المخرج إسلام إمام: «حلم جميل» تيمة إنسانية كوميدية شعبية تصلح لكل مكان

المخرج إسلام إمام: «حلم جميل» تيمة إنسانية كوميدية شعبية تصلح لكل مكان

العدد 746 صدر بتاريخ 13ديسمبر2021

شهد النقاد بأنه حقق المعادلة الصعبة التي تجمع بين تقديم عمل كوميدي راق، يحمل قيمة، وتحقيق النجاح الجماهيري ، وهو ما شهدت به أيضا الجماهير التي أثبتت أن القيمة أيضا لها جمهورها. نتحدث عن عرض «حلم جميل» للمخرج إسلام إمام، الذي نلتقي به ليحدثنا أكثر عن العرض ومعادلته.
نلاحظ وجود ثنائية فنية متميزة بينك وبين الفنان سامح حسين ..ما الذي يحققه لرؤيتك ؟
قدمت ما يقرب من 12 عملا مسرحيا مع الفنان سامح حسين، أولى أعمالي معه كانت «تحب تموت إزاى « في 2004 وكانت فى مهرجان الكاتب المصري وحققت نجاح كبيرا في القاهرة وإسكندرية ، ثم قدمنا مجموعة مسرحيات في القطاع الخاص إنتاج إم بى سى والمنتج احمد الإبيارى ثم قدمنا عرض المتفائل وأخيرا «حلم جميل « ، هناك تناغم كبير بيني وبينه، فهو كما كتب عنه من الممثلين الذين تشعر معهم بالكوميديا الحقيقة التي كان يقدمها عمالقة الكوميديا فؤاد المهندس ونجيب الريحاني ، وهذا النوع من الكوميديانات الذين يواظبون على تقديم أعمال مسرحية متكاملة وجيدة قلائل ، فإذا وجدنا ممثلين كوميديين الآن  سنجدهم ليسوا من هواة المسرح وتركيزهم في السينما، ولا يمتلكون طاقة وشغف للمسرح مثل الفنان سامح حسين ، كما انه يفضل العمل معي وذلك لشعوره بالتواصل الشديد فى أهمية اختيار النص والمرحلة والمسرح الذي سيقدم عليه العرض ولإهتمامى بكل تفاصيل ومفردات العمل وعبر الوقت و النجاحات أدرك أنى أميل للتجارب الغير تقليدية التى تناسبه وهو ما عوضنا عن غياب الفنان فؤاد المهندس والفنان نجيب الريحاني، فهو خليفة لهم وهو دائم التساؤل عن الجديد الذي سأقدمه فى المسرح. 

- إذن هل نستطيع أن نقول إن تعاونك مع الفنان سامح حسين بعد «المتفائل» هو استثمار لنجاح العرض الذي حقق أعلى الإيرادات ونسب المشاهدة ؟
بالطبع استثمار للعرض، فعرض المتفائل حقق نجاحا كبيرة ، وقد توقف حتى نبدأ بروفات عرض «حلم جميل « ، فمثلما شهد المسرح القومي نجاحنا فى «المتفائل « لم يشهد مثله من سنوات أردنا ان يشهد المسرح الكوميدي نجاحا كبيرا أيضا، وهذا فى مصلحة المسرح بشكل عام، وهى وجه نظر الفنان إسماعيل مختار رئيس البيت الفني للمسرح، أن تتوزع هذه النجاحات على كل المسارح وأن تكون هناك تجارب مميزة فى كل مسرح ؛ وبالتالى كانت رؤيتي انه مثلما اخترت عرضا يناسب المسرح القومي أن اختار عرضا يناسب المسرح الكوميدي أيضا وهو شىء واضح بشكل كبير فعرض حلم جميل كوميديا شعبية مصرية.

