«الرؤى التشكيلية لأعمال يوسف إدريس المسرحية» دراسة تحليلية تطبيقية على نماذج مختارة

«الرؤى التشكيلية لأعمال يوسف إدريس المسرحية» دراسة تحليلية تطبيقية على نماذج مختارة

العدد 725 صدر بتاريخ 19يوليو2021

تم مناقشة رسالة الدكتوراه بعنوان «الرؤى التشكيلية في أعمال يوسف إدريس المسرحية - دراسة تحليلية تطبيقية على نماذج مختارة» مقدمة من الباحثة داليا فؤاد عبد النعيم خضر، المدرس المساعد بقسم الديكور المسرحي، وذلك بقسم الديكور المسرحي بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتضم لجنة المناقشة الدكتور مصطفى عبد الهادي سلطان، الأستاذ المتفرغ بقسم الديكور والعميد الأسبق للمعهد العالي للفنون المسرحية (مشرفًا ومناقشًا ومقررًا)، والدكتور عبد المنعم إسماعيل مبارك، الأستاذ المتفرغ بقسم الديكور المسرحي وعميد المعهد الأسبق (مناقشًا من الداخل)، والدكتور محمد عبد الحفيظ مكاوي، الأستاذ المتفرغ بقسم الديكور كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان والعميد الأسبق للكلية (مناقشًا من الخارج). والتي منحت الباحثة من بعد حوارات نقاشية انتظمت وفق شروط ومعايير أكاديمية درجة الدكتوراه.
وجاءت رسالة الدكتوراه الخاصة بالباحثة كالتالي:
إن من أهم القضايا المعاصرة في المسرح العربي هي تلك القضية التي تشغل الغالبية من المثقفين العرب، وهو البحث عن هوية للمسرح العربي،ومن هؤلاء الباحثين تخير الباحث الأديب والمفكر (يوسف إدريس)، الذي كان دأبه البحث عن هوية المسرح المصرى والعربي.
والذى كانت أعماله المسرحية رغم قلة عددها إلا أنها ساحة لقاء لمدارس مسرحية عدة، فنحن نجد فيها مسرح السامر الشعبي المصري،خيال الظل، عروض القراقوز، الكوميديا دى لارتى، والمسرح التعبيري ..وغيرها كما في سترند برج، أونيل، وإلم رايس .. وغيرهم وكذلك مسرح العبث كما لدى بكيت،يونسكو..، ومسرح برانديللو الذي يثير قضية الهوية والحقيقة والوهم، وأيضا القصة العلمية والخيال الفانتازى ... فقد تجسدت كل تلك المعانى من خلال عدة مسرحيات قدمت علي خشبات المسرح المصرى، مثل: جمهورية فرحات 1956، ملك القطن 1957، اللحظة الحرجة 1958، الفرافير 1964، المهزلة الأرضية 1967، الجنس الثالث 1971، المخططين 1982، البهلوان 1983.
إذ عايش- يوسف إدريس- فترة حيوية فى تاريخ مصرـ من كافة الجوانب الثقافية،السياسية والاجتماعية - حيث الانتقال من الملكية بكل ما فيها من متناقضات، إلى الثورة بكل ما حملته من آمال، ثم النكسة وما خلفته من هزائم نفسية وآلام، ثم النصر في عام 1973.
عاش إدريس كل هذه التقلبات كما يعيشها الفنان المبدع الذي تؤثر فيه تفاصيل الأحداث عاملا علي رصدها وتحليلها، فجاء أدبه معبرا عن كل مرحلة من هذه المراحل، وناطقا برأيه عما يتغير ويحدث، ولاسيما أنه كان في مطلع شبابه متأثرا بأفكار عدة وبكل ما يحمله من هموم.
لقد كان مهموماً بتأصيل الفنون العربية والمصرية، وكان مؤلفه ( نحو مسرح مصرى)، واحد من ثلاث مقالات كتبها يوسف إدريس، فى محاولة منه للتأصيل لهوية مسرحية مصرية، أو كما كتب هو فى مقدمة كتابه الذى يحمل العنوان ذاته « إستنبات المسرح المصرى أو العربى اعتمادا على أشكالنا وتراثنا المسرحي».
