المهرجانات المسرحية في الميزان

المهرجانات المسرحية في الميزان

العدد 751 صدر بتاريخ 17يناير2022

المهرجانات المسرحية ذات قيمة كبيرة على المستويات المختلفة، فهي التي تعزز دور المسرح الحقيقي، كما أنها المتنفس للكثير من الطاقات الإبداعية والمواهب الفنية لتقديم إبداعاتهم لجماهير أكبر ، كما تفتح لهذه المواهب آفاق العمل الفني في مجالات عدة، بالإضافة إلى أنّها المتنفس الأول للجمهور المسرحي لما تتيحه لهم من مشاهدة عروض عديدة لم يكن ليحظى بها بعيدا عن المهرجانات، وبالتالي فهي تعد تظاهرة مسرحية لها العديد من الآثار على الساحة المحلية والعربية، مما يؤثر على تطوير الحركة المسرحية. تعددت المهرجانات المسرحية وتنوعت ما بين القومي والتجريبي والعربي والشباب و الجامعات.. وغيرها, عن المهرجانات المسرحية مدي فاعليتها  وتأثيرها وأهميتها استطلعنا أراء بعض المسرحيين من النقاد والكتاب والمخرجين والفنانين. 

الدكتور مصطفى سليم رئيس قسم الدراما والنقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية قال: 
في البدء كانت الأسطورة (الحكاية) فتولدت حاجة الشعوب لمن ينقلها ولمن ينظمها ولمن يرويها ولمن يغنيها ولمن يرسمها ولمن يرقصها ولمن يعزفها ولمن يمثلها فكانت الفنون التي خرجت من رحم المعاناة الباخوسية وصراع الأضداد والتي اجتمعت في أبي الفنون. 
وأوضح سليم : نشأ المسرح من المهرجان وتحول لمسابقة في مهرجانين كل عام داخل كرنفالات شعبية في عيدين قوميين إغريقيين ثم انفصل المسرح عن الكرنفال ليرعاه الملوك والنبلاء ثم ظهر شباك التذاكر مع صعود البورجوازية والثورة الصناعية في القرن 18 و دخلنا عصر الحداثة ثم ما بعدها، وبالتالي كانت الفنون تقدم في المهرجانات والكرنفالات الشعبية في المواسم، ليس غريبا أن تملك مصر بتراثها الثقافي الذي يتميز بالتعدد والتنوع هذا الكم من المهرجانات التي هي انعكاس لتعدد نظم وآليات الإنتاج، فالإنتاج المسرحي السنوي قد يتجاوز أرقاما فلكية إذا قمنا بحصر كل أنظمة الإنتاج مثل فرق البيت الفني للمسرح والبيت الفني للفنون الشعبية ونوادي وبيوت المسرح والفرق القومية بالثقافة الجماهيرية ومراكز الإبداع والورش المتخصصة ومسارح الهواة ومسارح المستقلين ومسابقات مثل آفاق والمسارح التجارية ومسارح الجامعات وفرق أكاديمية الفنون وفرق مراكز الشباب وعروض المعاهد والكليات المتخصصة و المدارس وعروض الجامعات الخاصة.
وتابع  قائلا: وجود خمسة أو ست مهرجانات مسرحية كبرى مثل التجريبي والقومي وشرم الشيخ والعربي وآفاق ومسرح بلا إنتاج ومواسم نجوم الجامعات لا يكفي لعرض هذا الكم الهائل من الإنتاج على دوائر الدراسة والتقييم، فنحن لا نتحدث عن كم من العروض يعد بالعشرات أو بالمئات بل بالألوف بل وأقول مازال ينقصنا مهرجانات مثل مهرجان المسرح الموجه للطفل ومهرجان للدمى والعرائس والوسائط غير البشرية ومهرجان للمسرح المدرسي ومسرحة المناهج عبر الوسائط المتعددة، فالمهرجانات ليست فقط تجمعا فنيا بل هي تسابق لإظهار الجودة والإتقان، والأهم من ذلك فرصة لتقييم الإنتاج في كل تصنيفات مجالات الإنتاج وأنظمتها الإنتاجية، وهي فوق ذلك تسويق للصناعات الثقافية وترويج للمنتج الثقافي، إن من ينادي بتحويل ميزانيات المهرجانات لإنتاج عروض أفضل فهذا رأي قاصر، فالعروض كثيرة أصلا والمشكلة لم تكن يوما في الكم ولكنها كانت وستظل في الكيف وفي الجذب الجماهيري وتوصيل رسائل تنويرية وإنسانية ذات مردود وهذا هو معيار النجاح الحقيقي.
أضاف سليم: حين نتساءل عن جدوى المهرجان للجمهور ننفي أهدافا لا حصر لها فنحن نقدم العروض للجمهور بهدف التأثير المباشر فيه، أما المهرجانات فلها أهداف كثيرة جدا ربما لا تستهدف بعض المهرجانات حضورا جماهيريا، ربما تستهدف تجذير المسرح في بيئة لا تملك أجيالا من المسرحيين ولا فرقا مسرحية رسمية أو مستقلة، وربما تستهدف تكوين نخب مسرحية في أماكن نائية مثلا، وربما تستهدف تقييم تجارب معينة بشكل موسمي لمناقشة العوائق التي تواجهها وسبل حلها، ربما هناك أهداف تثقيفية أخرى، وفي النهاية أرفض الأحكام العامة وأفضل تقييم الظواهر في ذاتها دراسة شاملة من حيث الآليات والأهداف المرجوة وما تحقق وما تعثر في خطوط بيانية ووفقا لأرقام دقيقة ودراسة إحصائية وتقييمية وافية.
أما عن اقتراحاته فأضاف د. مصطفى سليم: أقترح على إدارات المهرجانات إضافة إدارة للمتابعة والإحصاء والتقييم تعمل على دراسة الإحصائيات وعمل استبيانات ومقابلات بين المختصين والجمهور وقياس المردود و تقدم تقريرا إحصائيا تحليليا وافيا في نهاية كل دورة للاستعانة به في التعرف على المشكلات والمعوقات سعيا لتطوير الرؤية والأهداف المستقبلية.

