فى ندوة أقامها المركز القومى للمسرح ..

فى ندوة أقامها المركز القومى للمسرح ..

العدد 542 صدر بتاريخ 15يناير2018

«الثامنة مساء» عرض يتأرجح بين الحب والكراهية ويعيد طرح تيمة الثأر

أقام المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية برئاسة المخرج محمد الخولي ندوة تطبيقية حول عرض «الثامنة مساء» تحدث فيها الناقد والفنان جلال الهجرسي، والناقد محمد الروبى رئيس تحرير جريدة مسرحنا، وأدارها الباحث على داود، في حضور المخرج هشام علي ومدير مسرح الغد المخرج سامح مجاهد وفناني العرض وعدد من الفنانين والإعلاميين. .

الناقد جلال الهجرسي أكد على اجتهاد المخرج، مشيرا إلى أنه أضاف كثيرا للنص، وهو من فصل واحد جيد الصنع يعتمد في بنائه على تكنيك الفلاش باك، وتيمته الأساسية هي الثأر، تدور أحداثه حول ابن وابنه يُقتل والدهما، فيخططان للثأر من القاتل (محمد عبد العظيم) فتتزوج منه الابنة مضمرة قتل هذا الرجل الذي يمثل المجتمع الذكوري ويتسم بالقسوة والرغبة في السيطرة، فيما تمثل (وفاء الحكيم) دور الزوجة التي تحمل خليطا من الأحاسيس المختلفة، وتتأرجح ما بين الجبروت والعنف والقسوة والحب والتمرد والشعور بالذنب، تلك الأحاسيس التي لا يحكمها منطق. تابع الهجرسي: شاهدنا في بداية العرض نسقا تراثيا وأداء شعريا لا يخلو من الحكمة الشعرية على المستوى الدرامي، مشيرا أيضا إلى وجود جانب مهم في الدراما وهو ثنائية الواقع والغياب عن الواقع، وهو الذي تمثل في سلوك بطل العرض، الهارب بالسكر من الواقع إلى عالم خيالي، يستدعي خلاله جنية، في محاولة للهروب من الماضي إلى منطقة الأماني.
كذلك أشار الهجرسي إلى فكرة الجبروت الذكوري، مؤكدا أنها فكرة قديمة حديثة، وأن هناك ربطا بين عناصر الصورة المسرحية، من خلال الحوائط المجردة وذوبان الفواصل الجمالية وامتداد الديكور وإدخال المتلقي إلى هذا العالم، مؤكدا استخدام المخرج للمسرح الملحمي بوجود شاشة العرض التي يبدأ بها، واستخدمها في تعميق الرؤية وبلورة مقولة العرض. تحدث الهجرسي أيضا عن احتواء العرض لعدد من المناهج. وختم بتحية مخرج العرض الذي استطاع التغلب على جميع التحديات، واجتهد بشكل كبير، وصنع إطارا بعيدا عن الواقع.
كما وجه الشكر إلى فرقة مسرح الغد خاصة الفنانة لمياء كرم التي قدمت أداء متميزا ما بين الرقص والأداء والتعبير الحركي، والفنانة «المعتقة» وفاء الحكيم، مؤكدا على أدائها المتميز، واندماجها في الشخصية، فضلا عن مهارتها في كسر المنولوج الطويل وحدة الشعور بالملل، مشيرا أيضا إلى الفنان محمد عبد العظيم تناول الشخصية ببساطة رغم معطيات الشخصية العميقة. تابع: الفنان نائل علي أيضا أدى الدور بشكل جيد.