وهو الاتجاه الذى حاوله مع إدريس أيضا عدد آخر من المسرحيين العرب، وقد رأوا أن فى تراثنا من أشكال الفرجة والمسرحة كالأراجوز والحكواتى والمحبظين والسامر الشعبى وغيرها من أشكال ما يمكن أن نستعيض به عن المسرح الغربى المستورد والعلبة الإيطالي، وما يؤكد هويتنا المصرية والعربية وما يناسب ذائقتنا، لأنه منا.
سعى «إدريس» إلي إضفاء الخصوصية المصرية للعرض المسرحي، هذه الخصوصية التى لا تنبع من التراث واستخدامه فقط، بل حاول استخدام الموروث الذي يتواجد بكثرة كظواهر اجتماعية داخل المجتمع المصري، رافضا بذلك كل أشكال التقليد والاقتباس التي رُسخت في المسرح المصري بشكل خاص والمسرح العربي بشكل عام، راجعا رفضه هذا، بان كل الكتاب العالمين كتبوا أعمالهم لشعوبهم وليس لشعوب أخرى.
استخدم «يوسف إدريس» في المسرحيات بعض من القنيات الشعبية، أهمها تقنية السامر (الاجتماع الشعبى)، التي تهدف إلى خلق مشاركة بين الممثلين والمتفرج، واستخدام روح الارتجال وهدم الحائط الرابع. والذى أطلق عليه في نظريته المطروحة اسم (التمسرح) بمعنى المشاركة الإيجابية وليست السلبية كما في ( الفرجة).
ومما سبق فقد بدى للباحث أهمية البحث والتنقيب فى جماليات الرؤية التشكيلية لهذا النموذج الأدبى الفريد فى أدبنا العربى – يوسف إدريس – السابق لعصره،والمفكر والكاتب صاحب الرؤية الخاصة والذى يستحق المزيد من التتبع والدراسة والتحليل لأعماله على خشبة المسرح والتى رغم قلة عددها الكمى إلا أن آثارها لا زالت باقية وتستحق النشر والمتابعة.
وقد قسم البحث إلى ثلاث فصول كالتالى:
الفصل الأول: بعنوان (دراسة نظرية لمسرح يوسف إدريس)
وفيه تناول الباحث عدة نقاط تساعد في التعرف على شخصية الكاتب – موضوع البحث – وقدراته الإبداعية،وعلاقته بالمسرح المصرى الحديث وهويته المسرحية التى سعى لتحقيقها بالمسرح المصرى،وكذلك الاتجاهات الفكرية والفلسفية،والمضمون الإجتماعى الذى تناولته مسرحياته.
الفصل الثانى: بعنوان (دراسة تحليلية للمناظر المسرحية فى أعمال يوسف إدريس)
وقد تناول الباحث في هذا الفصل؛ الجوانب النظرية التى تستوجب تحليل المناظر المسرحية لعدد ثمان عروض،تم إنتاجها على خشبات المسرح المصرى من موسم 1957وحتى موسم 1983 . وبعد الدراسة النظرية للنص،والتركيبة الدرامية للأحداث وعلاقتها بالمناظر التى أشار إليها الكاتب،كمناظر مسرحية،قام الباحث بعرض عدداً من الصور الفوتوغرافية المتاحة لهذه العروض،موضوع الدراسة ؛في محاولة لاكتشاف رؤية مصممى المناظر، وتحليل عناصر التصميم فيها ؛للوصول إلى الأساليب التشكيلية التى اتبعت في تلك الفترة.
الفصل الثالث: بعنوان (الدراسة التطبيقية للأعمال المختارة)
وقد تناول الباحث لهذه الدراسة ثلاث نصوص مسرحية،متفرقة في تواريخ كتابتها،وفي اختلاف متباين لكل منها في القضايا المطروحة فيما بينها .وهم ( الفرافير موسم 1963/1964، المخططين موسم 1982 /1983، البهلوان موسم 1982/1983).
حيث قام الباحث بتحديد ملامح الرؤية التشكيلية؛ التى سوف يتبعها في تصميم مناظر هذه المسرحيات،ورؤيتها بالالتجاء إلى الأساليب التكنولوجية الحديثة في تصميم تلك المناظر؛ إيماناً بأهمية تطوير الشكل البصرى علي خشبة المسرح المصرى الحديث، حتى يتواكب ذلك مع الاتجاهات المعاصرة في المسرح العالمى، وكذلك حتى لا يكون الفن المسرحى،وخاصة أساليب التصميم للرؤية البصرية ليست متأخرة عما نواكبه، والذى تسيطر عليه التطورات التكنولوجية؛ بأجهزتها وبرامجها العديدة والتى تساهم فى إثراء الصورة السينوجرافية على خشبة المسرح. مثل الهولوجرام، الليزر، أجهزة إسقاط وعرض الأشكال (الجوبو)، شاشات العرض العملاقة، واستخدام الصور واللوحات التشكيلية والقوالب والأشكال الجاهزة وغيرها.