تشبه الموالد الشعبية
فيما حدثنا الكاتب المسرحي أبو العلا السلاموني قائلا: مفترض أن تكون المهرجانات تتويجا لعروض سبق تقديمها في مواسم مسرحية وفق خطط معدة مسبقا وأن يكون لكل مهرجان هويته التي تميزه عن غيره، أما أن نقيم مهرجانات من أجل مناسبات أو احتفالات ثم تنفض فهي تشبه الموالد الشعبية التي تنتهى بالليلة الكبيرة ولا طائل من ورائها فهي كالزبد الذي يذهب جفاء والضجة بلا طحن ولا محصلة لها، وهنا ألوم النقد المسرحي الذي لا يقوم بدوره بالتقييم والتقويم، خصوصا إذا كانت هناك ندوات مصاحبة تنتهي هي أيضا بلا نتيجة؛ لأن المفترض أنها تناقش قضايا الواقع المسرحي والمشاكل التي تبحث عن حلول ومتابعة تنفيذها وليس مجرد طرحها، للآسف هذا لا يحدث.
وتابع السلاموني: أنتهز هذه الفرصة وأطالب الحركة النقدية أن تعد ورقة لمناقشة فلسفة واستراتيجية المهرجانات مع لجنة المهرجانات بالمجلس الأعلى للثقافة وفلسفة الندوات المصاحبة وقضايا الواقع المسرحي لتخرج بتوصيات تقدم لوزارة الثقافة لوضعها موضع التنفيذ حتى لا نبدو وكأننا نحرث في البحر. كفانا شكوى وبكاء على اللبن المسكوب ولنتحرك جميعا لنواكب حركة التنمية التي تحدث في القطاعات العديدة التي يبدو أن المسرح غائب عنها وليس له دور ملموس.
 وأضاف السلاموني: إذا أردنا أن نقيم مهرجانات ذات قيمة وهدف فلنلجأ لتأصيل تجاربنا السابقة التي أثبتت أهميتها ولم توثق بالقدر الذي يحافظ عليها مثل عروض وتجارب مسرح الثقافة الجماهيرية(مسرح السامر، مسرح الأماكن المفتوحة، مسرح الجرن، مسرح الفلاحين، مسرح السرادق، مسرح الغرفة، مسرح الشارع، نوادي المسرح، مسرح المائة ليلة، مسرح ليالي رمضان بحديقة الخالدين والدراسة، مسرح الأقاليم الثقافية، المسرح الصوتي والآلات الشعبية، مسرح قاعة منف، شعبة التجارب الشعبية.. . وغيرها) كل هذه الفعاليات ألا تستحق أن تقام لها مهرجانات تقدم في القرى والنجوع التي تصاحب مشروع تطوير القرى المعروف ب(حياة كريمة) حتى يصبح للثقافة دور في هذا المشروع القومي. أليس هذا أجدى من مهرجانات النخبة والصفوة وعلية القوم التي لا يراها عامة الشعب المحروم من هذه الثقافة. فكروا يا سادة في تقديم مهرجانات شعبية في القرى والنجوع ولن تكلفكم إلا القليل من التمويل لأنها تقوم على أكتاف الهواة في الأقاليم الذين لا ينتظرون إلا العائد المعنوي ومجرد التشجيع. اشغلوا قصور وبيوت الثقافة بهذه المهرجانات بدلا من أن تظل خاوية على عروشها طوال العام.  هذا هو المشروع القومي إذا أردتم الإسهام في قضية الوعي التي طالما دعا إليها رئيس الجمهورية ولا من مجيب، فهل تفعلون؟

