جولة إصدارات دورة «د. فوزي فهمي»

جولة إصدارات دورة «د. فوزي فهمي»

العدد 750 صدر بتاريخ 10يناير2022

حملت الدورة الثامنة والعشرين من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي اسم الراحل د. فوزي فهمي، وتضمنت العديد من العروض اقتربت من الثلاثين بمشاركة 38 دولة عربية وأجنبية، خلال فعاليتها علي مدار ستة أيام. كما واكب الفعاليات إصدار 11 كتابا حول أحوال المسرح المصري والعربي بجانب بعض الترجمات، لا شك في أنها تُعد إضافة للمكتبة المسرحية، وكان لنا مع هذه الإصدارات جولة في رحاب خشبة المسرح. 
في العادة يكون كتاب المكرمين عبارة عن بيانات تعريفية بالاسم المكرم من المهرجان، لذلك يعتبر كتاب هذا العام عن «المكرمين» ذا طابع مختلف هو الأخر تماما مثل الرموز المسرحية التي يحتفي بها وما لها من طابع خاص، حيث قدم مجموعة من القراءات النقدية لتلك الأسماء. 
يأتي في المقدمة السينوجرافي «جان جي ليكا» الحاصل على وسام فارس الفنون والآداب من فرنسا, والذي كتب عنه السينوجرافي «حازم شبل»، ومن خلال مقالة شبل نكتشف أن ليكا كون ثنائيًا فنيًا مع المخرج الإنجليزي الشهير «بيتر بروك» أطلق عليه (سيد الفراغ) كما يستعرض شبل أهم أعمال ليكا بوصفه رائدًا لمسرح الأماكن وساحات العروض بجانب كونه مصمم ديكور وأزياء مسرحية, أما المكرم الثاني فهو المخرج المسرحي المصري حسن الجريتلي الذي حاول صناعة مسرح مختلف يحفر به في جذور تراثنا الشعبي سواء عن طريق السيرة أو الموال أو الحكي إلى غير ذلك, بل وحتى في استعانته بأعمال «ألفريد جاري» في بعض مسرحياته مثل: «داير داير», والتي استفادت من تراثنا الشعبي وفنونه من الأراجوز وخيال الظل وجعل أحداثها تدور في عصر المماليك, تنطلق من تلك الزاوية الكاتبة الفرنسية «لورا فارابو» في دراسة أعمال الجريتلي, ثم يتناول الناقد «يسري حسان» هو الآخر الجريتلي وقراءة في سيرته المهنية وبداياته ونشأته ودوره الرائد في حركة المسرح المستقل, كما تتناول «د. إيمان عز الدين» في مقالتها المراحل الفنية المختلفة لرؤيته للمسرح. 
ومن الأردن يأتي المكرم الثالث «خالد الطريفي» والذي قام بإعداد الملف الخاص به «د. مصطفى سليم»، وفيه يتناول أثر المخرج المتميز في المسرح الأردني ودوره في تأسيس شكل الفرجة المسرحية. أما المكرم الرابع فهو المخرج القدير «عصام السيد» رجل المسرح المستنير والشخصية المسرحية المتكاملة، التي أضاءت خشبات المسرح المصري بإبداعاتها لمدة خمسين عامًا. تولى عصام السيد إدارة العديد من المواقع المسرحية, وتتناول المقالة الأولى لمحرر الكتاب أدواره المختلفة في السياق المسرحي المصري والعربي ومفهومه عن المسرح ووظيفته ومهامه. كتب الدكتور أيمن الخشاب أنها تتناول الأسلوب الفني للمخرج عصام السيد في مرحلة بداياته موضحة كيف لعبت الظروف السياسية وظروف الإنتاج المسرحي التي واكبت المراحل الأولى لتكوين الشخصية الفنية لعصام السيد دورًا كبيرًا في ارتباطه بأسلوب التمسرح, كما كتبت الناقدة «هند سلامة» عن تقنيات الكوميديا في العروض المسرحية المختلفة للمخرج عصام السيد ومراحل تطورها الفني لديه, وفي المقالة الرابعة والأخيرة تناول الناقد المسرحي «محمد بهجت» شغف المخرج المسرحي عصام السيد بمتابعة المسرح وعروضه في أي مكان ووصفه بأنه «كريستوفر كولمبس المسرح المصري» لصبره وتحمله المشقة مهما كانت من أجل اكتشاف المسرح.
