طالبات المنصورة يحولون «كوفيد 19» لتصميمات أزياء

طالبات المنصورة يحولون «كوفيد 19» لتصميمات أزياء

العدد 694 صدر بتاريخ 14ديسمبر2020

تحت إشراف د. عمر غنيم عميد كلية الفنون الجميلة جامعة المنصورة، قدمت طالبات الفرقة الثالثة قسم الديكور، والفرقة الأولى شعبة الفنون التعبيرية مشروعهم الأول فى مادة أزياء السينما والمسرح، الذي حمل اسم (تأثير الظروف المحيطة على مصمم الأزياء «وباء فيروس كوفيد 19»)، فكرة المشروع جديدة من نوعها ومواكبة للجائحة ، وتمثل تحديًّا صعبًا على الطالبات، في مشروعهم الأول، ولكنهم استطاعوا أن يفوزوا في هذا التحدي وأبهروا الجميع. هذا ما تقوله دكتورة المادة مصممة الأزياء المسرحية د. مروة عودة خريجة مركز الإبداع الفني الدفعة الثانية، أو «الدُفعة الذهبية» كما تطلُق هى عليها، وهم الذين قدموا العرض المسرحى الشهير «قهوة سادة».
د. مروة عودة صممت العديد من الأزياء لعدد من المسرحيات منها « سلم نفسك والزائر وتسجيل دخول والإسكافي ملكًا والجلسة وحدث في بلاد السعادة وزى الناس والإلياذة، كما حصدت العديد من الجوائز الخاصة بتصميم الأزياء ومنها جائزة أفضل مُصممة من المهرجان القومي للمسرح وجائزة الدولة للإبداع، كما  حصلت على جائزة الدولة التشجيعية فى فرع تصميم الأزياء المسرحية. حول المشروع كان لـ»مسرحنا» هذه اللقاءات مع د. مروة عودة وفريق عمل المشروع .

