وداعا محسنة توفيق

وداعا محسنة توفيق

العدد 611 صدر بتاريخ 13مايو2019

الفنانة القديرة المتميزة محسنة توفيق عبد العزيز التي رحلت عن عالمنا مساء أول أيام شهر رمضان المبارك (الموافق 6 مايو 2019) قيمة فنية رفيعة وقامة سامية ورمز من رموز الجودة الفنية، وهي تنتمي بحق لأصحاب المواهب المتفردة، فهي سيدة الإحساس الصادق التي تتميز كفنانة بحساسيتها المرهفة وقدرتها على معايشة وتجسيد مختلف الأدوار، كما تجيد أداء الشخصيات المركبة، وتوظيف كل انفعالاتها بدقة طبقا لطبيعة كل شخصية وطبيعة الموقف الدرامي، فتنجح في الانتقال من قمة القوة إلى لحظات الضعف، وبالتالي الانتقال من قمة الانفعال إلى الصوت الهامس بسلاسة ومرونة، ولذلك فقد نجحت في إثراء حياتنا الفنية بتجسيدها لعدد كبير من الشخصيات الدرامية المهمة بمختلف القنوات الفنية (المسرح، السينما، الإذاعة، التلفزيون)،
فهي التي جسدت على خشبة المسرح عددا من الشخصيات العالمية والمحلية الخالدة، ومن أهمها «نعيمة» في “منين أجيب ناس” رائعة المبدع نجيب سرور، وهي التي جسدت شخصية «بهية» التي غنى لها الشيخ إمام «مصر يامه يا بهية» من كلمات الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، برائعة المبدع يوسف شاهين «العصفور»، وهي بالدراما التلفزيونية «أنيسة» رمز الطبقات الكادحة بملحمة «ليالي الحلمية» للمبدعين أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ.
وتجدر الإشارة إلى أنها ورغم تميزها بالصدق الفني ومعايشة الشخصيات الدرامية التي تؤديها بكل خلجاتها، فإنها قد وفقت بخبراتها الكبيرة في التحكم والتوظيف لجميع حواسها للتعبير عن المواقف المختلفة التي تمر بها الشخصية الدرامية حتى ولو استدعت البكاء، ولذا فهي ترفض استخدام الحيل الفنية وتفضل دائما المعايشة الكاملة، وقد تميزت بالتعبير عن الشخصيات النسائية المقهورة كما تفوقت في تجسيد المرأة المصرية بمختلف مستواياتها الاجتماعية.
والفنانة القديرة محسنة توفيق من مواليد 29 ديسمبر عام 1939، وكانت بدايتها الفنية مبكرة جدا خاصة مع تشجيعها من قبل شقيقتيها المذيعتين (فضيلة توفيق - الشهيرة بـ«ماما فضيلة»، ويسرا توفيق التي كانت أيضا مطربة بدار الأوبرا المصرية)، حيث انضمت خلال المرحلة الابتدائية إلى كل من فريقي الموسيقى والمسرح، وبعد ذلك مارست هواية التمثيل من خلال المسرح المدرسي بالمرحلة الثانوية ثم من خلال فرق المسرح الجامعي، وخلال تلك الفترة أسند لها المخرج الكبير نبيل الألفي بطولة مسرحية «الأشباح» للكاتب العالمي إبسن لإحدى الفرق الجامعية، وقد رشحها تميزها بالمسرح الجامعي إلى احتراف الفن مبكرا - وهي ما زالت طالبة بكلية الزراعة - فاشتركت بالتمثيل في عروض فرقة «عبد الرحمن الخميسي» (خلال فترة 1960 - 1961)، وبعدها شاركت بمسرحية «مأساة جميلة» بفرقة «المسرح القومي» عام 1961، ثم تألقت من خلال عدة مسرحيات خلال تلك الفترة ومن أهمها مسرحية «أجاممنون» عام 1966 بمسرح الجيب، وبعد تخرجها من الجامعة مباشرة (بحصولها على بكالوريوس الزراعة عام 1968) قدمت دورا من أهم أدوارها وذلك بمسرحية «حاملات القرابين» للمخرج اليوناني تاكيس موزينيدس عام 1968.
