«حادثة منتصف الليل».. يقدم مواهب مسرحية جديدة

«حادثة منتصف الليل».. يقدم مواهب مسرحية جديدة

العدد 658 صدر بتاريخ 6أبريل2020

دائمًا ما انحاز للهواة وأرى فيهم مستقبل الفنون ومن ثم مستقبل وطن فيه شباب قادر على التعبير والمشاركة الإيجابية، بأحلام وطموحات نتلقاها نحن في صور فنون تحقق لنا المتعة البصرية والسمعية والفكرية.
كما أنني أراهن على الهواة الذين يثبتون كل يوم أن الفن الجميل ليس له زمان أو مكان معين، بل موجود في هؤلاء الشباب الذين يحتاجون التوجيه والرعاية، فمن خلال فعاليات مهرجان «إبداع» الذي يقام برعاية وعلى مسرح وزارة الشباب والرياضة، شاهدت عرضًا مسرحيًا بعنوان «حادثة منتصف الليل» تأليف إسماعيل إبراهيم لطلبة قسم الدراما والنقد بكلية الآداب جامعة عين شمس، ويضم مجموعة ممثلين موهوبين: ميشيل ميلاد، أميرة أشرف، محمد رؤوف، محمد السيد، شيرين يسري، رنا أمير رياض، إسراء أسامة، دينا إبراهيم، هدير محمد، رضوى أشرف، محمد حسن، معتز سيد، يارا أشرف وياسمين أيمن، يقف خلفهم مخرج واع «رأفت زين» استطاع أن يقود هذا الفريق، بل ويجعل لكل منهم شخصية «كراكتار» يميزه عن الآخرين، على الرغم من أنه يخوض تجربة الإخراج للمرة الأولى، أما الديكور الذي صممه محمد أبو الحسن فهو بسيط وملائم جدًا لطبيعة المكان الذي تدور فيه الأحداث حيث غرفة تستخدم كمخزن بمصحة للأمراض النفسية وفي مستوى أعلى مكتب مدير المصحة، كذلك المكياج والملابس لنجوى أمين وموسيقى كريم شهدي، أما الإضاءة فهي البطل الحقيقي للعرض من وجهة نظري ومشارك أساسي في الدراما أو دراما موازية حيث تنوع الألوان بين بارد وساخن ورسم خطوط متوازية في بعض المشاهد وأخرى متقاطعة في البعض الآخر، وقد تصل إلى حد التشابك العنكبوتي، ربما لكون مصممها هو المحترف الوحيد في فريق العمل أو لأنه أبو بكر الشريف الذي اعتدت على إضاءته المتميزة في كل العروض التي يشارك فيها، كما لعبت الموسيقى والمؤثرات الصوتية التي صممها كريم شهدي أيضًا دورًا هامًا في إحداث الإثارة والرعب المسيطران على العرض.
يسيطر على الأحداث الغموض والإثارة والرعب حيث وقوع عدة حوادث قتل داخل مصحة نفسية كل نزلائها محكوم عليهم بالإعدام في جرائم قتل، وكانت مهارة المحامين هي المنقذ لهم من تنفيذ الأحكام وإيداعهم بهذه المصحة، ولتأخر البوليس يقوم الطبيب بالتحقيق في هذه الجرائم حتى يتورط هو شخصيًا في الاتهام بالقتل أو على أقل تقدير التواطؤ مع القاتل.
أول شئ أثار انتباهي بينما أشاهد هذا العرض هو أنه من تأليف طالب جامعي وتدور أحداثه في مجتمع غربي - حتى أن أسماء الممثلين غربية- أثناء الحرب العالمية الثانية، فكان لابد من التفتيش في البانفلت عن كلمة ترجمة أو إعداد أو دراماتورج، فلم أجد سوى كلمة تأليف، لم يكن أمامي شئ سوى متابعة العرض بتركيز عال جدًا، كما أن تقنية ال» فلاش باك» تحتل مساحة كبيرة من مشاهد العرض، وهي تقنية تتميز بها أفلام السينما وقلما أستخدمت في المسرح.
لم يشغلني مستوى العرض فهو لم يكن مبهر خاصة مع طول الزمن وأخطاء اللغة العربية الكثيرة جدًا، لكنه محاولة من فريق هاو في بداية الطريق، ما شغلني حقًا هل هو مؤلف أم مقتبس، حتى عثرت على الإجابة على هذا السؤال بينما أشاهد الفيلم الأجنبي «مصحة منتصف الليل»، وعلى الرغم من أن العنوان وحده كاف إلا أنني أكملت الفيلم حتى نهايته التي تطابقت تماما مع نهاية العرض المسرحي، فشعرت بأسف شديد فكيف يبدأ طالب جامعي حياته الفنية بالغش والاستيلاء على مؤلفات الغير خاصة أنها أول تجربة له على حسب ما قيل لي؟ وهل فعل ذلك بقصد أم بجهل؟ فهو بالفعل لديه موهبة الكتابة التي لا يمكن إنكارها، فقد استطاع أن يكتب نص مسرحي جيد، ولديه خيال جعله يغير كثير من التفاصيل، وحذف شخصيات وإضافة أخرى، المشكلة الحقيقية تكمن في أنه لم يذكر كلمة (مأخوذ عن أو مقتبس من) هذه الكلمة لو أضيفت إلى البانفليت لم تقلل أبدًا من الجهد الذي بذله بل على العكس تمامًا كانت ستضيف إليه أنه إنسان موهوب وصادق يعطي الحق لأصحابه ولم ينسب لنفسه عمل قام به غيره، وإن كان فيلمًا أجنبيًا لم يره عدد كبير من الناس.
فكما أنني مهتمة جدًا بالهواة وأراهم أكثر احترافية من المحترفين في كثير من الأحيان، فأنا أيضًا مهتمة بحقوق الملكية الفكرية وأراها خط أحمر لا يجوز اختراقه مهما كانت المبررات التي تقال في هذه الأحوال.


نور الهدى عبد المنعم