مسرحيون في الحركة الوطنية

مسرحيون في الحركة الوطنية

العدد 752 صدر بتاريخ 24يناير2022

صدر عن الهيئة العامة للكتاب مسرحيون في الحركة الوطنية تأليف سليم كتشنر وقد غامر الكاتب المسرحي الكبير: (سليم كتشنر) من مواليد 1959م، والذي يكتب للمسرح المصري منذ عام 1990 حيث قدم مسرحيات انتشرت في ربوع مصر في مسارح الثقافة الجماهيرية، والمفاجئة ومنذ البدائية انه قرر أن يستقيل من عمله الوظيفي ليتفرغ للكتابة! في بلد لا يحترم مهنة الأدب (كما قيل)، قدم (ٍسليم كتشنر) مسرحيات «مربط العرائس»1990، «إمبراطور الكوابيس» 1990، «حق عرب»، 1995و«الاراجوز» 1997، و«مازالت الأرض تدور» 1998، و«العربة» 2000، و«لو كان قلبي معي» 2009، و«الأرض بتتكلم أنين» 2004، «الناس الزرق» 2011، و«المُهَمان» 2016، و«طقوس الخيانة» 2020، «صوت فهلوي الحي» 2021، وقد حصل علي مجموعه كبيرة من الجوائز من بينها جائزة الدولة التشجيعية 1999، جائزة مؤسسة ساويرس 2013 بالإضافة إلى كتابته مسرحيات الأطفال، والأعمال التليفزيون للصغار والكبار، وله دراستان هامتان حول تحقيق مخطوط  «سيرة مار جرجس» 2006، و«حكايات مصرية من القنال» 2013، أما هذا الكتاب الهام الذي بين أيدينا «مسرحيون في الحركة الوطنية» 2017  الصادر من الهيئة العامة للكتاب فيناول فيه أكثر من خمسة وثلاثون شخصية هامة في حياتنا المسرحية ومن أجيال مختلفة  من فناني المسرح.. والأسماء هنا تختلط ما بين كتاب مسرح من أمثال (عبد الرحمن الخميسي، وعبد الله الطوخي، وميخائيل رومان، ويوسف إدريس، ومهدي الحسيني، ولويس عوض، والفريد فرج، ولطفي الخولي، ومحمود السعدني، وسمير عبد الباقي، وشوقي عبد الحكيم، ولويس بقطر، ود . أبو الحسن سلام، ومحمد أبو العلا السلاموني)، وكذا نقاد مسرح من أمثال (محمود أمين العالم، وفريدة النقاش)، وممثلين مثل: (تحية كاريوكا، خالد حمزة، علي الشريف، د. كريمة الحفناوي، حياة الشيمي، ماجدة منير، مجدي عبيد)، ومخرجي مسرح مثل: حافظ أحمد حافظ، محمد سمير حسني، ومحسن حلمي، ومراد منير، أحمد هاني الميهي، وعباس أحمد)، وكذلك شعراء مثل: (عبد الستار محمود، محمود جمعة، وحمدي عبده). 
وفي مقدمة الكتاب يقرر المؤلف انه يتعرض في كتابه لسجناء الرأي -  وممن امن منهم بفعل الكلمة، وأنه ليس بصدد تحديد هوية كل شخص، ويقصد بها (الهوية السياسية)، والتي تنتمي للحركة الوطنية المصرية، وأن معياره أولا (أن تكون الشخصية لمسرحي محترف، والثاني أن الشخص من سجناء الرأي)، فأجري مع هؤلاء أو مع عدد منهم الذين مازالوا علي قيد الحياة، وأنه رسم (بورتريهات) لكل من رحل منهم، وأنه رصد ظاهرتين لم يلتفت إليهما الدارسون وهما (مسرح الواحات)، و(أزمة الثقافة الجماهيرية عام 1977) ومتابعة الأحداث من حيث تاريخ أول اعتقال لكل منهم، وأنه اختار الفترة ما بين 23 يوليو 1952، وحتي 25 يناير 2011، محاولا التعرض للمناخ التاريخي وأثره في العملية التاريخية والقدرة الخاصة للشخصيات على تفهم المناخ التاريخي ليفتح أفاقا من التنوير والحقيقة .
