العدد 721 صدر بتاريخ 21يونيو2021
في الوقت الذي تشهد فيه الحركة المسرحية تطورًا غير مسبوق في الأدوات والتقنيات المستخدمة في المسرح كالمابينج والشاشات والإضاءات وتوظيف الكريوجراف كعناصر إبهار تعمل على تحقيق الدهشة والمتعة للمتلقي. نجد فيه عرض مسرحي أوبرالي جاء من الماضي وتحديدًا منذ قرن ونصف تقريبًا، بتقليديته يجذب انتباه المتلقي ويحقق أعلى درجة من الدهشة والمتعة من دون تكلف ولا اصطتناع ولا ولا......الخ، فقط «آداء الممثلين»، فالمسرح ممثل خاصة حين تكون الكلمة بلغة أخرى لا يفهمها معظيم المتلقين، فللمسرح لغته الخاصة التي تصل لكل عشاقه، وفنان قادر على توصيل هذه اللغة بكفاءة عالية فالمسرح ممثل أولاً، هذا بالضبط ما اتسم به العرض الأوبرالي «ريجوليتو» للموسيقار الإيطالى العالمى فيردى الذي قدمته فرقة أوبرا سان بطرسبرج الروسية على مدار ليلتين بالمسرح الكبير بدار الأوبرا، بعنوان الأيام الثقافية لسان بطرسبورنج في مصر في إطار عام التعاون الإنساني بين مصر وروسيا، وقد شارك في الإعداد لهذه الأيام المركز الثقافي الروسي بالتعاون مع دار الأوبرا المصرية.
أبطال العرض في الليلة الأولى: يارامير نيزاموتد ينوف الذي جسد شخصية دوق مانتوا، فلاديمير تسيليبروفكسي الذي جسد شخصية المهرج، أوليسيا جورديفا التي جسدتى شخصية جيلدا ابنة المهرج، ميروسلاف مولشانوف الذي جسد شخصية سبارافوتشيلي، ناتاليا فوروبيفا التي جسدت شخصية مادالينا، دينيس اخمتشين الذي جسد شخصية ماتيوبورسا، جيفورج جريجوريان الذي جسد شخصية الكونت مونتروني، إيجور شوباكوف الذي جسد شخصية ماروللو، أنطون موروزروف الذي جسد شخصية الكونت دي تشيبرانو، صوفيا نيكراسوفا التي جسدت شخصية الكونتيسة دي تشبرانوناتاليا كوشوبي «خادمة»، تاتيانا كراوزي ابنة مونتروني، إخراج يوري الكسندروف، قيادة الكسندر جويخمان، أستاذ كورال إيجور بوتوتسكيي، تصميم الإضاءة دزهاليل مارتازين.
من وجهة نظري البساطة هي كلمة السر التي تقف وراء نجاح هذا العرض، فالعبء الأكبر يقع على الممثل، مجموعة من الممثلين لا يقفون على خشبة المسرح فحسب بل يشعرون بملكية هذه الخشبة التي يتحركون عليها بإيقاعات منضبطة وسلاسة ورشاقة، وخفة دم لا تقل إطلاقًا عن خفة دم المصريين بل ربما زادت، مع الاعتماد على عنصري الأوبرا: الموسيقى والغناء الفردي والجماعي.
الديكور تصميم ليودميلا جونشاروفا وهو تقليدي جدًا ويعبر عن جزء من القصر من الداخل حيث مبنى عتيق معلق على جدرانه مجموعة من مصابيح الإضاءة ولا يظهر منه سوى أبواب الغرف التي تستخدم في الدخول والخروج والتلصص مع بعض الشاسيهات المعدنية التي يتم توظيفها في عدة أغراض، والملابس تصميم: ةفيرا مارينيا وهي ثرية غاية في الجمال والإبهار تناسب نبلاء المجتمع في هذا الزمان والمكان، كذلك ملابس المهرج الأحدب ومجموعة الخدم والسفاح وشقيقته التي تختلف عن ملابس النبلاء وأكسسواراتهم الغاية في الجمال والشياكة، ومجموعة من الإكسسوارات تصميم: فيكتور جريجورييف، تعبر عن الأواني المستخدمة في هذه الحقبة الزمنية والزينات والفواكه،.
من المعروف أن عرض ريجوليتو كتب نصه الغنائى فرانسيسكو ماريا بيافى مستلهما المسرحية التاريخية «الملك يمرح» للكاتب والشاعر الفرنسى الشهير فيكتور هوجو، وتدور أحداثه فى ثلاثة فصول حول شخصية ريجوليتو المهرج فى بلاط الدوق المستهتر مانتو الذى اعتاد إغواء زوجات أفراد حاشيته وبناتهم، وأثناء قيام ريجوليتو بعمله يكشف علاقة الدوق مانتو بزوجة الكونت تشيبرانو فيغضب مانتو ويحاول الإنتقام منه بخطف ابنته التى تحبه فيندفع المهرج للدفاع عن ابنته ويستأجر السفاح سبارافوتشيلى لقتل الدوق وتتدخل شقيقة السفاح لانقاذ حياة مانتو بعقد اتفاق مع شقيقها يقضى بقتل أول شخص يدخل الى الحانة وتسمع جيلدا اهذا الاتفاق فتذهب الى الحانة متخفية فى زى رجل لتتلقى الطعنة القاتلة فداء لحبيبها الدوق مانتو.
ورغم توافر كل عناصر نجاح العرض إلا أنني أرى أن السلبية الوحيدة به هي الحوارات الطويلة، وزمن العرض الذي يمتد لثلاث ساعات.
يذكر أن أوبرا ريجوليتو تتميز بالإبداع الموسيقى، حيث نجح فيردى فى الموازنة بين الأسلوب الإيطالى وأسلوب الموسيقار الألمانى فاجنر من خلال إذابة الفواصل بين الفقرات الغنائية لتتوالى بانسيابية وتتعاقب الأغانى الفردية والثنائية والرباعية بعبقرية لحنية متفردة، وعرضت للمرة الأولى بمدينة فينسيا الإيطالية عام 1851 وحققت نجاحا مبهرا كما عرضت لأول مرة فى مصر على مسرح الأوبرا الخديوية خلال حفل افتتاح قناة السويس.