منيرة المهدية سلطانة الطرب

منيرة المهدية سلطانة الطرب

العدد 584 صدر بتاريخ 5نوفمبر2018

الفنانة القديرة منيرة المهدية مطربة عرفت باسم “سلطانة الطرب” واسمها الحقيقي: زكية حسن منصور، وهي من مواليد 16 مايو عام 1885 ببيت متواضع بقرية “المهدية “مركز ههيا التابع لمحافظة “الشرقية”. وقد نشأت في ظروف صعبة حيث توفيت والدتها وهي طفلة رضيعة، وبعد سنتين توفي والدها فانتقلت للإقامة بمنزل شقيقتها الكبرى في محافظة “الأسكندرية”. تعلمت فى مدارس الراهبات ولكنها أعلنت تمردها المبكر على المدرسة والتعليم، وكثيرا ما اشتكت منها المعلمات لغيابها المتكرر، وبعد أن كبرت قليلا عادت إلى قريتها الأم، وبدأت تغني في المقاهى بالقرى والمدن المجاورة، وأضطرت إلى تغيير اسمها حفاظا على تقاليد العائلة، وهكذا تحولت إلى “منيرة المهدية”،
وفي إحدى حفلاتها بمدينة الزقازيق في بدايات عام 1905 تصادف حضور “محمد فرج” وهو صاحب مقهى صغير في حارة “بير حمص” قرب باب الشعرية بالقاهرة، فأعجب بصوتها وعرض عليها الإنتقال إلى القاهرة. قررت على الفور استغلال الفرصة وسافرت بالفعل إلى “القاهرة”، ونجحت في تحقيق شهرة كبيرة وذاع صيتها كراقصة ومطربة فى مقاهى “الأزبكية”، وبحلول عام 1905 بدأ يتوافد عمالقة الغناء على حفلاتها ومنهم “سلامة حجازي”.
وقفت الفنانة منيرة المهدية لأول مرة على خشبة المسرح في صيف 1915 مع فرقة “عزيز عيد”، لتؤدى دور “حسن” في رواية للشيخ سلامة حجازي، فكانت بذلك أول مطربة مصرية تقف على خشبة المسرح كممثلة، متحدية تقاليد الزمن آنذاك والتي كانت تحرم على المرأة التمثيل على المسرح، وبالتالي فقد كان ظهورها بالعروض المسرحية بمثابة ثورة كبرى على التقاليد وأحدث ضجيجا ساهم في توهج شهرتها الفنية كأول ممثلة ومطربة مصرية تثور على “الحرملك” وتغني على المسرح بدلا من الشاميات واليهوديات، فساهمت بذلك في زيادة الإقبال على عروض فرقة “عزيز عيد” التي أصبحت تنافس فرقة “سلامة حجازي”.
كانت منيرة المهدية تكتب على الأفيشات “الممثلة الأولى” وذلك بالرغم من أنها كانت تقوم بأدوار الرجال ثم انفصلت عن فرقة عزيز عيد وكونت فرقة خاصة بها وأسمتها فرقة “الممثلة المصرية”، وقدمت أشهر أعمال الشيخ سلامة حجازى بالإضافة إلى أعمال جديدة لنخبة من أشهر شعراء وملحنى جيلها.
مع الإقبال المتزايد للجمهور، افتتحت “منيرة المهدية” مقهى خاصا بها بحي “الأزبكية” أطلقت عليه اسم “نزهة النفوس”، وسرعان ما حقق شهرة خيالية حتى أصبح ملتقى رجال الفن والفكر والسياسة والصحافة بفضل ما كانت تتمتع به من شخصية قوية وقيادية. وتحولت “الست منيرة” بمرور الوقت إلى “مطربة الأزبكية الأولى”، حتى لقبت عام 1914 “فنانة الشعب” و”سلطانة الطرب”.
