قيمة العلم والمعرفة فى (بستان بطعم التجربة) للكاتب أشرف دسوقى

قيمة العلم والمعرفة  فى (بستان بطعم التجربة) للكاتب أشرف دسوقى

العدد 736 صدر بتاريخ 4أكتوبر2021

المسرح هو الأكثر إدهاشا ومتعة، وتأثيرا فى عقل ومخيلة الطفل؛ وذلك لتأثير العناصر المسرحية المختلفة على الطفل المتلقى داخل قاعة العرض، من موسيقى، ورقصات، وغناء، وديكور، وإضاءة، وسينوغرافيا، وأداء الممثلين على خشبة المسرح، علاوة على أن معظم من مروا بتجربة الوقوف على خشبة المسرح مشاركين فى التمثل وأداء بعض الأدوار، قد أثرت هذه التجربة فى تكوين شخصياتهم بأن أصبحوا قادرين على المواجهة، وحل ما يواجههم فى الحياة من مشكلات وصعوبات، لأن المسرح يكسب الطفل الجرأة، والاقدام، والمبادأة، والاعتماد على النفس، ويعدهم كى يكونوا قادة وزعماء فى المستقبل، فقد اعترف العديد من الزعماء القادة والسياسيين البارزين أنهم مروا بتجربة الوقوف على خشبة المسرح فى طفولتهم.
ولأن الكتابة لمسرح الطفل من الصعوبة بمكان؛ لذا قلما عصرنا على نص جيد يصلح بأن يقدم على خشبة المسرح، بعيدا عن السطحية والمباشرة، يحمل رسالة توعوية أو تربوية أو علمية مدعمة بالخيال، ورسم الأحداث الدرامية بعناية، وتفجير الصراع وتصاعده وصولا إلى لحظة التنوير.
ومن ثم نشد على يد من يتعرض للكتابة المسرحية للطفل لأن هذا المجال يشهد ندرة كبيرة فى الكتابة، وموهبة كلما تتوفر لدى الكثير من الكتاب.
تأتى مسرحية الأطفال (بستان بطعم التجربة) للشاعر والكاتب أشرف دسوقى، لتثبت أن هناك بعض الأقلام التى ترغب فى تقديم مسرحا جادا للطفل المصرى. 
كتب المؤلف هذه المسرحية باللغة الفصحى المبسطة، ونشرها فى كتاب لتفوز بجائزة المركز الأول فى مسابقة إقليم غرب ووسط الدلتا، التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة.
الحدث:
تدور أحداث هذه المسرحية داخل بستان للفاكهة، يملكه أحد الأشخاص وبمرورة ذات يوم لتفقد البستان وقعت عيناه على ثمار الفاكهة المختلفة ففتن بها وبجمالها وبروائحها الذكية.
يبدأ الحدث الرئيسى للمسرحية حينما يسمع (صاحب البستان) أصواتا تتحدث معه، فليلتفت حوله فلا يجد من يحدثه، فتقول له شجرة المانجو: أنا من أحدثك، ومن ثم يندهش الرجل غير مصدق أنا شجر المانجو يتحدث، ولكنه يدور بينه وبينها حديث، ثم تخاطبة بعد ذلك شجرة الكمثرى ويحدث بين ثلاثتهم حوارا يدل على أن الشجر يتكلم، ويحس، ويشعر، مثل الإنسان بالظبط.. وسرعان ما يستأذنا منه شجرتا المانجو والكمثرى كى يذهبا للنوم.
لم يستوعب صاحب البستان ما حدث، ولم ير قط فى حياته أن حدثته الأشجار، فذهب إلى بيته غير مصدق وظن أنه مريض، وقص على زوجته ما حدث له داخل البستان، أخذت الزوجة الموضوع بشئ من الدهشة ولكنها لم تكذب زوجها، وقالت له، الزوجة: الموضوع يحتاج إلى بحث وترو. قال لها: تقصدين بحث علمى، قالت له: نعم، نجمع أولادنا ونقص عليهم الأمر، رفض الأب فى البداية خوفا من أن يظن أبنائه أنه قد جن، وفى النهاية يرضخ للأمر الواقع، فتقص الأم على الأولاد (تامر ومى) ما حدث لوالدهم داخل البستان، تدور بينهم مناقشة علمية من واقع دراستهم وقراءاتهم فى علم النفس وعلاقته بالنفس البشرية، والتخاطر، والتهيؤ، والحديث المباشر مع الأشياء، وغيرها من هذه الأمور التى لازال يبحث فيها العلم حتى الآن، واتفقوا على أن هناك كتاب لدى «مى» الإبنة، يتحدث فى هذا الأمر، وأنهم سوف يقرؤونه حتى يصلوا إلى الحقيقة.