الإصدار التالي من إعداد الناقد أحمد خميس بعنوان «التيارات المسرحية» والذي يعرض فيه إطلالة سريعة على أقلام جادة ككتاب «أرض الرماد والماس» ليوجيينيو باربا, كما يتناول هاملت -العرض الملهم الذي قدمه جروتوفسكى- بقراءة مغايرة, وآخرون كالعالم الأمريكي «مارفن كارلسون», و«كريستوفوبو».
يتناول الكتاب أيضًا موضوعات بعناوين: «اللغات المتعددة في المسرح» مراجعة لعز الدين حافظ, و«المسرح والعرض والتكنولوجيا (تطور السينوغرافيا في القرن العشرين)» مراجعة لماهيتاب خيري والتي تتناول قراءة أخرى أيضًا بعنوان «دراسات في سيميولوجيا المسرح», وقراءة هناء حسن في «أرض الرماد والماس».
«ست مسرحيات للأطفال والشباب من أسبانيا» هو عنوان واحد من أهم تلك الإصدارات من ترجمة وتقديم: «د. خالد سالم» تناول فيه خمس مسرحيات للأطفال وهي: مسرحية «سحر المسرح» للمؤلف «بيثنتي أراندا بيثكايينو», مسرحية «أطلبه من النجوم» للمؤلف «خوسيه مانويل أرياس», مسرحية «الإسطبل» للمؤلف «أنطونيو باروسو», مسرحية «يحيا الناس» للمؤلف «ألفونسو اوركاس ارويو», مسرحية « الشطيرة» للمؤلف «فرهدلاك», ومسرحية واحدة للشباب وهي «كلمات القرد الأبيض الأخيرة» من تأليف «خوان مايورغا».
وكما يعرف «خالد سالم» في مقدمة كتابه أدب الطفل كما جاء في ويكيبيديا: «أدب الطفل هو نوع من أنواع الفن الأدبي يشمل أساليب مختلفة من النثر والشعر المؤلفة بشكل خاص للأطفال والأولاد دون عمر المراهقة. بدأ تطور وتطوير هذا النوع الأدبي في القرن السابع عشر في أوروبا, وأخذ يزدهر في منتصف القرن العشرين مع تحسين أنظمة التعليم في جميع أنحاء العالم, مما زاد من طلب المؤلفات المخصصة للأطفال بلغات مختلفة, ومع ظهور أدباء يكرسون معظم وقتهم لكتابة مؤلفات الأطفال.»
قدم «باسم صادق» مجموعة من الدراسات التي تمهد الطريق أمام كل باحث ومسرحي لاستكشاف تاريخ المسارح حول العالم وتم تقسيمها إلى جزئين بناء على نظرة جغرافية لتلك المدارس المسرحية تحت عنوان «المسرح والبلدان», إحداها يطرح الموضوع في بلاد الشرق والآخر في بلاد الغرب. في الجزء الأول شارك عدد من الشباب النقاد الواعدين كأشرف فؤاد بـ «دراسات في المسرح الصيني خلال القرن العشرين» رصد فيها البنية المجتمعية وتغيراتها في الصين بظهور المسرح وتطوره إلى جانب تأثره بالمسرح الغربي شكلًا ومضمونًا. وتستعرض شيماء مكرم في قراءة بعنوان «المسرح المعاصر في اليابان» ما قدمه مؤلف الكتاب الناقد «سيندا اكيهيقو» من دراسة تفك كثيرًا من الألغاز الغامضة حول المسرح الياباني بالنسبة إلى الباحث المصري برصد خريطة عامة لأشكاله المتنوعة والثرية. كما قدم الناقد يوسف فؤاد قراءة لافتة لكتاب «الدراما والأيديولوجيا في إسرائيل» باعتبارها دارما ذات خصوصية مختلفة لدى العرب نظرًا لما بينهما من صراع وحروب لم تنتهِ عبر السنين سواء الحرب العسكرية المباشرة أو الحرب الفكرية والثقافية., اشترك يوسف أيضًا في الجزء الثاني بمراجعة لكتاب «المسرح الروسي المعاصر» لمؤلفته «مرجريتا جروموفا» وهو المسرح الأقرب إلى قلوب المسرحيين المصريين لقدرته الدائمة على تحقيق الدهشة من خلال أسماء استثنائية. «كاتبات المسرح والمقاومة في شمال أفريقيا» هي رحلة خاضتها كل من كريستينا ملاك ورانا أبو العلا للمسرح النسوي في تلك البقعة المهمة على وجه القارة السمراء. أما عن المواضيع المطروحة بالجزء الخاص بدول الغرب تقدم سميراء سليم مراجعة لكتاب «تطور المسرح البديل والتجريبي في بريطانيا» للكاتب الانجليزي «آندروديفيز», رصدت آية سليمان مراجعة لكتاب «المسرح في أوروبا.. تأثير وتأثر المسرح الأوروبي في ثلاثين عام» للمؤلف «رالف يارو». وأخيرًا يأتي كتاب «جذور المسرح التركي» بمراجعة أعدها أسامة القاضي, والذي ألفه «متين آند, وغزدميرنوتكو, وميلفوت غزهان» وفيه نرى تطور أشكال الفرجة المسرحية في تركيا والفارق بين العروض الفلكلورية والعروض الشعبية وغيرها..