وينتقل لعنوان (مسرح الواحات) وعروضه الذي جاء علي شكل المسرح الروماني، ويبدأه بعبارات من كتاب د. أنور عبد الملك (الوطنية هي الحل) الهيئة المصرة للكتاب – 2009) ص 406، 407: وهي (أن الأدب في عصرنا يخون عصره إذا لم يكن سياسيا، وأعني بالطبع السياسية العليا العالمية والقطرية، ولا يعني أن يستأجر أحد الأحزاب كاتبا  ونحن نعيش في عصر انفجارى يحفل بالانقلابات الاجتماعية والأدبية والعلمية، أما ذلك الأديب الزاهد الذي يعيش في البرج العاجي إنما يبتعد عن أهم الشئون البشرية حين يبتعد عن السياسة، وكل أديب له وجدان بتطور العالم في عصرنا - يحس أن واجبه الأول أن يكون هو نفسه عنصرا من عناصر هذا التطور، ولذلك يستحيل أدبه إلى أدب كفاحي سياسي)، ويضرب (المؤلف) مثالا بنقد الزعيم الشيوعي (لينين) حول كتابات (ليو تولستوي)، ويعود إلى مناقشات الفلاسفة  في ما قبل التاريخ، ولكن المثقف دائما ا تواجهه سلطة قمعية في كل العصور، ويستشهد بمقولات نقاد الأدب حول العلاقة الشائكة والملتهبة بين المبدع والسلطة، وأن التركيبة الثقافية برمتها تترك بصماتها المطبوعة الراسخة في طريقة إدراكنا للواقع، وأن سياسية القمع والخنوع وتقديم فروض الولاء العمياء تقع في العمق من هذه التركيبة، ويشير الكانب أنه استبعد من دراسته القنان (حمدي أحمد) 1933 – 2016، ونعمان عاشور ، ود. محمد مندور، وعبد الرحمن الشرقاوي لاعتقالهم قبل عام 1952، والتزم الكاتب بالأسماء أتي سبق ذكرها.. لكنه قد أشار إلى مجموعه من الفنانين لأسباب مختلفة ومتنوعه وهم : (محسنة توفيق، عزة بلبع، صافيناز كاظم،  حنان يوسف، مهدي بندق، سيد رجب) -  كذلك حاول التوثيق لوقائع منفصلة وقعت: لنجيب سرور، وعادل العليمي، ونماذج أخرى للممثل والمخرج (عبد العزيز مخيون)، والمخرج المسرحي (حسام الدين صلاح)، والمخرج (ناصر عبد المنعم)  ويرصد الكاتب عدة ملامح لهذا الاعتراض الثورى الذي يعتمد علي الشعر والهتاف والأغنية، ويستشهد بأشعار (فؤاد حداد)، وأعمال سيد درويش، واحمد فؤاد نجم، والمغني (محمد حمام)، وتعددت الاتهامات المتهافتة التي وجهت إلى (محمد أبو العلا السلاموني، وماجدة منير) وإيقاف بعض العروض أو مجرد بروفاتها.
وفي فصل (مسرح الواحات)يستشهد المؤلف ببعض من شاركوا في بنائه أمثال (خالد حمزة، والمهندس فوزي حبشي)  ويستعرض أشكالا من التعذيب في سجون أبي زعبل وغيرة من المعتقلات مثل ضرب المعتقلين عراة بالكرباج مُستشهدا بشهادات : الفريد فرج، وفتحي عبد الفتاح، وفخري لبيب، وعن واقعة استشهاد المناضل(شهدي عطية) التي انتشرت في 15/6/1960 ومن العامة يخصص المؤلف فصلا لهؤلاء الذين استشهدوا مثل (فريد حداد) 1959 ، ومحمد عثمان في 1959  أيضا – مستعرضا ليله تعذيب واستشهاد (شهدي عطية) علي يدي ضابط وجنود السجن، ومما أدي إلى إرسال عبد الناصر برقية لوزير الداخلية بوقف التعذيب.