يُنسب إلى منيرة المهدية أنها صاحبة الفضل في اكتشاف الفنان محمد عبد الوهاب وتحقيق شهرته، فبعد أن داهم الموت فجأة موسيقار الشعب سيد درويش عام 1923 وقبل استكماله لألحان الفصل الثالث من مسرحية “كيلوباترة ومارك أنطونيو”، أسندت منيرة مهمة استكمال تلك الألحان للفنان الشاب محمد عبدالوهاب، كما منحته فرصة القيام بدور البطولة أمامها وتجسيد شخصية “مارك أنطونيو”، فكانت هذه الفرصة نقطة فاصلة فى حياته، دفعته كثيرا إلى الأمام ووفرت عليه سنوات من المعاناة.
بعد طلاقها من زوجها الأول محمود جبر - والذي شاركها في أدارة فرقتها لفترة -أصيبت بحالة نفسية وعصبية سيئة مما دفعها للسفر، فقامت بتنظيم عدة جولات فنية (في كل من ليبيا، فلسطين، لبنان، سوريا، العراق، تركيا، إيران)، وحققت نجاحا كبيرا ولاقت كثيرا من التكريم من رؤساء وملوك تلك الدول، ومن مظاهر التكريم أن إحدى شركات التبغ السورية وضعت صورتها على علبة السجائر التي أطلقت عليها اسم “دخان منيرة”. بعد مرور عدة سنوات تزوجت من زوجها الثاني بطل المصارعة حسن كامل، وبعد وفاته تزوجت من شقيقه وآخر أزواجها  إبراهيم كامل، الذي عاشت معه أيامها الأخيرة إلى أن رحلت عن عالمنا في 11 مارس 1965، عن عمر يناهز الثمانين عاما، بعد حياة فنية حافلة امتدت إلى ما يزيد على خمسين عاما، وكان نصيبها من جميع زيجاتها ابنة واحدة اعتبرتها نعمة من الله وأسمتها “نعمات”.
والمؤسف أنه رغم المكانة الكبيرة التي احتلتها سلطانة الطرب في عالم الغناء العربي إلا أن جنازتها كانت متواضعة ولا تليق بمكانتها !!، حيث لم يحضرها سوى عدد قليل جدا، ولم يشارك بها أحد من أهل الفن، وذلك بالرغم أنها كانت حريصة طوال سنوات عمرها على مجاملة زملاء المهنة.
وجدير بالذكر أن “منيرة المهدية” قدمت في السينما فيلما وحيدا قامت ببطولته بعنوان “الغندورة” عام 1935، وهو مأخوذ عن عمل مسرحي قامت ببطولته بنفس العنوان، كما أن المخرج الراحل حسن الامام قام بتقديم قصة حياتها فى فيلم بعنوان: “سلطانة الطرب”، وقامت بتجسيد شخصيتها الفنانة شريفة فاضل.
- الفنانة منيرة المهدية والسياسة:
عشقت الفنانة منيرة المهدية - وككل المصريين - “مصر”، ومع شخصيتها الإيجابية وتمتعها بالحس الوطني حرصت على توظيف مسرحها الغنائي في سبيل خدمة بلدها وتأييد الحركات الوطنية والمطالبة بالإستقلال، حتى أن الصحافة أطلقت على مسرحها اسم “هواء الحرية”. ومن أوضح الأمثلة على وطنيتها وتمتعها بالحس الوطني حرصها طوال فترة ثورة 1919 على توظيف شعبيتها الكبيرة وحب الناس لها، فشاركت بتقديم عدة أغاني وطنية تحث بها الناس على استقلال بلادهم ومن بينها أغنيات: “مصر الجميلة”، “إن كنت في الجيش”، “مارش البرلمان”، و”مصر الجديدة”، ومع ذلك أضطر الإنجليز للإستسلام أمام شعبيتها، فاستثنوا مقهى “نزهة النفوس” من قرار إغلاق المقاهي في أعقاب الحرب العالمية الأولى. ويحسب لها ذكائها في كيفية التحايل على القوانين والقرارات التي تصدرها سلطة الإحتلال الإنجليزي، والتي كانت قد أصدرت قرارا آنذاك يقضي بمنع ذكر اسم الزعيم سعد زغلول وبحبس أي شخص يخالف ذلك القرار ستة أشهر بالإضافة لضربه عشرين جلدة، ومع ذلك غامرت بالتحايل على القرار بأغنيتها الشهيرة “شال الحمام حط الحمام”، التي تقول في مطلعها: شال الحمام حط الحمام من مصر لما للسودان ... “زغلول” وقلبي مال إليه أنده لما أحتاج إليه. وكانت بالطبع تقصد بالأغنية الزعيم سعد زغلول، وذات ليلة استبدلت السلطانة شطر “من مصر لما” بـ”مصر السعيدة”، فألهبت حماسة المصريين وانتشرت الأغنية وأصبحت على كل لسان، في تحد واضح لقرار الإنجليز بمنع ترديد اسم “سعد زغلول”. وبالإضافة إلى ماسبق تزعمت “منيرة المهدية” حركة وطنية - عن طريق مسرحها وفنها الغنائي الأصيل - للمشاركة في الدعوة لتحرير المرأة.
