوز فنحن نستدعي لاعب الأراجوز ويسجل صوته كما يتحدث بوضع الأمانة في فمه، أو التسجيل بصوت مستعار  ومن أهم سمات فن الأراجوز التفاعل مع الجمهور، والأراجوز المصري هو جزء من تراثنا الفني المسرحي  الشعبي المسرحي الذي نفخر به . وأن سعيد جدا لوجد من يبذل مجهودات كبيرة للحفاظ علي فن الأراجوز وأتمني أن يتطور.
 وانتقلت الكلمة إلى الفنان محمود حسن فقال: أوجه الشكر على دعوتي للحديث عن دور الأراجوز في المسرح، واشكر الفنان القدير محمد نور لعرضه تاريخ وتجربة مسرح القاهرة للعرائس وهو يعتبر أكبر مسرح للعرائس على مستوى الشرق الأوسط، وهو فنان متخصص في هذا المجال وأوضح علاقة فن الأراجوز بالمسرح. وأنا سوف أتحدث عن تجربتي الشخصية مع الأراجوز. كل جيلي تربى على العرض المسرحي للعرائس الليلة الكبيرة، كما أننا تربينا على الأراجوز والبيانولا وعروضهم التي تعلمنا منها،  وأقول إن الأراجوز عروسة جاذبة لا تنقرض، لكن من ينقرض هم لاعبوا الأراجوز، ولذلك أوجه الشكر للدكتورة إيناس عبد الدايم والدكتور هشام عزمي لدعمهم للكاتب محمد عبد الحافظ ناصف والفنان ناصر عبد التواب لحرصهم على الاهتمام بعمل ورش تدريبية لتعليم لاعبين جدد على فن الأراجوز للحفاظ على هذا التراث، في منطقتنا العربية وبعض دول العالم يقال الأراجوز المصري، وأنا وجيلي كنا نحب اقتناء تمثال الفنان الرحل محمود شكوكو وكان يرتدي ملابس الأراجوز التقليدية وكان ثمنه زجاجة فارغة، فكان ينادي البائع شكوكو بإزازة، وعندما نتحدث عن الأراجوز والبيانولا وصندوق الدنيا، فنحن نتحدث عن السينما والموسيقي والتمثيل، فعندما ندخل لصندوق الدنيا ويحركه اللاعب نري الصور تتحرك، فكنا بمبلغ بسيط نستمتع ونفرح ونستفيد معلومات مهمه، فالهدف من كلامي هو نحن في عصر التكنولوجيا فما مصير هذه العروسة التي يسعد بها الطفل ويتفاعل معها ويتحدث معها وتتحدث معه، فطفل اليوم يرى عوالم أخرى من خلال الجهاز المحمول في يده، فأنا أتمني أن أرى الأراجوز على يوتيوب، أو توجد قناة خاصة للأراجوز والعرائس على السوشيال ميديا، ولقد كان لدينا مشروع لمسرحة المناهج فلماذا لا يكون للأراجوز نصيب في هذه التجربة لتوصيل المعلومات بشكل فني متميز، ويكون ذلك حسب المرحلة العمرية، فعندما يشاهد الطفل الأراجوز في المسرح تكون سعادته مضاعفة، أما عن تجربة العرض المسرحي حواديت الأراجوز فكانت تجربة مثمرة فقد سافرنا بالعرض بعض محافظات مصر منها الفيوم، بني سويف، المنيا، سوهاج، وهذه التجربة أثبت أن هذه العروسة لها شعبية طاغية ويتفاعل معها الطفل بشكل غير عادي، فبعد العرض تجد الطفل يقلد ما قاله الأراجوز وبذلك تكون الرسالة وصلت للطفل بسهولة ويسر، فالأراجوز كان قديما يذهب إلى أي مكان في الأحياء الشعبية، وأيضا الأحياء الراقية فكان الطفل وحتي الكبار يحرص على مشاهدته ويستمتع به فهذه الدمية مهمة جدا نحتاج إليها لتكون وسيط بيننا وبين الأجيال القادمة، ولابد أن يكون اللاعب على قدر كبير من الوعي والثقافة ولديه مخزون من المعلومات وكذلك تدريب اللاعبين على فن الارتجال حتي لو تعرض لأي موقف مع الجمهور يستطيع التفاعل معه . وأن أحيي هذه التجربة وأشكر كل من شارك فيها للحفاظ على التراث المصري .
