العدد 563 صدر بتاريخ 11يونيو2018
ضمن عروض المهرجان الختامي لنوادي المسرح السابع والعشرين قدم عرض “البئر يبتلع النهر” لفرقة “كوم إمبو” تأليف و إخراج “محمد ظاهر” . حيث تدور أحداث العرض حول عائلة مكونه من أب و أم وأبن من أقصي الصعيد فقدت هذة العائلة ابنها في حادث غرق ، ويقر صديق الأب له بأنه علي علم بمعاناة عائلة ملكية كانت تعيش في مصر الفرعونية القديمة ، تشبهه نفس معاناته من حيث فقدان الأبن ومن ثم يبدأ الفلاش باك لسرد حكاية الملك . وليثبت المخرج مدي تناص الحكايتين معا عمل علي أن تكون الشخصيات الممثله للعائلة الصعيدية هي ذاتها الممثلة للعائلة الملكية ففكرة العرض قائمة علي تتطابق حاضرا بماضي ، و ربط مشكلة أنية بحدث من أصول قديمة . ولكن المشكلة المطروحة في العرض مشكلة شخصية و منغلقة بذاتها علي شخصيات الأسرة المسرحية ، مما يسبب فجوة بين صانعي العمل والجمهور نظرا بأنها مشكلة لم تصب كثيرين من المشاهدين ولا تمس واقعة او مجتمعه او ترمز لشئ بعينه فلا يوجد سببا حقيقيا لخلق هذا الربط وتأكيد أنه يعود لأصول مصرية قديمة ، فتأليف النص في حد ذاته عاني من مشكلة حقيقة من حيث ربط الزمنين واسباب أختيار هاتين البيئتين تحديدا وأيضا إخراجه اسقطه في عدة أخطاء أثناء تناول هذا الربط الذي يعتبر هو نفسه ركيزه العرض و اساس لحبكته فكانت أول سقطاته متمثلة في أختياره للممثلين ، فمن الواضح انهم غير دارسين لمواضع خشبة المسرح بشكل مقبول ، مما أدي لظهور ذلك بطريقة ملحوظة بعد أن تولد علي الخشبة نوع من الفوضي بسبب الخطأ في كثير من الأحيان في خطوط الحركة المرسومة ، فميزانسين الحركة خصيصا مشكلة واضحة وقع فيها مخرج العرض ، ويقابل هذا عدم تدارك الخطأ من قبل الممثلين بشكل أسرع مما يسبب بلورة للخطأ . و يؤدي لحدوث خلخلة للشكل العام للعرض كما أن اختيارات التكوين الجسماني للأدوار يبدو أنه كان أختيارا اعتباطيا ، غير متماشي مع الأدوار المؤداه ، فعلي سبيل المثال ممثل شخصية الملك ، ليس من المقبول بصريا أن يكون ملكا قصير القامة نحيل المظهر ولا يمتلك حتي من الموهبة قدرة علي إقناع المشاهد بأنه شخصية تتوافر لديها سمات الشخص القيادي ، و ممثلة شخصية الملكة التي لم تكن علي درايه علي الأطلاق بمواصفات الشخصية من حيث الحركة و طريقة الألقاء و النظرات . لتكون قدرات الممثلين ذاتها قدرات ضعيفة في التشخيص و الاقناع ومن ضمن الأخطاء أيضا أستخدامه لديكورات من الفليين و الخشب غير مثبتة جيدا مما تسبب في وقوعها أكثر من مرة أثناء العرض ، وعدم ثبات الأعمدة الفرعونية المصنوعة من القماش بسبب عدم ربطها بشكل جيد مما يجعلها في حالة دائمه من التأرجح ، لتؤدي تلك الأخطاء لكشف جميع الحيل المسرحية ، فمن الممكن أن تعود إمكانيات الديكور المحدودة لفقر الأنتاج الذي تعاني منه فرق نوادي المسرح ، ولكن كان من الافضل أستخدام ماهو متاح حتي و إن كان أقل من ذلك أو استخدام لافتات رمزية تشير للمكان و التعامل مع الخشبة علي أنها جرداء يستطيع جسد الممثل و أمكانياته خلق فضاءات متعددة بداخلها ،بدلا من التقديم بهذة الصورة التي تتسبب في إفساد اللوحة المرسومة بصريا أمام عين المتلقي ، مما يؤدي إلي أفساد الذائقة الجمالية ككل نظرا لعدم إلمام صانعي العمل بكيفية أستخدام و توظيف ألياتهم في القدر المتاح ، ولكن إذا كان الممثل ذاته وقدراته الفنية غير واعية بالتعامل مع الخشبة من الأساس فماذا عن التعامل مع الديكورات والمساحات الفارغة للحركة وتفادي الأخطاء ! فالعرض يشبه في رسمه إلي حد كبير المنحني غير الثابت علي وتيره واحدة ، منحني خطر يجعل المتلقي في حالة من التشتت و التشظي بين الزمنين المقدمين وغير ملم بكل ما يدور من حوله من أحداث . فالجهد المحدود لهؤلاء الشباب كان يستدعي وقت أكبر لتطويره لتدارك الخطأ وتقديم العرض بشكل أفضل من ذلك ، حتي يعي هؤلاء الشباب بقيمة وقدر ما يقدمونه من فن ، وقيمة المهرجان الذي من المفترض أنه يرعي كل موهبه شابة ، لكي يرتقوا بمستوي العرض و إنقاذه من هذا المنحني ، لتعود نوادي المسرح بعروضها لبداية نشأتها الحميدة . و إتاحه فرص أكبر للمواهب الحقيقية.