ما يفعله المؤدون في المسرح؟ (2-2)

ما يفعله المؤدون في المسرح؟ (2-2)

العدد 717 صدر بتاريخ 24مايو2021

 تتداول فرق المؤدين حول كيفية عرض كل لحظة ترتبط بعرض اللحظات الأخرى القريبة منها أو البعيدة عنها في الوقت المناسب . فهم يفكرون في كيفية ارتباط لحظات بداية الأداء مع لحظاته الختامية . يفكرون في وتيرة الأداء وسرعته وإيقاعه . ففي التحضير للمسرحيات، يتم تقسيم المشاهد إلى سلسلة من النبضات وهي الوحدات الصغرى للشيء الذي يحدث . وتتميز هذه النبضات بتراكيب معروفة يستجيب لها المشاهدون بفهم ويتناولها المؤدون كوحدات للعمل في الإعداد للمشهد . كل هذا يوفر طرقا للتعبير عن شروط الاختيارات التي حددناها في الاقتراح البسيط . ولكنها توفر أيضا طرقا للتفكير في كيف ترتبط مجموعات الاختيارات ببعضها البعض . يتطلب الاختيار بين طرق ارتباط مجموعات الاختيارات مع بعضها البعض إلحاح علي الهدف، أو ربما مجموعة مركبة من الأهداف .
 وأحد صور الأساليب التي تظهرها هذه الاعتبارات هو أن الأهداف الحاكمة من حيث أن كل تتابع للملامح يتم اختياره يهدف إلى أن يحكم الأداء ككل . وعندما يكون الحال هكذا، يكون الأداء موحدا إلى حد ما في الأهداف والتقاليد . ومثل هذا الأداء يمكن أن يلهم مؤدين آخرين لاستخدام تقاليد وأهداف مماثلة بهذه الطريقة الموحدة في الأداء باستخدام نصوص مختلفة .
 ما أعنيه بالأهداف يمكن أن يظهر في المثال التالي . علي حساب التبسيط، من المعقول أن نقول إن المذهب الطبيعي، باعتباره مجوعة من أساليب التمثيل المسرحي، قد تطور في أواخر القرن التاسع عشر لتركيز الانتباه علي الحياة الداخلية للشخصيات في المسرحيات، لأنه كان يٌعتقد أنه ساحة الحياة الإنسانية التي يمكن من خلالها تعلم أهم الدروس في المسرح . وبوصف المذهب الطبيعي بهذه الطريقة، أقصد لفت الانتباه الي ما يسميه (ريموند ويليامز Raymond Williams) “ المذهب التقني الطبيعي Technical Naturalism”، و” المذهب الطبيعي” كشكل درامي . وينطوي المذهب التقني الطبيعي علي تمثيل بيئة ذات مظهر مادي طبيعي، يتم إنشاؤها بواسطة صيغ مثل صيغة إطار الصورة المقدمة خشبة المسرح، وإلغاء غلاف ستارة المسرح، وخشبة المسرح كغرفة .. الخ . والمذهب الطبيعي كشكل درامي يستخدم هذه البيئة الممثلة التي يتم معالجتها كعَرّض أو سبب ... أو جزء من الحدث نفسه . وفي المذهب الطبيعي الرفيع High Naturalism، كما يسميه (ويليامز)، فقد استغرقت البيئة في حياة الشخصيات بطريقة جعلت المذهب الطبيعي الرفيع يكافح غالبا ضد هذه البيئة، ومحاولة التخلص منها، وغالبا ما تفشل . وهذا لأن عالم صاحب مذهب الطبيعة الرفيعة هو العالم الذي ربط نفسه بأعمق طبقات الشخصية . وأعتقد أن (ويليامز) محق في أن الغالبية العظمى من المسرحيات، المقدمة الآن، في كل الوسائط، تنتمي تقنيا الي المذهب الطبيعي، وكثير من المسرحيات التي لا تنتمي للمذهب الطبيعي تقوم بوضوح علي فلسفة طبيعية ... فيما يتعلق بالشخصية والبيئة. ويمكن أن أضيف إلي وصف ( ويليامز) « المذهب الطبيعي التقني « كتأكيد علي أساليب التمثيل وأيضا علي استخدام تقاليد سرد مسرحي معينة، وكلاهما يمكن أن يتطور أو ربما تطور فعلا وتمت تنقيته بغرض تحقيق أهداف طبيعية .