في البداية قالت د. مروة عودة: هو مشروع ينفذ كل عام ، مبنى على عنصر من الطبيعة، و هو أول مشروع لهم في مادة الأزياء، وتلك هى المرة الأولى التى يدرسون فيها المادة، سنة أولى تعبيرية أو الفرقة الثالثة في كلية الفنون الجميلة، ففى أول سنتين في الكلية لا يدرس  الطلاب أي شىء له علاقة بهذا التخصص، وبالنسبة لهم كان «أول مرة»..  فكرة المشروع مبنية على اختيارهم عنصر من الطبيعة يبنون عليه تصميماتهم الخاصة بالأزياء، يختار كل منهم عنصرا مختلفا، إحدى الطالبات وهى ندى نشأت اختارت «فيروس كورونا» وبالإجماع وقع الاختيار عليه ليكون العنصر المختار في المشروع، وكنت أراه مناسبًا جدًا لأنه مواكب للعصر على الرغم من صعوبة أن يُستوحى أو تُبنى عليه أفكار تصميمات أزياء، والمبهر في الأمر أن كل تصميم  جاء مختلفا تمامًا عن الآخر، حتى أن المخرج الكبير محمد فاضل علق على أحد التصميمات الخاصة بالطالبة فاطمة محمد محمد زايد على حسابي الشخصي على الفيسبوك، قائلا: «رأيى الشخصي المتواضع إن هذا أحسن تصميم»، كما أشاد بتصميمها أيضًا الفنان محمد الدسوقي مدير مسرح الهناجر والمخرج عصام السيد.
وأضافت «عودة»: دائمًا أحدثهم عن المصممين العالميين وكيف يستخدمون العنصر الذين يبنون عليه أفكارهم، وأعطيت لهم أمثله منها الفنانة الرائدة عزة فهمي، و تصميماتها من الحلي التي تأتي مختلفة ومتنوعة ومتميزة. هدفي أن أجعلهم يرون أمثلة أخرى من المصممين الكبار سواء في  الحُلى أو الأزياء.. و الأهم هو كيفية تصميمهم وتوظيفهم ، حيث يجب أن يكون بينهم  تجانس وروح الفريق ، فعمل مصمم الأزياء وبخاصة فى المسرح يُبنى على العمل الجماعى، يجب أن يعرف المصمم  طبيعة فكر زملائه من ديكور وإضاءة وماكياج وغيرها من العناصر المسرحية، لأن كل ذلك فى النهاية ينعكس على عمله من اختيار الخامات والألوان وهكذا..
تابعت : الطلبة بالفعل أبهروني في أول مشروع لهم وقد استطاعوا أن يحولوا  التصميم بالرصاص إلى تصميم ديجيتال، حيث القلم الديجيتال مُكلف جدًا ويحتاج دربة واعتيادا للرسم به، ولكنهم استطاعوا أن يتغلبوا على كل هذه التحديات فبعضهم استخدم الفارة فى التلوين، وإحدى الطالبات لم يكن عندها لاب توب، فقامت بتلوين التصميم من خلال الهاتف المحمول، فجاء إبداعهم فى التصميمات لا يقل عن إبداعهم في التغلب على التحديات والظروف بشكل فاق توقعاتي وأبهرنى حرفيًّا، بخاصةٍ أنها المرة الأولى لهم.
وقالت أية المعيدة بكلية الفنون الجميلة جامعة المنصورة قسم الديكور شعبة الفنون التعبيرية: منذ بداية وضع د. مروة للمشاريع ودوري ضمن فريق عملها هو الإشراف على تلك المشاريع، نحن لا نجبر الطالب على موضوع بعينه فى العملية الإبداعية، نعطيهم الحرية في الاختيار، لنستطيع أن نُخرج منهم تصميمات أزياء مختلف تُعالج ما لدينا من مشكلات ، وقع اختيار الطلبة على موضوع الكورونا فوافقنا عليه بوصفه موضوعا مؤثرا علينا وعلى العالم بأكمله، فمن ناحية الأزياء فى العالم ظهرت حلول معالجة للكورونا من ناحية الكمامات أو حتى السُترات التي يرتديها الأطباء للحماية من خطر انتقال المرض، وعلى الرغم من كون الفيروس يشكل رمزا للمعاناة والتعب، إلا أن بعض مصممي الأزياء استطاعوا أن يحولوه لتصميمات أزياء مبهجة ومختلفة. بعد استقرارهم جميعًا على الفكرة، بدأنا نناقش كل فرد في كيفية رؤيته لفكرة المشروع عند تحويلها لأزياء، وكان منهم من فقد أشخاصا أعزاء عليه، بعضهم شاهده بشكل سلبي وبعضهم رسمه بشكل إيجابي، فأحيانًا المنحة تكون فى المحنة، كل منهم وضع شعوره تجاه الكورونا فى التصميم، منهم من شاهده كوحش لأنه أفقده شخص عزيز عليه، ومنهم من صممه بشكل يمكن ان  أحمى نفسي منه، بعضهم رآه  مخلوقا من مخلوقات الله عز وجل وله سبب فى وجوده. و على الرغم من أن الكورونا فيروس مؤذ جدًا فقد استطاعوا أن يجعلونا نرى فيه جمالا، حسب رؤيتهم الإبداعية، وكان لنا دور التوجيه والإشراف دون تقييد أفكارهم وإبداعهم.
أضافت «أية»: كُنا دائمًا نحفزهم ، ومن أكثر التصميمات التي لمستني تصميم لطالبة توفى والدها بالكورونا من شهر تقريبًا، وكان عزيز عليها جدًا، ورغم كل هذه الظروف استطاعت أن ترسم من الشيء الذى أفقدها والدها تصميمًا غاية فى الإبداع، وبعضهم استطاع أن يُخرج من القُبح جمالا وحلا إبداعيا ويحولوه لألوان مبهجة ومبتكره.