وبعد قراءة الكتاب وإيمانهم بأن العلم أفادهم كثيرا، يقرروا الدخول إلى البستان فى نفس الموعد الذى اتفق الأب عليه مع الشجرتان، فيتقدم الأب وهم يتأخرون عنه بعض الشئ ينتابهم بعض المخاوف من خوض هذه التجربة الغامضة، فيتقدم «تامر» بضع خطوات بزعم أنه الرجل، وفجأة يتسمر مكانه مذهولا، ويستمع إلى صوت أجش يكلمه فيلتفت حوله فلا يجد شيئا، فيخبره الصوت بأنه يوجد أعلى رأسه، فينظر، فيجد ثعبانا ضخما يقرب رأسه من رأسه، ويهدده بأنه سوف يهشم رأسه، ومن حسن حظه أن كانت والدته وأخته «مى» قريبتا منه وسمعا ما دار بينه وبين الثعبان وقد تسللا من خلف الثعبان ويهويان بفأس على رأسه فهشماه ، وبذلك نجا «تامر» من الموت المحقق.
فكرة المسرحية:
تعتمد فكرة المسرحية على (الصراع) بين العلم والجهل أو بين القديم والحديث، الجهل المتمثل فى أن الأشياء تتكلم مثل شجرتى المانجو والكمثرى، وكذلك الثعبان الذى يتكلم ويتحول فى أوقات إلى فراشة.. تقول المسرحية فى تهكم من قيمة العلم..
الثعبان: لقد خلقنا ونحن نتكلم.. منذ الأزل..
تامر: (محدثا نفسه) لم أستطع طيلة حياتى أن أرى ثعبانا يتحدث.. وهذا يقول منذ الأزل..
الثعبان: أتقول شيئا؟
تامر: ها.. عفوا.. عفوا.. لا.. لا
الثعبان: وبحث علمى.. وقراءة كتب.. وإطار نظرى..
تامر: كيف عرفت كل ذلك يا سيدى؟!
الثعبان: كنت فوق رأسك أمس..
تامر: فوق رأسى؟.. أمس..؟
الثعبان: آه.. تذكر
تامر: لا أتذكر شيئا..
الثعبان: الفراشة.. الفراشة.. التى كانت تحوم مساء فى الغرفة..
تامر: لا .. لا أسأل عن الفراشة.. أسأل عنك..
الثعبان: «شوف يا جاهل».. ما أنا الفراشة..
تامر: أنت ثعبان.. أم فراشة؟
الثعبان: أرأيت.. أنك لا تعرف شيئا.. عندما أحب أن أكون ثعبانا.. أكون ثعبانا.. وعندما أحب أن أكون فراشة أكون فراشة..
تامر: أه فهمت.. وعندما تحب أن تكون شجرة.. تكون..
الثعبان: (صارخا) لا.. لا.. لا تذكر كلمة شجرة أمامى
تامر: لماذا؟
هذا السؤال الاستنكارى من «تامر» تأتى إجابته لتأكد على مرام المسرحية، والهدف من كتابتها وهو إبراز دور العلم، والبحث العلمى، والمعرفة فى مواجهة الجهل الذى استشرى فى حياتنا بشكل عام.. ويتضح هذا من تكملة الحوار بين «تامر» و»الثعبان».
الثعبان: (يتضاءل صوت الثعبان وهو يقول) الأشجار سر بلائى.. سبب تعذيبى..
تامر: وما علاقتك بالأشجر؟
الثعبان: الأشجار.. مثمرة.. معطاءة.. أما أنا..
تامر: ماذا بك؟
الثعبان: أنا.. أنا ملعون.. مقتول مقتول يا ولدى..
تامر: لن يستطيع أحد أن..
ويسترسل الحوار بين «تامر» و»الثعبان» حتى نصل إلى الفكرة الأساسية للمسرحية، عندما يقول الثعبان.
الثعبان: لا يا تامر.. لابد أن أقضى عليك وعلى البحث العلمى.. المعرفة ليست فى صالحى.. الوداع يا تيمور..