 ويمكن إقرار الإشارة إلى الأهداف كنتيجة طبيعية لتعريفنا للأسلوب المسرحي. تحكم المفاهيم أو الأهداف الأسلوب لأنها تعمل كأسباب تملكها الفرق المسرحية لاختيار التقاليد والتلاعب بها .
 ويمكن تمييز فهم الأساليب بهذه الطريقة باعتبارها أزواج من الأهداف ومجموعات من التقاليد، حيث تستخدم التقاليد كوسيلة مقبولة ملائمة لتحقيق الأهداف . وكما رأينا فعلا، فان العلاقة بين الأهداف ومجموعات التقاليد ضعيفة . فمثلا، السمة المميزة لأسلوب السرد في ممارسات الأداء البريختي يمكن أن نكتشف أنها تخدم أهدافا أخرى في ممارسات التمثيل في القرن الثامن عشر في فرنسا . ويقدم ( ويليامز) مثالا آخرا مهما عندما يلاحظ أن كثر من المسرحيات غير الطبيعية تقوم بوضوح علي فلسفة طبيعية . وهذا يوحي بنتيجة أخرى في تعريف الأسلوب المسرحي :
 « مجموعات التقاليد المميزة للأسلوب يمكن أن تأتي جزئيا
 من أهداف الأسلوب (ومن الأسلوب نفسـه عندمـا يُفهــم  باعتباره ظاهرة) ؛ ويمكن أن يكون نفس التقليد محكوما  بأهداف أخرى وشكل آخر، وأساليب مماثلة ظاهريا .
 وتكمن أهمية هذه النتيجة في حقيقة أنها تسمح لنا أن نحدد طريقة واحدة مهمة يمكن مزجها. فالأساليب المسرحية يمكن المزج بينها بعدة طرق. ولكن استهلال بعض التقاليد تحت أهداف مختلفة له أهمية فريدة. وهذا لأن كثير من الأساليب الشائعة في المسرح المعاصر يقال إنها عابرة للثقافات ويمكن أن تٌفهم بهذه الطريقة – لأنها تستخدم تقاليد مكونات الأساليب من ثقافات مغايرة لأهداف محلية. وهو سؤال تجريبي له أهمية سواء بطريقة مزج مجموعات التقاليد هذه من ثقافة لخدمة أهداف مميزة لثقافة أخرى تسمح فعلا للعروض المسرحية لسد الانقسام الثقافي .
 المزيد عن الأساليب الفنية كما تُقدم وتُفهم :
في مراجعة نقدية لمسرحية « رحلة الي الغرب A Journey to the West” إعداد وإخراج ( ماري زيمرمان Mary Zimmerman) يكتب (جيمس هاربيك James Harbeck) “أن الأداء لا يلعب علي الفرق بين الأساليب المسرحية الأمريكية والصينية، بل بالأحرى يمزجهما ويقارنهما – يتم نطق السطور بميل أمريكي، ولكن كثيرا من الإيماءات البدنية ( والألعاب البهلونية) تدين بالتدريب علي الحركة للأسلوب الصيني”. وعن الكتابة عن إنشاء أقسام دراسات الأداء ومشكلات مناقشة ممارسات الأداء التي لا تقع بدقة في داخل دراسة الأدب أو الدراما . وتكتب (روزالين كونستانتينوRoselyn Costantino) قائلة إن :
 كثيرا من ممارسات الأداء في أمريكا اللاتينية قد نمت محليا
 متأصلة في التقالـيد الثقافيـة والمـسرحية غير المعـروفة لدي ثقافة النخبة ولكنها كانت موجودة رغم ذلك منذ عــدة قرون باعتبارها صيغ تعبير عن شعوب الأمريكتين . وهي تتضمن المـسرح السـاخر، والكباريه السـياسي، ومسـرح الشارع، وفنون الجسم، والاحتفالات الشعبية والطقوس الدينية .
وتظهر تعليقات مماثلة في كثير من المقالات فيما يتعلق بأداء المسرح . وفكرة الأسلوب الفني في الأدب الأكاديمي فيما يتعلق بالأداء المسرحي هي فكرة عريضة جدا . فهي تتضمن إشارات النوع النوع، والتقاليد الوطنية الموجودة، وأنواع الأداء، والحركات . وتتضمن الحركات المشار إليها في هذا الأدب «المذهب الطبيعي « و»المذهب الواقعي” و “المذهب التعبيري “ (من الثقافة الأوروبية المعاصرة)، و»الأروجوتو Arogoto « أو « العمل علي المادة المسرحية الخام»، و»الجيوري Jojuri”، والأسلوب الموسيقي المعروف باسم بونجوبوشيBungobushi “ (من الكتالوج المقترح حديثا لأساليب مسرح الكابوكي الياباني) . ويتم تمييز بعض الأساليب علي أنها أساليب مخرجين معينين، أو جماعات أداء بعينها، أو حتى مؤدين مستقلين . يتم تأمل كثر من الفروق بين الأساليب أساسا من خلال تحديد التقاليد المميزة، علي الرغم من أن بعضها يتم عن طريق تحديد الاختلاف في الأهداف .