الأولوية لإنتاج العروض
 وفي السياق نفسه قال المخرج السعيد منسي: إذا تذكرنا الهدف الأساسي للفن المسرحي فسوف نجد أنه يقدم للجمهور في المقام الأول من أجل التوعية والمتعة الحسية والعقلية والسمو بعقلية وتفكير ووجدان المتلقي، وبالطبع إقامة المهرجانات مهمة ولكن كم المهرجانات وتداخل مواعيدها وعدم التنسيق أدى إلى عدم الاستفادة منها، بجانب أن العروض هدفها دخول المهرجان أكتر من الجمهور، وأيضا انحصرت معظم المهرجانات في مدة زمنية قصيرة تقريبا 3 شهور فأصبح هناك استحالة لحضور كل المهرجانات بجانب صرف ميزانيات ضخمة جدا على المهرجانات وفي المقابل يوجد فقر في الإنتاج وترشيد إنفاق على العروض وهذا ما يعد  ازدواجية غير مفهومة، أن يكون هناك أموال كبيرة للصرف على المهرجانات في مقابل إنتاج محدود للعروض التي تعد من الأساس مشاركة في المهرجان وكان من المفترض إعطاء الأولوية للإنتاج وإثراء الحركة المسرحية على مدار العام. 
 وأضاف منسى: أتمنى أن يتم النظر للحركة المسرحية بشكل أفضل وإعطاء الأولوية لإنتاج العروض ليستفيد الجمهور منها، وكذلك توزيع المهرجانات على مدار العام وتقنينها بالشكل الذي يستفيد منه المسرحيون والجمهور على حد سواء.

