العدد 728 صدر بتاريخ 9أغسطس2021
يعد «مسرح المضطهدين» أحد التجليات المهمة لما يمكن أن نسميه «دراما المواجهة»، وقد تطور هذا الشكل المسرحي على يد «أجستو بوال» الذي أراد أن يستخدم هذا النوع الفني في التنمية المجتمعية، ورصد حالات القهر الإنساني السياسي والاجتماعي في أطر فنية، في مختلف دول العالم.
ومن هذه التجارب التي شارك في عروضها «مسرح عشتار» بالأراضي المحتلة. ففي مدينة «رام الله» قدم أول عرض مسرحي ينتمي إلى « مسرح الشارع»، تحت عنوان «كلطنا في الهوا سوا» وحقق نجاحا ملحوظا، حيث قدمته فرقة عشتار بالتعاون مع «مسرح بريد أندبابيت» الأمريكي وشارك في العرض ما يقرب من 30 ممثلا ومتدربا.
مسرح الشارع
وقد تناول العرض موضوعات ذات طابع سياسي واجتماعي منها «قضية الجدار العازل» و «عملية السلام» و»التناحر الداخلي بين الفصائل السياسية الفلسطينية».
وقد استخدم مخرج العرض «إدوار معلم» أسلوب مسرح الشارع بفضاءاته المختلفة، مستخدما دمى كبيرة الحجم كأقنعة للشخصيات.
وقد أكد «‘دوار» على أن الهدف من هذا العرض هو إظهار ما يحدثه التطاحن بين الفصائل من انهيار داخلي وخارجي على كافة الأصعدة.
وقد قدمت المسرحية وصفا لحياة الفلسطينيين كأنها جسد تم تقطيعه من خلال دمية كبيرة لإنسان فصلت رأسه عن جسده وقطعت يديه وساقيه. ولا يخلو العرض من بارقة أمل تلوح في الأفق، فبينما يتحرك الجدار الفاصل في معظم المشاهد إلا أنه في نهاية العرض يظهر عصفور أبيض كبير الحجم يحمله شخص تسير بجانبه فتاة تغني بصوت شجي: وسلامي لكم يا أهل الأرض المحتلة/ يا منزرعين بمنازلكم/ قلبي معكم/ وسلامي لكم»، بينما تشكل جوقة من الممثلين يرددون وراءها ما تقوله.
وقد أكد «‘دوار معلم» على أن رسالته هو و زملائه من خلال هذا العرض هي الدعوة إلى الوحدة والتلاحم فبهما يمكن تحقيق كل شيء.
وأضاف: لا يجب أن ننتظر من يخلصنا مما نحن فيه. هذا هو مسرح الشارع يدعونا إلى التمرد على الواقع».
وفي تصريح لرويترز قال «عمر الجلاد» أحد ممثلي العرض: «لقد تعلمنا أسلوبا جديدا في إيصال الفكرة للناس، وأن تذهب إليهم في أماكن تواجدهم وليس أن تنتظر أن يأتوا إليك.. لقد فاق جمهور العرض توقعاتنا ويبدو أننا نجحنا في استدراجه من خلال الكرنفال الذي أقمناه قبل العرض المسرحي».
أما الصحفية الأمريكية»أليس وير» والتي تابعت العرض فقد قالت لرويترز: «لقد كان العرض واضحا حتى لو لم تفهم اللغة التي يتحدثون بها/ وأتمنى أن تعرض هذه المسرحية في الولايات المتحدة، فهي تعطى صورة عن أثر الجدار على حياة الفلسطينيين».
تقنيات متعددة
ومن التجارب التي استفادت من تقنيات «مسرح الشارع» مسرحية «حلم سبل» من إخراج إيمان عون، وقد شارك فيها بالتمثيل اثنا عشر طفلا تتراوح أعمارهم بين اثني عشر سنة وثمانية عشر.
وتبدأ المسرحية بمسيرة للأطفال حول المسرح الذي أقيم في وسط مدينة «رام الله» في الهواء الطلق، قبل أن يصعدوا إلى خشبة المسرح للحديث عن أحلامهم التي تتمثل في حلم الطفلة «سبل» _ والتي تبلغ من العمر 12 عاما _ في اللعب مع أصدقائها، وأن تصبح فنانة في المستقبل، وهو الأمر الذي يعارضها فيه أهلها.
وتستحضر المخرجة الخيال في هذا العمل وتقنيات الأسطورة، فتظهر ثلاث شخصيات لجنيات يسألن الطفلة «سبل» عما تريد لتحقيقه لها، فتختار «سبل» اللعب مع أصدقاءها_ الذي هو غاية أمنياتها _ نظرا لأن أصدقاءها يفصل بينها وبينهم الجدار العازل الذي أقامته إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، فيحققون لها ما تريد حيث تهدم الجنيات الجدار، وتعود «سبل» للعب مع أصدقائها، وتتطور أحداث المسرحية حتى تكبر «سبل» وتصبح فنانة كما تمنت في طفولتها.
وتضمنت المسرحية مجموعة من الاستعراضات التي قدمها الأطفال. وقد اصطحبت المخرجة «إيمان عون» ثمانية من هؤلاء الأطفال _ أبطال العرض _ للتدريب في ورشة عمل بألمانيا، والتي شارك فيها أيضا أطفال من مصر وأسبانيا وألمانيا للتدريب على أسلوب «مسرح المضطهدين».