وفي حوار نادر لسلطانة الطرب ذكرت أن الحكومة المصرية في تلك الفترة كانت تجتمع في عوامتها برئاسة حسين رشدي باشا، الذي كان دائم التردد على مسرحها، ومداعبتها بقوله “انتي تقدري تبلفي الإنجليز تمام ... وبغنوة منك تقدري تجيبي الإستقلال لمصر”، كذلك كان يجتمع بالمقهى الخاص بها وعوامتها كبار السياسيين والأدباء في مصر وبلاد الشام والسودان.
ويروى أيضا أنها قد استغلت نفوذها عند رجال السياسة في طلب العفو عن كثير من الطلاب المقبوض عليهم في “ثورة 19”، وأنها عندما حاولت التوسط لإطلاق سراح شاب يُدعى “محمود جبر” - كان يداوم على حضور حفلاتها - أخبرها المعتمد البريطاني استحالة الإفراج عنه إلا إذا كان خطيبها وتنوي بالفعل الزواج منه، فوجدتها حجة لإطلاق سراحه، وأكدت له أمر الخطوبة واتفاقهما على الزواج فور الإفراج عنه، وبالفعل أحضر المأذون الشرعي وعقد قرانهما في مكتبه بشهادة اثنين من موظفي دار الحماية البريطانية (ولكن للأسف انتهى هذا الزواج بعد أربع سنوات).
ويجب التنويه إلى أن الفنانة منيرة المهدية ظلت محتفظة بلقب المطربة المصرية الأولى خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضى، وكان لها معجبون من جميع الفئات والأعمار، ويذكر أنه كان من بين المعجبين بفنها الزعيم الوفدى الكبير سعد زغلول، الذي كان يحلو له السهر مع أصدقائه فى “تياترو برينتانيا” لحضور تمثيل رواية “كارمن” التي بدأت فرقتها فى تقديمها بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1917.
وهناك كثير من الحكايات الطريفة التي تروى عنها ومن بينها أنها قد تسببت في خلاف بين كل من الملك فؤاد ورئيس مجلس الشيوخ آنذاك حسين رشدي باشا، وذلك عندما قام الأخير بتقبيل يدها في إحدى الحفلات، فثار الملك فؤاد واستدعاه وعنفه على تقبيل يد مطربة علنا، فرد عليه قائلا: “ليس في الدستور المصري مادة تمنع رئيس مجلس الشيوخ من تقبيل يد مطربة، ضعوا هذه المادة وأنا أعدكم بعدم تقبيل يد المطربات والممثلات بعد ذلك”.
