محمود الطوخي الكاتب المبدع

محمود الطوخي الكاتب المبدع

العدد 665 صدر بتاريخ 25مايو2020

الكاتب المبدع ورجل المسرح محمود الطوخي - والذي رحل عن عالمنا في 13 مايو (عام 2020) - ينتمي أدبيا إلى جيل الثمانينات من الكتاب، وهو الجيل الذي بدأ عدد كبير منهم في تقديم إبداعاتهم من خلال الفعاليات المتعددة والمهرجانات المتخصصة التي نظمتها «الجمعية المصرية لهواة المسرح» (التي شرفت بتأسيسها ورئاسة مجلس إدارتها منذ عام 1982)، ولذا كان من المنطقي أن تربطني صداقات قوية مع هؤلاء المبدعين من أبناء جيلي. خاصة وأن جميعهم قدمت إبداعاتهم الأولى من خلال عروض المهرجانات المتتالية التي قدمتها الجمعية - وفي مقدمتهم الأساتذة الراحلين: محمود الطوخي، محسن مصيلحي، محمد الشربيني، هشام السلاموني، مهدي يوسف، أبو العلا عمارة، نبيل أمين، صالح سعد، مؤمن عبده، ومن المعاصرين - أطال الله أعمارهم - الأصدقاء: عصام الشماع، حمدي عبد العزيز، السيد محمد علي، عادل معاطي، سمير الجمل، عبد الفتاح البلتاجي، وليد يوسف، نادر صلاح الدين، خالد الصاوي، أحمد هيكل، محمود كحيلة، فتحي الكوفي، مجدي سالم، سعيد حجاج، متولي حامد، حسن أبو العلا، ياسر بدوي.
والكاتب المتميز محمود الطوخي والذي نجح في أن يحفر لنفسه مكانة متفردة بين أبناء جيله من مواليد 13 مارس عام 1945. وقد نجح في الحصول على درجة “ليسانس” الآداب قسم اللغة الإنجليزية من “جامعة عين شمس” عام 1965، وبالرغم من ذلك فقد وفق في بدء حياته العملية قبل تخرجه، وذلك بالعمل بمشروع “السد العالي” بأسوان عام 1964. ولحسن الحظ  أتيحت له هناك فرصة المشاركة في تأسيس فرقة “أسوان المسرحية”، وبعدا اكتسب كثير من الخبرات قرر صقل موهبته بالدراسة فالتحق بقسم التمثيل والإخراج في “المعهد العالي للفنون المسرحية” عام 1968، ولكنه للأسف لم يستطع استكمال الدراسة به، وفضل السفر إلى “سوريا” الشقيقة للعمل بها عام 1969، وهناك مارس هوايته الفنية وأخرج مسرحية “ثمن الحرية” لفرقة محافظة “السويداء”، ثم انضم إلى ورشة “مسرح الشوك” السورية، وشارك بالكتابة في أول عروضها (والذي يعتبر تاريخيا من أوائل عروض “الكباريه السياسي” في المسرح العربي). وفي عام 1970 حضر لمحافظة “الاسكندرية” مدعوا من فرقة المسرح الجامعي وقدم من تأليفه وإخراجه عرض “سبرتو على جروح بلدنا”، ويعتبر هذا العرض (ومع عرض “البعض يأكلونها والعة” لمنتخب جامعة القاهرة) من أوائل عروض “الكباريه السياسي” في مصر، وقد شارك في بطولته نخبة من الشباب هواة التمثيل آنذاك من بينهم: محمود عبد العزيز، عادل أمين، وأسامة عبد الوهاب.
وقد دفعه طموحه بعد ذلك إلى السفر إلى مدينة “لندن” عاصمة المملكة المتحدة عام 1972 حيث عاش هناك أربعة عشر عاما حتى عام 1986، درس خلالها إدارة الفرق المسرحية والإنتاج الفني بإكاديمية “ويبردوجلاس”، ثم التحق بورشة السيناريست العالمي بادي تشايفسكي لمدة عامين، وهناك أيضا عمل معدا ومقدما إذاعيا بالقسم العربي بإذاعة ال “بي. بي. سي”. كما عمل صحفيا بمجلة “الحوادث اللبنانية” بعد هجرتها للندن، وليصل بموهبته ومجهوده إلى منصب مساعد رئيس التحرير.
وبالرغم من تحقيقه لتلك النجاحات إلا أن الحنين إلى الوطن قد دفعه إلى اتخاذ قرار العودة إلى “مصر” بصفة نهائية والإستقرار الدائم بها منذ عام 1986، فعاد إلى مدينة “القاهرة” وبدأ يمارس الصحافة بجانب الكتابة الفنية كمحترف بالمسرح والسينما والتليفزيون، ثم كان قراره الجريء عام 2006 - بعد زواجه من الدكتورة غادة حسين موسى - بالإقامة بصورة دائمة بمدينة الأسكندرية.
