«زقاق المـدق» ومســرح الفـــرجة الاستعــــراضى

«زقاق المـدق»  ومســرح الفـــرجة الاستعــــراضى

العدد 753 صدر بتاريخ 31يناير2022

هناك نوع من العروض المسرحية تصنف تحت مسمى «مسرح الفرجة»، والمسرح الغنائى الاستعراضي أحد أهم هذه الأنواع المسرحية، ومسرح الفرجة عادة الغرض الأول والأخير منه هو الترفيه والتسلية لجمهور المتلقى، فالترفيه هنا يعد هدفا ورسالة  فى الوقت ذاته فى مسرح الفرجة، ذاك النوع من المسرح الذى يعتمد على الصور والألوان المبهجة من «إضاءة وديكور وأزياء» سواء أن كانت مسرحية أو سينمائية، وكذلك على اللحن الخفيف والكلمة البسيطة والأداء الغنائى الاستعراضي، وكل هذا رأيناه بالفعل فى مسرحية «زقاق المدق» من إخراج د.عادل عبده وإنتاج الفرقة الغنائية الاستعراضية بالبيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية، بإشراف الفنان صلاح لبيب مدير عام الفرقة، وهى مسرحية مأخوذة عن أهم روايات الأديب العالمى نجيب محفوظ «زقاق المدق» وتم نشرها عام 1947 ولكن أعاد صياغتها مسرحيا وكتب أشعارها محمد الصواف، وهى رواية تحمل اسم حقيقى لأحد الأزقة المتفرعة من حارة الصنادقية بمنطقة الحسين بحى الأزهر الشريف بالقاهرة، وبعد نشرها بسنوات وتحديدا فى عام 1958 تم تحويلها إلى عرض مسرحى من بطولة الفنانة فاطمة رشدى والإخراج لكمال ياسين على خشبة المسرح الحر بدار الأوبرا وقامت أمينة الصاوى بإعدادها للمسرح وبعد نجاحها الكبير قام شيخ المخرجين حسن عبد السلام بإعادة عرضها لفرقة الفنانين المتحدين عام 1984 أي بعد 26 عاما من عرضها الأول وقامت ببطولتها الفنانة معالى زايد، وبعد نجاحها مسرحيا وتحديدا عام  1963  تم تحويل الرواية إلى فيلم سينمائى بطولة الفنانة الكبيرة شادية، ومن إنتاج وإخراج مخرج الروائع حسن الإمام ويحظى الفيلم بنجاح كبير ويلاقى انتشارا واسعا خاصة بين الأجيال الجديدة التى لم تدرك العمل المسرحى أثناء عرضه، ولكن المخرج عادل عبده هنا بالتعاون مع الكاتب محمد الصواف صاحب الرؤية الدرامية والأشعار أعادوا عرضها مسرحيا مرة أخرى على مسرح الدولة وبعد 37 عاما من آخر عرض مسرحى لها، وللجيل الحالى بعد أن ابتعد كثيرا عن المسرح والسينما واتجه إلى السوشيال  ميديا والمنصات ولكن برؤية جديدة ومختلفة تحسب لهما كل فى تخصصه المهنى مع الاحتفاظ بشكل شخصيات الرواية كما هى ولكن فى ثوب عصرى جديد يلائم تلك الحقبة الزمنية التى نحياها الآن وذاك الجيل الذى يبحث دوما عن المتعة والموسيقى والحركة، كما أن الكاتب هنا قد حرص من ضمن رؤيته الدرامية أيضا على إحداث التغيير فى نهاية الرواية حتى تتلائم مع الطابع العصرى والتيمة الاستعراضية  المبهجة التى أرادها واختارها المخرج عادل عبده لمسرحيته، وهذا ذكاء حرفى من الكاتب محمد الصواف حيث أن نهاية رواية نجيب محفوظ درامية ودموية لا تتفق مع مسرح الفرجة وطابع العرض الغنائى الاستعراضي الذى الهدف الأسمى منه هو تصدير البهجة والمتعة للمتلقى، أن فكرة تحويل رواية سبق تقديمها سينمائيا ومسرحيا هنا ولأول مرة إلى عمل غنائى واستعراضي كبير على مسرح الدولة فى ظل فارق الإمكانيات الضخم ما بين مسرح القطاع العام والخاص ليست بتلك السهولة التى يتصورها البعض، فهى مخاطرة  كبيرة  محسوبة  للمخرج والمؤلف معا لعلمهم بما سوف يواجهونه من تحدى ومغامرة بوضعهم فى موضع المقارنة مع أسماء كبيرة فى عالم التأليف والتمثيل والإخراج  مثل نجيب محفوظ وبهجت قمر وحسن الأمام وحسن عبد السلام، وأخيرا الفنانة الكبيرة شادية وكل النجوم العظماء الذين تعلقت بهم أذهان الناس من خلال مشاهدتهم للفيلم لمرات عديدة، ومع كل ذلك فقد نجح كلا من عبده والصواف وبأقل الإمكانيات فى صنع عرض غنائى استعراضي ناجح ومنضبط ومحترم وبرؤية جديدة مبهجة وممتعة ومختلفة عما سبق تقديمه من قبل، وبالتالى لم يقع أي منهم فى فخ المقارنة . 
