العدد 601 صدر بتاريخ 4مارس2019

أقام مركز الإبداع بدار الأوبرا المصرية، أمسية بعنوان «بستان بديع خيري» تحت رعاية الكاتب محمد أحمد بهجت، والفنانة القديرة سميرة عبد العزيز، وتحدث في الأمسية كل من المخرج خالد جلال، والفنانة عطية عادل خيري، حفيدة الشاعر الراحل بديع خيري، والدكتور نبيل بهجت، بحضور الفنان ياسر صادق، والفنان عهدي صادق، والكاتب جمال عبد المقصود، والشاعر حمدي أبو العلا، وآخرون.
«قوم يا مصري، مصر دايمًا بتناديك» هكذا بدأ الشاعر محمد أحمد بهجت كلماته عن الشاعر الراحل «بديع خيري». قال بهجت إنه قرأ كتاب بعنوان «صفحات ضائعة من حياة بيرم التونسي» للكاتب الراحل عبد الفتاح غبي، يروي فيه أن «التونسي» قابل الشيخ أحمد زكريا، وعندما سأله الأخير عن أحواله، رد «التونسي» قائلًا: الدنيا كلها وحشة يا زكريا، حتى الراجل الطيب «بديع خيري» بقاله 3 شهور مش بيبعت لي آجر الأزجال اللي ببعتها له تتنشر في مجلة «ألف صنف»، فرد عليه «زكريا» قائلًا: «ألف صنف» اتقفلت بقالها سنتين.
وأضاف بهجت، إن «بديع خيري» كان رئيس تحرير مجلة «ألف صنف»، وظل يرسل ثمن الأزجال للشاعر الراحل بيرم التونسي، حتى لا يجرح كرامته كشاعر عظيم، لأنه لن يقبل المساعدة في الضيق، وفي الوقت ذاته لم يستطع منعه من التوقف عن الكتابة، واحتفظ له بجميع ما كتبه.

الأفكار جميعها قديمة
وأعربت الفنانة عطية عادل خيري، حفيدة الشاعر بديع خيري، عن سعادتها بحضور «بستان بديع خيري»، قائلة: الناس موجودة النهاردة بفضل الحب والاهتمام بأصالة الفن المصري.
وقالت عطية: « أنا هتكلم عن جدي بشكل شخصي، لأني كنت أول أحفاده، وعندما كنت أذهب لمنزله، كان يفضل يحكي ليّ مغامرات وقصص الأنبياء، وكنت بستعمره واقفل علينا الباب، ولا أسمح لأي شخص بالدخول، وقتها لم أكن أفهم إني بجوار فنان كبير، واعتقد أن الحكايات الذي حكاها ليّ هي بذرة الفن الذي عشته بعد ذلك.
وأضافت عطية:» رغم أن البيت لم يكن سعيدًا بسبب وفاة والدي، إلا أن عمري ما شوفته بيتكلم عن هذا الموضوع، كان دائمًا يتعامل معي كطفلة، وكان يريد ليّ حياة طبيعية بجواره كأب.
وتابعت: وطبعًا هاتحدث عن الفنان «بديع خيري» الذي كان يهوى الزجل، والشعر، والموسيقى، وكان مصري ومن بيئة شعبية مصرية، وحب تراب مصر وشعبها، ومن كثرة كلامه ما كان سلس ويعبر عن جميع المصريين، لحن له الفنان سيد درويش دون أن يعرفه، وساعده الحظ في مقابلة الفنان نجيب الريحاني، وقدموا مع بعض العديد من المسرحيات التي تعتبر إعادة كتابة المسرحيات الأجنبية.
واختتمت «عطية» حديثها بمقولة للأديب الراحل «نجيب محفوظ»: الأفكار جميعها قديمة، ولكن التناول هو الذي يعطي الحداثة.

الخروج من عباءة الكبار يفسد الفن
فيما قال المخرج خالد جلال: تتضاءل القامات أمام اسم الشاعر بديع خيري، والفنان نجيب الريحاني، لكن دعوني لا أتحدث بشكل نظري، وإنما أتحدث عن البساطة والوصول للقلب مباشرة، هذه المعادلة  التي أصبح من الصعب علينا الوصول لها، مؤكدًا أن الوصول إلى قلب المتفرج كان سمة «بديع والريحاني».
وأضاف جلال: دائمًا نتحدث عن بديع خيري ونجيب الريحاني معا ، ولا نستطيع أن نفصل واحد عن الآخر، وباعتباري مؤلفا سينمائيا عندما أشاهد أفلام «الريحاني» اكتشف أننا لا نكتب بهذه البساطة والقدرة العظيمة على إضحاك المشاهد مثلما كانوا يكتبون.
واستدل جلال على ذلك بفيلم «غزل البنات»، قائلًا: هذا الفيلم تعليمي، أقدمه لكل شخص يكتب، موضحًا أن هذه الكوميديا تجعلنا نشعر أننا بحاجه للمزيد من التعلم.
وتساءل «جلال»: كم مرة حاول أحد أن  يعيد تقديم مسرحية «سيدتي الجميلة»؟ وكيف استطاع سمير خفاجي وبهجت قمر تقديمها بطريقة مختلفة رغم تقديمها الآلاف المرات؟ متابعًا: بكل أسف محاولاتنا في الخروج من عباءة الكبار أحيانًا تؤدي إلى إفساد الحال الفني، مؤكدًا أنه لا يوجد خطر على بلد خرجت كل هؤلاء العظماء.

افتتح 4 مجلات وأغلقها الإنجليز
و قال الدكتور نبيل بهجت إن  «بديع خيري» لم يجمع ديوانه وهو على قيد الحياة، وكان يدرك أنه شاعر عظيم، ورغم ذلك كان يكتب مسرحيات للفنان نجيب الريحاني نهارًا، وافتتح مجلة «ألف صنف» وأغلقها الإنجليز له، ثم افتتح مجلة «الغول»، وكتب في الترويسة (هذه المجلة لترهيب الاستعمار)، فغلقت مرة أخرى، ثم افتتح مجلة «النهاردة»، وكتب في الترويسة (المجلة للدفاع عن الدستور)، فأغلقت أيضًا، وأخيرًا افتتح مجلة «مصر الحرة».
وتابع نبيل: هذا الرجل كان همه منذ اللحظة الأولى أن يصل وعيه للناس، فكتب في افتتاحية مجلة «ألف صنف» (تجعلك يا أبو لبدة بارع، مجلة بتتكلم بلغة الشوارع)،أضاف: اتجه بوعيه نحو الناس.
واختتم «نبيل» حديثه، قائلًا: المثقف دولة، و»بديع خيري» كان نموذج للمثقفين الذي يحمل على كتفيه الوطن.