وبصفة عامة يحسب له محاولاته المستمرة لتحطيم القوالب المعروفة فى الكتابة والإخراج، وتقديم رؤى نقدية جريئة للواقع السياسى المصرى، حيث اتسمت جميع كتاباته بالموضوعات والقضايا السياسية والإجتماعية المهمة التي تطرحها، وبمهارته الكبيرة في توظيف خبراته الصحفية واستلهام كثير من الموضوعات من الأحداث المعاصرة، وذلك مع نجاحه في تقديم عدد كبير منها في إطار كوميدي شيق وجذاب، ولتمثل غالبا - وخاصة بالمسرح - شكلا من أشكال “الكباريه السياسي”.
وجدير بالتنويه إلى تمتعه بعضوية “نقابة المهن التمثيلية” منذ عام 1981 (شعبة التمثيل والتأليف)، وعضوية “نقابة المهن السينمائية” منذ عام 1987 (شعبة السيناريو)، كذلك بعضوية كل من: “نقابة الصحفيين البريطانيين”، و”الإتحاد العالمى للصحفيين”.
ويمكن تصنيف مجموعة أعماله الأدبية والفنية طبقا لاختلاف طبيعة العمل واختلاف القنوات الفنية (المسرح السينما التلفزيون) مع مراعاة التسلسل الزمني كما يلي:
أولا - بمجال الصحافة:
عمل معدا ومقدما إذاعيا بالقسم العربي بإذاعة ال “بي. بي. سي” بمدينة “لندن”، كما عمل صحفيا بمجلة “الحوادث اللبنانية” وذلك خلال فترة سبعينيات وبداية ثمانينات القرن العشرين. وبعد عودته واستقراره بمصر خلال النصف الأول من ثمانينات القرن العشرين مارس مهنة الصحافة بكتابة عدد كبير من المقالات ببعض الصحف والمجلات، كما تولى مسؤولية إصدار نشرة نقابة “المهن التمثيلية” ورئاسة تحريرها، ويحسب له أيضا نجاحه في إصدار “دليل الفنانين” بأجزائه الثلاث عام 1983.
ثانيا - بمجال التمثيل:
شارك بالتمثيل فى بعض الأعمال الفنية ومن بينها: فيلم “أيام فى لندن” (إنتاج بريطانى سورى مشترك - 1973)، مسرحية “مصنع الشيكولاتة” (1978)،  مسلسل “نهاية العالم ليست غدا” (1983)، فيلم “مقص عم قنديل” (1985).
ثالثا - بمجال الإخراج:
برغم عشقه لمهنة الإخراج بصفة عامة والإخراج المسرحي بصفة خاصة، ونجاحه في إخراج بعض العروض المتميزة لفرق الهواة وخاصة بفرق الثقافة الجماهيرية (الهيئة العامة لقصور الثقافة”، وحصوله على عدد من الجوائز إلا أنه لم يقدم من إخراجه بمسارح المحترفين إلا عرضا واحدا وهو “بكره” عام 1994، وهو من إنتاج فرقة “مسرح الغد”، وبطولة كمال أبو رية، ألفت إمام، علي عزب، وأمينة سالم.
رابعا - بمجال الكتابة:
يمكن تصنيف إبداعاته الأدبية والفنية في مجال الدراما إلى ثلاثة أقسام كما يلي:
1 - كتابة الدراما التليفزيونية: والتي يمكن تصنيف إبداعاته بها كما يلي:
- المسلسلات: افتح يا سمسم، خيانة، رجل طموح، حكايات زوج معاصر، عيب يا دكتور، أيام الحب والشقاوة، المهنة طبيب، بنات × بنات، لو كنت القاضى.
- التمثيليات والسهرات التليفزيونية: طلقة في الظلام، كل هذا الحب، صفحة من كتاب الحب، صورة تذكارية، دليل إثبات، حفل الزفاف، أيام الطفولة، الحب في امتحان، الحب وأحكامه.
2 - الكتابة السينمائية: تضمنت إسهاماته الإبداعية أيضا كتابة قصص وحوار وسيناريوهات بعض الأفلام ومن بينها:  الأوباش من إخراج أحمد فؤاد (1986)، حقد امرأة من إخراج نادية حمزة (1987)، شغل أراجوزات ولم يصور بعد (2011).
3- التأليف المسرحي: يمكن تصنيف مجموعة المسرحيات التي قام بتأليفها سواء قدمت على خشبات المسارح أو لم تقدم بعد كما يلي:
أ- بفرق “مسارح الدولة”:
- “الكوميدي”: ليلة مجنونة جدا (1987)، أنا والبنت حبيبتي (1999).
- “الغد”: بكره (1994).
- “الأسكندرية”: بيرم بيرم (2012).
- “الحديث”: غيبوبة (2015).
ب- بفرق “القطاع الخاص”:
- “الصقر” (إبراهيم حافظ): حظ نواعم (1995).
