بين الماضي والحاضر «زقاق المدق» في عيون النقاد

بين الماضي والحاضر  «زقاق المدق» في عيون النقاد

العدد 753 صدر بتاريخ 31يناير2022

 في تناول جديد للدراسات النقدية التي تقدم من خلال المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية برئاسة الفنان ياسر صادق أقام المركز يوم السبت الماضي دراسة نقدية حول العرض المسرحي «زقاق المدق» وذلك بمقر المركز بحي الزمالك العرض إنتاج مسرح البالون التابع للبيت الفني للفنون الشعبية
زقاق المدق بطولة دنيا عبد العزيز, بهاء ثروت, بثينة رشوان, مجدى فكري, سيد جبر, حسان العربي, كريم الحسيني, مراد فكري. احمد صادق, عبدالله سعد, سيد عبد الرحمن, شمس, هاني عبد الهادي, عبد الرحمن عزت, عصام مصطفي, احمد شومان, محمد النوبي, ابراهين غنام, صابر عبدالله, محمد زينهم, احمد مصطفي, ياسر يني, سارة مصطفي, 
  تحدث في هذه الدارسة النقدية  المؤرخ المسرحي  والناقد عمرو دوارة والكاتب والشاعر محمد بهجت وحضور كوكبة كبيرة من صناع العمل علي رأسهم المخرج عادل عبدة مخرج العمل ورئيس البيت الفني للفنون الشعبية والكاتب محمد الصواف ومن أبطال العرض الفنانة دنيا عبد العزيز، مجدي فكرة، حسان العربي، مراد فكري، كريم الحسيني ، وعدد من الصحفيين والإعلاميين
أدار الندوة الفنان الكبير ياسر صادق ورئيس المركز القومي للمسرح 
قدم صادق في البداية نبذة عن الدراسة النقدية وقال إن المركز يوثق هذه الدراسات في مجلة المسرح وكتاب التوثيق الموسمي حتي يستفد منها الكثير من المسرحيين.
وعن العرض قال أننا أمام حالة إبداعية دسمة بها كل أنواع الإبداع سواء علي المستوى النص والإخراج والتمثيل مضيفاً أن المخرج عادل عبدة قدم لنا عرضا محكم ومنضبط فنياً به العديد من ألوان المتعة وذلك عن طريق نصا قوياً للرائع نجيب محفوظ به روح محفوظ والذي أعده وأبدع فيه الكاتب محمد الصواف 
أشاد صادق ب المخرج عادل عبدة لاختيار الممثلين وتوظيفهم بشكل أكثر من رائع ولدية من الحلول الكثيرة لإدراك المواقف المفاجأة مثل اعتذار ممثل عن العمل ف اختياره للبديل بعين المبدع لا تنقص من نجاح العرض بصفة عامة وبالدور ذاته بصفة خاصة وفي السياق ذاته رأي صادق أن المخرج كان من الممكن أن يستعين بمصمم استعراضات حتي يتفرغ فقط للعملية الإخراجية ولكن فضل أن يقوم بها ليكون الاستعراض من نسيج العمل وليس فقط مجرد صورة جمالية .
بينما بدء الناقد محمد بهجت حديثه عن النص الروائي الأصلي  للأديب الكبير نجيب محفوظ « زقاق المدق» وتاريخ صدورها  1947 تزامنا مع الاحتلال الإنجليزي علي مصر أو ما سميت (زوراً) بالحماية الإنجليزية  وكانت الرواية في مضمونها تقاوم الاستعمار في توقيت صعب  متفقا مع الفنان ياسر صادق في أن شخصية (حميدة) التي تقوم بها الفنانة دنيا عبد العزيز هي رمز للوطن المسلوب الذي أصبح في يد عساكر الإنجليز بسبب أعداء الوطن والخونه أضاف بهجت أن هذا التأثير بالغ الأهمية مشيراً إلى شخصية (المعلم كرشه) الذي كان بطلا من أبطال ثورة 1919 ثم تحول تماماً إلي النقيض وأصبح شخصية مكروهة بشكل كبير تتمثل في تاجر مخدرات وفتوه وبلطجي وشاذ جنسيا أوضح بهجت أن هذا النص الروائي تحول إلي فيلم سينمائي علي يد احد عباقرة التأليف وهو سعد الدين وهبه ثم تحول إلى مسرحيه 
 وفي عام 1995 تحول إلي فيلم ميكسيكي لـ(سلمي حايك)
 لان روايات نجيب محفوظ من الممكن جدا أن يمثل مجتمعات أخري مثل المكسيك وإيران وغيرها 