وفى النهاية ينتصر العلم على الجهل بالتخلص من الثعبان الذى يمثل هذا الجهل، ولجوء الأولاد إلى البحث العلمى لحل مشكلاتهم هو ما أرادت أن تقوله المسرحية.. وهذا ما يؤكده الحوار على لسان تامر بطل المسرحية هو وأخته «مى».
مى: هل شاهد أبونا بالفعل وسمع صوت شجرا يتحدث؟
تامر: هل ستصدقينى يا مى؟
مى: أصدقك!
تامر: لم يعد مهما بالنسبة لى الآن..
مى: كيف؟
تامر: تكلمت الشجرة أو لم تتكلم، سمعها أبى أو لم يسمعها..
مى: إذن.. ما المهم؟
تامر: المهم.. حسن التصرف والتصدى للمشكلة..
مى: تقصد المنهج العلمى..
تامر: بفرض الفروض..
مى: والدراسة الميدانية
تامر: والبحث عن العينات الممثلة.  
الصراع:
من المعروف أن عنصر (الصراع) هو أهم عنصر فى المسرحية، فإن خلت من الصراع لا يكون هناك دراما، أى تتحول المسرحية إلى مجرد حوار عادى، ويجب أن يولد الصراع  من أول المسرحية ويتنامى عبر الأحداث إلى أن يصل إلى الذروة (العقدة) ثم لحظة التنوير أو(الحل).
ففى هذه المسرحية خلا المشهد الأول من الفصل الأول من الصراع، ليصبح مجرد حوار خيالى بين صاحب البستان وشجرتى المانجو والكمثرى، وكذلك المشهد الثانى من الفصل الأول غاب عنه الصراع، ليصبح مجرد عرض للمشكلة (الحدث الرئيسى) على أفراد الأسرة ومناقشته والوصول إلى أن البحث بشكل علمى هو الحل لهذه المشكلة، وكذلك المشهد الأول من الفصل الأول غاب عنه الصراع، لنعرف من خلال الحوار إيمان هذه الأسرة بقيمة العلم والبحث وأنه هو الطريق الصحيح والعملى لحل أية مشكلة.
وتسير الأحداث متصاعدة فالحدث الرئيسى يسلمنا لحدث آخر وهو فعل القراءة والبحث للوصول إلى حل المشكلة.
فى المشهد الثانى تقرر الأسرة التوجه إلى البستان أى إلى مسرح الأحداث لحل اللغز ومواجهة هذا السر الغامض، ومن ثم يبدأ (الصراع) الحقيقى فى المسرحية، حينما يواجه «تامر» الثعبان الضخم الذى يمثل الجهل، و»تامر» هنا يمثل العلم لأنه يعتمد دائما على البحث والقراءة فى الوصول إلى الحقيقة، يريد (الثعبان) المعادل الموضوعى (للجهل) الانقضاض على (تامر) المعادل الموضوعى (للعلم) والتخلص منه وذلك لشعورة بأن العلم هو عدوة الحقيقى.. تقول المسرحية..
الثعبان: جئت لمعرفة الحقيقة ها؟
تامر: (دون أن يتحرك).. من أنت..؟ من..
الثعبان: ألا تعرفنى..؟!.. وتدعى إنك باحث..؟ ها..
تامر: ثعبان..؟
الثعبان: يا سلام.. غريب؟.. طبعا ثعبان..
تامر: ثعبان وتتكلم..؟!
الثعبان: لا.. لن أتكلم أيها المغرور.. بل سأحطم رأسك..
هنا تظهر عدوانية (الجهل) والظلام، الذى يمثله الثعبان فى مواجهة (العلم) والنور، الذى يمثله (تامر) والسخرية منه.
ويستمر الحوار بينهما إلى أن يلمح تامر بطرف عينه والدته ومى، وقد تسللا من خلف الثعبان، فحاول تامر أن يطيل الحديث قد الامكان مع الثعبان..
تامر: يا سيدى.. انتظر لحظات.. السؤال الأخير قبل الوداع..
الثعبان: قلبى الرقيق سر بلائى.. سل
تامر: يعنى فيه ثعبان بيتكلم؟!
الثعبان: آه.. فيه.. «هو كده»..
وفى هذه اللحظة تتقدم والدة تامر وأخته مى، ويهويان بفأس على رأس الثعبان فلا يخطئانه، فيفصلان رأسه عن جسده، وهنا ينتصر العلم على الجهل أو الخير على الشر.