- تقديم عرض مستوحى من أحداث فيلم سينمائي ليس هينا فما الصعوبات التي واجهتك وواجهت المؤلف طارق رمضان في مسرحه وتمصير الفيلم ؟
فيلم «أضواء المدينة « إنتاج عام 1931  فيلم صامت يعد من أعظم ما قدم في تاريخ السينما في العالم، وقد شاهدته كثيرا وعلى مراحل متعددة واستوقفنى أنه لم يقدم كعمل مسرحي وخاصة أنه تيمة عامة تصلح لأى مجتمع بدليل أننا قدمناه كتيمة شعبية مصرية جدا وتقبلها الجمهور ، والمفاجأة أني قدمت هذا العمل فى المسرح القومي قبل المتفائل وكان مدير المسرح في هذا التوقيت الفنان يوسف إسماعيل وتحدثت مع رئيس البيت الفني للمسرح الفنان إسماعيل مختار أن أقوم بتغيير النص وأقدم «حلم جميل « للمسرح الكوميدي والمتفائل في المسرح القومي وبالفعل وافقوا وقمنا بتأجيل مشروع «حلم جميل « وبدأنا بعرض «المتفائل» ثم جاء وقت عرض «حلم جميل» ، وكان سبب هذا التحويل انه كلما كانت التيمة عالمية جدا ؛ كلما استطعنا تناولها بالشكل الذي يناسبنا، وحلم جميل تيمة إنسانية للغاية فكل من شاهد العمل من الجماهير يشعر انه جزء منه وانه وضع في نفس موقف البطل وإحساسه بالفقراء والمهشمين وأولاد الشوارع، كل ذلك في إطار كوميدى محبب ، وقد عقدت جلسات عمل عديدة من المؤلف طارق رمضان لوضع إطار محدد للأحداث يسير عليها العرض  واستعنا بخط درامى واحد وبقية الأحداث والمشاهد من ابتكارنا انا وهو والمؤلفة سلمى الطاهر، على سبيل المثال مشهد المولد وشخصية الثرى الذي يأخذ الفقراء من المولد إلى منزله، حتى أوضح أنها شخصية متحولة، و استعنت بما أوحى به بريخت فى مسرحية»السيد بوتيلا وتابعة ماتى « فى شخصية الرجل الغنى وقمت بإضافات جديدة على الشخصية ، كما قمنا بالتنقيح فى الكتابة وتعديلها، وعندما يشاهد اى شخص العرض لا يشك انه عمل اجتبى، وذلك لأننا جعلنا العرض مصريا أصيلا وهذا شىء هام حتى نصل لكل طبقات المجتمع ، والعرض حقق إقبالا جماهيريا كبيرا من الأطفال قبل الكبار وهو شىء هام أن نغرس في الصغار قيمة التضحية التي نناقشها فى المسرحية.

- هناك أيضا ثنائية متميزة مع المؤلف طارق رمضان.. بما تتميز كتاباته ؟ 
تعاونت مع المؤلف طارق رمضان فى عدة أعمال مسرحية ومنها «جروب سرى « الذي قدمته فرقة السامر وعرضين المونودراما للفنانة حنان مطاوع والفنان سامح حسين وعرض «أبى تحت الشجرة « وهذه جعلتني اطرح عليه كتابة التيمة الخاصة بعرض «حلم جميل « بشكل مصري وهو كاتب متميز ومبشر وله عدة مسرحيات متميزة كما أن سلمى الطاهر كاتبة متميزة ومشروع مؤلفة موهوبة فقد أضافت بعض المشاهد التي وضعت لها إطارا معينا وطلبت منها كتابة بعض الأشياء داخل المشاهد وقامت بكتابتها بشكل  متميز وجيد.
- تعد من المخرجين القلائل الذين يجيدون حل المعادلة الصعبة بتقديم عرض منضبط وجيد الصنع وفى نفس الوقت جماهيري.. فما السر في ذلك ؟
المخرج رحلة ودائما ما يلفت انتباهي ان هناك مخرجين تكون بدايتهم جيدة جدا ثم يظلون على نفس البدايات، ولا يغيرون شيئا لسنوات طويلة، ثم يختفون ويظلون على نفس المنهج والشكل الذي قدموه حتى يفقد الجمهور الثقة في مشاهدة أعمالهم برغم بداياتهم الناجحة، وهناك مخرجين آخرين بداياتهم جيدة ويحاولون التطوير ولكنهم يطورن داخل نفس الشكل الذين  يعملون به .
أما أنا فدائما أسعى للاختلاف وتقديم الجديد في كل أشكال المسرح وأنواعه وقد بدأت حياتي الفنية بمسرحيات جادة للغاية ونصوص تراجيدية ثم قدمت مجموعة أعمال تجريبية ثم بعد فترة من الخبرة بدأت رحلتي فى الوصول لأكبر قدر من الجمهور، فالعرض يجب ان يصل لأكبر عدد من الجمهور الذي  يشعر بأنه جزء لا يتجرأ من العرض .

