بعد حصوله على التشجيعية تامر كرم: جائزة الدولة شرف كبير لي.. و«الملك لير» تجربة استثنائية في حياتي

بعد حصوله على التشجيعية تامر كرم: جائزة الدولة شرف كبير لي.. و«الملك لير» تجربة استثنائية في حياتي

العدد 619 صدر بتاريخ 8يوليو2019

تامر كرم مخرج مسرحي شاب من العيار الثقيل، لقب بمخرج الجوائز وذلك لحصوله على الكثير منها عن الكثير من الأعمال المسرحية التي قام أخرجها.. مبدع بكل ما تحمله الكلمة من معنى وقد استطاع أن يحل المعادلة الصعبة بتقديم عروض موسيقية أو كلاسيكية حققت إقبالا جماهيريا منقطع النظير. قدم الكثير من الأعمال المسرحية التي تركت بصمة في المسرح المصري، منها «يوم أن قتلوا الغناء»، «هنا أنتيجون»، «ليلة القتلة»، «الليلة ماكبث»، «شرف الله» كما شارك في الكثير من الأعمال في الدراما التلفزيونية منها على سبيل المثال مسلسل «كليوباترا»، «باب الخلق»، «رأس الغول»، «الصقر شاهين».
ومؤخرا أخرج عرض «الملك لير» مع النجم يحيى الفخراني والمنتج مجدي الهواري وحقق نجاحا كبيرا.. التقينا به بمناسبة حصوله على جائزة الدولة التشجيعية في الإخراج المسرحي.
 - حصلت على عدد كبير من الجوائز ولكن جائزة الدولة التشجيعية ماذا تمثل لك؟
جائزة الدولة التشجيعية تعد تكريما، وشرف كبير لي أن أحصل على جائزة تحمل اسم الدولة وهي جائزة لها رونق خاص فهي جائزة استثنائية بالنسبة لي..
 - من وجهة نظرك هل استطاع الشباب المسرحي الحصول على الدعم والتقدير اللائق بهم؟
كل فنان ومبدع حقيقي يستطيع أن يفرض نفسه في أي مكان ومجال والإبداع الحقيقي يفرض نفسه.
 - حجبت جائزة التأليف في جوائز الدولة التشجيعية وتكرر الأمر سابقا في المهرجان القومي.. من وجهة نظرك هل هناك أزمة في التأليف المسرحي؟
أنا ضد حجب الجوائز، فمصر بها الكثير والكثير من المبدعين ولكن فيما يخص التأليف فنحن نعاني منذ فترة من حجب جوائز التأليف ولا أعلم ما هي الأسباب التي دعت اللجنة لحجب الجائزة، وهو شيء مؤسف بالنسبة لنا كمسرحيين أن تحجب بشكل متكرر جائزة التأليف، فالمسرح يبدأ من المؤلف والنص الجيد هو من يجذب المخرج ومجموعة العمل لتقديم العمل المسرحي، يجب أن نعي أن المسرح بدون مؤلف لا يعني شيئا.
وأرى ضرورة البحث عن المؤلفين الحقيقيين، فمن المؤكد أن هناك الكثير والكثير منهم، هناك ضرورة لعمل مسابقات وتشجيع وتحفيز المؤلفين الجدد، وأود أن أشير إلى أن لدينا مؤلفين مبدعين ومنهم محمود جمال الحديني وإبراهيم الحسيني وغيرهما.
 - «هنا أنتيجون» تجربة مختلفة، حصلت بها على الكثير من الجوائز في المهرجان القومي ومؤخرا جائزة الدولة التشجيعية.. حدثنا عن تلك التجربة؟
بدأت التجربة عندما أقيم مهرجان للدراما اليونانية في قبرص باليونان وتحدث إلى الفنان محمد دسوقي مدير مسرح الطليعة آنذاك، وطلب مني أن قدم مسرحية لهذا المهرجان وكان الفنان فتوح أحمد رئيسا للبيت الفني للمسرح آنذاك وقد دعم التجربة بشكل كبير وأصر أن أقدم عملا للبيت الفني للمسرح.. كنت في ذلك الوقت أقوم بإخراج أعمال لمسرح الهناجر وبالفعل قمنا بعقد جلسات عمل وقمت باختيار «أنتيجون» وقمنا بتقديمه بشكل جديد كما قمنا بعمل إعداد درامي للعرض وهو عرض غنائي وقد حقق نجاحا كبيرا.
وظل العمل يقدم لمدة عامين وقد اكتشفنا من خلال هذا العمل نجوما جددا ومنهم الفنانة هند عبد الحليم ومحمد ناصر.
 - هل لدينا مشكلة في عروض المسرح الغنائي في مصر؟
نحن بلد الغناء وفي بعض الأحيان تقدم عروض غنائية ولكن لا تلقى النجاح عند الجماهير.. يجب أن يقدم هذا المسرح في إطار من الدهشة والإبهار وفي إطار درامي على أن يكون الغناء والموسيقى غير مقحمين على الدراما.