ويتضح مما سبق أن فترة الستينات تعتبر من أخصب فترات توهجها المسرحي حيث نجحت في لفت الأنظار إلى موهبتها وخصوصا من خلال مسرحيتي: «مأساة جميلة»، «الدخان» بفرقة المسرح القومي، وبعد ذلك أكدت موهبتها ومكانتها الفنية من خلال مسرحية «أجاممنون» بفرقة مسرح الجيب، وبالتالي فقد نجحت مبكرا في أن تنضم إلى قائمة سيدات المسرح المصري في ستينات القرن العشرين مع نخبة من القديرات (التي ضمت كل من الفنانات: سميحة أيوب، سناء جميل، نعيمة وصفي، ملك الجمل، عايدة كامل، سهير البابلي، ليلى طاهر، نادية السبع، سلوى محمود، برلنتي عبد الحميد، عايدة عبد الجواد، عايدة عبد العزيز، رجاء حسين، سميرة عبد العزيز، مديحة حمدي، نادية رشاد، سهير المرشدي، فاتن أنور).
وقد استطاعت الفنانة محسنة توفيق من خلال تألقها المسرحي أن تشارك وتتألق أيضا بمختلف القنوات الفنية، وعلى سبيل المثال شاركت ببطولة عدة مسلسلات تلفزيونية مهمة وفي مقدمتها: الوسية، الشوارع الخلفية، المرسى والبحار، الكتابة على لحم يحترق، ليالي الحلمية بأجزائها المختلفة، وأيضا ببعض الأفلام السينمائية، ويذكر أنه بعد مشاركتها بفيلم «عظماء الإسلام» عام 1970 انطلقت مسيرتها السينمائية بفيلم «حادثة شرف» عام 1971، الذي جسدت فيه شخصية «مسعدة» زوجة فرج (النجم شكري سرحان)، ومن بعد ذلك شاركت في بطولة بعض الأفلام المهمة في مسيرتنا السينمائية ولعل من أهمها: العصفور، البؤساء، إسكندرية ليه؟
ويذكر أن هذه الفنانة القديرة قد حصلت على بكالوريوس الزراعة عام 1968، وأنها قد تزوجت من المفكر السياسي أحمد خليل (الذي توفي في عام 2017، وهو بالطبع شخص آخر غير الفنان أحمد خليل) - وأنجبا النشط السياسي وائل خليل (مواليد 21 ديسمبر 1965، ويعمل مهندسا للبرمجيات، ومتزوج من الدكتورة لمياء بلبل، وقد عرف بنشاطه السياسي وبمعارضته لنظام حسني مبارك)، والابنة عزة خليل (تعمل طبيبة).
وجدير بالذكر أيضا أن الفنانة محسنة توفيق لم تكن مجرد ممثلة تجيد اختيار أدوارها وتجسيدها، ولكنها كانت أيضا فنانة مثقفة ومفكرة تتحلى بالروح الوطنية، وتحرص على المساهمة في معركة التنوير بتقديم قيم الخير والحق والجمال، واتخاذ المواقف السياسية الواضحة، فهي لا تعرف المهادنة وترفض كل أشكال الظلم والقهر، وظلت تعلن دائما آراءها بكل صراحة، سواء ببعض المؤتمرات السياسية أو بمشاركتها ببعض المسيرات والمظاهرات. وقد انضمت في فترة مبكرة إلى حزب «التجمع» عند تأسيسه مع عدد كبير من النجوم والأدباء (في مقدمتهم: ألفريد فرج، يوسف شاهين، جميل راتب، كمال الشيخ، سيد حجاب، علي سالم، عبد العزيز مخيون، الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم، عبد الله الطوخي وفتحية العسال، مهدي بندق، سيد رجب)، وقد عرضتها هذه المواقف السياسية إلى القبض عليها وتعرضها للتحقيقات أكثر من مرة وأيضا للقهر والاضطهاد مع بعض سجينات الرأي (ومن بينهن المسرحيات: فتحية العسال، فريدة النقاش، حياة الشيمي، د. كريمة الحفناوي، ماجدة منير، عزة بلبع، صافيناز كاظم، حنان يوسف). ويذكر أن آخر مشاركاتها السياسية كانت مشاركتها الإيجابية الفعالة في ثورة يناير 2011.