- نود أن نتعرف على أبرز الصعوبات التي واجهتها في تقديم العرض؟ 
أبرز الصعوبات التي واجهت التجربة هى ان خشبة المسرح الكوميدي ليست مكيفة وليست مغلقة بشكل كبير تشبه المسارح الصيفي وهذا الأمر ينطبق أيضا على المسرح الصغير فهي مسارح مفتوحة والصوت ليس معزولا والإضاءة ليست جيدة بشكل كبير، فمنذ فترة الثمانينيات وحتى منتصف التسعينيات كانت الجماهير تذهب للمسارح المكشوفة دون وجود تكيفات ولكن مع تقدم السنوات واختلاف الطقس أصبح الأمر به صعوبة شديدة ، هذا بالإضافة إلى ان تجهيزات التقنية فى المسرحين تحتاج لتعامل خاص، وكانت أكثر الصعوبات هي كيفية التكيف والتعامل مع هذه الأمور واختيار توقيت مناسب لفتح العرض وأجواء تناسب الجمهور، و قد حرصت على تقليل «البلاكات» فى العرض، وهذا أمر أيضا في غاية الصعوبة، وقد تحايلت على عدة لحظات فنية بسبب أن المسرح ليس مغلقا بشكل كبير بالإضافة الى التعامل مع خشبة المسرح الكوميدي، فكواليس المسرح ضيقة ومن الصعب وقوف عدد كبير من الممثلين فيها أو تخزين ديكورات، وقد حرصت انا وفريق المساعدين على عدم ظهور هذه العيوب للجمهور، وبفضل الله استطعنا تقديم ثمانية مناظر مسرحية وهو أمر شديد الصعوبة ولكننا نجحنا به.

- نلاحظ اتجاهك لتقديم عروض كوميدية.. فلماذا تميل لإخراج هذا النوع من العروض وهل نفتقد لوجود كتابات كوميدية جيدة ؟                                                                             
الكوميديا قائمة على المتعة وبناء عليه يتوقف الأمر على تقديم المتعة مع وجود رسالة ذات قيمة هامة، مثلما شاهدنا في عرض «المتفائل « و «حلم جميل « فعرض حلم جميل وسط الكوميديا نجد لحظات تغمرنا فيها الدموع وذلك لوجود قيمة وهدف هام يناقشه العرض، إضافة إلى أن إضحاك الجماهير ليس بالأمر اليسير وخاصة إذا كانت الكوميديا تحمل مضمونا هاما وهذا أمر فى غاية الصعوبة ولا يستطيع الكثيرين تقديمه، والشيء الثاني دعينا نتفق على أن الكوميديا فى العالم كله هى الأكثر جماهيرية فهي التي تستقطب الجماهير للذهاب للمسرح ومشاهدة العروض  ولذلك هى الأهم دائما، وكما سبق وأشرت أن لدي تجارب ليست كوميدية، بالتأكيد سيأتي الوقت وأقدم تجربة ليست كوميدية ،خاصة انى أميل لتقديم العروض التي تجعل الجمهور متفاعلا وهنا أتحدث عن العروض تقدم بتذاكر والتي تستمر لفترات طويلة مثل عرض «المتفائل « الذي استمر لمدة عامين ونصف وليست العروض المجانية التي عرضت لفترة قصيرة ، وفكرة الحشد الجماهيرى واستمرار العرض وتحقيقه للنجاحات لها علاقة كبيرة بالكوميديا فى العالم اجمع.

- وقع اختيارك على الفنانة سارة درزاوى لتقوم ببطولة العرض فهل «حلم جميل» يعد إعادة اكتشاف لها ؟
 كثيرون يعرفون ان سارة درزاوى ممثلة قدمت عروض مسرح مصر رغم ان لها تجارب عديدة فى مسرح الجامعة كما قدمت تجارب فى المركز الثقافي الفرنسي وحصلت من خلالها على جائزة أفضل ممثلة وسافرت إلى مهرجان أفنيون بفرنسا وهى ممثلة جادة، وعندما شاهدتها فى مسرح مصر وجدت أن ما تقدمه ليس أمرا سهلا ولا يستطيع أي ممثل تقديمه فهي تقديم «كوميديا الشخصية» وهو أمر فى غاية الصعوبة وهو ما جعلني اشعر بموهبتها الشديدة وإنها ممثلة متميزة جدا.