 - عرض «الملك لير» تعد من التجارب المهمة والمميزة في مشوارك المسرحي وخصوصا أنك تتعاون للمرة الأولى من النجم يحيى الفخراني.. حدثني عن تلك التجربة وكيف بدأت؟
تجربة “الملك لير” بالنسبة لي هي تجربة استثنائية، وحدث ضخم في المسرح المصري فهي تجربة تضم عددا كبيرا من نجوم الفن وهو شيء لم يتكرر، الأستاذ والنجم الكبير يحيى الفخراني والنجم فاروق الفيشاوي مع كوكبة من النجوم.. وقد قدمنا حالة مختلفة في المسرح وكما نعلم فإن القطاع الخاص بإمكانياته عندما يتدخل بهذا الشكل يصنع إضافة كبيرة للمسرح المصري، وأن يتصدى لإنتاج عمل مثل «الملك لير» فهو يعد حدثا استثنائيا.
 - هل بعودة مسرح القطاع الخاص سيواجه مسرح الدولة منافسة قوية؟
لم لا؟ فمن الطبيعي عندما يفتح مجال جديد للمسرح يحدث حالة من حالات المنافسة، وعلى كل من ينتمي للمسرح أن يقدم أفضل ما لديه في النهاية جميع الإبداعات سواء من القطاع الخاص أو مسرح الدولة تصب في صالح المسرح المصري.
 - هناك الكثير من العروض المسرحية التي قدمت مؤخرا للتلفزيون ومنها تجربة «أمين وشركاه».. هل تعد هذه التجارب ظاهرة وستختفي؟
أنا مع كل التجارب.. لا بد أن تكون هناك كل نوعيات المسرح، فمن الضروري أن يكون هناك مسرح طوال الوقت بكل أنواعه وأشكاله وعلى مدار سنوات كانت هناك ظواهر مسرحية حاضرة، فقديما كان يقدم «ساعة لقلبك» وكان هناك مسرح تلفزيون، وعروض «ثلاثي أضواء المسرح». وغير ذلك من الأشكال المسرحية، وحتى وإن كانت ظواهر فليس هناك إشكالية في وجود أشكال متنوعة ومتباينة من المسرح، هذا يفيد الحركة المسرحية بشكل كبير ويصب في صالح المسرح المصري.
ما رأيك في تخصيص ثلاث مسابقات في المهرجان القومي في دورته القادمة؟
 - أنا ضد فكرة تقسيم المهرجان، وأنا مع إقامة مسابقة واحدة تجمع جميع العروض، فهناك مسابقات تقام بالفعل للجامعات والفرق الحرة والهواة، ولكن المهرجان القومي خصوصيته تكمن في أن تتنافس كل العروض المتميزة ويتم وضعها في بوتقة واحدة.. ولكن بهذا التقسيم سيصبح هناك عدة مهرجانات، مسابقة للهواة والجامعات ومسابقة للمحترفين ومسابقة للأطفال وهو ما سيضعف من قيمة المهرجان وسيضعف من الحضور الجماهيري، وذلك لأن كل مسابقة سيكون الحضور بها من المهتمين فقط بنوعية المسرح الذي يقدم في كل مسابقة.
وأود أن أقول إن المهرجان كان فرصة جيدة لعروض الهواة حتى تتاح لهم الفرصة لعرض إبداعاتهم للجميع، بالإضافة إلى أن عدالة التنافس كانت حاضرة، لأن جوائز الصاعدين يحصل عليها الهواة وجوائز الكبار كان يحصل عليها المحترفون، هذا التقسيم كان موجودا بشكل ضمني، والدليل على ذلك عندما كنا هواة حصلنا على جوائز الصاعدين وعندما قدمنا تجارب في مسرح الدولة حصلنا على جوائز الكبار ولكن كل تجربة جديدة لها مميزاتها وسلبياتها.
 - هل نعاني من مشكلة في الدعاية الخاصة بعروض البيت الفني للمسرح؟
نحن اليوم لدينا منتج مسرحي متميز ويجب أن يحظى بدعاية جيدة وأن تكون الدعاية جزءا أساسيا من العرض المسرحي، وتخصص له ميزانيات كبيرة والحقيقة أن البيت الفني وفي حدود لوائحه يحاول بكل طاقته، خاصة في الفترة الأخيرة فقد كان هناك تميز لبعض دعاية العروض ولكننا نطمح في المزيد. والحقيقة، إنه يبذل جهودا كبيرة لعمل الدعاية، فهناك دعاية تقام في أماكن التجمعات مثل المترو ودعاية أخرى على «السوشيال ميديا». وأحيي إسماعيل مختار رئيس البيت الفني للمسرح لأنه قام بفتح آفاق جديدة للدعاية، وأتمنى أن تتميز كل العروض في هذا النطاق.
 - ما أبرز المشكلات التي تواجهنا في مسرح الدولة؟
الأمر يحتاج إلى دراسة وبحث وعمل مؤتمرات كبيرة تضم الأجيال المختلفة والأساتذة وكبار المسرحيين، ويجب أن تكون هناك حلقات نقاشية نستطيع الوصول من خلالها إلى حلول لمشكلات المسرح.
