جورج سيدهم .. مهندس الضحك

جورج سيدهم .. مهندس الضحك

العدد 657 صدر بتاريخ 30مارس2020

(صاحب طلة لا تخطئها عين، وجوده في أي عمل فني هو ضمانة حصولنا على البهجة، فهو فنان كوميدي من طراز خاص، لم يبالغ أو يصطنع الكوميديا، كانت حركاته، تون صوته، بساطته وتلقائيته هم جواز سفره لقلوب الجمهور..)
صدر للباحثة سلوى عثمان كتاب (جورج سيدهم .. مهندس الضحك) ضمن إصدارات مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي الدورة الرابعة بواقع (123) صفحة من القطع المتوسط، في مقدمة وستة فصول وملحق للصور.
 عندما قررت إدارة مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي تسمية الدورة الرابعة باسم الفنان (جورج سيدهم)، فرح الكثير من المهتمين بالشأن المسرحي، لأن هذا الرجل قد أغفله الكثير، ولم يلقى استحقاقه في التكريم والاحتفاء، وضل يعيش خارج دائرة الضوء وبعيداً عن الساحة الفنية لـ(23) عاماً وحتى اليوم، فتخليد (سيدهم) هو جزء من الوفاء لأحد فناني الكوميديا الكبار منذ ستينيات القرن المنصرم، وأحد أركان فرقة ثلاثي أضواء المسرح مع الفنان سمير غانم و الفنان الضيف أحمد، وقدموا عشرات الأعمال الفنية التي اسعدت الجمهور سواء في المسرح أو السينما او التلفزيون.
ولد جورج شفيق سيدهم في مدينة جرجا بمحافظة سوهاج يوم 28 مايو 1938م لأب يعمل في أحد البنوك، ولم تكن حياته سهلة بحسب تقاليد وعادات الصعيد، أحب التمثيل وعشقه منذ صباه، فكان يذهب للسينما الوحيدة في مدينته، وكان يحفظ أدوار الممثلين ويقدمها في غرفته كعرض مسرحي مقتبس من الفيلم الذي يشاهده فكل اسبوع، فتطور حبه للتمثيل حتى أصبح رئيساً لفرقة التمثيل بمدرسته الثانوية، وعندما توجه إلى القاهرة للالتحاق بكلية الزراعة بجامعة عين شمس، فكانت الجامعة انطلاقته الحقيقية كممثل، وتعرف على المسرح بشكل علمي وعملي أوسع، وشارك في المهرجانات المسرحية التابعة للجامعات وقتذاك.
ولم يخطر على بال (سيدهم) تكوين فرقة مسرحية، حتى قابل الفنان سمير غانم وهو كان طالباً بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، والتحق بهم الفنان الضيف احمد وهو الطالب في كلية الآداب بجامعة القاهرة، وكانوا يتنافسون في المهرجانات المسرحية، واستمر تواصلهما ونشاطهما حتى جاءت الفكرة بتشكيل (فرقة ثلاثي أضواء المسرح) وهذه التسمية في الأصل لبرنامج تلفزيوني (أضواء المسرح) يخرجه المخرج محمد سالم، الذي آمن بقدرتهم الفنية واخرج لهم فوازير رمضان التي استمرت احدى عشر عاماً متتالية، ومجموعة من الاعمال الفنية، وكانت باكورة اعمال الفرقة مسرحية (حواتيت) على مسرح بيرم التونسي وقدمت بعد نكسة حزيران 1967م، حتى اصبح للفرقة شأنها ومكانتها، وسافرت إلى دول عربية عدة، .
 بعد وفاة الفنان الضيف أحمد عام 1970م استمر عمل الفرقة كثنائي بين (سيدهم) و(غانم) حتى عام 1981م، وهو العام الذي انفصل فيه (سيمر غانم) من الفرقة، وقرر (سيدهم) الاستمرار بالعمل في الفرقة وتقديم العروض المسرحية حتى عام 1997م وهو العام الذي أصيب فيه بالشلل وابتعاده عن العمل الفني.
 إضافة لدور (سيدهم) الفني الكبير وموهبته الفذة، كان فاعلاً أيضاً في الحركة الفنية بتقديم فرقته للعيد من الوجوه المسرحية وعلى سبيل المثال: هالة فاخر، بوسي، صفاء أبو السعود، أسامة عباس، وغيرهم، وقدموا مجموعة من الاعمال المسرحية التي أصبحت علامات بارزة في المسرح المصري المعاصر، ومنها: حواتيت، طبيخ الملايكة، موسيقى في الحي الشرقي، أهلاً يا دكتور، المتزوجون، التخشيبة.
 ويمكن ان يطلق لقب (مهندس الضحك) على (سيدهم)، المهندس الزراعي الذي ترك عمله ليقتحم على الفن ويقدم عشرات الأعمال التي ما زلنا ستمتع بها حتى اليوم، ولا تزال عباراته عالقة في اذهان الجمهور، وتستخدم على سبيل التندر في الأحاديث اليومية العادية، ورغم مرور قرابة الربع قرن على اختفاء (سيدهم) عن الأنظار وعن عالم الفن، الا ان ادواره الكوميدية مازالت بيننا، فمن أشهر أدواره في المسرح: حنفي في عرض (المتزوجون)، والدكتور زناتي في (اهلاً يا دكتور)، وحسن في (موسيقى في الحي الشرقي)، وصفوت الشربيني في (الرجل اللي جوز مراته)، وفي السينما: حسني في (الجراج)، وعبد الرحيم في (الشقة من حق الزوجة)، ومنصور في (مدرسة المشاغبين)، وفي التلفزيون: نوبار باشا في (بوابة الحلواني)، وشلمو في (رأفت الهجان)، وحسن في (صرخة بريء)، وعشرات الأدوار الأخرى.
 اخيراً شكراً للباحثة سلوى عثمان التي حفرت في الذاكرة المسرحية، وهي تعيد رونق هذا الرجل النبيل، الذي قدم الكثير للحركة الفنية لأكثر من ربع قرن، وكانت الابتسامة لا تفارقه، رغم معاناته والظروف الصعبة التي مر بها طيلة حياته، فلم يكن تأليف الكتاب سهلاً ولا يسيراً، فبوركت جهودها الإبداعية، كما بورك كل من سعى لخروج هذا الكتاب التذكاري إلى النور. 


عامر صباح المرزوك