والحقيقة أن علاقات منيرة السياسية كانت قد تجاوزت حدود الوطن، ففي “تركيا” غنت أمام الرئيس مصطفى كمال أتاتورك، في حفل كبير استمتع به “أتاتورك” لدرجة أنه طلب أن تستمر “منيرة” في الغناء، فظلت تغني طوال الليل بعدما أُلغيت بقية برامج الليلة، والحقيقة أن هذا لم يكن اللقاء الأول لهما، فقد سبق أن حضر “أتاتورك” إلى مصر عندما كان ضابطا وعضوا بجمعية “تركيا الفتاة” - التي أطاحت فيما بعد بحكم العثمانيين - وزار وقتها مقهى “نزهة النفوس” وأعجب بصوت منيرة.
- الإعتزال والمنافسة مع “أم كلثوم”:
شهدت نهاية ثلاثينيات القرن الماضي صعود وتألق ونجومية المطربة الصاعدة أم كلثوم التي فرضت شروطا جديدة على الساحة الفنية لم تستطع “منيرة المهدية” مجاراتها خاصة مع تقدمها في العمر وتراجع فنها. وقد شهدت هذه الفترة صراعا خفيا حادا بينها وبين أم كلثوم، وذلك حينما حاولت “منيرة” توظيف الصحافة لصالحها ولمهاجمة “أم كلثوم”، في حين نجحت “أم كلثوم” في إذكاء التنافس بين المؤلفين والملحنين لتقديم أفضل إبداعاتهم إليها، فما كان من “منيرة المهدية” إلا أن قررت إعتزال الفن. وخلال فترة اعتزالها نجحت كوكب الشرق أم كلثوم في استكمال نجاحتها مع تأكيد مكانتها بتقديم بعض الأفلام السينمائية الجيدة للوصول إلى أوج نجاحها وتألقها.
ولكن الفنانة منيرة المهدية وتحت تأثير الحنين للأضواء والنجومية قررت فجأة في عام 1948 - بعد اعتزالها للحياة الفنية لمدة عشرين عاما - العودة إلى المسرح، ولكنها لم تلق القبول الذي كانت تنتظره بعدما بدا عليها كبر السن، وتأثر صوتها بفعل الزمن وتدخينها للشيشة. وجدير بالذكر أن سيدة الغناء العربي أم كلثوم حرصت على حضور حفل العودة، وكانت تشجعها وتصفق بحرارة، غير أن ذلك لم يمثل حافزا قويا لاستمرارها في ظل عزوف الجمهور عنها، فقررت الفنانة منيرة المهدية إعتزال الغناء والفن تماما، وتفرغت بعد ذلك لهوايتها وهي تربية الحيوانات الأليفة (القطط والكلاب).
هذا ويمكن تصنيف مجموعة أعمالها الفنية طبقا لإختلاف القنوات المختلفة (مسرح، سينما، أغنية) مع مراعاة التتابع التاريخي كما يلي:
أولا - الأعمال المسرحية:
ظل المسرح هو المجال المحبب للفنانة منيرة المهدية، فقد تفجرت هوايتها لفن التمثيل به، كما أثبتت وأكدت موهبتها من خلاله بعدما تعلمت أصول التمثيل بفضل نخبة من أخلص أساتذته (في مقدمتهم الأساتذة: عزيز عيد، سلامة حجازي، عبد العزيز خليل)، وتتضمن قائمة أعمال فرقتها المسرحية مشاركتها في بطولة (52) اثنين وخمسين عملا مسرحيا، وشارك في تلحين مسرحياتها عمالقة التلحين من بينهم الأساتذة: سيد درويش، محمد القصبجي، رياض السنباطي، زكريا أحمد، داود حسني، كامل الخلعي، محمد عبد الوهاب.