 هناك قليل من المنهجية فيما يتعلق باستخدامات هذه المصطلحات، ولاسيما ما يتعلق بمصطلح « الأسلوب Style” نفسه، في هذه الأدبيات . ولا يوجد خطأ في هذا . وعدم وجود مناقشة أو دقة في المصطلحات لا يتداخل مع نجاح التواصل بين الممارسين للمسرح . ولكن التعريف الكامل والملائم فلسفيا للأسلوب يتطلب مزيدا من الدقة . وفهم إذا كان التعريف المقدم هنا صامد، فإننا نحتاج أن نعرف كيف يعمل علي التوفيق بين المتطلبات التي تٌلقى علي عاتق الأسلوب بواسطة مؤرخي الفن، المهتمين بتصنيف أعمال الفن، ونقاد الفن المهتمين بتفسير أعمال فنانين معينين .
الأسلوب باعتباره شارة، ومشروع التصنيف
بدأت رؤية الأسلوب باعتباره « سمة مميزة signatute” عند (نيلسون جودمان Nelson Goodman) . ويحتج (جودمان) بأن الأساليب تتكون من ملامح محددة وأن ملامح العمل الفني تكون أسلوبية عندما ترتبط بفنان معين فضلا عن آخر، أو فترة أو منطقة أو مدرسة، الخ . ولا يعتقد ( جودمان) أن كل ملمح يمكننا من تحديد الأصل يعد ملمحاً أسلوبيا . لأنه لا يتعلق كل ملمح من هذا القبيل – مثل العصر الذي رٌسمت فيه اللوحة – بما يفعله العمل باعتباره عملا فنيا . ولذلك فان تعريفه للأسلوب هو كالتالي : يتكون أسلوب العمل من ملامح التوظيف الرمزي للعمل الذي يتميز به المؤلف أو الفترة أو المكان أو المدرسة الفنية . ولهذا يستنتج (جولدمان) أن الأسلوب لا يعتمد علي الاختيار الواعي للفنان بين البدائل .
 وتسمى هذه الرؤية « الأسلوب المميز «، لأن الوظيفة الأولية للأسلوب في رأي ( جودمان) هي أنه يوّظف كنوع من الشارة التي تحكي لنا عن مصدر الأعمال. ويفي هذا التعريف للأسلوب بوضوح بحاجات مؤرخي الفن . إذ يندرج الاعتراف بالأسلوب، بهذه الطريقة، بوضوح تحت قاعدة المعرفة المتخصصة المطلوبة للفهم الأعمق للمودي .
الأسلوب الفردي، ومشروع التفسير
تنشأ الرؤية الرائدة البديلة لرؤية (جولدمان) عند (ريتشارد وولهايم Richard Wollheim) . اذ يجادل ( وولهايم) بأن تحليل الأسلوب كسمة مميزة ينشأ من الزعم بأن أسلوب العمل يوصف بشكل شامل بواسطة قائمة بسيطة من الملامح الأسلوبية الموجودة في العمل . ويسمي ( وولهايم ) ذلك « أطروحة الوصف description thesis” . ويلاحظ أن النتائج الرئيسية هي الزعم بأنه يمكن القول بأن كل إنسان ربما يمتلك أسلوبا . ولكن هناك فرق واضح بين أن نرسم بأسلوب معين وأن يكون لنا أسلوبنا المميز .