وفي فصل آخر يستعرض (عروض مسرح الواحات) وهي «أحزان نوح» تأليف شوقي عبدالحكيم، وبطولة ثروت إلياس، و«ماكبث» لشكسبير إخراج لويس بقطر وبطولة رؤف حلمي وخالد حمزة، وأربعة مشاهد من نصوص «موت بائع جوال» لميللر، و«كليوباترا» لبرنارد شو، و«الحضيض» لجوركي، و«بيت الدمية» لابسن، و«الشاطر حسن» تأليف فؤاد حداد وإخراج حسن فؤاد، «حلاق بغداد» لألفريد فرج وإخراج صلاح حافظ، و«تيكراسوف» لسارتر، و«عيلة الدوغري» لنعمان عاشور، و«العتمة أو سعد اليتيم» لشوقي عبد الحكيم، و«الخبر» لصلاح حافظ، و«بيت الدمية» لأمين العالم، و«الناس اللي تحت» لعاشور، و«جمهورية فرحان» لإدريس، و«اختام البلد» لصلاح حافظ، و« أوبريت مجنون ليلي» لمهدي  الحسيني، وعروض لنزلاء السجن المسرحين حين يذكر  (فتحي عبد الفتاح) في كتابه «مسرحيات عرائس وماريونيت» أنه شارك في مسرحيات لسعد وهبه، كوبري الناموس، والغائب، وشارك بالتمثيل في عروض مسرح الواحات (المسرح الروماني)خمسة وثلاثون سجينا من سجناء الحركة الوطنية، ويشير المؤلف أن كل هذه العروض قد خضعت لعمليات الإعداد المسرحي معتمدا علي كتابات بعض هؤلاء .. ويرصد (د. فخري لبيب) تجربة تشييد مسرح الواحات بكل مراحل البناء والتجهيز كنقطة هامة في حياة هؤلاء المساجين والذي تم افتتاحه في 27/3/1967، وأطلقوا عليه (مسرح الغد).
وعن (أزمة الثقافة الجماهيرية 1977) والتي جرت في بورسعيد وكان من أبطالها الكاتب المسرحي محمد أبو العلا السلاموني، والمخرج عباس احمد، قد تمت بعد زيارة السادات للقدس، ووضح مثقفي اليسار تحت المنظار، وأعتمد فيها على شهادات الممثل حمدي الوزير، والمخرج عبد الرحمن الشافعي وتقديمه لعرض (زكريا الجاوي) عاشق المداحين!!
ويبدأ المؤلف استعراض أسماء المسرحيين الذي شاركوا في الحركة الوطنية متوقفا أمام كل شخصية منهم وقفة متأملة ويرصد (السيرة الذاتية) لبعض الذين لم يلتقي بهم، ويبدأ بالشاعر (عبد الرحمن الخميسي) (1920 – 1987) واعتقاله في 24 يونيو 1953 حتى منتصف ديسمير1956 والذي كان أشهر كتاب جريدة (المصري) كأحد أعضاء الحركة الشيوعية، والذي نادي بعودة الجيش إلى الثكنات وإلغاء الأحكام العرفية، و(عبد الله الطوخي) (1926-2001) الذي اعتقل من 1953 حتى 1955 كما جاء في مذكراته «سنين الحب والسجن»، وفتحية العسال (1933-2014) متضامنة مع موقف زوجها عبدالله الطوخي المعتقل في حركة الإضراب عن الطعام، ومثلت مسرحيتها «بلا أقعنة»  مع زميلاتها في السجن، ويشير إلى (تحية كاريوكا) (1919-1999) والقبض عليها في 3 نوفمبر في قضية الجبهة العربية المتحدة، والي (ميخائيل رومان) 1922-1973، واعتقاله عام 1954 لفترة قصيرة، و(يوسف إدريس) (1927-1991) واعتقاله عام 1954 حتى عام 1956، والناقد والكاتب (مهدي الحسيني) (1940-2011) في اكثر من سجن، والمخرج المسرحي ومخرج الثقافة الجماهيرية المسرحي (حافظ أحمد حافظ) (1940-1997) الذي أعتقل في 28 مارس 1959 بمعتقل العزب بالفيوم، والكاتب (د. لويس عوض) 1915-1990، والذي اعتقل في مارس 1959 وتم الإفراج عنه عام 1961 بعد