- “مسرح الفن”: دستور يا أسيادنا (1995)، دنيا أراجوزات (2011).
- “التليفزيون”: الجميلة والأندال (2004).
- “مسرحيات مصورة”: الطلاينة وصلوا (1995)،
وقد شارك بإخراج المسرحيات السابقة بمجال الإحتراف كل من الأساتذة: جلال الشرقاوي، فهمي الخولي، محمد أبو داود، رزيق البهنساوي، شادي سرور، محمود الطوخي، محمد مرسي.
ج - مسرحيات لم تقدم على مستوى الإحتراف: حكاية شعب كويس (2008)، كان فيه واحدة ست (2010)، أبو شامة (2012).
وبخلاف المسرحيات السابق ذكرها تتضمن قائمة انتاجه أيضا بعض المسرحيات الأخرى ومن بينها: مسرحية “ما تقتلوش السينما” التي قدمت بافتتاح “مهرجان الأسكندرية السينمائي” عام 2014 وشارك فيها النجم الراحل نور الشريف، ومسرحية “مش بين السما والأرض” التي قام بانتاجها “صندوق التنمية الثقافية” عام 2014.
ويضاف إلى رصيده الأدبي أيضا ترجمته لبعض النصوص الأجنبية ومن بينها على سبيل المثال مسرحية: حاكم على الجسر للكاتب التركي ناظم حكمت.
وتجدر الإشارة إلى مشاركة نخبة متميزة من كبار الفنانين في تجسيد شخصياته الدرامية التي أبدعها فى أعماله الفنية ومن بينهم الأساتذة: عزت العلايلى، محمود عبد العزيز، يحيى الفخرانى، رشوان توفيق، محمود الحدينى، سعيد صالح، محمود الجندى، جمال إسماعيل، عبد العزيز مخيون، نبيل الحلفاوى، أحمد خليل، عبد الله فرغلى، أسامة عباس، أحمد راتب، نجاح الموجى، أحمد بدير، ممدوح وافى، سعيد عبد الغنى، رياض الخولى، ممدوح عبد العليم، هشام سليم، أحمد السقا، خالد صالح، محمود حميدة، خالد النبوى، خليل مرسى، أحمد فؤاد سليم، سامى مغاورى، عبد الله محمود، أشرف عبد الباقى، شريف منير، وائل نور، هشام عبد الحميد، ومن الفنانات: ميرفت أمين، سميرة عبد العزيز، عايدة عبد العزيز، خيرية أحمد، ماجدة الخطيب، رجاء الجداوى، دلال عبد العزيز، سوسن بدر، بوسى، سعاد نصر، شيرين، مشيرة إسماعيل، لوسى، هالة فؤاد، حنان ترك، نيرمين الفقى، رانيا فريد شوقى، رانيا يوسف.
وكان من المنطقي أن يتم تتويج تلك المسيرة الأدبية والفنية العطرة لهذا الكاتب المتميز بحصوله على بعض مظاهر التكريم ولعل من أهمها:
- حصوله على عدد من الجوائز بالمسابقات ومن أهمها: المركز الأول على جامعات مصر بمسرحية “بكره” التي قدمتها “جامعة عين شمس” عام 1994، جائزة أحسن مؤلف مسرحى “المهرجان القومى للمسرح المصري” الدورة الثالثة عام 2008 عن مسرحيته الشهيرة “دستور يا أسيادنا” (رغم تقديمها من خلال مجموعة  من الهواة السكندريين)، بجائزة أحسن عرض عن مسرحية “حكاية شعب كويس” (الشعب لما يفلسع) التي قدمتها “كلية الحقوق” بجامعة الإسكندرية عام 2007، وأيضا جائزة المركز الثانى بنفس المسرحية حينما قدمتها فرقة “المصرية للاتصالات” بمسابقة الشركات عام 2008، وكذلك حصوله على جائزة أفضل عرض في مسابقة الشركات المصرية عن  مسرحية “أبو شامة” عام 2012.
- تكريمه كمؤلف بعدد من المهرجانات المسرحية ومن بينها: “المهرجان السادس للمسرح العربي” الذي تنظمه الجمعية المصرية لهواة المسرح عام 2007، “مهرجان الضحك” الذى نظمته وزارة الثقافة 2010.
- مشاركته بعضوية بعض لجان التحكيم في عدد من المهرجانات المسرحية ومن أهمها: “المهرجان القومي للمسرح المصري” دورة عام 2010، “مهرجان مسرح بلا انتاج” الدورة السادسة الدولية نوفمبر 2014.
- جائزة الكتاب الأفضل باللغة العربية فى فرع “المسرح” بمعرض القاهرة الدولى للكتاب عام 2015 (عن ثلاث مسرحيات مصرية وهي: بكرة، كان فيه واحدة ست، غيبوبة)، وكذلك جائزة أحسن كاتب بمهرجان همسة عام 2015.  


د.عمرو دوارة

esota82@yahoo.com‏