اللغة:
كتبت المسرحية بلغة فصحى بسيطة ومقتصدة، وغير متعالية على الطفل المتلقى، بل جاءت مناسبة للأحداث، وهذا يدل على تمكن وخبرة الكاتب فى مجال الكتابة المسرحية للطفل، والدليل على ذلك أنه عندما كان يستخدم بعض الألفاظ بالعامية كنوع من خفة الدم، أو السخرية، أو للتهكم، كان يضعها بين علامات تنصيص، مثل: «بنت اللذين»، «بجد.. بجد»، «كلام كبير شوية»، «أنا حلو والله»، «ربنا يخليك»، «شوف الجاهل»، «هو كده»..إلخ، علاوة على تمكنه من وضع علامات الترقيم بدقة لإحترام عقل الطقل القارئ، ولتعويده على استخدام هذه العلامات فى الكتابة، والتى أصبحت غائبة عن كثير من إبداعاتنا للأطفال.
الحوار:
جاء الحوار فى المسرحية رشيقا، ومكثفا، ويصل إلى الهدف مباشرا فى أقل عدد من الكلمات، فكلما كان الحوار قصيرا كلما جعل النص المسرحى سلسا، وجذابا، ويسهل خفظه وقراءته، خاصة وقت تنفيذه كعرض على خشبة المسرح، كما جاءت جمله تحمل الكثير من السخرية المحببة، وخفة الظل التى هى من أهم سمات الكتابة المسرحية الجيدة للطفل، ومن مهامه أن يرسم البسمة على وجوه الصغار، وأن يكون هناك بعض الايفهات الطريفة التى تعلق مع الطفل ويحفظها بعيدا عن الاسفاف، حتى لا يمل الطفل المتلقى من متابعة العرض المسرحى، وهذا ما يجعل بعض الممثلين المحترفين إلى ارتجال بعض الجمل فى الحوار كى يستطيع من خلالها أن يجذب الطفل، وينتزع الضحكة من أفواههم.. ومن الجمل الحوارية التى تحمل معلومة بشكل غير مباشر، وتحمل أيضا سخرية..
شجرة الكمثرى: تظنون أنفسكم وحدكم فى هذا الكون..
شجرة المانجو: كما تظنون أنكم الوحيدين ذوى العقول والمتحضرين..
صاحب البستان: وهذا حقيقى لا شك فيه..
شجرة الكمثرى: وهذا خطأ كبير..
صاحب البستان: وكيف كان ذلك؟
شجرة المانجو: وكيف كان ذلك؟!.. أتظن أننى شهر زاد ستحكى لك حدوتة قبل النوم!
شجرة الكمثرى: أم تظن أنه كتاب كليلة ودمنة؟!
صاحب البستان: وتعرفون شهر زاد.. وتعرفون كليلة.. كليلة ودمنة؟!
شجرة  المانجو: نعم.. نعم.. يا ابن المقفع..
صاحب البستان: (يضرب كفا بكف) أشجار تتحدث، وتعرف التراث والأدب.. ويعرفون ابن المقفع أيضا..
ثم يلتفت إلى الشجرتين قائلا فى حسم..
صاحب البستان: لست بابن المقفع أنا..
الشجرتان: (معا) نعرفك.. نعرفك.. ونعرف اسمك واسم زوجتك وأبنائك..
....
كنت أتمنى أن ينهى المؤلف مسرحيته بموت الثعبان والتخلص منه، بما أنه يمثل (الجهل) فى مواجهة نجاة تامر الذى يمثل (العلم) من الموت المحقق.. وفى ظنى ما جاء بعد ذلك هو تحصيل حاصل واقحام لا يضيف إلى الدراما بقدر ما يفسر بعض الأحداث، فالمسرح أساسا يعتمد على الفعل الدرامى.
ولكن أراد المؤلف أن يلمس بشكل سريع على بعض القضايا السياسية، والدينية، والأخلاقية والمعرفية فى نهاية هذه المسرحية، والترسيخ لبعض القيم الإيجابية التى هى من أهم أسس الكتابة المسرحية للأطفال شريطة أن تأتى غير مقحمة وبشكل غير مباشر، إضافة إلى إعلاء قيمة البحث العلمى، والاستفادة من الميديا الحديثة، وهو الهدف الرئيسى من كتابة هذا النص المسرحى.
فأتى الكاتب بقصة سيدنا اسماعيل ليدلل على قيمة الطاعة، وأن (الأم، وتامر، ومى) لم يكذبوا ما حدث للأب فى البستان مع شجرتى المانجو والكمثرى وما دار بينهم من حوار..