في إطار الترجمة أيضا، هناك كتاب من ترجمة وتقديم «د. خالد سالم» تحت عنوان «مسرحيتان عن الأندلس», يضم مسرحيتين مستلهمتين من الأندلس, أولهما من تأليف الكاتبة المسرحية والمخرجة والممثلة أنطونيا بوينو بعنوان «زهراء الأندلس المفضلة», ومحورها الزهراء جارية خليفة قرطبة عبد الرحمن الثالث المفضلة لكنها مزدوجة الشخصية, زهراء الأندلسية وزهراء المغاربية, أما المسرحية الثانية فهي «رأس الشيطان» للمسرحي الأسباني خيسوس كامبوس غارثيا. وتدور أحداثهما في الأندلس, لكن في فترتين مختلفتين ومن منظورين متغايرين.
يقول خالد سالم في مقدمته عن مسرحية خيسوس غارثيا: «مما لا شك فيه أن «رأس الشيطان» تتسق مع مسيرة المؤلف المسرحية وتتواصل مع التجريب في عالم المسرح, وتمثل التزامًا مع المشكلات المعاصرة, وإن كانت تختلف عن أعماله الأخرى في أنها تنتمي إلى المسرح التاريخي. وعنوانها يحمل على الإيحاء, ويثير فضول القارئ منذ أن تقع عيناه عليه. ورأس الشيطان تعني في هذا السياق وحسب المؤلف رأس المعرفة, الرجل ذو الرأس الذي على شكل طائر, ويحيل إلى تمثال الإله الفرعوني توت. هذا دون أن يفوتنا الإشارة إلى أنه يحيل أيضًا إلى حلم البطل وجنونه وشبقه بالسلطة».
بينما يقول عن المسرحية الأخرى: تشكل «زهراء الأندلس المفضلة» جزءًا منفصلًا من ثلاثية كتبتها المسرحية الإسبانية «أنطونيا بوينو» حول الثقافات الثلاثة المكونة للهوية الإسبانية تاريخيًا المسيحية والعربية واليهودية. المسرحيات الثلاثة مكتوبة حول ثلاث نساء ومن أجلهن, عبر الولوج في التاريخ أو المسرح التاريخي. فالأول عنوانها «سانشا, ملكة هيسبانيا», إسبانيا العصور الوسطى, قبل وصول العرب إلى شبة جزيرة أيبيريا. المكون الثاني للهوية التاريخية الإسبانية يمكن في «سفاراد», أى إسبانيا والبرتغال تاريخيًا بالعبرية, أما مسرحيتنا هنا فبناؤها يسير في خط متناوب بين شخصيتين»
قدمت أستاذ الأدب الأمريكي «د. سالي حنا ميخائيل» كتاب بعنوان «الإنسان» من ترجمة نسمة سالم, وهو نص من العصور الوسطى وكما قالت سالي عن المسرحية أنها عظة في شكل درامي استعاري ملئ بالتجريدات التي تعالج مسألة الخلاص المسيحي والمسرحية كانت بمثابة نسخة درامية من الإيمان المسيحي على مر العصور- حيث لم يكن لدى معظم الناس إمكانية الوصول إلى ترجمة الكتاب المقدس بلغتهم الخاصة. تمكنت الجماهير على مر العصور من التعرف على ذواتهم من خلال المسرحية حيث إنها تدور حول قصة البطل والبطل المضاد- فالبطل يطالب بفرصة ثانية في الحياة وبكل أسف في وقت الحساب تخلى عنه كل من كان يثق بهم تقريبًا, من ناحية, وبطل يتحدى الرحلة إلى ولادة جديدة روحية دون مساعدة إلا من قبل الأصدقاء الأقل توقعًا من ناحية أخرى.
