إعادة كتابة بدل «إعداد»

إعادة كتابة بدل «إعداد»

العدد 583 صدر بتاريخ 29أكتوبر2018

بخلاف المسرح، خلقت السينما مفردة “السيناريو” فحظى كاتب السيناريو بتسمية “السيناريست”  ليتميز نصه وإن استوحى من الأعمال السردية والروايات. أما المسرحي أو من يقرأ مسرحية ويعيد كتابتها مستلهما الموضوع أو مسلطا الضوء على شخصية بذاتها أو مستحدثا رؤية تــتوافق والواقع المعاصر، فيبدو أن النقد اكتفى بتسميته بــ“المعد” أو وصف عمله بأنه “إعداد” رغم أن انجازه قد يكون كتابة جديدة تحمل كل عناصر التأليف والابداع في خلق صورة جديدة.   
كلمة “إعداد”، والتي بكل الأحوال قد لا تكون الترجمة الأمثل لكلمة Adaptation ، اقـتـنع بها النقد طويلا في الشرق وإلى اليوم لم تظهر إلى السطح اقتراحات جديدة تفي المبدع حقه وهو يُقدم اختياراته الجديدة التي تتقاطع مع الأصل وتخرج عن حدود القديم إلى آفاق معاصرة.   في الغرب، إلى جانب Adaptation يستخدمون أيضا تعبير  “مستوحى من” للإشارة إلى عرض يستوحي من رواية أو من مسرحية كلاسيكية أو غيره، فما الذي يمنع من أن نقترح، من ناحيتنا،  تسمية جديدة تُـثري معجمنا النقدي بهذا الخصوص؟
عندما نشاهد الأعمال المعاصرة التي قامت على نصوص قديمة نجد أن بعضها طبق مبدأ “الـهـدم”، وهو مبدأ ابداعي يعرفه الناقدون.  الهدم، وإن كان هدماً جزئياً، فهو مرحلة حتمية أحيانا لإعادة بناء العمل أو المستوحى منه. المبدع يهدم ويرمم ويبني من جديد وعليه تصبح العملية في الواقع “إعادة كتابـة” أو “إعادة بناء”.  يوليو الماضي وخلال مهرجان أفينيو، جنوب فرنسا، حضرت عرضا لمسرحية “المتحذلقات السخيفات” ووجدت أن العرض يبدأ بدخول أحدهم بأكياس ويكرر دخوله بأكياس أخرى نعرف لاحقا أنها من جملة التبضع التي قامت به المتحذلقات. مثل هذه البداية عبرت عن هدم للنص الأصلي فشكل مشهد أكياس التسوق أول معول في هدم جانب من نص موليير وخطوة في إعادة كتابة المسرحية للتعبير عن سخافة المتحذلقات، وهي سخافة اختلفت عن تلك التي عاصرها موليير وكتب عنها.       
مسرحية موليـير في نسختها الأصلية وتلك التي قُدمت صيف 2018 عبرتا عن “السخافة” أو “السطحية” فظلت “الحالة” في العملين واختلفت طريقة الطرح، التي  استوجبت اعادة كتابة، ومن هنا نتساءل لماذا لا نستبدل كلمة “إعداد” بتعبير “إعادة كتابة” للإشارة إلى المبدع المعاصر؟ 


فتحية حسين الحداد