ناجى شاكر رحلة العطاء والريادة

ناجى شاكر رحلة العطاء والريادة

العدد 574 صدر بتاريخ 27أغسطس2018

نشأته
ولد الفنان ناجى شاكر فى 16 فبراير سنة 1932م بحى الزيتون بالقاهرة، فى بيت فنى تحفل مكتبته بمؤلفات فرنسية فى شتى العلوم والفنون، وكان الفن موجودا فى البيت بفضل والده الذى كان يعمل موظفا بقلم السكة الحديد، ومدرسا أيضا كما كان ضمن كورال الأوبرا المصرية فى ذلك الوقت، حيث كان نموذجاً للأب الذى يستقطع من دخله لأجل تربية أبنائه وتعليمهم، وهو شقيق الفنان “ إيهاب شاكر” أحد رواد رسامى كتب الأطفال فى مصر.
وما كاد يشب “ ناجى شاكر “ عن الطوق حتى إلتحق بمدرسة الأقباط الكاثوليك  بمصر الجديدة في سن الخامسة من عمره سنة 1937م، واستمر بها حتى أكمل تعليمه الثانوى.
كان فى طفولته ضعيف الجسم حساسا يهاجمه المرض بين الحين والأخر مما كان يضطره للإنقطاع عن الدراسة لفترات طويلة، وكان هذا يحزنه كثيرًا.
وقد ظهرت موهبته وحبه للرسم فى المرحلة “ الابتدائية “ حيث حصل “ ناجى شاكر” فى سن العاشرة على جائزة فى فن لرسم من مجلة “ الكتكوت الصغير “ التى كانت تديرها “ درية شفيق “، وذهب لمقابلة رئيسة التحرير فى حفل أقيم له بمناسبة فوزه بالجائزة.
استمر ناجى شاكر متأرجحًا بين حبه للرسم والموسيقى، حتى ألحقته والدته في سن الثالثة عشر من عمره باستوديو الفنان الإيطالى “ كارلو مينوتى “ عام 1946م، الذى كان يُدير مدرسة لهواة الرسم في مرسمه، كان “ كارلو “ يُزخرف أسقف قصور السادة فى تلك الفترة، كانت المدرسة تضم سيدات الطبقة الراقية من محبى الفن، وكان ناجى شاكر الولد الوحيد الصغير وسط هذه المجموعة من السيدات، وعندما شعر “ كارلو” بموهبة ناجى شاكر الطفل أصر على أن يدرس له بالمجان.
وهناك وجد ناجى شاكر نفسه وحيدًا بين سيدات كبيرات السن، يتدرب على رسم الطبيعة الصامته والموديلات العارية طوال ست سنوات، تحولت وقتها الرسومات التى كان يعلقها على جدران غرفته وفى المدرسة إلى معارض احتفالية فى حدود العائلة، وتطور فن ناجى شاكر فى هذه الفترة حتى اتخذه “ “ كارلو مينوتى “ مساعدًا له، وكان في تلك الفترة لم يتعدى عمر ناجى الثامنة عشر من عمره.
في مرحلة التعليم الثانوى كانت رغبة ناجى شاكر وتعطشه لدراسة الفن التشكيلى ملحة، لهذا بدأ يطرق أبواب أخرى للتدريب على أساليب جديدة ومهارات أخرى جديدة، فألتحق بمعهد “ ليوناردو دافنشى “ سنة 1950م، بعد الظهر ليُشبع رغبته فى الرسم والتلوين على يد الأستاذ دارفورنو.
في العام الثانى من التعليم الثانوى حاول “ ناجى “ الحصول على منحة لدراسة الفن فى باريس، شجعه عليها الملحق الثقافى الفرنسى بعدما رأى البورتريه الذى رسمه للبطريرك الجديد، لكن أسرته خشيت عليه من الغربة في هذا السن الصغير.
بعد حصوله على الثانوية العامة إلتحق بكلية الفنون الجميلة سنة 1952م، كانت كلية الفنون الجميلة مفتاح دخول “ ناجى “ لعالم أخر غير عالم الفن التشكيلى، عالم أرتبط به حبًا وعشقًا هو عالم المسرح والسينما، والصحافة الفنية، ليكون “ ناجى “ أحد رواد المسرح المصرى، وخاصة في مجال مسرح العرائس.  
بدأ نبوغ “ ناجى شاكر “ أثناء دراسته بكلية الفنون الجميلة، حيث إلتحق للتدريب على يد الأستاذ البلجيكى “ جارو هيلبر”، كان منهجه يهتم بالحداثة أكثر من اهتمامه بكلاسيكيات الصورة، أستغل “ ناجى “ اجازة الصيف هو وبعض زملائه بالكلية للذهاب على نفقاتهم الخاصة فى رحلة إلى مدينتى الأقصر وأسوان، لتصوير مناظر من البيئة النوبية، كان ينظم معرضًا سنويًا لهذه الرحلة.
بدأ احتراف “ ناجى” للفن عندما كان في الفرقة الثالثة من الكلية، اتصل به الأستاذ “ أحمد بهاء الدين “ رئيس تحرير مجلة “ صباح الخير”، وطلب منه العمل معه وتصميم الغلاف الخارجى لمجلة صباح الخير، وذلك بعد أن شاهد أعماله فى المعرض السنوى لرحلة الأقصر وأسوان.  
مشروع التخرج كان بداية ناجى الحقيقة مع فن العرائس عندما شاهد ناجى فيلم للمخرج التشيكى “ جيرى ترنكا” الذى أعاد صياغة مسرحية وليم شكسبير “ حلم ليلة صيف” ليقدمها بالعرائس، فأنبهر ناجى شاكر بهذا العالم الساحر عالم العرائس، وكان إيمانه منذ شاهد هذا الفيلم بأن العرائس قادرة على مخاطبة الكبار والصغار، ليس هذا فقط بل أنها تملك أدوات يعجز المسرح البشرى عن تقديمها، ونجح الفيلم في استثارته فنيًا لشيئ كان يبحث عنه فى داخله، ومن هنا جاء اختياره لمشروع التخرج عن العرائس غى السينما “
تعجب أساتذة ناجى من فكرة المشروع وحاول البعض منهم إقناعه بتقديم مشروع آخر، لكنه أصر على فكرة مشروعه وأختار شخصية عقلة الأصبع ـ من القصص الشعبى المصرى ـ كمادة لمشروع العرائس الخاص به، وقام بإعداد السيناريو والديكور والعرائس الخاصة بمشروعه، الذى كان الأول من نوعه، ونفذ المشروع وألتقط له فيلم سينمائى قصير (16ملى) فى عدة دقائق، وقد لاقى الفيلم إعجاب كل من شاهده، وحصل “ ناجى شاكر” عن هذا المشروع درجة الإمتياز عام 1957م.