عام ونصف وتعرضه للتعذيب في ليمان أبو زعبل .. ويستند الكاتب علي (السيرة الذاتية) للكاتب المسرحي الفريد فرج (1925-2005)الذي اعتقل في مارس 1959  -  إلى فبراير 1963 معتقلا بين سجون القلعة والعزب وأبو زعبل والواحات، وعلي السيرة الذاتية للكاتب (لطفي الخولي) (1928 -1999) والذي اعتقل في مارس 1959 وتم الإفراج عنه في يونيو 1960 في سجني القلعة والفيوم، وعلي السيرة الذاتية لمحمود أمين العالم (1922 -2009) الذي استمر اعتقاله من مارس 1959 حتى منتصف 1964 في معظم سحون مصر وكانت أطول مده فيها في سجن أبو زعبل، و(محمود السعدني) (1927-2010) الذي تعرض (لحبستين) الأولي ما بين 1958-1961  عندما كلفه الحزب الشيوعي  السوري بتسليم رسالة إلى عبد الناصر، والحبسة الثانية من 15 مايو 1971، ويعرض لممثل الثقافة الجماهيرية (خالد حمزة) (1934-2019) الذي أصر علي اختياره لهذا الطريق حتى النهاية . ويرصد السيرة الذاتية للشاعر (سمير عبد الباقي)(1936) الذي تم الحكم عليه عام 1963 في سجن الواحات، وشارك في بناء سجن الواحات، ويقدم مسرحية «عائلة الدوغرى»، وبعد الإفراج عنه وحتى هذا الوقت فهو لا يؤمن بما يسمي (المسرح المحاصر)، وينتقل إلى الممثل المميز (على الشريف) الذي يترك بصمته في كل أدوارة سواء أكانت أدورا كبيرة أم صغيرة (1934-1986) والذي تم اعتقاله من 1959 حتي 1964 وتعرض للتعذيب وشارك في عروض مسرح الواحات التي كانت بمثابة تدريب على مهنة التمثيل التي أحترفها فيما بعد، ويقدم السيرة الذاتية للكاتب والباحث المسرحي (شوقي عبد الحكيم) 1934 -200 والذي اعتقل عام 1959  حتي عام 1964 في معتقل العزب بالفيوم وتم ترحيله إلى الواحات . والكاتب المسرحي (لويس بقطر) الذي كتب للمسرح خمس مسرحيات (1929-1999) وله كتاب بعنوان «تأملات في الأدب المصري القديم» وينضم إلى دفعة الاعتقال من 1959 حتى عام 1963، ويتعرض للمخرج (سمير حسني) 1944-2016 والذي تعرض إلى خمسة حبسات -  علي مدي سنوات مختلفة، وكان قد عمل في بداياته بالإذاعة المصرية وتم فصله منها، وقدم عددا كبيرا من العروض المسرحية الجيدة في مسرح الثقافة الجماهيرية .. ثم (كريمة الحفناوي) 1953 خريجة كلية الصيدلة وعملت صيدلانية والتي مازالت تثري حياتنا الثقافية بأنشطتها الاجتماعية حيث شاركت بالتمثيل في مجموعه من المسرحيات الجيدة، وكانت قد ارتبطت بالزواج مع المخرج (محمد سمير حسني) اذ صدر قرار القبض عليها في أحداث يناير 1977 فهربت عند زميلتها الممثلة (تريز دميان)، وفي عام 1978 هربت متنكرة مرة أخرى من عرض مسرحي كان سيقام في مدينة منيا القمح بالشرقية - لكنها أخيرا سلمت نفسها وقضت شهرا في سجن القلعة، وواصلت بعد ذلك حياتها العلمية حتى الآن. ويعرض الكاتب لمناضلة أخرى هي (حياة الشيمي) (1953) والتي بدأت تجربة السجن وهي في سن التاسعة عشر من عمرها في يناير 1973 - لأنها منضمة إلى الحركة الطلابية التي تطالب بعودة الأحزاب والديمقراطية والحرب ضد إسرائيل، وفي عام 1985 تظاهرت مع اليسار المصري ضد احتفال سيقيمه اليهود في المعبد