تدور أحداث الرواية فى فترة الأربعينات والحرب العالمية الثانية وما بعد فشل ثورة 1919 وما أصاب «زقاق المدق»  تلك المنطقة الشعبية بحى الحسين والتى تجمع العديد من النماذج البشرية المختلفة للمجتمع المصرى وهى نماذج متقاربة لحد التعارف الكامل فيما بينهم والتى اختارها «محفوظ» ليرمز من خلالها لمصر إبان الاحتلال الإنجليزي لها وما أصابها من فساد وانحراف أخلاقي أصاب الجميع نتيجة ما حدث من خلل مجتمعى ناتج عن ذاك الاحتلال البغيض، وتم تجسيد هذه الحالة المرزية من خلال «حميدة» تلك الفتاة الشعبية  اليتيمة القوية الطامحة للثراء، والتى تتم خطبتها لحلاق الزقاق «عباس الحلو» والذى يقرر السفر بدوره ليحصل على مال أكثر ليفى باحتياجات «حميدة» من خلال تنازله وعمله بمعسكرات الإنجليز، وبعد سفره يقوم قواد محترف يدعى «فرج» بإغواء «حميدة»، وبعد تورطها معه من خلال العمل بالكازينو الليلى تنغمس فى حياتها الجديدة وتنسي أهل الزقاق جميعهم، لتجمعها الصدفة مرة أخرى بخطيبها السابق الذى نسيته وتخلت عنه «عباس الحلو» والذى بدوره يقرر الانتقام . 
نجح عادل عبده إلى حد كبير فى تسكين كل شخصيات الراوية، كل فى مكانه الصحيح، وكما تحدثنا سابقا فهذه مهمة ليست بالسهولة التى يتصورها البعض حيث أن الرواية سبق إنتاجها سينمائيا بنجوم كبار مما يجعل من مسئولية تسكين شخصيات الراوية فى المسرحية اكثر صعوبة عن الفيلم نتيجة مسئوليته عن اختيار مواهب حقيقة مناسبة للأدوار مع الحرص فى نفس الوقت ألا يقع فى دائرة المقارنة التى لن تكون فى صالحه أو التقليد، كما انه يحسب له بأنه استطاع إعادة اكتشاف نجوم عديدة غائبة عن الشاشة منذ فترة طويلة فى ثوب جديد .
دنيا عبد العزيز فى دور «حميدة»: استطاعت دنيا عبد العزيز بخبراتها التمثيلية الطويلة سواء فى الدراما أو المسرح أن تتقن ببراعة دور «حميدة» تلك الفتاة الشعبية اليتيمة المتمردة سليطة اللسان وصاحبة أحلام الثراء والناقمة على حياة الزقاق والمتشوقة للخروج منها، كما استطاعت أن تشعر المتلقى بالفرق فى الأداء ما بين مرحلة الزقاق ومرحلة الخروج منه حيث عملها بالكازينو الليلى، ويحسب لها بأن أدائها للشخصية ابتعد كل البعد عن التقليد أو التأثر بأداء الفنانة شادية بالفيلم وكانت لها شخصيتها الخاصة فى الدور بالرغم من أنها بطلة العرض المسرحى، كما نجحت دنيا باقتدار فى إثبات موهبتها الاستعراضية  فى هذا العرض المسرحى مما يؤهلها فيما بعد للاعتماد عليها فى هذا النوع من الأعمال الاستعراضية سواء أن كانت سينما أو تليفزيون .
