الأولياء عند قدماء المصريين

الأولياء عند قدماء المصريين

اخر تحديث في 3/20/2019 9:26:00 PM

محمد إمام صالح

عبد قدماء المصريين معبودا رئيسيا، وهو خالق الكون من وجهة نظرهم، وتعددت نظريات الخلق بحسب المكان والزمان، فتارة كان رع، وتارة أخرى أصبح آمون، وثالثا بتاح، فكل طائفة كهنوتية لها قوة وشأن، قالوا إن معبودهم هو الخالق الذي ظهر على شكل طائر يدعى "البنو"، ووقف على حجر هرمي الشكل يسمى "البنبن"، لُيفكر فيخلق العالم بأسره.

وتقرب المصريون إلى المعبودات بمجموعة من القرابين والنذور إلى جانب الصلوات والابتهالات، طمعا في النعيم الأخروي، ولينعموا في حقول الإيارو حيث جنة أوزير، وقد شعر قدماء المصريين بقدسية المعبود كونه ناصر الضعفاء، خالق الكون، ومحقق العدالة. وعلى الرغم من القرب الشديد للمعبودات والذي وصفه العوام في نصوصهم أنه "أي المعبود" يسمع المصلين وينصر الضعيف؛ إلا أنهم لجأوا إلى بعض الشخصيات التي لها مكانة رفيعة عند الناس، ليكونوا وسطاء بين البشر والمعبودات، وبلغة هذا العصر يُطلق عليهم "الأولياء".

ويُعرف د. محمد الجوهري في كتابه "موسوعة التراث الشعبي العربي" أن الولي: "هو أحد الصالحين الذين يتميزون بالتقوى عادة ويظهرون الكرامات، وبالتالي يحاطون بالعديد من مظاهر التكريم كبناء الأضرحة، تقديم النذور، الزيارة، وإقامة الموالد". فقدم المصريون النذور والابتهالات لعدد من الشخصيات التي بجلها المصريون "الأولياء" نذكر منهم اثنين وهم أمنحتب بن حابو الذي شغل عدة وظائف منها: المهندس المعماري، كبير الكهنة، الكاتب الملكى في عهد أمنحتب الثالث. والآخر إيمحتب المهندس المعماري في عهد الملك "زوسر".

وقد نسب العامة بعض القدرات الخارقة، والتي قد تصل إلى مصاف الآلهة. ونظروا إليهم نظرة تقديس وصلت لاعتبارهم أنصاف آلهة، وذلك على أساس تعاملهم مع المشاكل اليومية مثل المرض وعدم الإنجاب.

ويفسر الضوي محمد الضوي في رسالته للماجستير بعنوان "صورة الولي فى الرواية العربية" القدرات الخارقة التي يحظى بها "الأولياء" بأن القصص الشعبي قد نحا الأساطير فى إضفاء القدرات الإلهية على أبطاله، حيث أكسبهم هالات واسعة من القوة والتميز؛ وبذلك يمكن القول إن حكايات الأولياء وخوارقهم هى امتداد لهذا الاحتياج الملح الذى يتعاظم (فى) أوقات الانكسارات الجمعية؛ إذ يفتقر الإنسان الشعبي لعون الأرض فينظر إلى الأعلى ملتمسا العون من السماء، فضلا عن الأولياء بصفتهم أبطالا شعبيين، يتميزون عن غيرهم من الأبطال الشعبيين بأن المخيال الشعبي يجد مبررا موضوعيا فى نسبة الخوارق إليهم دون حرج من عدم التصديق أو رغبة المتلقى فى عقلنة ما يتلقاه، إذ أن الولى بطل مدعوم من الله، والله صاحب القدرات المطلقة، وهذا هو التبرير الذى يشكل مظلة واسعة في الحكي الأوليائي".

ولعب أمنحتب بن حابو وإيمحتب دور الوسيط بين المعبودات والبشر، فيقول أمنحتب بن حابو فى نقش له على تماثيله التى عثر عليها "ليجران" عند الصرح العاشر بمعبد الكرنك، وهو أحد الأماكن التى كان تُستخدم فى العبادة الشعبية: "...أيها الجنوبيين والشماليين وكل عين ترى الشمس يا من تبحرون مع وضد اتجاه التيار (أي شمالا وجنوبا) لواست لتتوسلوا لسيد المعبودات فلتأتوا لى وسوف أقول كلامكم لآمون في الكرنك". وعلى تمثال آخر: "...أمنحتب المبرأ، يا شعب الكرنك راغبي رؤية آمون، سوف أبلغ توسلاتكم، فأنا رسول هذا المعبود، لقد سمح لي (نب ماعت رع) تكرار قول الأرضين".

وعلى تمثال أخر كرسته له ابنة الملك بسماتيك الأول نقش يقول: "أيها الأمير أمنحتب بن حابو، المبرأ، ليتك تأتى، الطبيب الطيب، لتنظر، إنني أعاني من عينى، فلتشفيني في الحال، صنعت هذا -التمثال- في المقابل".

وهذا يتشابه بشكل كبير مع ما يفعله العوام من تقديم للنذور للأولياء عند أضرحتهم، ليكونوا وسطاء لينالوا مرادهم الذي يبغون


محمد إمام

محمد إمام

راسل المحرر @