تامر: ما الذى سنفعله فى الحالتين.. حال التصيق وحال الرفض!
مى: تقصد أن الله يريد اختبارنا واختبار سلوكنا؟
تامر: أظن ذلك، ألم نقرأ قصة سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل؟
مى: قصة الذبيح؟
تامر: أجل!
مى: كانت الفكرة اختيارا إلهيا لفكرة الطاعة!
تامر: بالضبط..
ويستطرد الحوار بينهما إلى أن نصل إلى
مى: أظن أننا تقبلنا الحادث الغريب بذكاء..
تامر: لم نكذب ولم نصدق..
مى: وكنا مهذبين مع والدنا.
أما بعض القضايا السياسية، فتتمثل فى قدرتهما على اقناع والدهما الجلوس على مائدة الحوار لحل المشكلة، فالأب هنا يمثل السلطة العليا وبقية أفراد الأسرة السلطة الأقل، وهنا دلالة على ضرورة حل المشكلات السياسية التى تنشب بين الدول واحتوائها من قبل الدول العظمى بضرورة اللجوء إلى مائدة الحوار لاتخاذ القرارات الصائبة.. تقول المسرحية..
تامر: الأهم من ذلك، المناقشة..
مى: حقا جلسنا على مائدة للمناقشة
تامر: لم يكن هناك تعال من أحد..
مى: تنازل والدنا وجلس معنا بتواضع وحنو..
تامر: ونحن كنا على مستوى الحدث..
ووردت جملة على لسان تامر فى حديثه مع الثعبان، الذى أعلن عليه الحرب، وأراد التخلص منه.. ولها مغذا سياسيا، وتنتشر كمصطلح سياسي معروف.. يقول..
تامر: ألا توجد وسيلة للتعايش السلمى؟
الثعبان: أنت تتكلم كلاما ضخما يا تامر.. الوداع يا تيمور..
أما قيمة المعرفة والاستفادة من الميديا الحديثة، فقد عالجها المؤلف بذكاء فى آخر سطور المسرحية على لسان أبطالها..
مى: هناك ما هو أهم..
تامر: ما هو..؟
مى: أن ننشرها ليقرأها أكبر عدد من الناس..
تامر: بسيطة..
مى: كيف..؟!
تامر: شبكة الانترنت..
مى: فكرة هائلة ورائعة
تامر: وسيقرأها كل إنسان فى العالم..
وبالفعل تم نشرها باللغة العربية، والانجليزية، والفرنسية، لتعم الفائدة على أكبر عدد من المستفيدين فى العالم، وهذه ميزة كبرى من مميزات الإنترنت.
حملت المسرحية الكثير من القيم الإيجابية التى دفعت هؤلاء الصغار لحل اللغز الذى تعرض له والدهما فى البستان، والاعلاء من قيمة البحث العلمى المهمل فى عالمنا العربى، وأن نكون ايجابين فى مواجهة الجهل باستخدام العلم والقراءة والمعرفة..
بقى أن نشير إلى أن المسرحية لم تحسم موضوع حل اللغز بشكل واضح، وهنا سؤال يطرح نفسه، هل فعلا تحدثت شجرتى (المانجو والكمثرى) مع والدهما فى البستان أم لا؟.. هنا أراد المؤلف أن يترك النهاية مفتوحه لتوقعات المتلقى.. هذه التقنية تصلح فى مسرح الكبار ولا تنجح فى مسرح الطفل..
وكنت أرى أن مسرحية للطفل بهذا الجحم لا تستحق أن تقسم إلى فصلين وكل فصل إلى مشهدين، وأرى أنها كانت تقسم إلى أربعة مشاهد، خاصة وأنه لم يكن هناك نقلات كبيرة تستحق هذا التقسيم، فأحداث المسرحية كلها دارت داخل البستان وفى البيت.
كما أرى ضرورة أن تطبع هذه المسرحية على ورق كويشه وبرسومات معبرة عن المواقف الدرامية، وفى دار نشر تحتفى بقيمة الإبداع بدلا من إهداره بهذا الشكل الغير لائق، والذى ينفر الأطفال من القراءة.
هذه الملاحظات البسيطة لا تقلل –بحال- من قيمة هذا العمل المسرحى الذى أراه جيدا ويستحق الاحتفاء به.


عبده الزراع