بثينة رشوان فى دور «أم حميدة»: لو افترضنا أن لكل عرض مسرحى مفاجأة خاصة به، فهنا فى «زقاق المدق» كانت بثينة رشوان هى مفاجأة العرض عن جدارة واستحقاق، بثينة تلك الفنانة الرقيقة الجميلة شكلا وموضوعا والتى عهدناها دوما طوال تاريخها الفنى فى أدوار الهوانم أو الطبقة الراقية تبهرنا هنا فى ذاك العرض بتقمص شخصية «الخاطبة عديلة البلانة» أم حميدة بالتبنى بعد وفاة أمها بعد ولادتها، تلك السيدة الشعبية ابنة الزقاق الجريئة والتى تحنو على حميدة وتتعاطف معها دوما، فتفوقت على نفسها بعمل شكل عام للشخصية مختلف تماما عما قدمته من قبل الفنانة الكبيرة عقيلة راتب، فاجتهدت لتبتكر لنفسها حركة معينة فى المشى بها ثقة ودلع فى نفس الوقت مع لكنة معينة فى طريقة الكلام تشبه  لكنة اغلب سيدات الأحياء الشعبية أصحاب الأصوات العالية، بل تفاجئنا بثينة رشوان ببراعتها فى الرقص الاستعراضي ومدى الحفاظ على لياقتها الجسدية والفنية برغم مرور سنوات على غيابها عن الساحة الفنية، ليتضح لنا أنها فنانة شاملة تحافظ على جمالها وتشتغل على نفسها دوما ولا تتوقف حتى تكون على اتم الاستعداد للعودة بقوة فى أي وقت .
بهاء ثروت فى دور «عباس الحلو»: كانت البساطة والتلقائية هى سكة الأداء لبهاء ثروت فى تلك الشخصية، فكانت تعبيراته كلها سينمائية غير مفتعلة أو مصطنعة وأدى الدور بروح السينما لا المسرح مستغلا ذاك القبول الذى حاباه الله به عند الجمهور، حقيقة بهاء ثروت فنان كبير مظلوم فنيا .
مجدى فكرى فى دور «فرج»: هو فنان له باع طويل بالمسرح وليس بجديدا عليه، لذا كانت ثقته بنفسه على المسرح عالية جدا، وقام بأداء دور «عباس الحلو» ذاك القواد من منطلق خفة الدم والاستفزاز فى آن واحد بعكس الشخصية التى قدمها الفنان الكبير يوسف شعبان تماما بالفيلم حيث أنها كانت شخصية انفعالية حادة، وقد تألق مجدى فكرى فىهذا الدور وكان مناسب للشخصية شكلا وموضوعا .
كريم الحسينى فى دور «حسين كرشة»: فاجئ كريم الحسينى جمهوره بإجادته الغناء حيث انه يمتلك صوت طربى جميل وواعد لم يستغل غنائيا بعد، كما انه لديه من اللياقة العضلية والوجه الحسن الذى يؤهله أن يكون فتى الشاشة برغم انه ليس طويل القامة ويشبه فى ذلك تماما الفنان الكبير حسن يوسف الذى استطاع أن يكون فتى الأحلام  ويمثل الحب أمام جميلات الفن بالرغم من انه لا يمتلك القوام المثالى لمواصفات الجان ولكنه يمتلك الكاريزما والوجه الحسن، ولكن من الواضح أيضا أن كريم الحسينى فى دور حسين ابن المعلم كرشة صاحب القهوة ذاك الشاب الهوائى المنحرف يكاد يكون هو الوحيد بالعرض المسرحى المتأثر تماما بأداء حسن يوسف  لهذا الدور بالفيلم، فجاء أدائه بالمسرحية مقلدا له شكلا وموضوعا لا مبتكرا ولا مبدعا .
شمس فى دور شكرية الراقصة «شوشو»: شمس هى فنانة على قدر عالى من الثقة بالنفس والحضور وتمتلك من الروح  لدى الجمهور ما يجعله دوما يحب رؤيتها، كما أنها أدت الدور باحترافية السينما وكان الدور ملائما لها تماما وكما يقال باللغة الدراجة لدينا فى الفن، الدور يناديها شكلا وموضوعا، فحقا لا يمكن لأحد غيرها أن يلعب ذاك الدور بنفس الحرفية التى قامت هى بأدائه رقصا وغناءا وتمثيلا . 
