العدد 684 صدر بتاريخ 5أكتوبر2020
في تجربة تُوصف بالجريئة أن يخرج أحد الأكاديميين بالمعهد العالى للفنون المسرحية بعلمه وأفكاره لخارج جدرانها ، فما بالك وإذا كان القائم على تلك المبادرة هو عميد المعهد نفسه، الدكتور مدحت الكاشف ، والذي أعد أكثر من 20 حلقة لتكون نبراثًا لشباب الموهوبين في فن التمثيل، حلقات مسجلة يبثها عبر قناته الخاصة على موقع الفيديوهات المصورة «اليوتيوب تحت عنوان «اكتشاف الممثل مع د. مدحت الكاشف» قد لا تستغرق الحلقة الواحد من 7 إلى 10 دقائق إلا انها تمثل عصارة خبراته في مجال فنون الأداء.
ويقول الدكتور مدحت الكاشف عميهد المعهد العالى للفنون المسرحية :»أنه كان لدي تأملات قديمة منذ عدة سنوات، حول فن الممثل، وأدت تلك التأملات إلى الوصول لعدة نتائج أهمها هي محاولتي في تصحيح المفاهيم الخاطئة، والشائعة والتي تحيط بكل ممارسي التمثيل في مصر، والبلاد المجاورة، فهناك من يمارس التثميل وهو لا يعني ولا يعرف ولا يفهم جوهر فن التمثيل، بالإضافة إلى أن هناك بعض الأشياء الخاطئة والتي يقومون بترديدها دون أن يعيىي ماهيتها، فأخذت تلك المفاهيم المغلوطة قوة الحقائق، وهي في حقيقة الأمر بعيدة كل البعد عنها .
وتابع «الكاشف» فكان لابد أن أقوم بدوري في تلك اللحظة، وهو ما أقوم به من طلابي من أكاديمية الفنون، هذا بالإضافة إلى سلسلة المقالات التي قمت بنشرها عبر جريدة مسرحنا منذ نشأتها، وحتى وقت قريب، ووجدت أن هناك شغف كبير من قبل الشباب والمحترفين الذين يقومون بممارسة فن التمثيل.
مستكملاً :» وهو الأمر الذي جعلني أفكر في توسيع قاعدة المعرفة، لاسيما وأن هناك المئات الذين يهتمون بفنون الأداء «فن التمثيل»، وغالباً ما نجد أن هناك بعض الكتابات العربية أو المترجمة التي رسخت لبعض المفاهيم المغلوطة».
مؤكدًا على أنه يحاول من خلال المحاضرات لوضع الأمور في نصابها الحقيقي، وأن نطلق على الأشياء مسمياتها الصحيحة، حيث قال :» أحاول تحفيز الشباب الذين لديهم رغبة في تعلم فن التمثيل أو معرفة ماهيته أن يعيدو النظر في الأشياء بشكل أوضح ويستطيعون من خلال تلك المحاضرات أن يكتشفوا قدراتهم الكامنة بداخله ويعمل على اخراجها، إذا أنني أن الممثل الحقيقي هو من يكون لديه الموهبة، ويكون لديه المقدرة والقدرة على التعلم».
مشيرًا إلى سلسلة الحلقات هي سلسلة منفصلة ومتصلة في الوقت ذاته، وأن المرحلة الحالية هي مرحلة تصحيح المفاهيم، وبعد الانتهاء من تلك المرحلة سأتطرق إلى مرحلة التدريب، بحيث يستطيع الممثل أن يقوم بتدريب نفسه بنفسه، وهو التدريب الذاتي، كما أن تلك الحلقات ستستهدف أيضًا مدربين التمثيل، لاسيما وأن الفترة الأخيرة قد شهدت ظهور العديد من ورش تدريب الممثل ، والتي – للأسف- قد يكون القائمين عليها غير مؤهلين لتدريب الممثل ، وانهم ليسو على وعي تام بخامة الممثل الذين يقومون بتدريبه، والتي قد تؤدي في النهاية إلى تخريب المتدرب، للأسف أن مهنة مدرب التمثيل أصبحت مهنة لا مهنة له»
منوهًا على أن هناك الكثير من الممثلين الذين يظهرون على الساحة ليسو بممثلين، فإذا افترضنا أنه لدينا مائة ممثل فإننا نجد أن 90 % منهم ليسو بممثلين، و5% منهم هم الممثلين الحقيقيين، لكنهم ليسو نجوم شباك بمعطيات السوق الحالي، والـ 5% فهم نجوم ومشاهير.
وعن التفاعل مع حلقات «اكتشاف الممثل مع الدكتور مدحت الكاشف» فقد لوحظ أن تحقق نسب مشاهدة كبيرة هذا بالإضافة إلى التفاعل مع ما يتم بثه عبر الحلقات والتي قد تفتح مجالاً كبيرًا من الأسئلة . وفي هذا السياق قال الدكتور مدحت الكاشف أن الحلقات بالفعل تحقق مشاهدات جيدة ولكن الأهم هو التساؤلات التي تأتي من المتابعين والتي تفتح مجالاً كبيرًا لعمل حلقات أخرى وجديدة تقوم بالإجابة عليها.