هذا ويمكن تصنيف مجموعة أعمالها المسرحية بصفة عامة طبقا للتتابع التاريخي مع مراعاة إختلاف الفرق المسرحية وطبيعة الإنتاج كما يلي:
- “منيرة المهدية” (“الممثلة المصرية”): صلاح الدين الأيوبي (1915)، السارق، شقاء الشاعر، علي نور الدين، عائدة (أوبرا عايدة)، أنس الجليس، شهداء الغرام، ضحية الغواية (1916)، هاملت، صدق الأخاء، الكابورال سيمون، كارمن، ليث الغيل، تليماك (1917)، مدرسة النساء، تاييس، غانية الأندلس، أدنا، البرج الهائل، عبد الستار أفندي، روزينا (1918)، أبو الحسن المغفل، كرمنينا، كلام في سرك (1919)، كلها يومين، هارون الرشيد مع أنس الجليس (1920)، الثالثة تابتة، عظة الملوك (1921)، عواطف البنين (1922)، كليوباترة ومارك أنطونيو (1924)، البريكول، الحيلة، الغندورة، قمر الزمان، حورية هانم (1925)، الجيوكانده، العذارى، المظلومة، حرم المفتش، حماتي (1926)، حياة النفوس، صاحبة الملايين (1927)، كيد النسا، (1928)، أدم وحواء، مملكة الحب (1931)، الدجالين، حاجب الظرف، رومية الحب، الأميرة نورة، المخلصة، عروس الشرق، لولو (1933)، الأميرة روشتار (1938).
- “منيرة المهدية وصالح عبد الحي”: توسكا (1931).
وجدير بالذكر أنها ومن خلال مجموعة المسرحيات التي شاركت في بطولتها قد تعاونت مع نخبة من المخرجين الذين يمثلون أكثر من جيل ومن بينهم الأساتذة: عزيز عيد، حسن ثابت، عبد العزيز خليل.
ويمكن للباحث المسرحي أن يكتشف بسهولة أن هناك عددا كبيرا من الأوبريتات والأعمال المسرحية التي حرصت الفنانة القديرة منيرة المهدية على تقديمها لمجرد إظهار قدراتها الغنائية والتمثيلية، سواء كانت تلك النصوص قد كتبت لها خصيصا أو قررت هي إعادة تقديمها نظرا لتناسب دور البطولة معها وإعجابها بشخصية البطلة ومن بينها على سبيل المثال: كليوباترة (كليوباترة ومارك أنطونيو)، عائدة، جوليت (شهداء الغرام)، كارمن، روزينا، كرمنينا، أدنا، تاييس، الجيوكاندة، توسكا، الأميرة روشتار، عروس الشرق، غانية الأندلس، الأميرة نورة، لولو، الغندورة، حورية هانم، المظلومة، حرم المفتش. ويجب الإشارة في هذا الصدد إلى مفارقة هامة وهي إصرارها أيضا على تجسيد بعض أدوار الرجال - وخاصة تلك التي اشتهر الرائد سلامة حجازي بتجسيدها - ومن بينها على سبيل المثال: صلاح الدين الأيوبي، علي نور الدين، أنس الجليس، أبو الحسن المغفل، هارون الرشيد مع أنس الجليس، قمر الزمان، هاملت، الكابورال سيمون، تليماك، عبد الستار أفندي.
أولا - أعمالها السينمائية:
شاركت الفنانة منيرة المهدية في إثراء مسيرة الفن المصري ببطولة فيلما وحيدا طوال مسيرتها الفنية وهو فيلم الغندورة عام 1935 من تأليف (قصة وسيناريو وحوار) بديع خيري وشاركه كتابة السيناريو والحوار موريس قصيري، وإخراج ماريو فولبي، وشاركها البطولة كل من الفنانين: أحمد علام، بشارة واكيم، عباس فارس، روحية خالد، توفيق المردنلي.