 أما الناقد محمد الروبي رئيس تحرير جريدة مسرحنا، فقد استهل حديثه بالقول إن أجمل ما في العرض هو انضمام مؤلفة جديدة لعالم الكتابة، وهو شيء يدعو للفرح، يجعلني أوجه الشكر إلى مدير مسرح الغد الفنان سامح مجاهد على أن أتاح الفرصة لهذه الكاتبة الواعدة، وأشار الروبي إلى أن العرض يناقش فكرة الانتقام والكره والحب، وهي السبحة التي كرر حباتها، متنقلا ما بين الحب والانتقام فالصراع مع الذات، تابع: وبصرف النظر عن كون التيمة قديمة أو حديثه، يبقى السؤال الأهم هو: كيف قدمت هذه التيمة؟ مؤكدا على أن الكاتبة بذلت جهدا محمودا في كتابة النص، وطرح الروبي مجموعة من الملاحظات التي نبه إلى أنها تدخل في إطار وجهة النظر الشخصية، الأولى هي عدم وضوح الأسماء على «البامفلت» الخاص بالعرض، والثانية هي أن المخرج قدم فرجة مسرحية جميلة، ممتعة ومشوقة، إضافة لوجود مجموعة من الممثلين القادرين على أداء الأدوار بشكل جيد، وكاتبة استطاعت أن تنسج الشخصيات جيدا، مستلهمة الشخصيات من أعمال سابقة، معتبرا ذلك حقا مكفولا لكل المؤلفين.
وأشار الروبي أيضا إلى ضرورة الاستغناء عن كل ما يمكن الاستغناء عنه وبقدر الإمكان، منوها بأنه كان من الممكن حذف بعض الأمور، مثل المقدمة والفواصل الخاصة بالشاعر عبد الله حسن على الرغم من استمتاعنا بشعره، موضحا أنه بدا أشبه بوسائل الإيضاح التي تتعارض مع نمو الدراما، حيث تؤدي إلى المعنى نفسه الذي تقوله الدراما.
أشار الروبي أيضا إلى ضرورة الانتباه للمعنى عند تدوير الديكور، منوها أيضا بإمكانية الاستغناء عن البوابة الرومانية، التي لم يجد تفسيرا لها. ووجه الروبي التحية للمخرج ومصممة الديكور على فكرة تساقط الحوائط في نهاية العرض مؤكدا أنها فكرة جيدة.
وتابع الناقد محمد الروبى مؤكدا على أن المخرج هشام علي يتسم بدرجة كبيرة من الحرفية ويعي جيدا كيف يصنع مشهده بإتقان شديد وكيف يوزع المخرجين على خشبة المسرح، بحيث يستطيع التأكيد على معنى المشهد.
وبالنسبة للفنانة وفاء الحكيم فأشار إلى أنها أعطت للشخصية أكتر مما هو مكتوب، وهو أمر لا يستطيع تحقيقه سوى ممثل محترف و(حريف) مشيرا إلى أنها استطاعت صنع أبعاد مختلفة للشخصية. وعن الفنانة لمياء كرم، قال هي ممثلة جيدة وموهوبة، استطاعت أن تؤدي الدور بشكل متقن، ونصيحتي لها أن تخفف من انفعالاتها بعض الشيء، تابع: هذه هي المرة الأولى التي أشاهد فيها للفنان محمد عبد العظيم، وقد فوجئت به كثيرا، حيث أضاف للدور واستطاع أن يبتعد عن دور عتريس في شيء من الخوف، كما استطاع تجسيد الدور بكل حواسه، نظراته وحركته ولغته المتقنة.
وفي مداخلة للفنان أنور عبد المغيث قال: العرض به اجتهاد كبير من قبل المخرج هشام علي، خاصة في تناوله التيمة عبر أزمنة مختلفة، الفرعونية والرومانية وغيرها، ما يجعل المشكلة أكثر إنسانية.
وأعرب المخرج هشام علي عن سعادته بالندوة، لإيمانه بدور النقد، موضحا أنه تنازل عن مجموعة من الأشياء حتى يستطيع تقديم العرض، مؤكدا على أنه ستكون هناك تعديلات أخرى للعرض، إذا تم مده موسما جديدا، وأعربت الفنانة وفاء الحكيم عن سعادتها بالندوة، وعن تقديمها للدور، كما وجهت الشكر للفنان أنور عبد المغيث، مشيرة إلى أنه أول من اكتشفها عندما كانت طالبة.
بينما أعرب المخرج سامح مجاهد عن سعادته بتقديم العرض موضحا أن أي عمل فني يثير الجدل تكون له قيمة كبيرة، مؤكدا على اجتهاد المخرج وفريق العمل الذي يضم ممثلين متميزين.


كاتب عام