عمل الفنان ناجى في مجالات عديدة ما بين فن العرائس بأنواعها المختلفة، وبين تصميم العرائس والإخراج .. عمل مخرجًا ومصممًا للملابس ومهندسًا للديكور فى عالم المسرح البشرى وفى دنيا السينما، وفى كل المجالات كان “ ناجى شاكر “ أستاذًا يحصد الجوائز، وتلميذًا يبحث عن أى مكان يمكن أن يتتلمذ أو يتعلم فيه أو يكتسب خبرات جديدة فى دنيا الفن، كان ناجى بعبقريته الفنية أستاذا يعلم تلتميذه بحب، ويتعلم من كل جديد دون كلل أو تكابر.
العوامل التى أثرت فى تكوين شخصية “ ناجى شاكر “ الفنية :
•    لعبت أسرة الفنان “ ناجى شاكر “ دورًا مهمًا فى تكوين شخصيته الفنية، فقد شب فى أسرة متفهمة واعية لا تمانع فى أن يختار ولدها ما يشاء من الهوايات، كما كان لوالده أبلغ الأثر فى تكوين شخصيته الفنية والثقافية، كان والده يُشجعه على الرسم، وكان يصطحبه معه إلى دار الأوبرا لمشاهدة روائع فيردى وبيزيه وغيرهم، كذلك موسيقى بيتهوفن وموتسارت حيث كان والده مشاركًا في كورال الأوبرا.. وكانت ديكورات الأوبرا تجذبه بشكل كبير.
• كان والده يمتلك مكتبة كبيرة عامرة بالكتب والمجلات الفنية العالمية، وكان يُطلعه على الأعمال الفنية العالمية لكبار الفنانين العالميين، من خلال مجلات الفن الفرنسية مثل مجلة “ الأستراسيون “ المصورة، التى كانت مرسومة ومزينة بالصور وملازم بالخط الملون مع العديد من اللوحات الفنية التى كان يحتفظ بها . فنشأ الطفل الموهوب “ ناجى شاكر “ على النظر فى تلك المجلات . كما كان والده يصحبه إلى السينما لمشاهدة أفلام “ والت ديزنى “، فكان كل هذا بمثابة الغذاء الروحى الذى عمق لديه حب الرسم والتلوين .
• ساهمت والدته أيضًا فى تطوير شخصيته الفنية، كانت تهوى العزف على العود، وعندما اكتشفت موهبته للرسم كانت تصتحبه باستمرار لزيارة المعارض الفنية، وزيارة المتاحف “ كالمتحف المصرى، والإسلامى، والمتحف الزراعى والحربى، ومتحف السكة الحديد .. مع الرسم أحب الموسيقى فبدأ العزف على الكمان فى سن الثانية عشر من عمره.
• كان لتعليمه فى مدارس أجنبية متقدمة الأسلوب والمناهج، ونشأته فى ضاحية تتمتع بجو ريفى هادئ، ومشاهدته للبيانولا وصندوق الدنيا والأراجوز والسيرك الشعبى، أبلغ الأثر فى اختياره لموضوعات رسوماته وتكوين أسلوبه الفنى.
• تأثر “ ناجى شاكر “ بمربيته “ روحية “ الفلاحة بنت كوم حمادة، التى كانت تلمم بعض صفحات من جرائد قديمة وتصنع منها عروسة له وللأخوته، يقول ناجى: “ كانت روحية تصنع عروسة من الورق وتدب فيها الدبوس لتقينا وتحمينا من عين فلان، كانت تفعل ذلك بتركيز قوى واقتناع شديد، وكنا نتأمل العروسة الورقية وقد امتلأت رأسها بالثقوب، فتثير عقولنا ليطلق كل منا العنان لخياله.
فى هذه السن الصغيرة ترسخت فى زهن الفنان “ ناجى “ أن هذه العروسة الورقية البسيطة تمتلك قدرات خارقة تفوق خياله الصغير، وعن هذا يقول الفنان “ ناجى شاكر”: “ يبدو أن روح التحدى كانت تملأ تلك الرأس الصغيرة منذ تلك السن المبكرة – لبيدأ الحلم – بأنه سيأتى اليوم الذى سأتمكن فيه من فك تلك الشفرة التى تخفى فيها العروسة أسرارها”.
•  كما تحولت نظرة “ ناجى شاكر” للفن عندما شاهد فيلم “ بينوكيو “ لوالت ديزنى، ذلك الفيلم الذى جعله يتعلق بالفن الدرامى، خاصة ما يختص بمجال الطفل فيها، وجد في هذا الفيلم عالما غنيًا مليئا بالخيال، وشعر من خلاله أن الفن التشكيلى مسخر لخدمة دراما الطفل.

رحلة ناجى شاكر مع العرائس:
كان مشروع التخرج الذى قدمه ناجى شاكر بداية دخوله لعالم المسرح، فقد تزامن المشروع مع حضور فرقة “ تسندريكا “ الرومانية للعرائس إلى مصر فى عام 1957م، قدمت الفرقة عروضها لجمهور القاهرة الذى أعجب بها وتحمس لفنها الراقى، واقترح الدكتور “على الراعى “ رئيس مصلحة الفنون - ذلك الوقت- إنشاء فرقة عرائس مصرية بمساعدة خبراء من المسرح الرومانى، رحب بالفكرة وزير الثقافة وبالفعل تم دعوة خبيرتان من رومانيا هما خبيرة الفن التشكيلى يوانا كونستانتينسكو Ioana Constantinescu وخبيرة الإخراج وتحريك العرائس دورينا تاناسيسكو  Dorina Tanasescuلتدريب مجموعة من الشباب المصرى لتصميم وتحريك وإخراج العرائس.
تم اختيار “ ناجى شاكر “ مصمم مصرى للتدريب مع الخبيرة الرومانية، وبدأ فى فهم منطق العروسة الماريونيت المعقدة والميكانيزم الخاص بها، وقواعد اللعبة والعرض وكيفية تصميم العروسة وخصائصها التشكيلية.