 - ما تقييمك للمهرجانات المسرحية في الفترة الحالية؟
إقامة المهرجانات أمر ضروري، ويجب أن يلتقي صناع الأعمال المسرحية وكما سبق وأشرت إلى أن التنافس يرفع من مستوى المهرجانات فهي بمثابة المحفز للمبدعين لتقديم أفضل ما لديهم. ولذلك أطالب طوال الوقت بعودة التنافس في مهرجان المسرح التجريبي فإذا قمنا بوضع آلية صحيحة، وقمنا باختيار لجنه تحكيم متنوعة من كبار الأساتذة والمسرحيين، سنستطيع أن نقوم بعمل تنافس جيد بين العروض.. يجب أن نفكر في أن التنافس يرفع من مستوى المبدعين ويجعل هناك طاقة كبيرة للنجاح والإبداع.
وهناك نقطة مهمة يجب الإشارة إليها وهي أن المهرجانات التي تقام في الدول الأوروبية دون تنافس يرجع هذا إلى تطورها الكبير الذي وصلت إليه في الفن والمسرح، أما في المحيط العربي فما زال لدينا محاولات وتجارب نريد أن نقدمها.
 - قدمت عدة تجارب للمسرح الجامعي قبل التحاقك بالمعهد العالي للفنون المسرحية.. ما رأيك في مستوى المسرح الجامعي اليوم؟
أعتقد أن مسرح الجامعة ما زال مسرحا متميزا ويقدم مجموعة من العروض المهمة، وهناك الكثير من المبدعين الذين خرجوا من المسرح الجامعي والتحق معظمهم بالمعهد العالي للفنون المسرحية بدليل أن نجوم المسرح في الستينات كانوا من المتميزين في المسرح الجامعي، على سبيل المثال د. سعد أردش والمخرج عصام السيد والمخرج محسن حلمي وغيرهم من كبار المسرحيين.. فمسرح الجامعة مسرح مهم وسيظل مهما.
 - هل أنت مع فكرة الالتزام بهوية كل مسرح؟
أنا لست ضد فكرة العمل بهوية المسارح، فإذا قمنا بعمل مسمى للمسرح يجب أن تقدم عروض تتناسب مع هذا المسمى، وهو ما يدعو لأن يلتزم كل مسرح بهويته، فمن غير المناسب أن يقدم المسرح القومي عروضا تجريبية، كذلك لا يجب تقديم عروض تراجيدية في المسرح الكوميدي سيكون ذلك غير متناسب مع مسمى وهوية المسرح، وهذا لا يمنع من وجود تجربة مستضافة من مسرح آخر على سبيل المثال تجربة إنتاج مسرح الطليعة تقدم على المسرح القومي.
 - حقق عرض «يوم أن قتلوا الغناء» نجاحا كبيرا على المستوى الجماهيري والنقدي بالإضافة لحصده الكثير من الجوائز في المهرجان القومي.. حدثنا عن تلك التجربة؟
«يوم أن قتلوا الغناء» أحد المحطات المهمة في مشواري المسرحي وهي نقطة فارقة في تاريخي، خصوصا أن الجمهور تعرف علي وعلى المسرح الذي يقدمه الشباب وكيف يقدمون أعمالا متقنة الصنع من خلال هذه التجربة.. فقد بدأ الجمهور عقب هذه التجربة بمتابعتي وقد كانت هذه التجربة سببا في أن أقوم بإخراج عرض «الملك لير» وذلك لأن فريق عمل «الملك لير» شاهدوا عرض «يوم أن قتلوا الغناء». وقد أجمع كل من المنتج مجدي الهواري والنجم يحيى الفخراني والنجم فاروق الفيشاوي على أن أقوم بإخراج «الملك لير».
والحقيقة، إن المنتج مجدي الهواري شاهدني في «يوم أن قتلوا الغناء» واقتنع بشكل كبير بموهبتي الإخراجية ولم يتوانَ لحظة عن إسنادي مهمة إخراج عمل كبير بحجم «الملك لير» وبحجم هذه النجوم، فالمنتج مجدي الهواري هو أحد الأسباب لهذه النقلة النوعية من إخراج عرض في مسرح الدولة بإمكانيات بسيطة لإخراج عرض في القطاع الخاص بإمكانيات إنتاجية كبيرة لم يسبق لها مثيل.
ما هي مشاريعك المقبلة؟
في الفترة الحالية أقوم بالتركيز على عرض «الملك لير» مع شركة كايرو شو، فنحن نسعى لترك بصمة كبيرة في المسرح المصري والشرق الأوسط والمحيط العربي، فأنا في مهمة كبيرة مع شركة «كايرو شو» إلى أن نحقق ما نطمح إليه وهي رجوع السياحة العربية مرة أخرى لتشاهد المسرح مرة أخرى، بالإضافة إلى عمل جولات بعروضنا في المحيط العربي وأيضا لن أنقطع عن مسرح الدولة فأنا مدين بفضل كبير لهذا المسرح وسأكون بين مسرح القطاع الخاص والعام ولكن التركيز الحالي على عرض «الملك لير».


رنا رأفت