واعتمد الباحث في تطبيقه على هذا الاتجاه الحديث في تصميماته المقترحة لمناظر المسرحيات الثلاث؛ في محاولة لإثبات التجربة المعاصرة لإنتاج مناظر مسرحية جديدة،تحقق تطوراً ملموساً تشكيلياً، وبصرياً على المسرح المصري وتفيد النص.
وتختتم الرسالة بالنتائج والتوصيات علي النحو التالى:
النتائج :
1- أن أعمال «يوسف إدريس» المسرحية، رغم عددها الذى لا يتجاوز الثمان مسرحيات المنشورة، إلا أنها كانت من أقرب المسرحيات ارتباطاً بالمجتمع المصرى، وقضاياه المجتمعية،والإنسانية آنذاك، خاصة في الرحلة الواقعية منها في بداياته المسرحية،مما جعله موجوداً فى وجدان المثقفين والمسرحيين حتى اليوم.
2- دَعم «يوسف إدريس» رأيه في تجديد ومعاصرة المسرح المصرى والعربي، بنظريته التى أفسح لها المجال في كافة الوسائل الثقافية، وكتابه (نحو مسرح عربي معاصر)،لهو دليلاً على إيمانه بنظريته،وإن أعاقه الكثير في تحقيقها.
3- إن أسلوب تصميم المناظر المسرحية كان محدوداً في تفسير،وتعظيم دور مصمم المناظر فى المسرح المصرى،إلا أن قيام المصممين الشباب في التصدى لتصميم مناظره المسرحية، أوجدت فكراً جديداً وحلولا مبتكرة تواكب العصر الحديث.
4- رغم اجتهادات مصممى المناظر فى إبراز النواحى الدرامية والجمالية في مناظر مسرحيات إدريس، إلا أنها كانت فى حدود الإمكانيات، والتقنيات المتاحة آنذاك.
5- تجربة الباحث فى استخدام الحاسب الآلي وتطبيقاته فى تصميم المناظر المسرحية فى أعمال «يوسف إدريس»، تؤكد أهمية التكنولوجيا الحديثة،وتطوير تقنيات المناظر المسرحية والذى يساعد على تجديد الإبداع في العمل المسرحى وإيجاد معادل بصرى مختلف.
وكان من بين التوصيـــــات:
1- لابد لمصممى المناظر المسرحية،الخوض فى الدراسة النظرية لكتابات المؤلفين المسرحيين، حتى يمكنهم التعمق في التعبير عن إبداعاتهم ؛من خلال تصميم المناظر المسرحية لتلك الأعمال.
2- لابد من الإهتمام بدراسة الأساليب التكنولوجية الحديثة التى تساهم فى تصميم المناظر المسرحية لإنتاج صورة بصرية سينوجرافية حديثة ومعاصرة.
3- ضرورة إهتمام الجهات المختصة بالمسارح،بتجهيز المسرح بأحدث التقنيات الرقمية من أجهزة وبرامج لإخراج العمل المسرحي بشكل متطور ومواكب للعصر.
4- لابد من الاهتمام بتوثيق كافة الأعمال المسرحية مصورة ومعروضة، لما لهذا من أهمية في الاحتفاظ بها والرجوع إليها من قبل المهتمين والباحثين.
5- لابد من الاهتمام بإنشاء المدارس الخاصة بتخريج تقنيين مؤهلين تأهيلا تاماً للقيام بمهام العمل المسرحى التنفيذية، والمعتمد كثيراً علي التكنولوجيا الحديثة وبخبرات الحاسب الآلى.
6- كما يجب الحرص علي تعليم وإعداد العديد من كوادر العاملين بدرجات مختلفة، لمواكبة واللحاق بالتطور السريع في مجالات تكنولوجيا المؤثرات والأجهزة الحديثة، وإرسال البعثات للدراسة والإطلاع والتثقيف.
 


ياسمين عباس