هذا ويمكن تصنيف مجموعة أعمالها الفنية طبقا لاختلاف القنوات المختلفة (سينما، مسرح، إذاعة، تلفزيون) مع مراعاة التتابع التاريخي كما يلي:

أولا: مشاركاتها المسرحية
ظل المسرح منذ بدايات الفنانة محسنة توفيق هو المجال المحبب لها ومجال إبداعها الأساسي، وهو الذي قضت في العمل به كممثلة محترفة ما يقرب من نصف قرن، شاركت خلالها ببطولة عدد كبير من العروض ببعض الفرق المسرحية المهمة (ومن بينها: المسرح القومي، مسرح الجيب، المسرح العالمي)، حيث شاركت في بطولة ما يقرب من ثلاثين مسرحية من المسرحيات المهمة، وتألقت في تجسيد عدد من الشخصيات الدرامية الخالدة ومن بينها شخصيات: الفتاة المناضلة هند بمسرحية «مأساة جميلة» لعبد الرحمن الشرقاوي، الأسيرة كاسندرا بمسرحية «أجأممنون» لسوفوكليس، الزوجة بمسرحية «المحلل» لفتحي رضوان، الزوجة حسنية (زوجة حمدي الشاب المثقف المدمن) بمسرحية «الدخان» لميخائيل رومان»، الفتاة العاشقة نعيمة بمسرحية «حسن ونعيمة» لشوقي عبد الحكيم، كاترين بمسرحية «مرتفعات وذرينج» لأميلي برونتي، المرأة الريفية يرما بمسرحية «يرما» لجارسيا لوركا، أنا خطيبة الجندي بمسرحية «طبول الليل» لبرتولد بريخت، المرأة المتوحشة بمسرحية «الأسلاف يتميزون غضبا» للكاتب الجزائري كاتب ياسين، ألكترا بمسرحية «حاملات القرابين» للكاتب الإغريقي إسخيلوس، «وطفاء» زوجة زعيم الثورة عبد الله بن محمد بمسرحية «ثورة الزنج» للشاعر الفلسطيني معين بسيسو، أستاذة الفلسفة التي اعتقلت مراكز القوى زوجها بمسرحية «عفاريت مصر الجديدة» لعلي سالم، زوجة ضابط المخابرات التي تكتشف الجرائم اللاأخلاقية التي يمارسها زوجها ضد المسجونين السياسيين بمسرحية «دماء على ملابس السهرة» لأنطونيو باييخو، الغانية التي أصبحت الملكة بمسرحية «الأستاذ» لسعد الدين وهبة.
هذا ويمكن تصنيف مشاركاتها المسرحية طبقا لتنوع واختلاف الفرق المسرحية مع مراعاة التتابع الزمني كما يلي:
1 - بفرقة «المسرح القومي»: مأساة جميلة (1961)، المحلل (1961)، الدخان (1962)، طيور الحب (1964)، حاملات القرابين (1968)، الجنس الثالث، 28 سبتمبر (1970)، عفاريت مصر الجديدة (1971)، دماء على ملابس السهرة (1979)، الأستاذ (1981).
2 - بفرقة «مسرح الجيب»: شفيقة ومتولي (1963)، يرما (1964)، حسن ونعيمة (1965)، أجاممنون، طبول في الليل (1966)، الأسلاف يتميزون غضبا، مسحوق الذكاء، المسير الطويل (1967)، تحت المظلة (التركة يحيي ويميت - 1969)، ثورة الزنج (1970).
3 - بفرقة «المسرح العالمي»: أنتيجونا، مرتفعات وذرينج (1965).
4 - بفرق مسرحية أخرى: عزبة بنايوتي (عبد الرحمن الخميسي - 1960)، ست شخصيات تبحث عن مؤلف (جمعية أنصار التمثيل والسينما - 1961)، منين أجيب ناس (المسرح المتجول - 1985)، وذلك بخلاف مسرحيتي: الابن (1973)، قمبيز.
هذا وقد تعاونت من خلال هذه المسرحيات مع نخبة من كبار المخرجين من بينهم الأساتذة: نبيل الألفي، حمدي غيث، سعد أردش، د.كمال عيد، كرم مطاوع، جلال الشرقاوي، أحمد عبد الحليم، محمد عبد العزيز، فاروق الدمرداش، محمود السباع، عبد الرحمن الخميسي، مراد منير، جميل راتب وذلك بالإضافة إلى المخرج اليوناني تاكيس موزينيدس.