-  تحرص على انتقاء عناصرك بدقه شديدة وهو ما لوحظ بشكل كبير  فى سينوغرافيا العرض لمصمم الديكور المتميز المهندس حازم شبل وهناك أكثر من عمل فني تعاونتما فيه وكذلك مصممة الأزياء الفنانة نعيمة عجمي.. فما علاقة ذلك  برؤيتك المسرحية؟ 
انا من المخرجين الذين يحبون لغة الصورة داخل العرض البسيط والدمج بين اللغة السينمائية والمسرحية والاهتمام باللغة البصرية، ألوان الملابس والديكور مع الحفاظ على بساطة هذه المفردات لتصل إلى المتفرج  وأتابع بشكل دقيق عناصر العرض خطوة خطوة وأوضح رؤيتي لمصمم الديكور ونتناقش دائما لنخرج بصورة متميزة، ومصمم الديكور المهندس حازم شبل فنان متميز ولديه خبرة واسعة ورؤية ثاقبة لما يقدمه ودائما نتناقش لنخرج بصورة مسرحية متميزة فهناك تواصل كبير بيني وبينه وهو يحقق رؤيتي لعنصر الديكور، اما الفنانة نعيمة عجمي فهي فنانة متميزة أيضا، ونسعد بالعمل سويا وهى فنانة لديها رؤية وخبرة واسعة أيضا وتحقق رؤيتي لعنصر الملابس.

اغلب العروض تقحم عنصر الاستعراضات في المشاهد الأمر الذي يختلف فى عروضك.. كيف تستطيع توظيف هذا العنصر ليخدم دراما العرض ؟ 
يجب أن يكون للاستعراض أو التعبير الحركي داخل العروض هدف ويستخدم بوعى و أن يكون للمخرج رؤية في تقديم الاستعراضات ويساعده فى ذلك مصمم الاستعراضات وسأضرب مثلا باستعراض «التحدي « في مسرحية حلم جميل، عندما كان البطل يسعى للحصول على المال من أجل علاج حبيبته ويعمل في أكثر من عمل .. هذا الاستعراض كان عبارة عن مشاهد درامية قمت بحذفها والاستعاضه عنها بالاستعراض الذى كان خاطفا. إذن الاستعراضات في العمل المسرحى ليست مجانية فلها هدف ومغزى وتخدم دراما العمل، وقد استمتعت بالعمل مع مصمم الاستعراضات المتميز ضياء شفيق كثيرا وقد تعاونا في عدد من الأعمال وهو مصمم استعراض له خبرة واسعة، وأما عن موسيقى العمل فهي للفنان الرائع هشام جبر الذي  تلعب موسيقاه دورا هاما في الأحداث وتضفى أجواء مميزة على العمل

- هل انت مع تقديم عروض للضحك من اجل الضحك ؟
لا مانع فهي فى العالم اجمع وهناك تنويعات مختلفة فى هذا النوع، على سبيل المثال عروض تقدم للأعياد والمناسبات فأساسيات الكوميديا الدلارتى كانت للضحك من اجل الضحك حتى قدم لها كبار المؤلفين نصوصا ، وأجزم انه لا توجد مسرحية بها ضحك حقيقي دون معنى، وخير مثال على ذلك مسرحية «العيال كبرت « فهناك ضحك طوال العرض ولكنه نابع من موقف الأبناء تجاه والدهم ، والفكرة تتلخص فى كيفية ان يقوم المخرج بتوصيل رسالة معينة من خلال هذا الضحك

- ما مشاريعك المقبلة ؟
اقوم بالتحضير لمسرحية «الايدى الناعمة» مع النجم حسين فهمي والفنان سامح حسين، وهو مشروع فارق بشكل كبير، كما أستكمل قراءة مجموعة كتب حصلت على أعلى المبيعات وسأختار منها واحدا لتقديمه كتجربة مسرحية، وستكون بمشيئة الله تجربة فارقة، كما أقوم بالتحضيرات الخاصة بعرض «السندباد « الذي من المقرر عرضه على مسرح البالون وهو من تأليفي.

 


رنا رأفت