احمد صادق فى دور «الحاج كامل»: اثبت احمد صادق فى دور بائع البسبوسة الحاج كامل الرجل الفقير المعدم انه فنان قدير وصاحب خبرات كبيرة ومن مدرسة التقمص التى انتمى لها العديد من الكبار أبرزهم الراحل أحمد زكى، فقد تقمص صادق شخصية بائع البسبوسة روحا وجسدا، روحا من خلال أسلوب أدائه الذى يوحى بطيبته، وجسدا من خلال إبراز عامل السن والمعاناة بحركة جسدية  معينة حافظ عليها طوال العرض المسرحى، كما انه يمتلك وجها وحضورا يجعله يصلح لأداء جميع الأدوار وللأسف  لم يستغل بعد .
سيد جبر فى دور «المعلم كرشة»: هو فنان يتألق دوما فى كل الأدوار التى تعرض عليه ويغلب عليها طابع الكوميديا نظرا لما يمتلكه من خفة دم وقبول مكنه من أداء الدور بإتقان وبطريقته وبصمته الخاصة . 
مراد فكرى فى دور «المعلم زيطة»: برغم صغر سن مراد فكرى قياسا بدور «المعلم زيطة» الذى قام بأدائه الفنان توفيق الدقن، إلا أنه يحسب له بأنه من اكثر ممثلين المسرحية الذى قام بأداء الدور بسكة مغايرة تماما لما قام به الدقن سابقا، واشتغل كثيرا على الشخصية  فكان مقنعا فيها إلى حد كبير .
هانى عبد الهادى فى دور «جعدة»: بالرغم من صغر حجم مساحة الدور إلا أن هانى عبد الهادى قد نجح فى اثبات صحة نظرية «ستانسلافسكى» حيث قال: «ليس هناك دور صغير أو دور كبير، ولكن هناك ممثل صغير وممثل كبير»، فترك عبد الهادى بالفعل أثرا وبصمة كبيرة جدا فى الدور، فوضح مجهوده الكبير من خلال أدائه واهتمامه بتفاصيل التفاصيل سواء فى الأداء أو الأزياء أو الحركة، كما نجح فى إبراز ضعف شخصيته أمام زوجته التى يحبها ويتحمل من اجلها كل الإهانات من خلال تقمصه وإحساسه  بالشخصية  .
مروة نصير فى دور «حسنية»: لم تكن مروة نصير فى شخصية حسنية صاحبة الفرن وزوجة جعدة الذى يعمل لديها بنفس قوة أداء عبد الهادى فى شخصية جعدة زوجها، وكان أدائها هادئا لم تظهر من خلاله ملامح قوة الشخصية المطلوبة للدور بالرغم من أن تكوينها الجسمانى وملامح وجهها مناسب للدور، والتمثيل فعل ورد فعل، فأختفى تأثيرها فى الدور أمام الشخصية  المقابلة لها، وكانت تحتاج أن تكون اكثر حدة  فى الأداء حتى يصدقها الجمهور وتكون مقنعة فى الدور .  
حسان العربى فى دور «الدكتور بوشى»: حسان العربي يعد إضافة لأى دور كوميدى يلعبه لما يمتلكه من خفة ظل كبيرة وكاركتر فريد وخبرة عظيمة تمكنه من إتقان أي دور يسند له .
 تألق أيضا كل من عبد الله سعد فى دور «المعلم علوان»، ياسر ينى فى دور «الضابط الإنجليزي»، أحمد شومان فى دور «الشيخ درويش»، صابر عبد الله فى دور «الحاج رضوان»، سيد عبد الرحمن فى دور «إبراهيم فرحات»، وأخيرا عمار صلاح فى دور «أحد أهالي الزقاق» وهو من أصحاب الهمم، وحقيقة كان خير ممثلا لهم حيث اثبت للجميع بأنهم «قادرون باختلاف»، ويحسب لمخرج العرض هذه اللفتة الطيبة منه بإعطائه الفرصة لهم ودعمهم بحسن توظيفهم دراميا فى الأعمال الفنية اعترافا بقدراتهم ومواهبهم . 
الديكور لمحمد الغرباوى يستحق الإشادة والتقدير لما فيه من أفكار اقتصادية كثيرا استطاع من خلالها استغلال نفس الديكور فى أكثر من لوحة واستغلال الفتحات فى عمل إيحاء للمتلقى بوجود شرفة للمنزل مع استغلال الخلفيات السينمائية فى التعبير عن المشاهد الخارجية  للحارة والمنزل . 