كما قدم «عمر توفيق» كتاب «التمثيل والتجريب» قائلًا: «يعد فن التمثيل هو الفن الأكثر جاذبية وتأثيرًا على المتلقي في عالم الفنون الإبداعية, وممارس فن التمثيل لا بد أن يخوض بحارًا كثيرة من طرق الأداء المختلفة والمميزة, التي تعطي لذلك الممارس القابلية للوصول إلى تلك الحالة الإبداعية في التعامل مع الدور التمثيلي المقدم, وجاءت تلك الطرق المتعددة للأداء التمثيلي نتيجة مراحل التطور التي صاحبت ذلك الفن منذ بدايات المسرح كطقس شعائري في الحضارات القديمة مثل مصر, والصين, والهند, أو مع اكتمال عنصر الكتابة المسرحية وبداية تقنين فن المسرح كأحد عناصر الحياة مع الحضارة الإغريقية, واستمرت رحلة المسرح التي صاحبتها بالطبع رحلة فن التمثيل, وعالم الممثل الذي يقدم دورًا مكتوبًا يؤثر به على المتلقيين ليصل بهم إلى حالة التطهر التي يريدها النص المسرحي.» 
في هذا الكتاب يقدم «بيشوي عدلي» قراءة عن كتاب «الممثل.. الفن والحرفية» وهو كتاب قدم في الدورة الحادية والعشرين للمهرجان عام 2009م، تأليف «ويليام أسبر وديمون يماركو», وترجمة «د. سحر فراج», ومراجعة «د. محمد عناني».
يقدم لنا أيضًا بيشوي عدلي قراءة عن كتاب يصاحبنا في رحلة فن التمثيل بعنوان «الممثل الحرباء» لمؤلفه الراحل القدير «د. سامي صلاح», أحد أهم منظري فن التمثيل في مصر والعالم, والذي أعطى لفن التمثيل بعدًا أكاديميًا دراسيًا شديد التميز والوعي الفني.
ضمن هذا الملف الشيق عن التمثيل بحوزتنا قراءة قدمتها «إيمان زين العابدين» لكتاب عن أحد أعمدة فن التمثيل ودراسته الأكاديمية في مصر, الراحل القدير «سعد أردش» من خلال كتاب «سعد أردش والطريق إلى الريادة المسرحية» وهو كتاب من تأليف «د. أحمد سخسوخ», صدر في الدورة العشرين للمهرجان عام 2008م.
فيما قدمت «مريم منصور» كتابا من نتاجات الثقافة الآسيوية بعنوان «منهج سوزوكي في الأداء المسرحي» لمؤلفه المخرج الياباني الشهير وأهم معلمي فن التمثيل في قارة آسيا بوجه عام «تاداشي سوزوكي» وقام بترجمته «د. عادل أمين صالح». 
الكتاب الأخير ضمن ملف التمثيل يحمل عنوان «لا تمثيل من فضلكم» تأليف «إريك موريس» والذي يعد بمثابة أحد أمهات الكتب الهامة في فن التمثيل. 
وصولًا إلى الإصدار الأخير الذي قدمته أستاذ الأدب الأمريكي «د. سالي حنا ميخائيل» وترجمته «نسمة سالم» وهو مسرحية «امرأة بلا أهمية» لمؤلفه «أوسكار وايلد», وهي - كما ذكر في الكتاب - مسرحية إشكالية تعالج القضايا الفيكتورية المتعلقة بالتزمت وعدم المساواة بين الجنسين والخطيئة والعقاب من بين أمور أخرى كثيرة. يعتبره العديد من النقاد (ميلودراما) أخلاقية فيكتورية يخففها الذكاء وتشوبها الشفقة. وترتكز على العلاقات بين الرجال والنساء من حيث الأعراف الاجتماعية المقبولة والمبادئ الدينية التي وفقًا لعالم المسرحية لا تطبق بالتساوي بينهما. يجادل وايلد بحماسة ضد فضيحة الإناث اللواتي لديهن أطفال خارج إطار الزواج, بينما يظل شركاؤهم في تلك الجريمة من الرجال أحرارًا يعيثون في الأرض فسادًا خارج نطاق الحساب. يلوح حلم حياة جديدة تقوم على الحرية والمساواة بين الجنسين, والحب بين الأشخاص المختلفين أكبر من أي وقت مضى في أفق المسرحية.
 


نور وائل