«المرأة المصرية عبر العصور القديمة» على مائدة الأعلى للثقافة

«المرأة المصرية عبر العصور القديمة» على مائدة الأعلى للثقافة

العدد 556 صدر بتاريخ 23أبريل2018

أقام المجلس الأعلى للثقافة، بأمانة وحضور الدكتور حاتم ربيع، ندوة بعنوان «المرأة عبر العصور القديمة»، نظمتها لجنة الآثار بالمجلس، الثلاثاء، بقاعة الندوات ساحة دار الأوبرا المصرية.
افتتحت الندوة مقررة لجنة الآثار الدكتورة علا العجيزي، مؤكدة على أهمية موضوع الندوة، التي تدور حول عظم دور المرأة المصرية عبر العصور، وهي التي تعد الركيزة الأساسية للمجتمعات كافة، مشيرة إلى تزامن الفعالية مع عيد الأم.
وقدم الدكتور ممدوح الدماطي عرضا مدعما بالصور والنصوص المصرية القديمة، حول موضوع «الأم ومكانتها في مصر القديمة»، مستشهدا في حديثه بالبيت الشعري الأشهر للشاعر إبراهيم ناجي «الأم مدرسة إذا أعددتها، أعددت شعبا طيب الأعراق»، موضحا أنه منذ بداية العهد الفرعوني حظيت الأم بمكانة كبيرة، حيث كانت تتشارك مع زوجها في تربية أولادها خلال مراحل نموهم المختلفة، وأن المرأة المصرية القديمة كانت خير مثال للأم المثالية. وتابع الحديث بتناول بعض الحكم المصرية القديمة، مثل: «علموا المرأة يتعلم الرجل.. فيتعلم الشعب» للحكيم المصري كاجمني.
ودار حديث الدكتور صبحي عاشور حول «المرأة المصرية في العصرين البطلمي والروماني» من خلال صور وتماثيل ونصوص، وأشار إلى اختلاط الحضارة اليونانية بالحضارة المصرية الفرعونية، وأنه كان للمرأة المصرية حق إدارة وتملّك وبيع الممتلكات الخاصة، التي تضمنت العبيد والأراضي والسلع المحمولة، والموظفين، والماشية، والأموال، كما ظهرت المرأة آنذاك شريكا بالتعاقدات مثل الزواج أو الطلاق، وتنفيذ الوصايا وتحرير العبيد والتبني، ويضاف إلى ذلك حق المرأة في مقاضاة الرجال قانونيا، وهو ما كان مختلفا تماما عن وضع المرأة اليونانية في أثينا التي كانت بحاجة دائمة لرجل يمثلها في إجراءات العقود القانونية، سواء كان هذا الرجل زوجها أو أباها أو أخاها، وتابع الحديث حول المرأة المصرية مشيرا إلى ما انتزعته من حق يضمن لها الحصول على الميراث من أبيها وزوجها، موضحا أنه في حالة وفاة الزوج كانت ترث الزوجة ثلثي أملاكه، ويرث أبناؤهما الثلث الآخر، وفي حالة الطلاق تسترد الزوجة كل ممتلكاتها قبل الزواج التي نقلتها إلى بيت الزوجية، بالإضافة إلى الممتلكات المشتركة التي تم إثباتها في عقد الزواج. وفي عهد الدولة الرومانية، وعلى عكس ما كانت عليه مصر الفرعونية؛ لم تتمكن المرأة من المساواة مع الرجل أمام القانون، وكانت تخضع لسلطة الرجل، إما لوالدها قبل الزواج أو لزوجها. أضاف: وبحلول القرن الأول الميلادي كان لدى النساء حرية أكبر بكثير في إدارة الشؤون التجارية والمالية الخاصة بها، ولكن اختلف قدر الحرية والحقوق المتاحة لكل امرأة بشكل نسبي وفقا لوضعها الاجتماعي والاقتصادي.
في الجلسة الثانية التي قدمتها الدكتورة علا العجيزي تحدثت الدكتورة ماجدة الشيخ، عن «المرأة ودورها في التجارة والأسواق في ضوء تصاوير الرحالة والمستشرقين»، وأوضحت أن المرأة المصرية في العهد العثماني كان لها ذمة مالية مستقلة عن كل رجالها (الأب والزوج والأخ والابن)، كما كانت تقوم بمعاملاتها المادية بنفسها وقت ما تشاء؛ فتولت نظارة الأوقاف رغم وجود الرجال كما كانت تضع الشروط المناسبة لها في عقد الزواج التي لا تخالف ما أقره الشرع، وأكدت على أن المرأة المصرية حظيت بحريتها بعكس ما يدعي الغرب دائما، أن الفضل يعود له في خروج المرأة لميادين العمل والاحتكاك بالآخرين، بعد أن كانت حبيسة الحرملك العثماني.
وفي الختام تحدث الدكتور علي الطايش أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة، حول «ملابس المرأة المصرية في العصر العثماني»، مشيرا إلى أن أزياء النساء في العصر العثماني تمثلت في أغطية الرأس، والملابس الداخلية والخارجية والجوارب والأحذية والحلي والجواهر، وأن النساء في العصر العثماني أحدثت تغييرات جذرية في أزيائهن، حيث برز مفهوم الحشمة وفقا لتعاليم الدين الإسلامي الذي اعتنقه العثمانيون والمصريون. وأوضح الدكتور علي الطايش أن أهم التأثيرات الاجتماعية العثمانية في الزي النسائي المصري تمثلت في شيوع «التزيرة» واعتمادها كزي عام للخروج، حيث شاع استخدامها من قبل الطبقات الأرستقراطية والوسطى وما دونها، وقد ارتدت السيدات من الطبقة العليا كثيرا من قطع الملابس بعضها فوق بعض، مثل: (القميص والسروال أو الشنتيان والليلك والجبة والسبلة)، وتأتي فوقها الحبرة والبرقع، إضافة إلى ما تلبسه في قدميها من أحذية، غالبا ما تتكون من «المست» وفوقه «اليابوش» ثم المركوب أو «السرموزة»، وهذه هي مكونات مجموعة الخروج «التزيرة» التي صاحبتها أغطية الرؤوس، المُزينة بالأحجار الكريمة والذهب واللؤلؤ، وأحزمة الوسط المصنوعة من الكشمير المطرز بالذهب والفضة. أضاف: وبوصول الفرنسيين لوحظ سعي الكثير من العائلات المصرية للتشبه بأزيائهم، خاصة وأن بعض الجند الفرنسيين تزوجوا من تلك العائلات، فخلعت نساؤها الحجاب، وتبرجت على طريقة الفرنسيات، مما أظهر «الفستان» الذي عرفه العالم لأول مرة منطلقا من باريس.
 

 


أحمد زيدان