 ويحتج (وولهايم) بأن وظيفة إسناد الأسلوب إلى فنان معين هي شرح لعمل الفنان . ولكن إذا كانت أطروحة الوصف صحيحة، فان إسناد الأسلوب لن يوضح شيئا . ولهذا السبب، لن يوضح إسناد الأسلوب إلى رسام بعينه أي حقيقة عن عمله بقدر ما يدور حول الواقع الحالي للتاريخ الفني التدريجي . فنسبة الأساليب المتوافقة مع مقولة الوصف لا تدلنا علي شيء عن تكوين أسلوب ذلك الفنان، بل تدلنا فقط علي الأسلوب الموجود في الفترة التي تعلّم فيها فنان ما . وبدلا من ذلك، يجب أن يخبرنا إسناد الأسلوب شيئا عن عمل الفنان، وليس عن عصره، لأن الأسلوب شيء يتم تكوينه وليس تعلمه . ودعما لهذا الرأي، يقول ( أندرو هاريسون Andrew Harrison) “ إنها مهارة سخيفة أن تتعلم الكتابة بنفس أسلوب مؤلفين آخرين « . وبالمقارنة مع تحليل الأسلوب باعتباره سمة مميزة، يقترح ( هاريسون) مفهوم الأسلوب باعتباره « توجه إلى البروز direction of salience “، حيث الإدانة المستوحاة من العمل هي وظيفة سيطرة الفنان علي الوسائل في خدمة رؤيته. وتوضح ( جينيفر روبنسون Jenefer Robinson) فكرة وسيلة السيطرة عند (هاريسون) بأن ملمحا معينا ربما يكون حاسما في أسلوب فنان، ولكنه غامض، رغم وجوده في أعمال فنان آخر . وهذا رأي حاسم ضد أطروحة الوصف .
 ويصل مفهوم الأسلوب الفردي إلى مجموعة المزاعم هذه . أولا، إسناد الأسلوب الذي يهدف إلى شرح عمل الفنان يجب أن يفعل أكثر من إدراج الاسناد الأسلوبي إلى عمل ذلك الفنان . ثانيا، لشرح عمل الفنان، يجب أن نفكر في الأسلوب باعتباره شيئا، يتم تشكيله وليس تعلمه . ثالثا، يمكن أن يفسر إسناد الأسلوب عمل الفنان إذا وضح لنا الإسناد الملائم سيطرة الفنان علي تلك الخصائص . رابعا، وهذه الأخيرة هي لماذا يكون إسناد بعينه أكثر أهمية – أو ربما أكثر سيطرة، أو الأكثر دلالة علي السيطرة – في عمل فنان بعينه عن فنان آخر . وهذا المفهوم للأسلوب يفي بحاجات نقاد الفن .
الأساليب المسرحية
من خلال التأكيد علي أهمية ارتباط أهداف فناني المسرح بالملامح الأكبر في المناخ الفكري والسياسي، يبدو أن تعريفنا للأسلوب المسرحي يدفعنا في اتجاه التفكير في الأسلوب كسمة مميزة . ولكن هذا واضح . فعلي الرغم من أن التعريف المقترح للأسلوب المسرحي يقر بأن مجموعات التقاليد التي تحكمها الملامح الظاهرية بأهداف محددة تربطها بمسائل الهدف الاجتماعي الأكبر، فان صيغة هذا الحكم هو أن هذه الأهداف والمفاهيم ترشد المؤدين في اختيار التقاليد ومعالجتها ببراعة. ولذلك يعمل التعريف المقترح ضد استنتاج ( جودمان) بأن الأسلوب لا يعتمد علي الاختيار الواعي للفنان بين البدائل .
 يؤدي تعريفنا أيضا إلى تأكيد مختلف في تفسير ما يميز أسلوب الإسناد . ويؤكد (جودمان) أن أهمية إسناد الأسلوب تصنيفية بالأساس و يعرّف أسلوب العمل بأنه «تلك المميزات الرمزية التي توّظف في العمل والمميزة للمؤلف أو العصر أو المكان أو المدرسة الفنية . ولكن فهم الأسلوب بواسطة متلقي الأداء المسرحي يتعلق بالضرورة بفهم الأهداف المميزة للأسلوب وكيف تحكم اختيارات المؤدي لمجموعات التقاليد . فالوظائف التصنيفية لأسلوب الإسناد المسرحي له أهمية ثانوية ويستمد من حقائق تاريخية حول ظهور الأهداف المحتملة للمسرح في الأفق الثقافي. ولأن أهداف الأسلوب هي ما يولد الحاجة إلى التقاليد التي ترى في استعادتها بأنها مميزة للفرقة المسرحية، والمخرج و الحركة الفنية، الخ، فان التعريف المقترح للأسلوب المسرحي يربطنا بتحليل دور الفنان في تطوير الأسلوب أو تبنيه . فمفهوم الأسلوب باعتباره فرديا حيث أن هذا يعني أنه شيء يمكن أن يكون ملكية خاصة، يدفعنا إلى تناول قصد الفنانين بجدية في تأمل أساليبهم .
