رسالة اليوم العربي للمسرح

رسالة اليوم العربي للمسرح

العدد 593 صدر بتاريخ 7يناير2019

تحت عنوان “المسرح الذي أريد” كتب الفنان الجزائري سيد أحمد أقومي رسالة اليوم العربي للمسرح وهي الرسالة الحادية عشرة التي تصاحب دورات المهرجان اليوم العربي للمسرح وافتتاح المهرجان، ومن المعلوم أن العمل بهذا التقليد بدأ عام 2008 حيث كان العاشر من يناير 2008 يوم الإعلان الرسمي عن ميلاد الهيئة العربية للمسرح، جاءت الرسائل متتابعة على النحو التالي عام 2008  د. يعقوب الشدراوي – لبنان، عام 2009 سيدة المسرح العربي الفنانة القديرة سميحة أيوب – مصر، عام 2010 الكاتب عز الدين المدني – تونس، عام 2011 الفنان يوسف العاني – العراق، عام 2012 الفنانة  سعاد عبد الله – الكويت، عام 2013  الفنانة ثريا جبران – المغرب، عام 2014 الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي – الإمارات، عام 2015 د. يوسف عايدابي – السودان، عام 2016 زيناتي قدسية – فلسطين، عام 2017 الفنان حاتم السيد – الأردن، عام 2018 الكاتب السوري فرحان بلبل.
المسرح الذي أريد..
الفنان الجزائري سيد أحمد أقومي