وتدور أحداث الفيلم حول: التاجر الثرى “جمال” الذي يسافر بصحبة عمه “جحا” إلى مدينة “بغداد”، وهناك يتعرف على الفتاة القروية “الغندورة” فيقع فى حبها وتبادله مشاعره. ويفاتح جمال عمه فى رغبته فى الزواج من “الغندورة” ولكنه يرفض طلبه بشدة لأنها مجهولة الأب. ويطلب العم “جحا” من “الغندورة” أن تضحى بحبها لمصلحة حبيبها جمال. وتتصاعد الأحداث الدرامية بوصول “نصر الله” عم جمال وزوجته وابنة أخته “شاهنده” إلى “بغداد”، وتحاول “شاهنده” التقرب من جمال فيصدها. فتقبل الزواج من الشاب “عمر”. ثم تتوالى المفارقات حينما يتقابل “نصر الله” مع”الغندورة” ويكتشف أنها إبنته - من الحلية الذهبية التى تلبسها - فيتراجع بالطبع عن موقفه ويبارك زواج “جمال” و”الغندورة”.
ثانيا - مشاركاتها في مجال الغناء:
تميّزت “منيرة المهدية” بأسلوب خاص في الغناء، فكانت صاحبة صوت قوي وصافي وطبيعي. وهي أول مطربة تقوم بالغناء في الإذاعة المصرية وتذاع لها بعض الحفلات بخلاف الإسطوانات، ومن أشهر أغاني السلطانة: “أسمر ملك روحي”، “خليك على عومى”، “أشكي لمين ذل الهوى”، “يمامة حلوة”، “تعاليلي يا بطة”، “حبك يا سيدي”، “عالماني الماني”، “عاشق ومعشوق”، “هويت بخاطري”، “ما تخافشي عليَ”، “والنبي يا بلبل”، “يحيا العدل”، “يصح يا قلبي تعشق”، “يا بنت يا بتاعة النرجس”، “صبرت ونلت”، “يالا نملى القناني”، “والنبي يامه تعذريني”، “وعلي دول ياما علي دول”، “أنا هويت”، “يا محلا الفسحة يا عيني”، “تعالي بالعجل”، “ليلة في العمر مافيش منها”، “على بلدي”، “توت عنخ أمون”، “شال الحمام حط الحمام”، “أنا رأيت روحي في بستان”، “أنا رهنت قلبي على حبك”، “جانا الفرح”، “قولولي قولولي”، بنت الشبلية”، ودور “أنا عشقت”، وغيرها. كما غنت أيضا عدد من القصائد منها: “عليه سلام الله”، “يا فاتن الغزلان”، “إن كان عذابي في هواك”، “ألا ليت لم أعرفك يوما”، “سلو حمرة الخدين”، و”يا فريد الحسن”، ومع ذلك فإن لسلطانة الطرب بعض الأغاني التي أحدثت جدلا ومازالت تحدثه إلى وقتنا الحاضر - بسبب جرأة كلماتها أو إباحيتها - ومن بينها على سبيل المثال أغنيات: “إرخي الستارة”، و”بعد العشا يحلى الهزار والفرفشة”، “حرج عليا بابا”، “الحب دح دح”، وأيضا تلك الأغنية التي تتحدث عن “الكوكايين” ومن بين كلماتها: “إشمعنى يا نُخ الكوكايين لا كُخ”.
وقد تعاونت من خلال تلك الأغاني مع نخبة من كبار الملحنين وفي مقدمتهم الأساتذة: سلامة حجازي، سيد درويش، النجريدي، محمد القصبجي، رياض السنباطي، زكريا أحمد، داود حسني، كامل الخلعي، محمد عبد الوهاب.
كان من المنطقي أن يتم تتويج مسيرتها الفنية الثرية بحصولها على عدد كبير من الأوسمة والنياشين ومن بينها: حصولها على عدة أوسمة من حاكم المملكة المغربية، وحاكم تونس ومن حكام عدة أقطار عربية أخرى، كما تم إدراج اسمها في الكتاب الذهبي الخاص بملك إيطاليا الذي يُسجِل العظماء في العالم، ومنحت الوسام الخاص بذلك. كذلك قامت الحكومة المصرية بعد ثورة يوليو 1952 بتكريمها ومنحها وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى عام 1960، كما منحها الزعيم جمال عبد الناصر وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في عيد العلم عام 1961.


د.عمرو دوارة

esota82@yahoo.com‏