«ورحل الرحال» احتفالية فنية ببورسعيد.. في ذكر سامح فتحي

«ورحل الرحال» احتفالية فنية ببورسعيد.. في ذكر سامح فتحي

العدد 560 صدر بتاريخ 21مايو2018

امتلأت أروقة مسرح قصر ثقافة بورسعيد في تأبين المخرج الراحل سامح فتحي، حيث شاهدوا عرضا كتبه الشاعر أحمد شلبي ولحنه عبد الرحمن فرغلي وصاغ رؤيته التشكيلية أسامة أبو مسلم وأخرجه محمد عشري، وضم مجموعة من عشاق المسرح ومحبي سامح فتحي على رأسهم راوي السيرة الفنان القدير صلاح الدمرداش الذي أضفى جوا دراميا بصوته المعبر والشجي، والفنانين عمر الحلوجي ومصطفى الشموتي وخالد جمعة وأسامة أبو مسلم وخالد الفطايري وأحمد مجاهد وأحمد عتمان، وكريم منصور، ورضوى، وروان، وجلال، والعفني، ونسمة، ومروان، والفنانة ليلى عبد القادر. لحن الفنال إهداء من الفنان أحمد العجمي، والإضاءة حسين عز الدين، العزف سمير القصبجي، أحمد شكري، سلمى سليمان، البوستر سليمان رضوان، ورئيس قسم المسرح إبراهيم فهمي.
العرض الاحتفالي تناول سيرة حياته وكيف كان معجونا بفن المسرح تمثيلا وإخراجا وغناء وتلحينا، عمل في الديكور والإضاءة والإدارة المسرحية متنقلا بين محافظات مصر ليرتشف من ذلك الفن الذي كرس له كل حياته، حتى رحيله الدرامي عندما وافته المنية على خشبة مسرح محافظة المنيا أثناء إجراء البروفات النهائية لعرضه «أصل وعفريت» للفرقة القومية المسرحية بالمنيا.. ليسدل الستار على أحد عشاق المسرح الذي لقب بالمخرج الرحال، لذلك خرجت احتفالية وداعه باسم «ورحل الرحال».
سامح كان رمزا لجيل من الشباب الذي عشق مسرح الثقافة الجماهيرية وآمن برسالته، كان المسرح بالنسبة له النداهة التي ندهته ليهيم بعشقها ويدور خلفها في البلاد يلتقي بها على خشبات المسارح، لذلك كتب الشاعر أحمد شلبي في حتفاليته «المدن والبشر والناس رأسماله، بس فنه والصدق والإحساس.. من بين كالوس لكالوس.. شق الضلام بفانوس.. على كل أرض يدوس.. تلقى المحبة أساس..» وكتب: «مهما نفضل نحكى عنه.. عمر ما هيوفيه كلام.. عاشق المسرح وعنه.. مش هيخلص الكلام.. عاش سنين مخلص لفنه.. مَتنازلش وقَل منه.. كان بِيعلى بيه رغم إنه.. داق بسببه كتير ألام.. في عز وجعه كان يصمم.. شغله يبقى في أحلى صورة.. ويبتسم ويداوي جرحه.. ويداوي أحلامنا المكسورة.. عاش مِجمع الصحاب.. أبو أحلى ضحكة وروح شباب.. مش هننساه ومهما غاب.. ملامحه حاضرة في أحلى صورة».
قال ماهر كمال رئيس إقليم القناة وسيناء الثقافي إن الإقليم بما له من خصوصية يحرص على تكريم رواده وخصوصا الأحياء، وهذا ما تمثل في تكريمه للمخرج القدير رشدي إبراهيم ثم جبرتي الشعر البورسعيدي محمد عبد القادر. أضاف: وإذا بالقدر يقول كلمته ويرحل سامح فتحي في مشهد درامي مثير. سامح فتحي لم يتأخر يوما عن خدمة المسرح وكان أول من شاركني الدفاع عن مسرح قصر ثقافة الإسماعيلية حينما تآمر المتآمرون من داخل وخارج الثقافة لتحويله إلى ساحة لمحاكمة موقعة استاد بورسعيد.. لنعيش معا أياما قليلة ولكن أحداثها كثيرة.. حتى نجحنا في إرجاع المسرح لأهل المسرح.. كانت تفاصيل كثيرة تجمعنا نأكل ونشرب معا نفترش الأرض ليلا في مكتبي البسيط.. كما شاركني ممثلا في أوبريت ثوار القناة.