 تتضمن الإشارة إلى أساليب المسرح دائما الإشارة إلى الأسباب التي لدي المؤدين لتبني مجموعات معينة من التقاليد ويشير دائما  إلى الكيفية تحكم بها الأهداف العروض ككل .
 فهم الأسلوب المسرحي والفهم المسرحي الأعمق :
لتحقيق الفهم المسرحي الأساسي، فان إسناد النوايا للمؤدين لا يخدم هدفا عمليا . لأن ما هو حاسم للفهم الأساسي هو البارز لخصائص عوامل تطور الأشياء في الأداء، وليس ما يقصد المؤدون أن يكون بارزا . ولا يحتاج المتلقي الذي يسعى لفهم أعمق للمؤدي في الأداء أن يفترض محاكاة المؤدين . لأن الحاسم في الفهم الأعمق للمؤدي هو معرفة المتلقي للتقاليد الفعلية التي يضعها المؤدون في المسرحية . والمتلقي ذو الخلفية المناسبة يمكنه أن يعرف ما هي التقاليد الموجودة في المسرحية حتى عندما لا يعرفها المؤدون أو عندما لا يميز المؤدون التقاليد التي يستخدمونها كتقاليد .
 وربما يبدو أن المتلقين لا يحتاجون إلى التوقع فيما يتعلق بمحاكاة المؤدين عندما يسندون اليهم ارتباطات أسلوبية . ولهذا السبب، ربما نعتقد أن التوقع ليس ضروريا ببساطة بالنسبة لأولئك المعتادين علي أسلوب الأداء . ولكن بنظرة أخرى علي مفهوم الأسلوب الذي نتأمله يوحي بأن هذا ليس صحيحا . ففهم الأسلوب الفردي في الأداء ليس مجرد مسألة إدراج مجموعات التقاليد وربطها بمقولة الأهداف الواضحة الحاكمة لاختيارات مجموعات التقاليد والمناورة بها . فالمتلقي ينشئ الصلة بين الأهداف ومجموعات التقاليد في الأداء عن طريق رؤية كيفية الارتباط بالتقاليد عبر الزمن، وخلال الزمن، من بداية الأداء إلى نهايته ككل . ولذلك فان متابعة الأداء في صيغة متابعة أسلوبه تعني متابعة كيف تشكل أهداف المؤدين السياق لكل أسلوب تقني وخصوصية كل تطور له . إن الأمر يتعلق، كما يقترح (وولهايم)، باستعادة عملية الفكر التي ينتج عنها ذلك الأداء . وتدفعنا هذه الاعتبارات إلى الاستنتاج التالي .
 لأن الفهم المسرحي الأعمق ليس كافيا للتقويم الكامل للأداء ولأن التقويم الكامل يتطلب فهم الأسلـوب الفردي في الأداء ولأن فهم الأسلوب الفردي في الأداء يتطلب تكوين فروض حول قصد المؤدي، وشكــل مـا للتفسير، فان تجاوز فهـم المؤدي العميق للأداء مطلوب .
 يحتاج الفهم الأعمق للأداء المسرحي نوعا من المعلومات المتخصصة التي يمكن أن تساعد المتلقي لتحديد الانجاز الذي يستمر في تقديم الأنواع الملائمة من الفروض . علاوة علي ذلك، بامتلاك فهما أعمق للأداء، فان لديه كل ما يحتاجه لكي يرشده في تأمل ما هي الفروض الملائمة . علاوة علي أن تأملاته للأداء تدله علي البحث عن هذه التفاصيل التي يمكن أن تساعده في تأكيد أو عدم تأكيد تلك الفروض . فالمتلقي الذي يملك فهما أعمق للأداء مستعد لاكتساب تقييما كاملا للأداء. ولكن لكي يفعل ذلك، فلا بد أن يشارك في عملية تفسيرية .
................................................................................
جيمس هاملتون يعمل استاذا لعلم الجمال بجامعة كنساس في أوستن بالولايات المتحدة الأمريكية . وله العديد من الدراسات في علم الجمال وفن المسرح .. وقد سبق أن قدمنا له عددا من الدراسات في جريدة مسرحنا في الأعداد السابقة .
وهذه الدراسة هي الفصل التاسع من كتابه «فن المسرح The Art of Theater “ الصادر عن مطبوعات Balckwell 2007 .


ترجمة أحمد عبد الفتاح