جئت إلى المسرح  لأنه  كان حلمي، المسرح  هو  فن الوهم الذي  يؤازر الحقيقة ويقف في وجه الأكاذيب.
جئت إلى المسرح حين أدركت أن الخيال يستطيع أن يغير الواقع.
حين كان التاريخ دجلا، أردت أن أعتلي الخشبة لأقول الحقيقة. لم يكن المسرح بالنسبة لي قناعة فكرية فقط، بل كان إيمانا يلامس الروح، كنت أحمل جمرة المسرح بغبطةِ وفرحِ من يحمل أغلى ”كوهينور” (KOHINOOR) (ماسة) في العالم، المسرح عندي درب سري مدهش قادني إلى ماهيتي، إلى كينونتي الحقيقية؛ لم أكن أمثل، كلا  أبدا، كنت أعيش، أعيش أسئلتي، عزلتي، حيرتي، دهشتي، تمردي، ثورتي، عذاباتي، فرحي، إنسانيتي؛ كنت أنهمر على الخشبة بكل كياني وكان المسرح هو الخلاص.
جئت الى المسرح  حين ”كان الليل يخاف من النهار”.
دخلته في الزمن المناسب.
عشته مع فنانين استثنائيين..
دخلت تفاصيل حلمي الذي بدأ في سن السادسة، كان حلمي الوحيد أن أكون ممثلا مسرحيا لا غير.
كان المرحوم “محمد بوديا“ ينظر إلي باندهاش ويقول: كيف لشاب فنان ومثقف مثلك ألا يدخل معترك السياسة؟! كنت أضحك وأجيبه: ”لقد كذبت على أبي حين وعدته – من أجل أن يتركني في الحضرة المقدسة للمسرح - أن أكون سفيرا أو محاميا أو طبيبا لكنني أبدا لم أعده أن أكون سياسيا”.
وقد كنت على الخشبة سفيرا للحلم الإنساني ومحاميا لكل القضايا العادلة وطبيبا يحاول أن يجد دواءً للحماقة البشرية.
سأعود إلى بدايات هذا الحلم، إلى بدايات المسرح في الجزائر...
بعد زيارات الفرق المسرحية العربية المتكررة للجزائر خلال فترة الاستعمار الفرنسي، اكتشفت النخبة الوطنية أن هذا الفن خطير وفعال، يمكنه أن يغير ويخلق لدى الجمهور وعيا سياسيا. لذا تأسست الفرق المسرحية والجمعيات، وكان  هدف هذا التأسيس هو تكريس وعي وطني من أجل تحرير الجزائر؛ من هذه الفرق الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني التي تأسست بتونس والتي كان يشرف عليها أستاذي المرحوم مصطفى كاتب.
ولقد استمر هذا النهج بعد الاستقلال وهو خدمة القضايا الوطنية وكل قضايا الشعوب التي تسعى إلى التحرر من كل أنواع الهيمنة. في هذا السياق، أرى أنه على الفنان المسرحي الحقيقي، كي لا يكون أداة دعائية، الاحتفاظ بشعلة الإبداع لديه والابتعاد عن التسطيح.
إن المسرحي المسكون بالتمرد هو دائم الانخراط في القضايا الإنسانية. إنه اللامنتمي بامتياز، والمنتمي بامتياز أيضا للحق والخير والجمال؛ ذلك أن المسرح ليس بياناتٍ سياسيةً أو شعاراتٍ فارغةً أو خطبَ جوفاء.
إذا أصبح المسرحي في خدمة هذا النوع من المواضيع، فما عليه، إلا مغادرة بناية المسرح وحملَ الأبواق والاتجاه إلى مقرات الأحزاب والتجمعات السياسية، وليعلن موته هناك.
إننا نتقاسم مع السياسيين أحيانا نفس الفضاءات ونتوجه لنفس الجمهور، ومثلهم نطمح للتأثير على المتلقي، لكن الفرق شاسع بيننا.  
قد يقول البعض إن شكسبير نفسه كان يهتم بالسياسة، هذا صحيح، لكنه لم يكن سياسيا، لقد كان فنانا مبدعا عملاقا، وتأتي إشاراته السياسية في ثنايا مسرحياته بذكاء ودهاء كبيرين، ولم تكن مسرحياته غارقة في السياسة والآيديولوجيا.
يريد منا السياسيون أن نكون همزة وصل..
لقد قالها لنا ذات يوم الرئيس الراحل هواري بومدين ”أريدكم أن تكونوا همزة وصل بين القمة والقاعدة”.
عفوا أيها الحضور الكريم، المسرحي الحقيقي لا يمكن أبدا أن يكون جسرا أو بوقا أو همزة وصل، إنه صوت الحقيقة وضمير الأمة، عليه أن يحمل بأمانة الرسالة ”ليكون رسولا وليس عبدا مأجورا” الرسالة التي وجد من أجلها المسرح، ألا وهي خدمة قضايا الإنسان، وعليه أن يجعل أي فضاء   يتحرك فيه حدثا مسرحيا يشجع على التفكير والمساءلة والنقد.
يتحدث الكثير من المثقفين والإعلاميين والسياسيين ضد العنف اللفظي والبدني الممارس على بعض الفئات والأفراد، لكنهم يتناسون أو يتجاهلون العنف الذي مورس ويمارس منذ زمن طويل على الفنان المسرحي، الذي- للأسف الشديد - لم يصنف بعد كمبدع للقيم الجمالية، وإنما استُهجِنَ فنُّه بتصنيفه  كمهرج – مضحك – عجاجبي.
هذا التصنيف ظل مكرسا في اللاوعي الجمعي إلى يومنا هذا، ولهذا ظل الفنان المسرحي في أدنى المراتب الاجتماعية.
لقد تنازلت عن لقبي واخترت اسما مستعارا ”سيد أحمد أقومي” من أجل المسرح والمسرح فقط، فالمسرح كينونتي، وهويتي التي أعتز بها حيثما أكون. وحتى حين أكون في المنفى، فإن لي في كل بناية مسرحٍ وطنا، وفي كل خشبة أقف عليها حبلا سريا يجمعني بأخي الإنسان.   
وإذا كان المسرح الإغريقي قد بنى فلسفته على مبدأ الصراع بين البشر والآلهة، فعلينا نحن كمسرحيين عرب في هذا الزمن الشائك أن نوظف فننا السامي لخدمة مجتمعاتنا، وذلك بإرشاد المتلقي إلى منابع الفهم والحكمة ومن أجل التغيير، التغيير الذي لا يكون بالوقوف ضد أشباه الآلهة فوق هذه الأرض فقط، ولكن من أجل ذلك التغيير الذي يصنع منا متمردين حتى النخاع، تمرد الفهم المقدس الذي يعرف الكثير عن الأعالي والأعماق، وليس مجرد ثوريين سطحيين.  
تلك هي رسالة المسرح..
وهذا هو المسرح الذي أريد..
شكرا للهيئة العربية للمسرح على هذا التكريم الذي أسعدني كثيراً، إنه تكريم للمسرح الجزائري العريق، وهو أيضا تكريم للشهيدين الكبيرين علولة  ومجوبي.
شكرا لأنكم جعلتموني أستحضر في هذه اللحظة أصدقائي وزملائي الذين رحلوا، وصنعوا من مسيرتهم مناراتٍ نهتدي بها كلما حاصرتنا الظلمات والعواصف.
شكرا لسمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لدعمه المستمر للمسرح، ذلك لأنه يدرك أن المسرح يبني ما يعجز  عنه السياسيون.
و”سيبقى المسرح ما بقيت الحياة“
السيرة الذاتية للفنان الجزائري سيدي أحمد أقومي
• ممثل مسرحي وسينمائي وتلفزيوني
• مدير سابق للمسرح الجهوي بقسنطينة
• مدير سابق للمسرح الجهوي لعنابة
• مدير أول دار للثقافة بالجزائر بتيزي أوزو
• مدير سابق لمركز الثقافة والإعلام بالجزائر
• مدير سابق للمسرح الوطني الجزائري إلى غاية مارس 1993
المسرح
عمل كممثل مسرحي في الأعمال التالية
• مسرحية الفوهن لمولود المعمري
• مسرحية ابن المرارة لسليمان بنعيسى
• مسرحية رسول دون إله لسليمان بنعيسى
• المستقبل المنسي لسليمان بنعيسى
• خشبة لإدريس كنون
• موعد عند بلاص إخراج نبيل لحلو
• تيميمون لرشيد بوجدرة
• الجنرالات لعبد القادر علولة
• هوية لأحمد صياد
• التدريب لمحمد بن قطاف
• طوق الحيل لأحمد صياد
• ألف هتاف للخنزير لمحمد ديب
• الحب وبعد لمحمد فراح. إخراج زياني شريف عياد
• مذكرات أحمق لغوغول. إخراج الطيب الصديقي
• عمايل جحا لموليير
• الجثة المحنطة لكاتب ياسين
• النازحين لغزافيي دورينغير
• كما تريد لبيرانديلو
• عودة إلى الصحراء لبرنارد . م . كولتيس
• ترويض الدبابة لشكسبير
• الرجل القمامة لماتي فيزنييك

السينما والتلفزيون
• مغترب على المدينة لجمال بنصالح
• ذات مرة بالواد لجمال بنصالح
• قائلو الحقيقة لكريم طرايدية
• خريف... أكتوبر بالجزائر لمالك لخضر حامينا
• ليون الإفريقي لأحمد راشدي
• حصاد الصلب لغوثي بن ديدوش
• التحدي لموسى حداد
• السكرية لحسن الإمام (مصر)
• الخارجون عن القانون لتوفيق فارس
• الطريق لمحمد سليم رياض
• اليوم الجميل لهيرفي فايبرغر
• مناطق العالم الخمس لجيرالد مورديا
• الإيطالي لأوليفيي بارو
• الجماعة لفليب تريبوا
• إكسبلوزيف لباتريس مارتينو
• ريح الغضب لميكايل رايبورن


كاتب عام