وانتقل الكلام للكاتب محمد عبد الحافظ ناصف وبعد أن رحب بالحضور قال : بمناسبة كلام الفنان القدير محمود حسن لدينا تجربة عن الأراجوز، فعند بداية ظهور فيرس كورونا وجدت أن كل من في الأحياء الراقية ذهبوا للمحلات وقاموا بشراء كل ما فيها من كمامات وأدوات تعقيم حتي الطعام، وتخيلت أن من لم يستطع  الشراء عندما يخرج إلى الشارع وهو حامل للمرض ويلتقي بالشخص الذي اشتري كل المطهرات والحمامات والطعام ليحصن نفسه فقط سينقل له المرض دون أن يشعر، ففكرت أن أكتب نمرة جديدة للأراجوز، فنحن لدينا في التراث من 13 – 18 نمرة فقط، وقررت أن الأراجوز يعظ، فنحن نعلم أن الأراجوز لا يعظ  فهو ينتقد الوضع القائم ويسخر منه فقط، فكانت نمرة الأراجوز والمولات وتم تصويرها في حديقة الفنون بالهرم، وقررنا أن يكون الأراجوز فاعلا في الأحداث، ثم بدأ يتعاون معنا في الكتابة الشاعر والكاتب أحمد زيدان، والشاعر والكاتب محمد زناتي والأستاذ سيد لطفي والأستاذ أحمد جابر، وقد وصلنا إلى 22 نمرة، وقام بتنفيذها الأستاذ ناصر عبد التواب ومعه احمد جابر وموجودة على قناة المركز القومي لثقافة الطفل . وفي إطار تعاون المركز القومي لثقافة الطفل مع كلا من مسرح القاهرة للعرائس بقيادة الفنان محمد نور، والمسرح القومي للأطفال بقيادة الفنان محمود حسن أقول: أننا في على استعداد لتدريب من يرغب من العاملين لديهم في الورشة لتعليم فن الأراجوز القادمة.
وانتقل الحديث لفنان الأراجوز والعرائس والمخرج ناصر عبد التواب فقال: لقد انتقلنا بالأراجوز إلى مناقشة القضايا والأفكار الموجودة على الأرض مثل فكرة التكالب على امتلاك الأشياء أو الإشاعات، وإذا كان وجود فن الأراجوز على اليوتيوب مهم، فمن المهم أيضا أن يكون موجود على الأرض، نحن نقدم في الحديقة الثقافية بالسيدة زينب عروض للأراجوز، وكذلك للأراجوز نصيب في معظم القوافل الثقافية التي تجوب المحافظات . أما عن تجربتي مع الأراجوز أقوم بتقديم الأراجوز بدون عصا، وبدون شنب   وطفل، والأراجوز التفاعلي مع الأطفال الذي يقدم حكاية من خلال مواقف سلوكية أو تربوية والأولاد يصححوا لهذه العروسة التي تخطئ وتصيب وأشكركم .
وعقب الفنان محمد نور على ما قاله الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف وقال: النمر القديمة لفن الأراجوز أصبحت شيء من التراث وكانت صالحة للتقديم في عصرها، أما تطوير النمر المقدمة لفن الأراجوز شيء يحترم ويقدر، فلابد وأن يقدم بمشاكل العصر الحالي ويتكلم عنها بشكل بسيط وقريب من الجمهور،  وبنفس الفلسفة التي كان يتعامل بها فن الأراجوز قديما . وأنا على استعداد للمزيد من التعاون مع المركز القومي لثقافة الطفل، وكذلك أبدي الفنان محمد حسن استعداده باستمرار التعاون مع المركز أيضا . 
وفي مداخلة لكاتب هذه السطور قال: لقد تخرج من ورشة الأراجوز 17 لاعب منهم اثنان في قصر ثقافة بالشرقية ونحن كما سمعت مطالبين بمخاطبة اليونسكو بخطوات تجاه فن الأراجوز وذلك بعد أن أصبح موجود على قائمة الصون العاجل للتراث اللا مادي، فلماذا لا يخاطب المركز الفنان هشام عطوة حيث أن الثقافة الجماهيرية منتشرة في جميع محافظات مصر ويكون في كل محافظة متدربين لنشر هذا الفن المهم الذي يتفاعل معه الطفل في المسرح المصري، وكذلك أرجوا رسم خطة تعاون لوزارة الثقافة مع وزارة التربية والتعليم وزارة الشباب والرياضة في هذا المجال وشكرا .
وعقب الأستاذ محمد ناصف وقال: لدينا خطة خمسة فنحن علمنا 17 لاعبا للأراجوز وإذا تم تعليم 13 في الورشة القادمة فنكون وصلنا إلى تعليم30 لاعب، وفي ميزانية العام القادم ومع الدعم المستمر لنا، سوف نقوم بتدريب عدد أكبر حتي نصل للهدف المنشود وهو أن يكون لدينا 100 لاعب منتشرين في كل محافظات مصر وبالفعل أرسلت خطاب لرئيس إقليم شرق الدلتا الثقافي وقد وعد في الميزانية القادمة بتدريب بعض العاملين، فقد وضعنا اللبنة الأولى في الإقليم، وأنا أتعاون مع كل قطاعات وزارة الثقافة، والوزارات المهتمة بفن الأراجوز. وسوف أعلن عن ورشة تعليم فن الأراجوز بعد انتهاء معرض الكتاب. 
 


جمال الفيشاوي