تصميم الأزياء لمروة عودة هو عمل يعد غاية فى الصعوبة وذلك حينما تكون الأزياء من زمن مضى ولم تعد أزيائه متوفرة فى العصر الحالى وأيضا عمل استعراضي غنائى يتطلب نوع خاص من الملابس، ولكن د.مروة عودة استطاعت فى وقت قصير أن تصبح من رائدات فن الأزياء المسرحية  فى مصر لما تتميز به من دراسة أكاديمية وحرفية عالية وموهبة فطرية فجاءت الأزياء بالمسرحية  قمة فى الإتقان والبراعة والتطابق مع العصر الذى تدور من خلاله أحداث الرواية، وكان لها أثر كبير فى جماليات الصورة المسرحية حيث أن الأزياء تعد احد اهم عناصر مسرح الفرجة الاستعراضي .
قلما يتحدث أحد عن أفيش العرض المسرحى بالرغم من أنه أحد أهم عوامل جذب الجمهور لدخول العرض لأنه وال ما يراه الجمهور قبل العرض، وقد استطاع مصطفى عوض أحد أبرز مصممى الدعاية بمصر أن يجعل من الأفيش صورة معبرة عن أحداث العرض المسرحى وتقارب الشخصيات فى الزقاق مع بعضهم البعض نظرا لطبيعة الحارات الشعبية بمصر بالرغم من كم التناقضات ما بين الشخصية والأخرى وذلك من خلال حرصه على جمع جميع الممثلين بملابس الشخصية فى صورة واحدة تضمهم جميعا فى شكل متقارب مع الحرص على أماكنهم وأحجامهم بالصورة كل حسب مساحة دوره، بما يوحى بروح الزقاق وزخم الأحداث بالرواية مع حرصه على تناغم وتعدد الألوان بالأفيش لتوصيفه للمتلقى كونه مسرحا استعراضيا .
الإضاءة لأبو بكر الشريف، جاءت معبرة عن عنصر البهجة الذى يتسم به المسرح الاستعراضي من خلال تعدد ألوان الإضاءة واستخدام الفلاشات فى مشاهد الكازينو الليلى والإضاءة احد سمات مسرح الفرجة .
الموسيقى والألحان لأحمد محي جاءت صادقة مع كل حالة من حالات الدراما بالعرض المسرحى سواء أن كانت رومانسية أو حزينة أو مبهجة وتعد الموسيقى احد اهم العوامل التى ساهمت بنجاح العرض المسرحى .
الأشعار لمحمد الصواف: كان لأغانى العرض المسرحى دورا بارزا في نجاحه نظرا لبساطة الكلمات من خلال «السهل الممتنع» مما كان له اكبر الأثر في وصول معانيها بسهولة ويسر لقلوب الجماهير كما جاءت الأغانى صادقة ومعبرة عن خصوصية كل حالة شعورية وعن أحلام ومشاعر وصفات كل شخصية بالراوية .
المشاهد السينمائية والجرافيك لضياء داوود، من خلال استعراض التجمعات بالحارة  قديما مع المشاهد المصاحبة لاستعراضات الكازينو الليلى جاءت معبرة تماما عن روح العرض الاستعراضي وفكر المخرج.
أخيرا، فإن مسرح الفرجة الاستعراضي هو مسرح غاية فى الأهمية لما له من قطاع عريض من الجمهور يوازى بل يفوق قطاع جمهور المسرح الدرامى، ذلك لما له من تأثير نفسي كبير فى رفع الروح المعنوية لدى المتلقى بعد العرض نتيجة ما يبثه بداخله من طاقة وبهجة وترفيه عن الروح  والجسد، فهذه تعد رسالة مسرح الفرجة الأولى والأخيرة، لذا اطلق على المخرج عادل عبده فارس المسرح الاستعراضي  لما وصل إليه من تخصصية أكاديمية عالية وحرفية كبيرة فى هذا النوع من المسرح ألا وهو مسرح الفرجة الاستعراضى الذى يهتم بالرقص والموسيقى والإضاءة والصورة المسرحية اكثر من الدراما ذاتها، لذا تجد دوما أن المخرج عادل عبده فى بعض المشاهد التمثيلية يعتمد على الثبات الحركى للممثلين بعكس مخرجى الدراما، بينما يهتم اكثر بالحركة الراقصة وخطواتها وأبعادها أثناء الاستعراضات، لذا يعد عادل عبده واحدا من فرسان مسرح الفرجة الاستعراضي الذى يستوعب من خلاله كل أنواع فرق الرقص المختلفة بل وألعاب السيرك كما رأينا فى العرض المسرحى لأنه  أولا وأخيرا مسرح يعتمد كلية على الصورة المسرحية وتصدير الإبهار البصرى للمتلقى . 


أشرف فؤاد