«ضجيج بلا طحن» 
فيما رأى المخرج والناقد المسرحي القدير د. عمرو دوارةإن الوصف الدقيق الذي يمكن إطلاقه على أغلب المهرجانات الفنية والمهرجانات المسرحية بصفة خاصة - سواء بمصر وكثير من الدول العربية – أنها “ضجيج بلا طحن”، وذلك بعدما تزايد عددها وتضخم بصورة مبالغ بها، وتعددت جهات تنظيمها وتداخلت مواعيدها وتكررت العروض والفعاليات بكل منها وأيضا المشاركين بها والضيوف، فأصبح أغلبها بلا هوية محددة. 
وأضاف دوارة: للأسف الشديد تنظيم المهرجانات أصبح بمثابة حقل تجارب لبعض المبتدئين الباحثين عن الشهرة أو تحقيق بعض المكاسب الشخصية أو لكسب بعض الامتيازات المالية، لدرجة أن بعض المهرجانات أصبحت سبوبة سنوية لبعض العائلات أو الأصدقاء اعتمادا على مهاراتهم في  تجميع أكبر عدد ممكن من الرعاة. 
وأوضح : بداية لابد من التأكيد على أن المهرجانات المسرحية وسيلة وليست غاية، وأنها من المفترض أن تكون تتويجا للحركة المسرحية طوال العام السابق لموعد تنظيمها، وبالتالي يمكنها المساهمة في تنشيط الحركة المسرحية بأن تجمع بفعالياتها أفضل العروض وتقوم بتقديمها كنماذج مشرفة يجب أن تحتذي، كما أنها بذلك تتيح للجمهور - وهو الضلع الثالث والهام والذي بدونه لا تكتمل عناصر الظاهرة المسرحية – فرصة مشاهدة أكبر عدد ممكن من العروض المتميزة في نفس المكان وخلال عدة أيام متتالية، ويضاف لما سبق أن المهرجانات تعد أيضا فرصة لتكامل الأنشطة المسرحية، حيث يمكن من خلال ندوات النقد التطبيقي التي يشارك بها كبار النقاد والمسرحيين بيان أوجه التميز والتفوق في كل عرض وكذلك كشف نقاط الضعف والسلبيات حتى يمكن تجنبها بالعروض القادمة،  كذلك يمكن من خلال المطبوعات المختلفة وخاصة النشرة اليومية والكتاب التذكاري توثيق أهم الأنشطة والفعاليات المسرحية، والعروض المشاركة أيضا، وبيان وتحديد المستوى الفني لكل منها من خلال المقالات النقدية وأيضا من خلال رصد وتسجيل آراء بعض أفراد الجمهور سواء بالندوات أو باللقاءات الإعلامية.
وأضاف د. عمرو دوارة: في هذا الصدد يجب أن أقرر أن قيمة وأهمية كل مهرجان تتحدد من عدة نقاط ومحاور يمكن إجمالها في النقاط التالية: استمرارية دوراته بانتظام بحيث يتم تنظيمه في نفس الموعد المحدد سنويا، تطبيق لائحته الأساسية بكل دقة - حتى ولو تم تعديل بعض بنودها بعد ذلك بناء على التجربة العملية - حيث أن تطبيق اللائحة يعني تحقيق أهدافه بكل دقة، زيادة عدد ومستوى العروض المشاركة بالفعاليات حيث أن العروض المسرحية تعد العمود الفقري لنجاح أي مهرجان، سواء كانت جميعها بالمسابقة الرسمية أو أن بعضها يتم تقديمه على هامش المسابقة و خارج التحكيم، عدد المشاركين بفعاليات المهرجان وأنشطته المختلفة سواء من الفنانين والمسرحيين المحليين أو من ضيوف المهرجان، وكذلك مستوى الضيوف الذين يتم دعوتهم حيث من المفترض أن يتم اختيارهم بمنتهى الدقة من أصحاب الخبرات الكبيرة والتجارب المهمة، جودة الخدمات اللوجستية التي تؤكد حسن التنظيم وتساهم في تقديم الفعاليات المختلفة بأفضل صورة مع الالتزام بمواعيد تقديم كل منها، وتتضمن وسائل الانتقال وخدمات الاتصال وأيضا الخدمات التوثيقية، وتحقيق خطة إعلام طموحة تصل لأكبر عدد من المسرحيين والجمهور.
وحتى تتحقق مجموعة الأهداف السابقة يجب أن يتولى تنظيم هذه المهرجانات والإشراف عليها نخبة من كبار المسرحيين أصحاب الخبرات الحقيقية في مجال الإدارة، هؤلاء الذين يملكون الخبرة الفعلية بالإضافة إلى موهبة ومهارات القيادة، وعلى أجهزة ومؤسسات الدولة وبالتحديد قيادات وزارة الثقافة دور حيوي ومهم في تقييم المهرجانات طبقا لأهداف كل منها ومدى كفاءة وخبرات المسئولين عنها، وبالتالي تقوم بتقديم الدعم للمهرجانات المهمة والجادة فقط، وأيضا يجب عليها التصدي لتلك المهرجانات التي قد تسئ إلى اسم ومكانة مصرنا الحبيبة. 

