العملات النقدية.. أصول مصرية

العملات النقدية.. أصول مصرية

اخر تحديث في 9/19/2019 7:25:00 AM

محمد ابراهيم

على صعيد المعاملات الإنسانية تأتى المقايضة كحل لمسايرة الحال والحياة والتبادل للمنفعة فى حياتنا اليومية ؛ وفى مراحل الإزدهار الفكرى تظهر العملات لتحل إشكالية المقايضة كطريقة أفضل لحفظ القيمة وتقييم السلع والخدمات ودفع الأجور،ورغم أن العملات ليست دليلًا على قوة الدولة إلا أنها إحدى سمات التطور الفكرى والثقافى للمجتمعات التى تتداولها برز استخدام المعادن منذ عصر ما قبل الأسرات وخاصة فى (العصر الحجرى النحاسى) ومراكزه الرئيسية التى تم الكشف عنها حتى الأن بمحافظة أسيوط ممثلة فى (نقادة الأولى، ونقادة الثانية) ثم (حضارة المعادى) وتمثل حضارة الدلتا (1) وإشتهرت تلك الحضارات بإستخدام الأحجار كأدوات بدائية وأساسية وسنون الرماح وبعض الأسلحة من النحاس وبعض الأدوات من العظام، والسلع من الفخار والكتان، كانت المقايضة أساساً للتعامل ووسيلةً للبيع والشراء.. كما كان هناك أسلوب لدفع أجور العمال فى معظم الحقب بعصر الأسرات وقد تنوع بين: توصيل المياه إلى منزل العامل كنوع من الأجر والتقدير، أو إعطائه طعام أو غلال أو خبز أو نبات البردي أو أثاث منزلى أو فخار للمنفعة المنزلية وغيرها من الأشكال المختلفة.

كان التجار يهتمون بالتجارة الداخلية حيث كانت مهنة الإبحار مهمة في مصر القديمة، إذ تُنقل الإمدادات الغذائية، والأحجار لبناء المعابد، والبضائع التجارية، ومومياء الفرعون إلى مكان دفنه على متن القوارب المصنوعة من نبات البردي عبر نهر النيل الشريان الرئيسى للبلاد.

كما يتم كذلك نقل محاصيل الفلاحين بين القرى والمدن حيث يتم تبادل المنتجات و البضائع بالسلع والمستلزمات المعيشية. وهناك أراء فى تقلص المقايضة كطريقة للتبادل حينما ظهرت العملات: إذ يؤكد رأى أن العملة ظهرت فى نهاية عصر الأسرات (الأسرة التاسعة والعشرون) وكانت على شكل عملات ذهبية، حيث تعامل المصريون بنقود بلاد اليونان المسكوكة من الفضة والذهب وتحديدًا فى عهد ثانى ملوك تلك الأسرة الملك (أوكوريوس) الذى كون فرقة من الجنود المرتزقة الإغريق وكان يدفع أجورهم بالعملات الفضية والذهبية فقام (أوكوريوس) بالإتفاق مع أثينا بسك نقود بنفس مواصفات النقود الأثينية وعيارها لصالح مصر وإستمر هذا الإتفاق حتى (الأسرة الثلاثين).

بيد أن الرأى الثانى يميل إلى أن العملة ظهرت فى عصر الأسرة الثالثة(2) حيث ظهرت فى عهد الملك خوفو وثيقة عبارة عن عقد بيع بين الكاتب (تنتي) الذى كان يبيع بيتًا له، وبين الكاهن (كمابو) المشترى، وكانت للوثيقة ترجمة حرفية بناءً على جهود علماء عديدون فى تخصص الآثار واللغات، قاموا بترجمتها على عدة مراحل بعد أن أكتُشفت بواسطة العالم (شتنديروف) عام 1910 فى جبانة بالجيزة، قام بترجمتها أولًا (زيته) وأدخل بعض التعديلات (سوتاس) وتناولها بالبحث والتدقيق (فون بسنج) وأخيرًا قام بترجمة معظمها حرفيًا بشكل مناسب العالمان (شاسيناه، فايل)، كان موضوع الوثيقة فى توثيق عملية بيع لمنزل بين الكاتب (تنتي) والكاهن (كمابو) والترجمة الحرفية النهائية كالتالى "يقول (كمابو) لقد إشتريت هذا البيت فى مقابل مكافأة للكاتب (تنتى) وقد أعطيته عشرة (شعت) وهى كما يأتى (قطعة أثاث (؟) من الخشب قيمته ثلاثة (شعت) وسرير من خشب الأرز من أجود الأخشاب قيمته أربعة (شعت) وقطعة أثاث من خشب الجميز قيمتها ثلاثة (شعت) ثم يقول (تنتى) (يعيش الملك)...)".

وربما تقلص التعامل بالعملات بعد الأسرة الثالثة واختفت ثم ظهرت فى عصور أخرى لم يرصدها التاريخ، أو ربما ظهرت فى عصر الأسرة الثلاثين إعمالًا بالرأى الأول الذى ينكر أو يغفل التعامل بالـ(شعت). 1 (د. سمير أديب تاريخ وحضارة مصر القديمة صـ15ـ) 2 (موسوعة مصر القديمة الجزء الثانى صـ239ــ للكاتب سليم حسن) .


محمد ابراهيم

محمد ابراهيم

راسل المحرر @