وأضافت «أيه»: دائمًا نُشدد عليهم على أهمية أن يكون إبداعهم خارجا عن المألوف، بمعنى أن الملابس تلك لن تستطيع أن ترتديها فى الشارع، د. مروة دائمًا ما تقول إن من علامات الإبداع عندما نسأل أنفسنا هل هذا التصميم عند تنفيذه يصلح لأن يرتديه أي شخص عادى في الشارع؟ فإن كانت الإجابة بنعم، فهذا معناه أن التصميم ليس إبداعيا بالشكل الكافي، أما  إذا  كانت الإجابة بلا، فيعني أن هذا التصميم على أول طريق الإبداع والتميز، فالأزياء بعضها تصمم للتصنيع وبعضها للعرض فقط، المُصمم يُنفذها لكي يُظهر قدراته الإبداعية للجمهور فقط، بعض الطلبة يفكرون:عند وضع هذا التصميم على المسرح كيف سيكون شكله؟ وهذا يُحدد اختيارهم للألوان، فالإضاءة تُؤثر على لون الزى، والطالب يُفكر فى شكل تأثير الإضاءة ولونها على تصميمه من الأزياء، وعلاقته بالسينوغرافيا عموما، وحركة الممثل الذي يرتدى هذا التصميم، هو بالتأكيد ليس تمثالا ثابتا، وإنما هناك حركة، يجب أن يُراعى مصمم الأزياء ميكانيزم الحركة عند تفكيره في التصميم.
فيما قالت الطالبة ندى نشأت صاحبة اختيار عنصر الكورونا للمشروع: فكرة اختيار الكورونا جاءتني من الظروف المحيطة، بما أن الوباء جعل العالم بأكمله تقريبًا يتوقف، فقد قررت أن أحول هذا العنصر الذي أوقف العالم وبخاصةٍ المسرح والسينما و الفنون التعبيرية بشكل عام إلى حركة بأن أحوله إلى زى، فقد رأيت الكورونا على شكل وحش استطاع أن يقتحم العالم، ومن هنا بدأت في تصميم هذا التخيل، رأيته شخصية اقتحمت كوكب الأرض بأكمله ومنعته من ممارسة الفنون والتطور. وبما إن الفنان يتأثر بالظروف المحيطة، فمن المؤكد أنه بعد انتهاء المحنة، سنسترجع هذه الفترة، واعتقد أن الفنون هى خير ذاكرة تستطيع أن تجعلنا نرى تلك الفترات العصيبة. تابعت:  اللون الأخضر النيون هو أكثر ما يُميز فيروس الكورونا كتكوين مرسوم، لذلك قررت أن استخدم هذا اللون في التصميم كى يكون الأمر واضحا ومباشرا  للمشاهد فيُدرك أنها الكورونا، لا أرغب في أن أرهق المشاهد بأن يتخيل هذا التصميم ككائن فضائي اقتحم الأرض لكي يجعل العالم يتوقف، وددت أن أجعل التصميم يغلب عليه الطابع الأنثوى إلى جانب الجراءة والشراسة، كل هذه التركيبة فى تصميم واحد، وددت أن أُخرج من القُبح جمالا.
و قالت الطالبة فاطمة محمد زايد: كل منا يختار عنصرا من الطبيعة ثم نختار العنصر بإجماع الأصوات، ففي البداية اخترت عنصر البومة ورأيت أن درجاتها البنية ستجعلنى أبدع برؤية مُعينة، ولكن بعد اقتراح زميلتنا ندى تحمسنا جميعًا للفكرة ، رأيتها شخصية أكثر من مجرد فكرة الزى، استخدمت الأشكال المباشرة كالدوائر، وعلى الرغم من أن ليس لدى خبرة كبيرة بالمسرح، فقد رأيت كثير من الناس أخبروني أن هذا التصميم أقرب إلى تصميمات الأزياء المسرحية، ولم أتوقع تمامًا تعليقات قامات كبيرة كالمخرج الكبير محمد فاضل والفنان محمد دسوقي على تصميمى، الذي خرج بهذا الشكل بفضل إشراف د. مروة عودة التي لا تبخل علينا أبدا بأي دعم وتسعى دائمًا لتطويرنا هى وفريق عملها من المعيدين.
وقالت الطالبة رقية وائل أحمد الشربينى: عندما استوحيت من الكورونا التصميم، كان المقام الأول لفكرة التأثير، فقد قسمت عنصر الكورونا و أخذت النتوءات الخارجة منه التي تقتحم الجهاز التنفسي والرئة، وصممت الجزء العلوي من الفستان على شكل القفص الصدري، والنتوءات جعلتها تدخل بشكل يجعل الناظر يراها بالفعل وكأنما تدخل إلى الرئة ،  وإن بشكل جمالي، ولكن مع الاحتفاظ بإعطاء تأثير معاناة الكورونا على جسم الإنسان، بشكل درامى، وعلى خشبة المسرح استطيع أن أجعل المشاهد يُصدق أنها فعلًا كورونا، وأن الجزء السفلى من الفستان عبارة عن التحام الكورونا بكرات الدم داخل جسم الإنسان، وبدأت في تكرار عددها ودمجها كحالة من التلاحم والتشابك.
وأخيرًا قالت الطالبة ساندي عادل فؤاد: هذا المشروع هو أول مشروع لي في التزم الأول كتصميم أزياء، وهو لم يكن مشروعًا عابرًا أو عاديًّا بالنسبة لي، وإنما نظرت إليه بوصفه تحدى كبير، أن أستطيع أن أصنع عملا فنيا من واقع أليم، خاصة أني فقدت والدي» رحمة الله عليه» بسبب الكورونا، كان الأمر مرهقًا جدًا ويحتاج إلى مذاكرة شاقة، بدأت أرى فيديوهات عن الفيروس وكيف ينتشر فى جسم الإنسان، ..الفكرة كانت بالنسبة لى شبه مستحيلة، بدأت فى رسم التصميم : وحش يفقدنا كل عزيز وغالى، استطعت أن أُخرج فى هذا التصميم كل مشاعري تجاهه، كرهي لهذا الوحش المدمر، وبالطبع لولا دعم د. مروة عودة وكل المعيدين المشرفين على المشروع لما خرج المشروع بهذا الشكل المُشرّف والمُختلف.

 

 


إيناس العيسوي