العدد 600 صدر بتاريخ 25فبراير2019
ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، أقيمت ندوتان تحت عنوان «مبادرات الشباب» حضرهما عدد من المسرحيين المصريين والعرب، وأدارهما المخرج مازن الغرباوي. شارك من المسرحيين العرب الممثل والمخرج المسرحي الكويتي نصار نصار، راسم منصور من العراق، والممثل الإماراتي إبراهيم القحومي، فيما شارك من شباب المسرحيين المصريين في ندوة أخرى المخرج شادي الدالي. ما الذي قدمه أو أضافه الشباب للمسرح.. ذلك هو السؤال الذي دارت حوله الندوتان.
الكويتي نصار نصار قدم نفسه بوصفه عضوا في فرقة المسرح الشعبي إحدى الفرق العريقة في الكويت، وقدم الكثير من الأعمال ممثلا ومخرجا وحصل على الكثير من الجوائز سواء في المهرجانات المحلية، أو الدولية، وآخرها جائزة أحسن مخرج وممثل في مهرجان شرم الشيخ الدولي. أضاف: مشاركتي في المسرح الكويتي جاءت بطريق الصدفة، كنت أمارس ألعاب القوى مع فريق الجامعة وأعزف مع إحدى الفرق الموسيقية، وفي أحد الأيام ذهبنا لمشاهدة مسرحية فوجدنا الجمهور يضحك بشدة، مع أن العرض تدور أحداثه في فترة الحرب، وكان الضحك يرجع لسوء العرض المسرحي، وقرر المخرج آنذاك أن يقيم ورشة وأن أكون ضمن أعضائها. تابع: كان أهم ما يشغلني وقتها هو: لماذا تعارض الأسر أبناءها حينما يرغبون في العمل بالفن، وكان أهلي منهم؟ ولكنهم وافقوا بعد فوزي بأول جائزة في التمثيل وهي جائزة الدولة التشجيعية، وكان والدي حاضرا معي. ومن ذلك الحين اختلف الأمر.
أشار نصار إلى أن المسرح يعكس صورة المجتمع أكثر من الموسيقى، فحينما أرغب في التعرف على مجتمع ما أشاهد مسرحه، مؤكدا: أول مسرح تعلمنا منه هو المسرح المصري، يليه المسرح العراقي، وهو الأساس الذي بني عليه مسرح الجامعة في الكويت، ومع الوقت وقراءة النصوص وجدنا أن الهم مشترك، فالأحداث التي مرت بالبلدين واحدة، وأهم شيء في المسرح أن تهتم بالفن وليس بالإيرادات. تابع: قدمت عروضا مسرحية تكلفتها تكاد تكون صفرا وما يهمني هو تقديم عروض جيدة، وحاليا أنا في لجنة دعم المسرحيين وهذا ما كنا نفتقده.
أما الممثل والمخرج العراقي راسم منصور فهو خريج كلية الفنون قسم المسرح بجامعة بغداد، حاصل على دبلوم الإخراج من المعهد العالي للفنون المسرحية بمصر، وشارك في الكثير من الأعمال السينمائية والتلفزيونية ومنها مسلسل “ناجي عطا الله”. وقال راسم منصور: العراق هي البلد العربي الوحيد الذي له تجربة مسرحية ممتدة اعترفت بها اليونيسكو. أضاف: بدأت في اتحاد الشباب في العراق بالإضافة إلى وزارة الشباب، وأول عرض شاركت به كنت في الصف الثالث الإعدادي، التحقت بكلية الفنون الجميلة، ومن خلال مشاركتي في أحد أهم المهرجانات في العراق استطعت أن أحصل على جائزة. تابع: تجربة العراق المسرحية للشباب الآن تحتاج إلى تطوير.
واختتمت هذه الندوة بحديث الفنان إبراهيم القحومي الذي قال: حصلت على بكالوريوس قانون وكنت ألعب كرة القدم، ولم يكن لي علاقة بالمسرح الذي دخلته بالصدفة، ولولا حبي له لم أكن لأستمر فيه، فلقد تعلمت من خلاله القراءة والمتابعة. تابع: بدايتي كانت التعلم في الورش المسرحية، وأشار إلى التجربة المسرحية المصرية، مؤكدا أن طول مدة البروفات هو ما يساهم في جودة العمل المسرحي، مضيفا أن قلة عدد البروفات يؤدي إلى أن يكون العرض ليس بالقوة المطلوبة.
أما في ندوة المبادرات الشبابية المصرية والتي قدمها الغرباوي أيضا فلم يشارك فيها غير المخرج شادي الدالي.
استهل مازن الغرباوي الندوة بشكر الشباب على الجهود المبذولة خلال أيام المعرض، مؤكدا أن نجاح المعرض اعتمد بشكل كبير على جهود الشباب. أوضح الغرباوي الندوة مخصصة للحديث عن واقع المسرح المصري ومدى التطورات التي أحدثها الشباب المسرحي، خلال السنوات الماضية، على الصعيد المحلي والدولي.
الغرباوي قدم ضيف الندوة شادي الدالي قائلا: هو من أهم المخرجين الشباب في المسرح المستقل، قدم أعمالا ونجاحات داخل وخارج مصر، وله أكثر من 30 عملا مسرحيا ما بين الإخراج والتمثيل والدراما التلفزيونية.