الشاطر حسن 1959م:
كان يميز هذه المسرحية الروح المصرية التى أكتسبتها بكلمات وأشعار صلاح جاهين وموسيقى على إسماعيل، وديكور وشخصيات ناجى “ الشاطر حسن “ المستوحاة من الحكايات الشعبية المصرية، الإشراف الفنى الخبيرة الرومانية “ يوانا كونستانتينسكو” “Ioana Constantinescu “، والإخراج وتحريك العرائس للخبيرة الرومانية “ دورينا تاناسيسكو”  Dorina Tanasescu”، إلى جانب حماس جيل الشباب الذى كان متشوقًا لهذه التجربة الأولى فى مصر.
يقول الفنان “ ناجى “ عن مسرحية الشاطر حسن :” عندما بدأنا فى تكوين أول فرقة مصرية للعرائس، كان صلاح جاهين ضمن الفريق المتحمس لهذا الفن الجديد، كتب وألف مسرحية الشاطر حسن كأول إنتاج للفرقة المصرية الوليدة، افتتح بها مسرح القاهرة للعرائس أول عروضه، وقمت بتصميم الديكور والعرائس للمسرحية والمنوعات المصاحبة لها “ .
مسرحية “ الشاطر حسن “ أول مسرحية رفع عنها الستار فى مصر 10 مارس 1959م، تم العرض على مسرح معهد الموسيقى العربية وحققت نجاحًا كبيرًا مما دعى المسئولين فى التفكير بقبول دفعة جديدة من فنانى العرائس “
تكون العرض من قسمين: القسم الأول يضم مغامرات الشاطر حسن(صورة1)، والقسم الثانى من البرنامج عبارة عن إسكتشات مثل ( اسكتش الباليه، والفرقة الموسيقية ) (صورة2).
 مسرحية بنت السلطان 1960م:
كان للإستقبال الحماسى والنجاح الفنى الذى حققته الفرقة أثر كبير فى حفز همم القائمين على شئون المسرح للسعى إلى تكوين فرقة ثانية للماريونيت دعت لها وزارة الثقافة خبيرتين من نفس المسرح الرومانى، هما خبيرة التحريك والإخراج أوجينى بوبوفيتش Eugeni  Popovici وخبيرة التصميم والتنفيذ ميوارا بوريسكو Mioara Buesco وتحت إشراف المخرجة مارجريتا نيكولسكو Margareta Niculescu، تكونت الفرقة من إثنى عشر ممثلا وصمم الديكور الفنان “ مصطفى كامل “، وبعض الفنيين فى تنفيذ العرائس فى مختلف التخصصات .
مسرحية بنت السلطان تأليف “ بيرم التونسى”، موسيقى “ على فراج “، والمسرحية مستوحاة من ألف ليلة وليلة التى تحكى كيف استطاع الأبطال الثلاثة بشجاعتهم إنقاذ بنت السلطان من أنياب التنين الشرير. واستكمل البرنامج بمسرحية قصيرة “ الديك العجيب “ من الأدب الرومانى، صممت عرائسها الخبيرة مارجريتا وشاركها “مصطفى كامل “ فى تصميم مشاهدها ( صورة 3).
إتسمت شخصية بنت السلطان بالتبسيط والتلخيص حيث ظهرت الأعين مساحة مجوفة، وأيضا استخدم الكتلة الناعمة للجسم ( صورة 4 )، كما وحد تصميم شخصيات الأبطال الثلاثة لإعطاءهم نفس الإهتمام، والتنين تم تبسيط كتلته حتى تتماشى مع بساطة عرائس العرض .
الليلة الكبيرة 1960م:
عام 1960م وجهت رومانيا دعوة لوزارة الثقافة المصرية كى يشارك مسرح العرائس المصرى فى مهرجان بوخارست الدولى للعرائس، يروى الفنان “ ناجى شاكر” عن هذا الأمر: “ بعد أن انتقلت المسئولية لمجموعة من الفنانين المصريين لإنجاز عمل فنى يقدم هذا المسرح الناشئ أمام العالم كان لابد من الحرص على التواجد بشكل لائق على المستوى التقنى والفنى وكمصمم للعرائس كان من الضروى أن أبحث عن شكل وأسلوب ومنطق مستحدث متطور مبتكر يجسد هويته بعيدًا عن التأثر بالمدرسة الرومانية فى مرحلة التكوين أثناء تجاربنا الأولى.
فى نفس الوقت كنت أعشق الصورة الغنائية الإذاعية “ الليلة الكبيرة “ التى جمعت صلاح جاهين مع سيد مكاوى فى أحلى لقاء بينهما، وتميزها بالروح الشعبية المصرية الخالصة، وأصبح حلمى أن يأتى يوم
أستطيع أن أحول هذه الصورة الإذاعية المثيرة الرائعة إلى مسرحية تؤديها العرائس بكل ما تحتويه هذه الإحتفالية شديدة الثراء من صور فولكلورية أصيلة وشخصيات مصرية معالجة بصدق وبساطة وعمق وطرافة ( صورة 5 )، وعرضت الأمر على صلاح جاهين وسيد مكاوى اللذين إندهشا فى أول الأمر للفكرة، ولكن سرعان ما تحمسا للأمر وبدأنا فى الإعداد وإضافة بعض المشاهد لإستكمال الصورة المسرحية وتسجيلها من جديد، طُلب منى تصميم 45 عروسة تعبر عن الحياة الشعبية، وفى وقت قياسى تم الانتهاء من تجهيز الليلة الكبيرة للعرض والإشتراك فى المهرجان “ .
قام الفنان “ ناجى شاكر” بتصميم عرائس عرض الليلة الكبيرة التى اعتمد فيها على عرائس الماريونيت التى كانت فى هذا الوقت نوعًا جديدًا على مسرح العرائس المصرى، بالرغم من ذلك فإن التمكن من تصميم وتشكيل العرائس كان على مستوى متميز، خاصة أن هذا العرض يحتوى على عدد كبير من الشخصيات مختلفة الملامح والصفات العامة “ .