وأشار الناقد والكاتب المسرحي أسامة المصري إلى تجربته التي وصفها بالمهمة والخطيرة في حلايب وشلاتين وكيف فتح الباب للثقافة والإبداع هناك مع بحوث تطبيقية عن المنطقة بظروفها الجغرافية الصعبة ووجودها على الحدود مع السودان وهو الأمر الذي يثار بين الآونة والأخرى عن ملكية المنطقة. أضاف: والخطورة هنا أن سامح باعتباره مخرجا مسرحيا وباحثا استطاع إعادة تمصير سكان المنطقة ووضعها على طريق الوعي بأهمية المكان.. وكان ينبغي على الدولة ممثلة في وزارة الثقافة أن تستفيد من بحوثه التطبيقية حتى تواصل ما بدأه، وأعتقد أن الوزارة ستدرك ذلك عقب حدوث خلافات حدودية مستقبلية مع السودان، وهذا وارد في ظل اكتشاف البترول والغاز وأهمية المنطقة استراتيجيا على البحر الأحمر.
فيما قال المخرج الدمياطي رأفت سرحان: «الراحل سامح فتحي ابن خالتي ولد على إيدينا في رأس البر.. وكان معجونا بفن المسرح وهو أول واحد من أسرته يتجه للفن.. ترك في حياتنا ذكرى جميلة لأنه كان يشارك في كل الفعاليات الثقافية منذ الثورة وحتى الآن، هو بركان غضب وفن وحب وكثيرا ما نصحته أن يهدئ من ثورته الدائمة لأن قلبه ضعيف وقد توقف لأنه لم يستطع أن يقوى على كل هذا الضجيج من حوله.
وقال الكاتب أحمد زحام: علاقتي بسامح فتحي بدأت أيام الوظيفة، حين دخل قصر الثقافة وبدأ المسرح يحتضنه.. كان صديقا شخصيا، حينما كنت أحب أن أعرف شيئا أسأله، كان يقرأ ما حوله، وكان غاضبا دوما، غير أنه متسامح، كان لا يستطيع أن يتلون. قدمت من القاهرة لحضور تأبينه. أضاف: كان دائم الشكوى من سوء التعامل معه في الإدارة، للأسف أماكننا كلها طاردة؛ لذا كان يجد فرصته في أماكن أخرى حتى في حلايب وشلاتين، وكان يعد مسرحية جديدة للأطفال من تأليف سعيد حجاج من تراث حلايب وشلاتين.
الممثل محمد الشيخ قال كان من الممكن أن نختلف معه ولكننا لم نختلف عليه، كنت أحبه كأخ أصغر وصديق.
وقال المخرج محمد عشري: سامح فتحي توأمي، كان ولا يزال جزءا كبيرا من حياتي وذكرياتي.. ومنذ أن رحل وإلى الآن لا أستطيع أن أصدق رحيله وحتى عندما فكرت أن أقدم عملا يحيي ذكراه، رفضت تماما أن يكون تأبينا وأصررت أن يكون تكريما.. عندما جاءتني الفكرة وأعلنت عنها فوجئت بكم هائل من الاتصالات من شخصيات في كل المجالات الفنية يرغبون في المشاركة في العمل.. وبكم الحب الذي رأيته في كل من حولي.. أدركت وقتها أن الحب هو أهم ميراث يتركه الإنسان بعد وفاته.. اكتشفت أن دائرة حب سامح أكبر بكثير من أصدقائه. أضاف: عندما شاهدت ردود أفعال الجمهور الذي حضر من كل محافظات مصر شعرت برضاء وسعادة كبيرة جدا وأكثر ما أسعدني فرحة حنان زوجة سامح وأبنائه أحمد وغرام، وهذا أقصى ما كنت أتمناه ولا يسعني إلا أن أشكر كل إنسان شارك أو تمنى أن يشارك أو لبى الدعوة وجاء ليقدم رسالة حب لسامح فتحي ويطمئن عائلته أن سامح ترك لهم ميراثا كبيرا جدا من الحب يكفيهم بقية العمر.
وأكد الفنان جمال مراد أن الاحتفالية عمل رائع ورساله حب صادقة من الجميع تحمل دلالة واضحة عن حزن صادق لفراق إنسان عزيز وغالٍ.
وقال الفنان السويسي رفاعي ليلة في حب الراحل سامح فتحي: رحلت يا سامح عن عالمنا جسدا.. ولكنك سوف تظل في قلوب محبينك.
كان فنانو وأدباء بورسعيد ومن كل المحافظات قد ودعوا المخرج البورسعيدي سامح فتحي إلى مثواه الأخير بعد الصلاة على جثمانه بمسجد مريم إثر موته المفاجئ بمحافظة المنيا، وكان أعضاء الفرقة القومية قد فوجئوا بوفاته أثناء إجراء اللمسات الأخيرة لعرضه الجديد «أصل وعفريت».
رحل سامح فتحي عن عمر يناهز 48 عاما بعد رحلة عطاء كبيرة في مسرح الثقافة الجماهيرية استمرت أكثر من ربع قرن. أخرج الكثير من العروض المسرحية الناجحة أهمها مسرحية «حيضان الدم» لفرقة قصر ثقافة بورسعيد وقدم لفرشوط بأسيوط مسرحية «ياسين» ولنفس الفرقة قدم مسرحية «الخوف» عن رواية «شيء من الخوف».
 

 


طارق حسن