اليهودي في شارع عدلي لأحياء ذكر تأسيس دولة إسرائيل، وارتبطت بمسرح الثقافة الجماهيرية وشاركت في مسرحيتين  أحداهما تأليف الشاعر حلمي سالم، والثانية في مسرحية «عسكر وحرامية» إخراج :عباس أحمد، وعن الفنان التشكيلي عز الدين نجيب (1940) يشير الكاتب إلى دورة في مناصرة الحركة الطلابية، وقد تم حبسه ثلاث مرات -الأولي -  فبراير 1972، والثانية 1975 في مظاهرات عمال حلوان، والثالثة 1977 علي خلفية الإضرابات والمظاهرات والاعتصامات التي انطلقت بعد صدور قانون إيجارات الأراضي الزراعية، كما كان له دور في المقاومة ضد هزيمة 1967، فقدم مسرحيات بقوافل الثقافة الجماهيرية في كفر الشيخ وقبلها في بورسعيد عامي 1965 – 1966 وينتقل الكاتب إلى المخرج المسرحي (مراد منير) (1947) وتعرضه للحبسة الأولي في يناير 1973  بالإسكندرية عندما كان طالبا بكلية الحقوق -، والحبسة الثانية في 23/12/1974  عندما ذهب ليشاهد عرضا مسرحيا (للسلاموني وعباس أحمد) في بورسعيد  وتم القبض عليه وافرج عنه ي 13/3/1975، وتمت الحبسة الثالثة عام 1980 عندما تم القبض على تنظيم يسارى بدعوى انه المسئول عن هذا التنظيم في بورسعيد، وخرج في نفس العام (مايو 1980)، ويقرر أن الالتزام الحزبي قيد على الفكر لذلك رفض الالتزام الحزبي لدعوة الشيوعيين، وينتقل إلى المخرج المسرحي (احمد هاني الميهي) (1950 -)  الذي تعرض للاعتقال عام 1972 في اعتصام جامعة القاهرة -  تلاها حبسة كبرى في 24 ينار 1973 واستمرت (150) يوم . ثم المخرج المسرحي (محسن حلمي) (1951- 2014) الذي اعتقل في يناير 1973 واستمر حتى أبريل من نفس العام في أحداث اعتصام طلبة جامعة عين شمس في قصر الزعفران، والذي يعتز بتقديم مسرحية «النار والزيتون» لألفريد فرج عام 1976  وهي التي حاولت السلطات منعها دون جدوى، وكذا مسرحيته «من غير كلام» لفتحيه العسال  2005، ويقدم لنا الأستاذ الأكاديمي د(أبو الحسن سلام) الناقد والمؤلف (من مواليد 1941) والذي تم اعتقاله ثلاث مرات في الأعوام 1973،  1977،  1979 في مظاهرات جماهيرية ضد رفع الأسعار وغيرها من القضايا، ويذكر كتيرا بعضا من أفعال المقاومة داخل السجون مع رفاقه السجناء بالاعتراض والغناء . ويعرض للكاتب المسرحي (محمد أبو العلا السلاموني) – من مواليد 1941  الذي تم اعتقاله يوم افتتاح مسرحيته «النديم في هوجة الزعيم» في بورسعيد في 22/12/1974 وهو يشجب فكرة المتاجرة بفترات  الاعتقال لأنها وسيلة الجامعات الإسلامية المتطرفة، وعن مخرج مسرحية «النديم» (عباس احمد) – من مواليد 1941 -  الذي تم اعتقاله مع (السلاموني)، ويذكر أن ما ناله ورفاقه في الحبس من تعذيب وعنت، ويقرر أن الإنسان لا يصبح ناضجا إلا لو مر بتجربتين (حمل السلاح والسجن السياسي) عندما شارك في الدفاع عن مدينته بورسعيد ضد العدوان الثلاثي 1956، ويتناول الممثلة (ماجدة منير) من مواليد 1951 شقيقة المخرج مراد منير حيث القي القبض عليها في يناير 1975 واستمرت 63يوما بسبب مظاهرات عمال السكة الحديد وبصحبة صديقتها (سهام صبري) في سجن القناطر، ويشير