اعتمدت تصميمات “ اليلة الكبيرة “ على إسلوب التبسيط والتلخيص فى الشكل والكتل للمساعدة على التواصل مع الاعتماد على الكتل النحتية لإكتشاف أهمية دور الإضاءة المسرحية فى تنغيم التعبير الثابت للأقنعة التى تنفذ بها العرائس، لكن مدير المسرح أعتبر أن العرائس بهذا الأسلوب لا تعبر عن الواقع الشعبى للشخصيات، وأصدر قرارًا للعمال بالتوقف عن تصنيع العرائس التى صممها ناجى شاكر، وأشتد النزاع بينهما وكاد يتوقف العمل لولا تدخل ناجى شاكر وطلب من المسئولين حضور إحدى البروفات، فكون على الراعى لجنة من النقاد والفنانين للحكم على العمل، حضرت اللجنة وأبدت أعجابها بالمسرحية وقررت أن يتم إستمرا الأوبريت وأن تكون الليلة الكبيرة هى المشاركة فى مهرجان بوخارست .
استطاع ناجى شاكر أن يميز كل شخصية عن الأخرى فى الليلة الكبيرة، عن طريق الشكل العام والملامح مع التأكيد على إبراز السمات الشخصية مستعينًا بالملابس الدالة عل الشخصية، وساعده على ذلك ظهور تنوع تشكيلى متعدد من أشكال العرائس التى تعبر عن مختلف الشخصيات الشعبية الموجودة بالمجتمع المصرى، لجأ ناجى فى تصميم العرائس إلى استخدام الكتلة النافذة بمواصفاتها وأبعادها المؤثرة التى تساعد العين على حفظها ( صورة 6 )، فالكل شخصية كتلة محددة مميزة وسط مجموعة الشخصيات، من خلال التباين فى الحجم والشكل واللون، فالبيئة بعناصرها المختلفة تؤثر فى البنيان الإجتماعى للشخصية .
لاقت الليلة الكبيرة نجاحًا كبيرًا فى أول عرض لها فى مهرجان بوخارست الدولى للعرائس وحصلت على الجائزة الثانية فى تصميم العرائس والديكور بين 27 دولة مشتركة فى المهرجان.
كما حققت الليلة الكبيرة نجاحًا كبيرًا فى مصر والدول العربية، ذلك لأنها كانت تعبر عن الطابع الشعبى والروح المصرية الممزوجة بالنبرة الصوفية التى جسدها صلاح جاهين بكلماته، وناجى شاكر بعرائسه، وجسدت الواقع المصرى بأسلوب كاريكاتيرى ساخر، وبنغمات سلسة صاغها سيد مكاوى من خلال صور فولكلورية ثرية ترتبط بالطقوس والعادات الشعبية بأفراحها وأحزانها المليئة بالبهجة (صورة7).
حمار شهاب الدين 1962م:
عام 1961م أوفدت كلية الفنون الجميلة الفنان “ ناجى شاكر” فى بعثة لألمانيا الغربية لدراسة مسرح العرائس والمسرح البشرى، فى هذا الوقت أرسل له الأستاذ راجى عنايت مدير مسرح العرائس فى ذلك الوقت، دعوة ليقوم بتصميم عرائس أوبريت “ حمار شهاب الدين “، بعد أن تم إرسال السيناريو الخاص بالعرض له، فأذن له أستاذه الألمانى بقطع الرحلة والعودة لتصميم عرائس هذا العرض، الذى كان مقررا له أن بخرجه توفيق صالح، لكنه اعتذر فى اللحظة الأخيرة فطلبوا من ناجى شاكر إخراجه، مد ناجى فترة إقامته فى مصر لثلاث أشهر أخرى على اعتبار أن هذه المسرحية مشروع التخرج العلمى بالنسة له، وتم عرض المسرحية على مسرح المسيقى العربية عام 1962م، وهى من تأليف وأشعار صلاح جاهين، عن قصة بكر الشرقاوى التى استلهمها من قصص ألف ليلة وليلة، وألحان سيد مكاوى، عرائس وإخراج ناجى شاكر، وشاركه الإخراج إبراهيم سالم، ديكور مصطفى كامل، حققت المسرحية نجاحًا وعرضت بجانب مصر فى عدة دول أوروبية، وكانت مسرحية حمار شهاب الدين أخر مسرحيات العرائس التى قدمت على معهد الموسيقى العربية، فقد تم افتتاح مسرح العرائس بالأزبكية بعد ذلك.
كان ناجى شاكر مقتنعًا بأن الجانب البصرى لا يكتمل نجاحه إلا بإنتاج شريط صوت يتسق مع تصوره المسرحى، وخصوصية الإيقاع الدرامى للأحداث والرؤية التشكيلية للشخصيات وطبيعة الأداء الحركى للعرائس، لذا تم اختيار الممثلين لأداء الأدوار التمثيلية والغنائية للعرائس بعناية فائقة، وتوظيف قدرات الممثل الصوتية حسب طبيعة كل شخصية، لتتطابق مع أبعاد تصاميم شخصيات عرائس ناجى شاكر التشكيلية والدرامية ليستقبلها المتلقى بإقتناع كامل بوحدة الشكل مع الصوت.
ظهر المستوى الفنى والصفات والملامح العربية الأصيلة على عرائس أوبريت حمار شهاب الدين من خلال قدرة تعبيرها وملامح الوجوه التى تلفت النظر إلى مدى اهتمام الفنان ناجى شاكر بالصفات الجسدية والنفسية المعبرة عن الشخصية (صورة8)، بالإضافة إلى اهتمامه بتفاصيل حركة المفاصل والرأس والأعين والرقبة والأصابع فى تصميم رائع ومميز. تميزت العروسة “ ريحانة “ بالدراسة الدقيقة لشكل العروسة وحركاتها، فمن ناحية الشكل راعى الفنان ناجى توضيح صفات الشخصية معتمدًا فى ذلك ليس على الهيئة والملابس فقط بل كانت الملامح واضحة فى قسمات الوجه المعبرة بالإضافة إلى الشعر المناسب للشخصية.
كتب نعمان عاشور فى الأخبار عن المسرحية “ لقد كان الفنان ناجى شاكر موفقًا فيما  أبدع من شخوص عرائسه، بالذات فى رسمه لشهاب الدين وحماره والصورة التى أبدعها لأبنة شهاب الدين ( صورة 9 )، وهى صورة العروسة العربية فى ردائها الملوكى من أقوى مكونات خلق الجو الذى تطورت فيه الأحداث، لعل من أبرز ميزات هذا العرض العرائسى الباهر ما اتسمت به مشاهده من توزيعات الإضاءة التى أضفت على الأحداث والمواقف الجو النفسى المطابق وتمتد بإيحاءاتها إلى ثنايا عواطف الشخصيات فى براعة وتوافق جعلها من أمتع مكونات خلق الجو طول سياق العرض”.