ثانيا: أهم الأفلام السينمائية
رغم عدد الأفلام القليل نسبيا (لا يتجاوز خمسة عشر فيلما) الذي لا يتناسب إطلاقا مع حجم موهبتها، فإنها استطاعت أن تثبت وتؤكد مقولة «الكيف أهم من الكم»، وكانت أولى مشاركاتها السينمائية بفيلم «عظماء الإسلام» عام 1970 من إخراج نيازي مصطفى، في حين كانت آخر مشاركتها فيلم «ديل السمكة» عام 2003 ومن إخراج سمير سيف.
هذا وتضم قائمة أعمالها الأفلام التالية: من عظماء الإسلام (1970)، حادثة شرف، الاختيار، الغفران (1971)، العصفور (1974)، الحب قبل الخبز أحيانا (1977)، البؤساء (1978)، إسكندرية ليه؟ (1979)، بيت القاصرات، الزمار (1984)، وداعا يا بونابرت (1985)، الانتفاضة (1987)، قلب الليل (1989)، الطقم المذهب (1990)، ديل السمكة (2003).
وذلك بخلاف بعض الأفلام القصيرة ومن بينها على سبيل المثال: علامات أبريل، كفر المصيلحة.
ويذكر أنها قد تعاونت من خلال مجموعة الأفلام السابقة من نخبة متميزة من كبار المخرجين الذين يمثلون أكثر من جيل وفي مقدمتهم الأساتذة: نيازي مصطفى، يوسف شاهين، عاطف سالم، سعد عرفة، أحمد فؤاد، عاطف الطيب، سمير سيف، شفيق شامية، أحمد الخطيب، عبد الرحمن شريف، ناجي رياض.
ويجب التنويه - من خلال رصد قائمة أعمالها السينمائية - إلى أن الفنانة الكبيرة محسنة توفيق قد اشتركت ببطولة فيلمي: «العصفور»، و«إسكندرية ليه؟»، اللذين تم اختيارهما في قائمة أفضل (100) مائة فيلم بذاكرة السينما المصرية (طبقا لاستفتاء النقاد والسينمائيين عام 1966).
ويذكر في هذا الصدد أنها قد وقفت أمام المخرج يوسف شاهين في عدة تجارب سينمائية من بينها تجسيدها لشخصية «أم يحيى» (زوجة الفنان محمود المليجي) من خلال فيلم «إسكندرية ليه»، وشخصية الأم من خلال فيلم «الوداع يا بونابارت»، إلا أن دورها في فيلم «العصفور» جاء مختلفا حيث تميزت بدور «بهية»، وأصبحت رمزا للوطنية ورمزا لمصر، والمعبرة عن صوت ورغبة الشعب المصري في النضال بعد تنحي الزعيم جمال عبد الناصر عن الحكم بصرختها في نهاية الفيلم: «لأ ها نحارب لأ ها نحارب»، فارتبطت في وجدان الجماهير. وقد وصف المخرج الراحل يوسف شاهين الفنانة محسنة توفيق بأنها واحدة من «مجاذيب الفن العربي» وبالتحديد السينما المصرية.

ثالثا: أهم الأعمال التلفزيونية
نجحت الدراما التلفزيونية في الاستفادة من موهبة وخبرات هذه الفنانة القديرة فمنحتها فرصة المشاركة ببطولة عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية قد يزيد على خمسين مسلسلا دراميا، ومن بينها: هارب من الأيام، الجوارح، المفسدون في الأرض، طريق الذئاب، اللص والكلاب، العقاب، الشوارع الخلفية، على باب زويلة، سليمان الحلبي، ليالي الحلمية (ج2، 3، 4، 5)، الوسية، الصبر في الملاحات، أم كلثوم، زغلول يلمظ شقوب، حبنا الكبير، العودة الأخيرة، وجع البعاد، ملكة من الجنوب، المرسى والبحار، لمن تضحك الأيام، الصعود إلى القمة، منيل شيحة، حلم الثراء الجميل، زمن الحب، المطاردة، بستان على الفرات، أحمد باشا الجزار، أهل إسكندرية، الكتابة على لحم يحترق، فرسان الله، الكعبة المشرفة، محمد رسول الله (ج2)، لا إله إلا الله (ج3). وذلك بخلاف بعض التمثيليات والسهرات التلفزيونية، ومن بينها: ألف وجه للحقيقة، موعد مع الزمان، ذات النطاقين، الرحمة المهداة. وأيضا بعض البرامج الدرامية ومن بينها: برنامج «رسالة».
ويجب التنويه إلى أنها قد تألقت بالدراما التلفزيونية مع نخبة من كبار المخرجين من مختلف الأجيال وفي مقدمتهم الأساتذة: المخرج القدير إسماعيل عبد الحافظ في مسلسلي: «الوسية»، و«ليالي الحلمية» بأجزائه المتتالية، المخرج المتميز أحمد صقر بمسلسل «المرسى والبحار»، والفنانة المتألقة إنعام محمد علي بمسلسل «أم كلثوم»، والمخرج الكبير أحمد طنطاوي بمسلسلي: «الكعبة المشرفة» و«محمد رسول الله» بأجزائه المتتالية.