الكتاب إلى الشاعر (حمدي عيد) (1948-2018)  الذي تم اعتقاله ثلاث مرات ثم الإفراج عنه منذ عام 1976، وعام 1977  في (أحداث 18، 19  يناير) فبدأ رحلة هروب طويلة استمرت ثلاث سنوات ونصف أنهاها منتصف عام 1980-  بعد أن تجول خلالها في العديد من مدن مصر وقراها، ويتوقف الكتاب عند الناقدة (فريدة النقاش) -  من مواليد 1940 -  والتي تم اعتقالها في أغسطس 1980  حتي 14/10/1979، والثانية من 31 مارس 1981 حتي 12 ديسمبر 1981 وفي المرتين احتجزت في أقسام الشرطة ثم رحلت إلى سجن القلعة لأيام ثم القناطر باقي المدة حتى الإفراج عنها، وسجلت هذه التجرة في كتباها «السجن دمعتان ووردة» 2010 -  وينتقل المؤلف إلى جيل آخر اصغر سنا هو الممثل (مجدي عبيد) من مواليد 1954 -  إذ اعتقل في سجن طرة من 7/11/1986  لمدة شهر ونصف – بالإضافة إلى المطاردات البوليسية والاحتجاز لمدد قصيرة لمجرد خروجه في المظاهرات، والشاعر (محمود جمعة)(1949-2020) والذي اعتقل من 14 ديسمبر حتي 31 ديسمبر 1986، وقضي معظم المدة في سجن طرة بالإضافة إلى مطاردات وملاحقات الشرطة، وأخيرا يشير إلى الشاعر عبد الستار محمود (1943-2015) الذي تم اعتقاله فجر 6/8/1988  بالإسكندرية بتهمة اغتيال القنصل الإسرائيلي بالإسكندرية ومحاولة قلب النظام، وتهمة الانتماء إلى حزب ثورة مصر الذي كونه (خالد عبد الناصر ومحمود نور الدين)، وتعرض في المعتقل للتنكيل والتعذيب، وتنقل (فترة سجنه) من سجن الحضرة بالإسكندرية إلى ليمان أبو زعبل واستقبال طرة والسجن الصناعي بأبي زعبل ومبني المرضي في ليمان أبي زعبل مشلولا شللا رباعيا -  إلى أن افرج عنه في مارس 1989.
ومن خلال هذه الشخصيات التي التقي الكاتب بمعظمها كان يطرح أمامهم مجموعه من الأسئلة الرئيسية هي: ما هو موقفك الأني من اختيارك السابق للعمل في مجال الحركة الوطنية؟ فيقرر الجميع انهم ليسوا نادمين على اختياراتهم، وسؤال آخر عن (المسرح المحاصر) الذي مارسوه ولم يستطيعوا مواجهة القمع، وما هي علاقة المسرح والفن بشكل عام بالثورة؟، وسؤال آخر حول تأثير السجن على حياتك وإبداعك؟، وحول علاقة المسرح بالثورة والوطن والسياسة،وعن الظاهرة المسرحية التي مورست أثناء فترة الاعتقال، وكيف يري الناس (المعتقلين) في السجن وفي الشارع وفي ساحات المحاكم، وسؤاله حول (لالتزام الحزبي) كحزب شيوعي وهو الذي رفضه الجميع لأن الإبداع في تصورهم وحرية بلا ضاف، ودائما ما كان يستشهد الكاتب بهذا السياق بمقول شاعر السلفادور (روكي دالتون) مع بعض الذين شاركوا في هذا الكتاب وهي : (لقد وصلت إلى الثورة عن طريق الشعر، ويمكنك أن تصل إلى الشعر عن طريق الثورة) و التي يلتزمون بها جميعا، وعن تأثير تجربة السجن علي إبداعهم، وعلاقة الفن بالثورة وارتباط المسرح بالفعل الثوري..
أتصور أن هذا الكتاب وثيقة هامة توثق لتاريخ المسرح المصري للحفاظ على ذاكرته المشرفة، وهي فترة ثرية تموج بشتى التيارات المبدعة والخلاقة، والتي بذل فيها هذا الكاتب الجاد جهاد كبيرا كانت الحركة المسرحية في حاجة إليه..


عبد الغنى داوود