وكتب شوقى عبد الحكيم بجريدة الأهرام “ تمكن ناجى شاكر بتصميمه للشخصيات التى تستطيع أن تلتقى بهم حوارى وأزقة القرى، التى تضفى على الحكاية جوا مصريا، واستوقفنى فى أوبريت حمار شهاب الدين إمكانيات الفنون التشكيلية المتحررة من كل القيود من خلال فتحة مسرح التى لا تتعدى 5,5 متر، فعن طريق التحكم فى استخدام هذا الفراغ يمكن لهذا المسرح أن يلعب دورًا مضافًا لدوره الدرامى، هذا الدور هو توصيل القيم والمعارف والقدرات التشكيلية لجمهور أكبر من الناس مستعينا بالحدث الدرامى” .
مسرحية مدينة الأحلام 1964م:
فى الوقت الذى تم فيه افتتاح مسرح العرائس بحديقة الأزبكية بالعتبة، كان ناجى شاكر قد عاد من بعثته من ألمانيا الغربية، فتم تكليفه بتقديم عمل مسرحى من إخراجه، وكعادته كان يبحث عن الجديد خاصة بعد أن ثقلته بعثه ألمانيا بالمعرفة والتجارب، فقدم ناجى مسرحية “ مدينة الأحلام “ ليختبر قدرة الفن التشكيلى فى التعبير الدرامى والفنى فوق خشبة المسرح، وجعل هذا التشكيل يمثل دور رئيسى فى العمل الدرامى للتتحول حركة العروس إلى عنصر أساسى فى العمل.
وقد استمد ناجى شاكر هذا العمل من قصيدة الشاعر فؤاد قاعود مع الاستعانة بأشعار أحمد عبد المعطى حجازى، وقد بدأ العمل بالمسرحية فى نوفمبر عام 1963م، وعرضت لأول مرة فى مدينة صوفيا ببلغاريا نوفمبر 1964م، بوخارست، موسكو، ولم تعرض بمصر إلا إبريل 1965م، حيث أثارت الإنبهار فى نفس كل من رأها وحضرها الممثل العالمى فريدريك مارش، وقال منبهرًا لم أر في حياتى كلها شيئًا كهذا.
تتناول المسرحية حكاية النساج الذى يضيق بالحياة المادية، ويطلب من الله أن ينقله من هذا المجتمع المادى، ويتحقق حلمه لينقله طائر خرافى إلى المدينة الفاضلة، وفيها يجد الجميع احتياجاتهم، مدينة لا تعرف الحزن، النساج رغم فرحته بالمدينة الجديدة، فهو لايزال متأثرا بالقيم الخلقية لمجتمعه القديم، فيسعى إلى اكتناز ما لا يحتاج إليه، فيحكم عليه قضاة المدينة بالعودة إلى المدينة التى جاء منها وعدم السماح له بالبقاء فى مدينة الأحلام، نتيجة أنه من الضرورى تغيير التكوين الداخلى للفرد حتى يلائم التطور الذى يحدث فى مجتمعه.
تم استكمال مدينة الأحلام بفقرات منوعة لبعض الأغانى الشعبية مثل ( بستة ريال، يمامة حلوة ) أعدها موسيقاهاعواطف عبد الكريم، وعبد الحليم نويره وصلاح الدين مصطفى، يروى يوسف فرنسيس عن ذلك بجريدة الأهرام :” لقد ألغى ناجى شاكر الحوار تماما وركز لغته التعبيرية فى فن تشكيلى مستغلا الإضاءة والحركة، إن النقطة والخط والمساحة تتحرك كلها فى تجريد جميل داخل مساحة المسرح السوداء ( صورة 10)، لتكون أشكالا ذات معنى تتنوع فى تتابع رائع، إن فهم ناجى للقيم الجمالية للعلاقات التشكيلية البحتة بين الخط والمساحة وبين اللون والحركة والموسيقى جعلته يجند كل هذه الإمكانيات فى قصة إنسانية أو مضمون اجتماعى يصل إلى مشاعر المتفرج فى يسر وسهولة” .
يروى ناجى شاكر عن تجربته فى هذا العمل ويقول:” أردت فى هذه التجربة أن يكون للفن التشكيلى الدور الرئيسى فى العرض المسرحى لينطلق الشكل إلى أفاق الإبداع التشكيلى الحر فى لغة يخطو فيها ما بعد حدود الشكل ليصل إلى العمق .. إلى الجوهر” (صورة11).
كتب “ أليكو بويوفتش” بجريدة رمانيا الحرة يقول:” لا تقوم الديكورات والعرائس فقط بالمساهمة فى التعبير ولكنها أيضا توحى بحالة نفسية وعقلية خاصة، كما نرى فى مدينة الأحلام حيث تحظى بثراء غير محدود فى اللون، لقد قابل الجمهور لحظات من الضوء والشكل بالتصفيق فهذه الأشكال جعلت من السهل فهم النسيج الشعرى للبرنامج، إن مسرح القاهرة للعرائس قدم لنا صدى خلاق من بلد الأهرامات، فهو حامل رسالة الفن الحديث المبنى على الأصول الفولكلورية”.
كتب حسين فوزى بجريدة الأهرام :” إن ما أرى من صور ملونة تتحرك وأسمع من موسيقى تهزج، هو أننا حيال فن أصيل يتحلل فى آذاننا ووعينا تحيلا ويتكون فى خطوط وأشكال وأوضاع وألحان تظهرنا على طويته وهويته، وكيف ولماذا نسحر به .. أنا فى دهشة كيف استطاع أولئك الشبان بلوغ هذا المدى من الإدراك والإحساس وصدق التعبير بوسائل سمعية بصرية، فيها من الباليه والموسيقى والتصوير الثابت والمتحرك، اللمون والأسود والأبيض، الظل والصورة واللحن لا تنقل إلينا الحياة، ولا تحاول أن تقلد الحياة بل هى رؤى تخلق لغتها الخاصة ومخلوقاتها خلقًا أصيلا” (صورة12).