وعن المؤلف محمد الصواف يري بهجت أنه ابدع في تحول بعض الشخصيات في رواية نجيب محفوظ إلي شخصيات تصلح في عرض استعراضي غنائي لأنه من المستحيل أن تقدم شخصيات نجيب محفوظ بنفس التركيبة
مشيراً إلي بعض الشخصيات ك شخصية (حميدة) قائلا إنها شخصية محورية بالغه الصعوبة وقدم مقارنه لها بين حميدة في رواية نجيب محفوظ واضح أن الفرق بينهما في تركيبة الشخصية مابين فتاه عديمة المشاعر ليس لها قلب وبداخلها رفض لمجتمعها وبين حميدة في النص الذي كتبه  محمد الصواف وقدم له معالجة بسيطة حتي لا يخرج عن مضمون محفوظ وفي الوقت ذاته خرجت من فكرة الشر المطلق بالإضافة إلي الأداء الأكثر من رائع للفنانه الكبيرة دنيا عبد العزيز وأيضاً شخصية (فرج) فهي شخصية لا يمكن أن نتقبلها أو نتصالح معها في رواية محفوظ ولكن بأداء الفنان مجدي فكري الذي قام بهذه الشخصية وادي الدور بإبداع وأيضاً كتابه الصواف والرؤية الاستعراضية لعادل عبدة جعلت الشخصية مقبوله أن يتم عرضها في مسرحية استعراضية غنائية 
وعن شخصية (زيطه) الذي قام بها الفنان الشاب مراد فكري ف زيطة هي شخصية مكروها منذ البداية في رواية محفوظ وهي أقرب لشخصية دواهي في فيلم جعلوني مجرما للفنانه الكبيرة نجمة إبراهيم ولكن معالجة الصواف في كتابته لهذه الشخصية أظهر فقط جزء بسيط من الشر الذي بداخلة من خلال الفتونه حتي يتماشي مع التيمة الخفيفة للعرض 
اختلف بهجت مع الصواف في جزئيه واحدة وهو إصراره علي أن يأخذ في هذا النص جميع شخصيات نجيب محفوظ
فهو يري  أن شخصية حميدة هي الخط الرئيسي للعرض وهناك شخصيتين حواليها من القوام الأساسي وهم عباس الحلو وفرج ف شخص حبها حب رومانسي ملئ بالمشاعر والآخر استغلها الاستغلال الأمثل لتبيع نفسها مقابل أن تحقق طموحاتها وكان يجب اختصار بعض الشخصيات 
التي أعطت مساحة للإطالة في بعض المشاهد 
أشاد بهجت بذكاء مهندس الديكور محمد الغرباوي لاستخدامه التقنيات الحديثة والمختلفة ك شاشات العرض في عمق المسرح واستخدام وحدات قليله علي جانبي المسرح حتي يعطي المتلقي إحساس الحارة بكل تفاصيلها
وفي منزل فرج تري مكانا يصل إلى غرفه يظهر بها سرير ليدل علي سقوط حميده في هذا البئر دون اللجوء إلي مشهد لا يتقبله مجتمعنا وهذا أيضا ذكاء كبير من الغرباوي
وقبل أن يختتم بهجت دراسته النقدية أشاد بالفنان عادل عبدة مخرج العرض لتوظيفه الجيد لكل هؤلاء الممثلين بشكل أكثر من رائع متحدثا عن اختياره للشاب  (عمار) وتوظيفه بصفة خاصة  فهو فنان من ذوي الهمم  فقد أدهشني إبداعه واندماجه في العمل وعلي الرغم من أنها شخصية مستحدثة في هذا النص لأنه ليس موجوداً في رواية محفوظ فأصبح له دورا كبيرا من خلال عادل عبدة كما أشاد بكل نجوم العرض 
أما المؤرخ المسرحي والكاتب عمرو دوارة فقد عبر عن سعادته بعودة المسرح الغنائي الاستعراضي مشيدا بدور الفنان عادل عبدة ليس فقط كمخرج للعرض المسرحي «زقاق المدق» بل لإدارته للقطاع ككل وعودة الحياة للفنون الشعبية مرة أخرى بعد أنا حاول البعض ولكنهم لم يستطيعوا النهوض بالقطاع كما فعل عبدة 
بدأ دوارة حديثة في دراسته النقدية عن زقاق المدق
بالحديث عن ثلاثيه نجيب محفوظ وقال إن الجميع يعرف جيداً الثلاثية وهي (بين القصرين، قصر الشوق، السكرية) ولكن ما لا يعلمه الكثير أن هناك ثلاثيه متوازية أيضاً لنجيب محفوظ وهي (خان الخليلي، زقاق المدق، بداية ونهاية ) بدأ الكتابة فيهم عام 1940 حتي 1943 بغض النظر عن تاريخ نشرهم وعن زقاق المدق لنجيب محفوظ قال دوارة أن محفوظ وصف الحارة بكل تفاصيلها من خلال تقديم شخصيات مصريه أصيلة وشرح النفس البشرية ورسم بورتريه لكل شخصية بوضوح والأبعاد التي درسناها كالأبعاد النفسية والاجتماعية 