أضاف: الأهم في مسيرة الدالي بالنسبة لي وبالنسبة للكثير من المسرحيين هو ما قدمه في فترة ما بعد ثورة 25 يناير، وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي كانت تشهدها البلد، حيث استطاع هو ومجموعة من شباب المسرح تقديم حالة متطورة في شكل المنتج المسرحي بأقل الإمكانيات المادية وبجودة فنية متفردة تتوافق مع المقاييس الدولية والعالمية. أضاف: منذ عام 2011 بعد ثورة يناير، كانت هناك تجارب متعددة قادرة على ترجمة الواقع ومحاكاة الثورة، سواء من خلالي أو من خلال غيري من الزملاء، وكذلك بعد 30 يونيو، اتسمت بالتنوع، وكانت إسهاماتنا شهادات ميلاد لنا مكنتنا من المشاركة في الفعاليات الفنية والحصول على جوائز قيمة.
تابع الغرباوي: من هذه العروض عرض «حلم بلاستيك» لشادي الدالي فقد تحدث عن واقع الفرد منذ ثورة يناير ومثل مصر في مهرجان الهيئة العربية للمسرح، وذلك بخلاف إقامته مجموعة من الورش في مجموعة مختلفة من الدول.
وأعرب المخرج شادي الدالي عن سعادته بحضوره مع المخرج مازن الغرباوي الذي وصفه بأنه مخرج متميز، عندما يشاهد أعماله يشعر أنهم جيل متفرد وباستطاعتهم أن يقدموا أعمالا في أي ظروف وهو ما يعد ميزة كبيرة.
وأضاف: كان لي صديق من مدرسة المسرح في أمستردام التي كنت أدرس بها جاء في زيارة إلى القاهرة، وقال لي إننا محظوظون لأننا نتمتع ببيئة خصبة بها الكثير من الموضوعات والمشكلات التي يمكن طرحها خلال أعمال فنية، مقارنة بالبيئة عندهم. موضحا أن الفن ابن البيئة، وأن البيئة الخصبة التي تطرح أفكارا في أعمال فنية هي ما تجعل هناك إقبالا جماهيريا، وهي ما تجعل الفنان متحمسا. مؤكدا أن المسرح لا يكتمل إلا بالجمهور.
وعن بدايته في المسرح قال: عشقته منذ المرحلة المدرسية وأدركت أن المسرح سيصبح هدفي ورسالتي لذلك التحقت بكلية الفنون الجميلة، ومن هنا كانت البداية في فريق المسرح لكلية الفنون الجميلة. أضاف: قدمنا أعمالا مسرحية متميزة منها أعمالا قائمة على الارتجال. ثم حصلت على دبلومة النقد الفني من أكاديمية الفنون عام 2003 والتحقت بمدرسة المسرح بأمستردام وشاهدت عروض مسرحية وتعرفت على ثقافات مختلفة وتجارب مسرحية مغايرة، ومنها على سبيل المثال عرض مسرحي يقام في مصعد يصعد بالجماهير إلى طوابق مختلفة، وفي كل طابق يشاهد الجمهور مشهدا مسرحيا مختلفا.
وقال الدالي عن تجربته في عرض «حلم بلاستيك» الذي قدم على خشبة مسرح الطليعة: كان نتاج ورشة ارتجال لعدد من شباب فريق كلية الفنون الجميلة، تدور أحداث العرض حول التناقضات التي تحكمت في حياة المواطن البائس عقب ثورة يناير، وقدم العرض في مجموعة من المشاهد المنفصلة بشكل فانتازي ساخر، وقد شارك العرض في الكثير من المهرجانات المسرحية وحصل على جائزة مهرجان الهيئة العربية للمسرح.
مازن الغرباوي تحدث أيضا عن بدايته في المسرح، إذ إنه بدأ مسيرته الفنية في المسرح المدرسي وحصل من خلاله على الكثير من الجوائز، وأشار إلى أنه مؤسس فريق التمثيل بكلية الآداب جامعة عين شمس، وهي الكلية التي لم يكن بها اهتمام كبير بالمسرح، كما استطاع توفير مكان مخصص لإقامة البروفات الخاصة بالفريق واستطاع الحصول على الكثير من الجوائز للفريق. وقال أيضا إنه التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية وقدم الكثير من الأدوار في الدراما والسينما والمسرح.
ثم تحدث عن تجربته “هنكتب دستور جديد” التي حصل بها على جائزة الدولة التشجيعية في مجال الإبداع الفني، التي كانت تدور فكرتها حول الدستور كموضوع للبحث والدراسة، وتحويل المواد التشريعية القانونية لمواد حياتية. أضاف: أغلب لوحات العرض كانت تقدم دستورا لتعامل بين الناس مثل “عيش بكرامة، للمرأة صوت”، وغيرها.
تحدث الغرباوي أيضا عن المشكلات التي تواجه المخرج المسرحي ومنها تسويق العروض المسرحية. أضاف: إننا بحاجة إلى أن نفكر بطريقة جديدة، البيت الفني للمسرح ينتج 30 عرضا سنويا ينفق عليها ميزانية كبيرة، لكنها لا تصل للجمهور بالشكل المناسب.
وحول سؤال أحد الحضور عن اعتماد الكثير من فرق الجامعات على اللغة العربية في تقديم عروضهم وما السبب في ذلك، قال المخرج شادي الدالي: إن اللغة العربية مهمة بالنسبة للممثل المسرحي لما تساهم به في تدريب الممثل على مخارج الحروف بشكل دقيق والأداء بشكل جيد، ولكن على المخرجين الذين يقدمون عروضا باللغة العربية تدريب الممثلين بشكل صحيح على النطق السليم.
وعن عزوف بعض الجامعات عن النشاط المسرحي وعدم الاهتمام به من قبل المسئولين، أشار المخرج مازن الغرباوي إلى ضرورة أن يطالب الطلاب بتقديم النشاط المسرحي، مشيرا إلى أن هناك بندا للأنشطة يتضمن النشاط المسرحي، وهو أمر يجب أن يهتم به الطلاب في الجامعة وأن يطالبوا به.