كتب راجى عنايت عن المسرحية “ كما يخرج الواقع المتألق من ضباب الحلم ظهرت لنا معالم العمل الفنى الذى قدمه ناجى شاكر .. الكلمات الغامضة والخطوط المتلاحمة على لوحاته، تحولت شيئًا فشيئًا إلى شئ كبير ملحمة من الألوان والأشكال والأنغام يقودها ذلك المايسترو الخجول “ ناجى شاكر” .
مسرحية دقى يا مزيكه 1967م:
المسرحية من أشعار فؤاد حداد، موسيقى سليمان جميل، أغانى صلاح جاهين، ومحمد يسرى، وعبد الفتاح مصطفى، ألحان سيد مكاوى، وصمم العرائس والديكور إيهاب شاكر شقيق الفنان ناجى شاكرأ الذى كتب السيناريو وقام بلإخراج المسرحية.
مسرحية “ دقى يا مزيكه “ عمل كوميد غنائى ينتقد الأوضاع السياسية والاجتماعية فى تلك الفترة اعتمادًا على أشعار فؤاد حداد اللاذع ذو الصبغة الشعبية تصاحبها موسيقى فرقة حسب الله فى إطار كاريكاتيرى ضاحك. قدم ناجى فى هذا العمل لأول مرة مجموعة من الممثلين يقومون بالأداء التمثيلى والغنائى الحى على خشبة المسرح ( صورة13 )، بجانب دورهم فى تحريك العرائس.
اعتمدت المسرحية على فقرات نقدية لبعض الأوضاع المختلفة فى مجتمعنا كالبيروقراطية والرجعية والسياسة الأمريكية فى إيقاع سلس مرح نتابع فقرات المسرحية فى قالب جديد تختلف فيه الأوساط، وإستعان المخرج بعنصر العرائس التقليدية والعنصر الآدمى والدمى المسطحة والكاريكاتير وجعلها تتداخل وتتشابك وتتلاحم وتتعايش فى ديناميكية مثيرة .
يقول بيكار عن المسرحية “ إن أول لقاء مع المسرحية يبدأ بمجرد مواجهة المتفرج للستارة الجميلة التى تستقبله بالزغاريد اللونية المرحة (صورة 14)، فتنفرج أسارير وجهه عن ابتسامة تظل عالقة به طوال التمثيلية وترغمه على الإرتباط بها ارتباطًا كليًا فلا يساطيع أن يرفع عنها عينه .. تلعب الستارة دور الحاجز والإفتتاحية ليخيل لك أنها البطل الحقيقى للمسرحية، قام مصممها “ غيهاب شاكر” بنتفيذها بطريقة الخيامية التى يستخدم فيها القماش الملون، وذلك بأسلوب كاريكاتيرى ملئ بخفة الظل وسعة الخيال وجمال التكوين “ .
كانت مسرحية “ دقى يا مزيكه “ أخر أعمال ناجى شاكر على مسرح العرائس، حيث أثر ناجى شاكر ترك العمل فى مسرح العرائس بعد أن ساءت أحوال المسرح و إدارته بعد نكسة 1967، ويقول ناجى شاكر عن المسرحية “ قصدت أن أقدم عمل عرائسى معتمدًا على الفن التشكيلى، الذى يدخل حيز التعبير فى رفع الذوق الفنى، حيث تجسد العروسة كل مقومات الفن من الخط واللون والبعد الثالث والخامات العديدة المتنوعة، فهو مجال فى الإبداع ليس له نهاية وليس له قيود”.
كتب “ فوزى سليمان” فى جريدة المساء “ إذا كان ناجى شارك قد حاول أن يظهر فى عرضه السابق “ مدينة الأحلام “ مدى قدرة الفن التشكيلى على التعبير فى ميدان العرائس فهو يقدم لنا فى عرضه الجديد الفن التشكيلى وقد أخذ طابع كاريكاتيرى، وهو طابع ضرورى ومناسب للمضومن النقدى الساخر الذى شمله برنامج “ دقى يا مزيكه “ ومن هنا كان الدور الهام الذى قام به فنان الكاريكاتير “ إيهاب “ فى تصميمه للعرائس والديكور” .
لا شك أن اختيار الفنان “ ناجى شاكر” مخرج المسرحية للأراجوز يرجع لأسباب اجتماعية وتاريخية عندما كان الأراجوز وسيلة الشعب ليقول كلمته بإسلوب شعبى ساخر، وكان اختيار ناجى لشكل الأراجوز لتقديم الشعر الشعبى بمضامينه النقدية إختيارًا موفقًا .. لم يقدمه بعروسة الأراجوز التى نعرفها إنما قدم مجموعة من الممثلين يرتدون أراجوزات ويلقون الشعر فى تشكيلات حركية، وقد بذل المخرج مجهودًا واضحًا ليحقق فكرته فى إرتباط المسرح بالجماليات التشكيلية.
مسرحية الولد والعصفور 1972م:
لم تنقطع علاقة “ ناجى “ بمسرح العرائس ففى عام 1972 وجه مسرح تسندريكا برومانيا الدعوة للفنان “ ناجى شاكر” لتصميم وإخراج تجربة مسرحية بالتعاون مع المسرح وفرقته، حيث ذهب ناجى إلى الفرقة ببوخارست فى رومانيا كخبير عرائس، استغرق “ ناجى “ إحدى عشر شهرًا لإعداد العمل الذى تم افتتاحه فى فبراير من عام 1973م .. اعتمدت فكرة المسرحية على كسر العلاقة التقليدية بين المتفرج الطفل وعلاقته بالعمل المسرحى ( صورة 15)، واستبدل دوره من متفرج سلبى، إلى مشارك إيجابى فى الع مل المسرحى، وهواتجاه قلدته معظم مسارح الأطفال بعد ذلك.
يقول ناجى شاكر: “ لتحقيق التجربة كما تخيلتها اخترت إحدى صالات التدريب الخالية فى أحد مسارح بوخارست تحقق فكرة اللعبة المسرحية أو مسرح اللعبة، بالألتحام المباشر بين عناصر العرض وبين الأطفال فى فراغ واحد متصل، معتمدًا على خصوبة خيال الطفل وتمتعه بالحيوية، وإتاحة الفرصة لردود أفعاله التلقائية بحرية وبلا حدود لدفع وتحريك الحدث الدرامى داخل الإطار العام للخطة المحددة سابقًا، وتطويرها بالمفاجأت التى يضعها الأطفال أثناء استغراقهم واستمتاعهم باللعبة المسرحية، وبذلك تتحقق فكرة تحول سلبية المتفرج الطفل إلى مشارك إيجابى فى أحداث المسرحية ليصبح عنصرًا عضويًا أساسيًا فى العرض المسرحى”.