المهرجانات أكثر تنظيما
وقالت دكتورة إيمان عز الدين أستاذ الدراما بجامعة عين شمس:   توالت المهرجانات في الفترة الأخيرة الواحد تلو الآخر وهذا لا يعد زحمة مهرجانات كما يقال وإنما نرجع ذلك لظروف الكوفيد، فإذا نظرنا إلى المواعيد الأساسية للمهرجانات فسنجد المهرجان القومي للمسرح ميعاده الأصلي أغسطس وكان يتم ترحيله بسبب رمضان ولكن العام الماضي تم في يناير وهذا العام في أكتوبر وبعده مهرجان شرم الشيخ الذي لم يقدم في ميعاده نظرا لظروف كوفيد وكذلك المهرجان التجريبي  الذي ميعاده الأصلي النصف الثاني من سبتمبر واضطروا لتأجيله مراعاة لظروف كورونا، كذلك مهرجان ايزيس الذي كان يقدم في مارس ولكنه أقيم بعد القومي مباشرة. 
أضافت عز الدين: قد يكون تعاقب المهرجانات أثر على الاستفادة منها بالنسبة للمسرحيين، لكنها أيضا تعد فرصة فالعروض المقدمة منتقاة بشكل جيد وهنا تتم الاستفادة، سواء العروض المصرية “ المهرجان القومي” حيث تم انتقاء أفضل العروض في الموسم حتى وإن قل عددها فالمهم جودتها، وأيضا العروض العالمية التي من المفترض أن تفيد المسرحيين والجمهور على حد سواء، لأنهم يشاهدون أشكالا مختلفة للمسرح بغض النظر عن كونه تجريبيا أو غير ذلك فالجميع يجرب لأن الأساس هنا أن فكرة التجريب دائمة وكل المسرحيين في أعمالهم يجربون  إما في الكتابة أو السينوغرافيا أو أداء الممثلين واستخدام الجسد وليس الكلمة فقط، فالتجريب من المفترض أن يخرج عن الإطار الكلاسيكي وتظل الكلاسيكيات مرتبطة بالريبورتوار وفيما عدا الريبورتوار فالعروض ستظل تجريبية أو شبيهة بالتجريبية. 
وأكملت عز الدين : كل مهرجان يضع له أهدافه الخاصة فمثلا مهرجان إيزيس يركز على المرأة وقضاياها وإنتاجها وبالتالي فالأهداف واضحة ومحددة، وكذلك التجريبي الذي يقوم على التجريب و مهرجان شرم الشيخ الذي يعد مهرجانا للشباب فله سن محدد وبالتالي سوف نجد فيه خبرات جديدة سواء كانت عالمية أو محلية. أما العائد  بالنسبة للجمهور فيجب عمل الاستقصاءات لمعرفته، وكلما كان هناك عروض جديدة في كل شيء حتى التناول فنحن ندعو الشباب ونوجههم لها، وأذكر مثالا على ذلك عرض “آي ميديا” لسليمان البسام،  وهو عرض متميز على الرغم من أنه  لم يأخذ غير جائزة أفضل ممثلة، لكنه عرض متكامل العناصر حتى في ترجمته و يستطيع الشباب أن يستفيدون منه. 
وأضافت د. إيمان: المهرجانات هذا العام كانت أكثر تنظيما مثل التجريبي، فلم نجد صعوبات في دخول المسرحيات ولا استطيع ان أحدد هل هذا يرجع إلى التنظيم الجيد أم لقلة الجمهور. وفي رأيي المسرحيات الجيدة كانت قليلة والعروض بعضها عادية وبعضها غير مدركة تماما لما تتناوله، أو أنها تمزج بين النص المسرحي الطويل الذي احتفظت به وتقديمه حتى لو كان بفكرة جديده واقصد هنا العرض الأوكراني الذي فاز بعدة جوائز فالعرض احتفظ بالنص والشيء الجيد بالنسبة لهم فكره أن كاليجولا في مصحة فمن الممكن ان نتفق على ذلك،  لكن الآخرين هل يستحقوا أيضا ان يكونوا في نفس المصحة، ولكن للأسف من أهم سلبيات العرض الترجمة حيث كانت سيئة جدا وطويلة وكانت باللغة الإنجليزية، وهنا يجب  أن تكون الترجمة باللغة العربية وأن توضع بشكل واضح حتى لا يمل المتفرج وخصوصا إذا طال العرض المسرحي.