أما عن موضوع جاذبية الممثل والتي يفجرها الدكتور مدحت الكاشف في الحلقة والتي حققت عدد مشاهدات تجاوز الـ 565 مشاهدة وتفاعل وتعليقات خاصة بالحلقة .
ويطرح الكاشف عدة تساؤلات حول فكرة جاذبية الممثل والتي يطلقها البعض حول أداء بعض الممثلين ومنها «ممثل هايل، لديه حضور عالٍ ، لديه كاريزما عالية... إلخ» ، وأن مثل هذه التعبيرات يتم اطلاقها على بعض الممثلين من فرط الإعجاب بأداء أحد الممثلين، ويوضح الكاشف أن سر اطلاق تلك العبارات على الممثل هي تلك الطاقة التي تخرج من الممثل بفضل حضورة وقبوله وسيطرته وحيوته وقدرته وفاعلياته، وأن كل تلك المتردفات هي السبب في تفسير جاذبية الممثل ، وهو ما يجعلنا نتسائل حول تلك الطاقة عما إذا كانت موجودة بداخل أي ممثل موهوب أو عنصر متأصل بداخله أم أن تلك الطاقة التي يتمتع بها الممثل عبر التدريب والممارسة الدائمة للأداء؟ وعما إذا كانت تلك الطاقة هي شيء مادي محسوس نستطيع تدريبه وتنميته؟ أم أنها شيء لا يمكن الإمساك به ؟ وهو ما يجعلنا أن نقول أن عملية الدخول إلى الطاقة تتطلب من الممثل أن يكتسب طبيعة أخرى؛ غير طبيعته الأولى وهي التي يستطيع فيها الممثل في التخلص من عاداته الحركية ولازماته وأسلوبه في التعبير.
وأن اكتسابه طبيعة أخرى تجعله أكثر ثراءً وأكثر مرونه في ابتكاره وابداعه قبل حتى أن يشرع في بداية أداءه للدور اأو الشخصية لمنوط القيام به.
وكثيراً ما نجد بعض الممثلين يقومون بفرض شخصياتهم الطبيعية على الأدوار التي يقومون بأدائها، فنجد أننا أمام شخصية واحدة في كل ما يقوم به ولا يوجد فروق بين كل دور من أدوارهم، وعلى الرغم من اعجابنا بما يقومون بتقديمه ، ولكن ماذا لو تخيلنا أنهم قاموا بابتكار حركات مغايره وجديدة لكل شخصية مما قاموا بأدائها، فسنجد أننا أمام شخصيات جاذبية أخرى، وأنهم سيكونوا في تلك اللحظة أمام شخصيات ساحرة.
طاقة الممثل
مؤكدًا على أن طاقة الممثل هي طاقة مستمرة ومتدفقة ولا تتوقف، وهذا يحدث من خلال اهتمام الممثل بكل ما هو غير معتاد، أي أن الممثل يخرج عما هو معتاد ومألوف لديه أي يخرج من لازماته الشخصية، ويبحث عما هو مبتكر في الحدث أو الموقف الدرامي المنوط بالتعبير عنه في تلك اللحظة من خلال أدائه الشخصية التي يؤديها، وهو الأمر الذي يعتمد على عدة عوامل أولها شخصية الممثل وأحاسيسه ، ثانياً ذكائه الفني ، ثالثاً ذاتيته الاجتماعية والتي تجعله شخص مميز ومتفرد وسط أقرانه في المجتمع لاسيما فيما يتعلق بأسلوب التعبير الذي يعتمد على الإبداع وليس التقليد، فالممثل لابد أن يكون مبدعًا وليس مقلدًا.
الممثل المبدع
وفي مجال تدريب الممثل أنه من الضروري أن نقوم بتحفيز الممثلين على اكتساب طرق معينة للحركة والايماءة والإشارة بغرض للوصول الى أجساد غير عادية وغير معتتادة بأجساد فوق العادة والتي تعني اكتساب تقنية من أجل التعبير، ففي حالة التمثيل لابد أن تكون طريقة التعبير جديدة، حتى يخرج الممثل من أثر التقاليد والأعراف الحركية التي اعتاد عليها ومحفورة في تراثه وداخله لكي يتحرر منها ليكون لديه قدره على التجديد والعمل بحيوية وبحضور، وما يجعلنا أن نطلق عليه ممثل طاغي وممثل مقنع لأنه استخدم جسده بطريقه مغايرة عن الذي يقوم باستخدامه في الحياة اليومية .
اكتسابه لسلوك حركي غير معتاد هو الذي يولد ما يسمى بـ «الحضور» وهو ما يجعل العملية الإبداعية التي يقوم بها الممثل ملموسة ومؤثرة ومرئية وهو ما يجعلنا نقول نطلق عليه ممثل مبدع» .