بالنسبة للديكور فتم الاستغناء عنه والإكتفاء بمستوى رفيع وسط الصالة، لإستغلاله فى مخاطبة الأطفال من مستوى عالى لإبراز بعض الشخصيات المسرحية وسهولة الرؤية، لإيجاد مسافة نفسية بين الأطفال ولحظات العرض التى يراد بها الاقتراب من المسرحية عنها إلى اللعبة، وأبقى ناجى على العناصر الضرورية فقط، التى تساعد الأطفال على التخيل.
تمت معالجة العرائس بما يتناسب مع الفراغ الذى تتحرك فيه ( صورة16 )، لذلك اسبعدت فكرة العرائس المختلفة الأنواع بأحجامها الصغيرة التقليدية والاعتماد فى معظم الأوقات على الأقنعة التى يحملها الممثلون بعيدًا عن الإيهام وتأكيدًا على فكرة اللعبة مع مراعاة نسبها الكبيرة الحجم بالنسبة لحجم الطفل، حتى يمكنه من الحركة بحرية مع الأطفال فى فراغ الصالة “ .

مسرحية شغل أراجوزات:
المسرحية تأليف محسن مصيلحى، أشعار جمال بخيت، موسيقى وألحان عبد العظيم عويضة، عرائس وديكور وأزياء ناجى شاكر، إخراج أحمد إسماعيل. المسرحية من إنتاج فرقة الغد للعروض التجريبية التابعة لقطاع الفنون الشعبية والاستعراضية، قدمت المسرحية فى ساحة وكالة الغورى 1993م.
تتناول فكرة المسرحية نقد الجانب السلبى فى الشخصية المصرية من خلال الأراجوز(صورة17)، الذى يبدو فى العرض كما نعرفه فى التراث الشعبى، ذلك اللسان اللاذع الذى يتناول التناقض الاجتماعى والسياسى والإنسانى بالنقد، لكن تحت تأثير ضياع الحلم الخاص والعام نفاجأ به رمزًا للجهل والطبقة الطفيلية التى أفرزتها فترة الانفتاح، لكن الأراجوز يستعيد حلمه القديم ويسترجع وعيه، ويعود ليجمع الناس حوله ويبدأ رحلته ضد القبح والقيم المتدنية.
تقوم تلك التجربة على عدة مستويات، المستوى الأول: هوالبشر وهم فرقة مسرحية شعبية جوالة تعمل بالموالد، المستوى الثانى: يتمثل فى العرائس (صورة18)، أما المستوى الثالث: هو العلاقة بين الممثل والعروسة بحيث تختلط المعالم وتتبادل العلاقة فتأخذ العروسة البعد الإنسانى ويأخذ الإنسان بعد العروسة لينتج بينهما مستوى الخيال أو الفانتازيا، فالجديد فى التجربة تحقيق التوحد بين عالمى البشر والدمى بكل ملامحها الظاهرية وأغوارها الفلسفية والاجتماعية.

ناجى شاكر وتجربته مع مسرح الكبار والمسلسلات التليفزيونية:
1966    قدم مسرحية “ سهرة مع الجريمة على المسرح الحديث، إخراج حسن عبد السلام، موسيقى سليمان نجيب، ديكور وملابس ناجى شاكر
1974    قدم مسرحية “ الزفاف “على مسرح الجمهورية، تأليف منصور مكاوى، إخراج محمد مرجان، موسيقى كمال بكير، ديكور وملابس ناجى شاكر
1967    قدم مسرحية “ الزير سالم “ على المسرح القومى، تأليف ألفريد فرج، إخراج حمدى غيث، ديكور وملابس ناجى شاكر.
1986    قدم مسرحية “ الكل فى واحد “ على مسرح البالون، أشعار عبد السلام أمين، إعداد مهدى الحسينى عن قصة توفيق الحكيم، إخراج ممدوح طنطاوى، موسيقى عمار الشريعى، ملابس عبد الغنى أبو العنين، ديكور ناجى شاكر، تصميم الاستعراضات على الجندى، تحت إشراف محمود رضا.
2006    قدم مسرحية “ غربة “ عرضت بالجامعة الأمريكية، تأيف جماعى، موسيقى وعود مصطفى سعيد، إخراج ليلى سليمان، ديكور ناجى شاكر.
1995    صمم ناجى شخصية البغبغان كوكى فى مسلسل الأطفال “ كانى ومانى”، سيناريو وحوار يحيى تادروس، تقديم سامية الإتربى، موسيقى أحمد الجبالى، إخراج منى أبو النصر.

رحلة ناجى شاكر مع السينما:
• فيلم “ صيف 70 “: هوفيلم تجريبى طويل أبيض وأسود، أخرجه ناجى شاكر مع زميل دفعته الإيطالى باولو أيساسيا، بطولة جلوريا ميرلينو من الولايات المتحدة الأمريكية، موسيقى سليمان جميل من مصر، أنتج وتم تنفيذه فى روما بدعم من رينزو روسيللينى وشركة سان دييجو بروما، أشادت بالفيلم لجنة تحكيم مهرجان سان مارينو الدولى لأفلام البحث والتجريب، حيث عرض الفيلم خاج المسابقة عام 1972م، عرض الفيلم فى معظم نوادى السينما للأفلام التجريبية بإطاليا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا وهولندا والنرويج.
الفيلم تجربة سينمائية يتناول الحياة والمجتمع بالنقد والتحليل، شارك فيه اثنان من المخرجين تولى كل منهما مسئولية التعبير عن وجهة نظره الخاصة، ليصبح فى النهاية رأيًا له من خلال رؤيته الفنية النابعة من تكوينه الخاص وتراثه وخبرته وثقافته.
يقول ناجى عن الفيلم” بعد دراستى للمسرح ثم السينما أثناء البعثة الدراسية بإطاليا ( 1968-1971)، أردت أن أخوض مغامرة فى مجال السينما بإنتاج فيلم تجريبى، وعندما وقفت فى ميدان التجريب با حثًا عن تحقيق معنى أحسست به اخترت له الكاميرا وسيلة للتعبير عنه.. لتكون قادرة على إذابة وتحليل الواقع لتجرده من صورته المألوفة، فتغير شكله ولونه وقوامه لإثارة العين والعقل والإحساس فترى الحقيقة”  .