رابعا: أهم الأعمال الإذاعية
تميزت الفنانة القديرة محسنة توفيق بصوتها الحساس المتميز ومخارج ألفاظها السليمة، وبمهاراتها البديعة في التلوين الصوتي وقدرتها على التعبير عن مختلف المشاعر والمواقف الإنسانية، وبأدائها البديع وخصوصا في التمثيل باللغة العربية أو إلقاء الشعر، ولذا فقد أسند إليها المخرجون أحيانا مهمة التعليق على الأحداث أو شخصية الرواية في بعض أعمال المناسبات الوطنية والرسمية، كما نجح مخرجو الإذاعة في توظيف موهبتها ومهاراتها في عدد كبير من التمثيليات والمسلسلات الإذاعية، ولكن للأسف الشديد يصعب بل ويستحيل حصر جميع المشاركات الإذاعية للفنانة القديرة محسنة توفيق والتي ساهمت في إثراء الإذاعة المصرية بعدد كبير من الأعمال الدرامية على مدار ما يقرب من نصف قرن، وذلك لأننا نفتقد لجميع أشكال التوثيق العلمي بالنسبة للأعمال الإذاعية.
هذا وتضم قائمة أعمالها الإذاعية مجموعة كبيرة من المسلسلات والتمثيليات الإذاعية ومن بينها على سبيل المثال فقط: بيتك بيتك، السندباد البحري ورحلاته السبع، المعجزة الكبرى، ثقوب في الثوب الأسود، قلب امرأة، آمال، أنا وأنت وسنوات العمر، ألف يوم ويوم، وأشرق النور، أحلام روبابيكيا، لا تلوموا الخريف، سعد القناوي، ولا شيء إلا الحب، نور الحياة، ابن رشد، لقاء في الربيع، مدرسة الفضائح، وذلك بالإضافة إلى بعض البرامج الدرامية ومن بينها: قطرات الندى.

كان من المنطقي أن تتوج هذه المسيرة الفنية الثرية ببعض مظاهر التكريم وحصد عدد من الجوائز بالمهرجانات المحلية والعربية، والجدير بالذكر أن الفنانة محسنة توفيق سبق لها الحصول على وسام الدولة للعلوم والفنون عام 1967، كما حصلت على شهادات تقدير لمشاركتها بكل من فيلمي: «العصفور»، «بيت القاصرات»، وفازت أيضا بجائزة الدولة التقديرية عن مجمل أعمالها الفنية عام 2013.
وذلك بخلاف تكريمها ببعض المهرجانات الفنية المحلية والعربية وحصولها على عدة جوائز ومن بينها: الجائزة الأولى بمهرجان «بغداد المسرحي» عام 1985، عن تجسيدها لشخصية «نعيمة» بمسرحية «منين أجيب ناس» لنجيب سرور ومن إخراج مراد منير.
كذلك تم تكريمها بالدورة السابعة لمهرجان «القاهرة الدولي للمسرح التجريبي» عام 1995، وبالدورة الرابعة لمهرجان «المسرح العربي» (الذي تنظمه “الجمعية المصرية لهواة المسرح”) عام 2005، كما كرمت بالدورة الثالثة لمهرجان «أسوان لأفلام المرأة» عام 2018.
رحم الله سيدة الإحساس الصادق الفنانة القديرة محسنة توفيق وغفر لها وأسكنها فسيح جناته جزاء ما أخلصت في عملها واجتهدت طوال حياتها لإسعادنا والتعبير عن مشاعرنا ومحاولاتها الجادة - التي عرضتها للتحقيقات والسجن - للمشاركة في صياعة حياة أفضل لطبقات الشعب الكادحة.


د.عمرو دوارة

esota82@yahoo.com‏