مسرح المؤلف 
وقالت الفنانة سلوى محمد علي: أنا مع تعدد المهرجانات وزيادتها لما لها من استفادة كبرى فهي تعطي الفرصة لعروض أكثر لعرضها على شرائح أكبر لمشاهدتها وهذا يعتبر ميزة في حد ذاته فأي عرض مصري من حقه المشاركة بالمهرجان.
وأجد أن المهرجانات ليست تحصيل حاصل كما يدعي البعض، وأتذكر أيام المهرجان التجريبي كنا نفكر ونجتهد لعمل عروض تليق بمسابقة التجريبي مما كان يحفزنا للعمل والاجتهاد أكثر وكلما كان عدد المسرحيات أكبر كلما حفزنا لعمل مسرح أكبر.
وأوضحت سلوى: إن لكل مهرجان هويته الخاصة التي تميزه عن غيره من المهرجانات، فمثلا في الثقافة الجماهيرية يختارون مسرحيات معظمها عربية لمؤلفين عرب، والثقافة الجماهيرية مؤلفيها منها، والهواة للهواة، ومسرح الجامعة لطلابه ويختلف في فكرة حماسه، ونجد أيضا أن بعض المهرجانات تنبثق منها مهرجانات أكبر كعروض هيئة المسرح والبيت الفني للمسرح والشركات، كلهم يشتركون في المهرجان القومي للمسرح وبالتالي كل عرض مصري من حقه المشاركة في المهرجانات. وأضافت علي: أتمنى زيادة عدد المهرجانات مثلا: مهرجان مسرح المؤلف فيكون التركيز فيه على المؤلفين لأن المؤلفين قليلا ما يظهرون في الأعمال المسرحية ولا يلتفت لهم في مقابل الممثل والمخرج، أيضا اتمنى عمل مهرجانات المسرحيات الموسيقية التي طالما حلمت بها.

التوازن بين إنتاج العروض والمهرجانات 
فيما قال المخرج سعيد سليمان: المهرجانات في حد ذاتها تصنع حركة مسرحية جميلة وايجابية، فالحركة المسرحية ديناميكية، فاعلية مميزة، ولكن المشكلة ليست في المهرجانات وإنما في التوازن ما بين إنتاج العروض وإنتاج المهرجانات، فهناك عدة مهرجانات مهمة، وهناك مهرجانات أقل أهمية، و بالنسبة لنا نحن مؤسسي ومقيمي هذه المهرجانات هي أين عروضنا التي توازن بين هذه المهرجانات، فبعض العروض في بعض المهرجانات لها أهميتها سواء في الورش التي تقام من خلالها أو من خلال الإصدارات والكتب والدراسات أو اللقاءات بين المسرحيين و تبادل الخبرات و المعرفة والاحتكاك، ومن ناحية أخرى ان يكون هناك جدية في العروض الموفدة إلينا من حيث الجودة وليست مجرد لإقامة المهرجان، وبعض المهرجانات تأتي بعروض سيئة خاصة بالهواة على الرغم من انه مهرجان دولي ومحترف ومهم، وبالتالي هناك تناقض، تشعر أنها عروض للتجربة ولا ترقى لمستوى العروض الدولية. 
وأوضح سليمان: المهرجانات لا تُقيم بعددها وإنما بالتوازن فيما بينها بين، و الحقيقة ليس هناك توازن وليس هناك إنتاج للعروض، فالعروض قليلة جدا ودور العرض المسرحي قليلة وبالتالي عدد دور العرض و إنتاج العروض يقابل أزمة ومشكلة. 
وانهى سليمان كلمته قائلا : المهرجانات تحدث للاستفادة منها ، وعندما يحدث التوازن بين إنتاج العروض ودور العرض وبين إقامة المهرجانات هنا يمكن أن نقدم  عروضا تصلح للمهرجان التجريبي و تصلح للمهرجان النسوي “مهرجان مسرح المرأة” وعروض تصلح للمونودراما. 


سامية سيد