• فيلم “ شفيقة متولى “: عندما عاد ناجى إلى مصر، شجعه صلاح جاهين على المشاركة فى الفيلم، لكنها كانت تجربة مريرة بالنسبة له تصميم ديكور مولد على مساحة فدان ونصف، فى أعقاب هذه التجربة قرر ناجى أنه لن يقدم على العمل فى السينما فى ظروف الإنتاج التجارى.
الفيلم سيناريو شوقى عبد الحكيم وصلاح جاهين، أشعار صلاح جاهين، الحان كمال الطويل، إخراج على بدرخان، تمثيل سعاد حسنى وأحمد زكى وأحمد مظهر، إنتاج 1978، قام ناجى بالإشراف الفنى وتصميم الديكور والملابس، وحصل على جائزة من المهرجان القومى للسينما.
ناجى شاكر وتصميم إعلانات الأفلام:
قام ناجى بتصميم عدد كبير من أفيشات وإعلانات الأفلام، نذكر منها فيلم ( اسكندرية ليه – الآخر – المصير – حين ميسرة – العاصفة – جنة الشياطين )، إلى جانب تصميم أفيش المهرجان القومى للسينما، مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة فى الفترة من 2004-2011م.
وتستمر رحلة عطاء الفنان “ ناجى شاكر “ الأستاذ غير متفرغ بكلية الفنون الجميلة بالزمالك شعبة فنون تعبيرية، مع طلابه بإشرافه على العديد من الرسائل العلمية من الماجستير والدكتوراه،، لتستمر رحلة عطاءه وإيمانه وتواصله مع الأجيال الجديدة التى تمتلك القدرة على التصميم والموهبة للنهوض بالفن، فهو يرى أنهم لديهم القدرات والأدوات التى تساعدهم على النهوض بالفن المصرى.
السيرة الذاتية:
1932    ولد بالقاهرة في 16 فبراير.
1957    تخرج من كلية الفنون الجميلة بالزمالك – قسم الديكور.
1958    التحق بمرسم الفنون الجميلة بالأقصر في بعثة داخلية.
1958    اختير للإشتراك في إنشاء مسرح العرائس تحت إشراف خبيرات من رومانيا.
1959    صمم عرائس وديكورات مسرحية “ الشاطر حسن “ التى افتتح بها أول عرض لمسرح العرائس بمصر.
1959    عين معيدًا بكلية الفنون الجميلة – قسم ديكور.
1960    صمم ديكور وعرائس العرض الثانى لمسرح العرائس “ بنت السلطان “ تحت إشراف خبيرات من رومانيا.
1960    صمم عرائس “ أوبريت الليلة الكبيرة “ التى اشترك بها المسرح في مهرجان بوخارست الدولى للعرائس والتى فازت بالجائزة الثانية عن تصميم العرائس والديكور.
1960-1963    حصل على منحة دراسية من ألمانيا الغربية، درس خلالها المسرح في كلية الفنون الجميلة فى برلين وفنون العرائس والإخراج فى كلية الفنون فى براونشفايج.
1962    عاد لعدة أشهر أثناء فترة المنحة الدراسية لتصميم عرائس وإخراج أوبريت حمار شهاب الدين ( صلاح جاهين – سيد مكاوى ).
1964    استمر فى التعاون مع مسرح العرائس وأعد وصمم وأخرج مسرحية “ مدينة الأحلام “ موسيقى عواطف عبد الكريم – أشعار أحمد عبد المعطى حجازى.
1966-1967    صمم ديكور وملابس بعض مسرحيات للمسرح البشرى مثل “ سهرة مع الجريمة “ لتوفيق الحكيم – إخراج حسن عبد السلام للمسرح الحديث ومسرحية “ الزير سالم “ لألفريد فرج – إخراج حمدى غيث، للمسرح القومى.
1967    أعد وأخرج مسرحية “ دقى يا مزيكة “ لمسرح العرائس ( تصميم عرائس وديكور إيهاب شاكر – أشعار فؤاد حداد – موسيقى سليمان جميل – أغانى سيد مكاوى).
1967-1971    أوفد فى بعثة تعليمية للحصول على درجة الدكتوراه فى ديكور المسرح بكلية الفنون الجميلة – روما.
1970    أثناء بعثته في إيطاليا اشترك مع مجموعة من الشباب فى إنتاج فيلم تجريبى بعنوان “ صيف 70 “ وألف وأخرج الفيلم مناصفة مع مخرج إيطالى “ باولو ايسايا “.
1971-1972    وجهت إليه دعوة من مسرح تسندريكا للعرائس ببوخارست وقام خلال عام بتأليف وتصميم وإخراج المسرحية التجريبية “ الولد والعصفور “.
1972    إشترك فيلم “ صيف 70 “ فى مهرجان سان مارينو للأفلام التجريبية خارج المسابقة وأشادت لجنة التحكيم بالفيلم ضمن تقريرها لمنح جوائز المسابقة.
1973    صمم ديكور وملابس مسرحية “ الزفاف “ للمسرح الحديث تأليف منصور مكاوى – إخراج محمد مرجان.
1978    حصل على جائزة من المهرجان القومى للسينما عن الإشراف الفنى وتصميم الديكور والملابس لفيلم “ شفيقة ومتولى “ إخراج على بدرخان.
1987    صمم ديكور المسرحية الاستعراضية “ الكل فى واحد “ عن أعمال توفيق الحكيم على مسرح البالون إخراج ممدوح طنطاوى.
1990    حصل على منحة هيئة الفولبرايت فى مهمة علمية فى الولايات المتحة الأمريكية لإجراء أبحاث فى مجال عرائس التليفزيون.
1993    صمم ديكور وملابس وعرائس مسرحية “ شغل أراجوزات “ إخراج أحمد إسماعيل فى وكالة الغورى.
2006    صمم ديكور مسرحية “ غربة “ إخراج ليلى سليمان، على مسرح الجامعة الأمريكية.
2007    يعمل كأستاذ غير متفرغ بكلية الفنون الجميلة – قسم ديكور (شعبة الفنون التعبيرية).

 


نيفين محمد خليل