تابع دواره عندما قرأت هذا النص منذ أربع سنوات تنبأت بنجاحه ولكن لمسات المخرج عادل عبدة أضافت له نجاحا أكبر برؤيته الإخراجية والاستعراضية أشاد أيضاً دوارة بالكاتب محمد الصواف وذكاءه في معالجته للنص بشكل يصلح أن يناقش القضايا الحالية مثل المخدرات التي يحاربنا محمد العدو الصهيوني والتزوير في الانتخابات وقضايا أخرى أخلاقية مقارنه بنص نجيب محفوظ الذي كان يناقش قضية الاستعمار والاحتلال أكثر من القضايا الأخري  دون التغير في البنية الدرامية الأساسية للنص 
وعن أبطال العرض المسرحي زقاق المدق قال إنه كان تحديا كبيرا لكل عناصر العمل علي الرغم من وجود اسم نجيب محفوظ في البداية ومؤلف وشاعر متميز ومخرج كبير إلا أن المتلقي عند مشاهدة المسرحية لابد وأن يقوم بالمقارنة بين الفيلم وبين ما يحدث علي خشبة المسرح وبالتالي هذا هو التحدي الذي نجح فيه الدكتور عادل عبدة مخرج العرض الذي أعاد اكتشاف بعض النجوم مرة أخرى علي سبيل المثال الفنان سيد جبر الذي قام بدور القهوجي هو نفس الدور قام به في عروض أخري إلا أنه هذه المرة يقدمه بشكل مختلف تماماً وعن الفنانة دنيا عبد العزيز بطلة العرض قال أن من شاهدها في ثوبها الجديد (شخصية حميدة) أكد أن لدينا النجمة شيريهان جديده نجمه الفوازير والاستعراض متطرقا لكريم الحسيني الذي أشاد بتميزه في جميع أعماله السابقة عامه وبصفه خاصه هذا العرض المسرحي مؤكداً أن كل هذا التميز يحسب لمخرج العرض الذي أعاد اكتشاف هؤلاء النجوم في عرض مكتمل العناصر
وفي السياق ذاته أشاد دوارة بكل أبطال العمل اللذين تفوقوا علي أنفسهم وعلي رأسهم الفنانة بثينة رشوان .
تحدث أيضاً المخرج عادل عبدة مشيدا بالتنظيم من قبل المركز القومي للمسرح برئاسة الفنان ياسر صادق بهذه الدراسة النقدية وقدم التحيه لكل للسادة الحضور وأبطال العمل وقال علي الرغم من أن الاستعراضات هي مجهود مضاعف بجانب عملي كمخرج وكنت استطيع الاستعانة بمصمم استعراضات كما أشار زميله ياسر صادق إلا أنه استمتع بكل مجهود يبذل من أجل أن يخرج العمل بالصورة الأمثل وان تكون الأغاني والاستعراضات مكمله للبناء الدرامي ومن نسيج العمل أوضح عبده أنه اشتغل بأكثر من بعد علي مستوي الديكور والتقنيات الحديثة للشاشات والمشاهد السينمائية والمشاهد المصورة مشيرا أيضاً إلى حركه الممثلين كان هناك أكثر من مستوى للحركه ليتماشى مع وضعية الشاشة لتعطي عمق اكبر، مختتما حديثه بأن الله عزّ وجل وفقهم وتحقق النجاح.
بينما مؤلف النص الكاتب والشاعر محمد الصواف قال إنه سعيد بالتعاون مع عادل عبدة مخرج العرض مؤكداً أن هذا النص إذا أسند إلي مخرج آخر ليخرجه لم يكون بهذا الشكل الرائع وعن النقد الذي واجه العرض سواء بالسلب أو بالإيجاب منذ افتتاحه يضيف لنا ولا ينقص شيئاً موضحاً في هذا الأمر أن كل ناقد يكتب عن العرض من وجهه نظر مختلفه فهناك من أشاد وهناك من انتقد ولابد أن يعلم الفنان أن دورة قد انتهي عندما أبدع واخلص في عمله وأشار إلي موقف النجمة دنيا عبد العزيز عندما تعرضت لوعكة صحية أثناء العرض في الإسكندرية وكانت تعليمات الطبيب المعالج الراحة لمدة لا تقل عن شهر ولكنها أصرت أن تتحمل علي نفسها وتستكمل ليالي العرض المتبقية لإحساسها بالمسؤولية التي تقع على عاتقها ك»بطلة العمل» 
 


محمود عبد العزيز