حياة كريمة.. حكاية حسن الهُمام لأطفال شبين القناطر

حياة كريمة.. حكاية حسن الهُمام لأطفال شبين القناطر

اخر تحديث في 10/24/2022 2:28:00 PM

محمد إبراهيم

الحكايات الشعبية التراثية وتصدير الحكمة والعظة والتعلم من التجارب، واستهداف تنمية الفكر وتعزيز الوعي والهوية الثقافية والتمسك بالتراث تأتي في مقدمة اهتمامات الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة الفنان هشام عطوة؛ فالاهتمام بالنشء ينتج عنه نبتٌ صالح قوي مُثمر.
في ضوء ذلك، استأنفت الهيئة، الفعاليات الثقافية والفنية ضمن مبادرة "حياة كريمة" التي تنفذها الإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة د. حنان موسى، بقرى محافظة القليوبية، حيث تقدم عددا من الورش والمحاضرات والفعاليات المختلفة.
وضمن مشاركة الإدارة العامة لأطلس المأثورات الشعبية برئاسة د. الشيماء الصعيدي بمبادرة حياة كريمة، أدى الباحث عماد المصيلحي ورشة حكي شعبي بقرية طحانوب مركز شبين القناطر بعدد مستفيدين 35 طفلًا.

حكاية "حسن الهُمام":
كان ياما كان، كان فيه شاب اسمه حسن، وسيم ونشيط ورياضي، يعمل صيادًا، يحبه الناس جميعًا لحسن أخلاقه، وكانت أمه ست عجوز على دين لا تترك الصلاة، تحب ابنها وتدعو له بالرضى، وكانت تطلب من ابنها أن يتزوج بنت الحلال، الأصيلة التي تساعدها في عمل البيت، وتنجب له الصبيان والبنات، فكان يضحك ويقول: لا أتزوج حتى أجد بنتًا أحلى من القمر، وطبخها زي طبخك. فتدعو له أن يحدث ذلك.
في يوم من الأيام وهو يتجول بين الحقول والبساتين، لمح بنتًا جميلة، تضع نقابًا على وجهها وتحمل صينية على رأسها، فاعترضها وسلّم عليها وسألها: ماذا تحمل على رأسها؟ فأجابته: أنها تحمل الغداء إلى والدها في الحقل، فطلب منها أن يذوق طعامها، فوضعت الصينية أمامه، فأكل منه فوجده شهي الطعم لم يذق مثله في حياته، فسألها عن بيتها، فدلّته عليه ومضت في حال سبيلها. 
عاد حسن إلى أمه ملهوفًا، وقال لها: البشارة عندك، لقد وجدت أحلى عروس في البلد، وطعامها جميل مثل طعامك وطلب منها أن تذهب بسرعة وتخطبها له. 
حاولت أمه أن تجعله ينتظر أيامًا حتى تسأل عن أصلها وفصلها قبل أن تخطبها، لكنه أصرّ على رأيه. 
ذهبت الأم وخطبت الفتاة، وبعد أيام تم الفرح وتزوجها فسرّ بها، وقضى معها أجمل الأوقات وطبخت له أشهى المأكولات، وبعد فترة من الزمن بدأت الفتاة تسيء معاملة أمه، وتشكو عليها كلّ يوم، وهو يحاول أن يرضيها ويطيّب خاطرها دون جدوى. 
في يوم عاد من الصيد ومعه أوزّة كبيرة، وطلب من أمه وزوجته أن يطبخوها بالأرز، وخرج إلى عمله. أمرت العجوز زوجة ابنها أن تنقّي الأرز ولا تضيع منه حبة واحدة، فأخذته وصارت تنقيه فسقطت منها حبة وجاء الديك وأكلها، فأمسكت به وذبحته وأخرجت الحبة منه، فغضبت العجوز منها ووبختها، فانزعجت الزوجة ودخلت غرفتها وأغلقت عليها الباب. 
عاد حسن إلى البيت فوضعت له أمه الطعام، فأكل منه، سأل أمه: أين زوجتي؟. فحكت له القصة، فدخل على زوجته فوجدها  حزينة. حاول إرضاءها فلم يستطع، وقالت له لقد طفح الكيل ولم أعد أتحمّل أكثر من ذلك، إما أنا وإما أمك في البيت.
فكّر حسن قليلًا فلم يجد حلًا سوى أن يأخذ أمه إلى المغارة في أعلى الجبل يتركها هناك، ويجلب لها الطعام كل فترة، وبما أنها أصبحت عجوزًا يمكن أن تقضي بقية حياتها هناك وتريح وتستريح. 
في الصباح حمل أمه على الحمار مع بعض الزاد والماء، وأوصلها إلى المغارة وعاد، وعاشت العجوز في المغارة حزينة وحيدة تصلي وتصوم، وتدعو الله أن يهدي ابنها ويحفظه ويسعده، وكان حسن يحضر لأمه الطعام والماء كل أسبوع، ويتفقّد أحوالها وحاجاتها ويعود. 
في أحد الأيام أتى إلى المغارة شابان جميلان يشعّ النور من عينيهما، فسلّما على العجوز فردّت عليهما أحلى السلام، ودعتهما ليرتاحا ويتناولا الطعام معها، ويسلّيانها فشكراها على كرمها وأخلاقها، وسألها الأول: ما رأيك في الصيف؟. فأجابت: الصيف جميل، ليله مقمر، ونهاره دافئ، وخيره كثير من الفواكه والثمار والخضار الله يبارك فيه. 
سألها الثاني: ما رأيك في الشتاء؟. فقالت: الشتاء كله خير، تنزل فيه الأمطار ويزرع فيه الناس ويسهرون حول النار، ولولا الشتاء ما جاء الصيف، ولولا الصيف ما جاء الشتاء. 
أعجبهما جواب العجوز، فدعا لها الأول أن يخرج من فمها جوهرة كلما نطقت بكلمة، ودعا الثاني أن ينبع لها نبعًا من الارض فحدث ذلك ونبع الماء كالزلال، ونمت حوله الأشجار وحملت من كل أنواع الثمار، ثم ودّعاها وغابا عن الأنظار. فرحت العجوز وأخذت تشرب من الماء وتتوضأ لكل صلاة، وتأكل من الفواكه اللذيذة، وتحمد الله على هذه النعمة العظيمة. 
عندما جاء ابنها يتفقدها شاهد الأرض غير الأرض، والخير كثير والماء وفير، وأمه تعيش في جنة، فتعجّب وسألها عن القصة فحكت له حكاية الشابين، وكلما كانت تنطق بكلمة يخرج من فمها جوهرة، فزاد عجبه وفرحه، واعتذر لأمه، وطلب منها السماح فرضيت عليه، وحملها على الحمار وعادا إلى البيت، فاستقبلها الناس والجيران وفرحوا بالجواهر التي تخرج من فمها، وصاروا يجمعونها ويأخذونها إلى بيوتهم. 
لما رأت زوجته ذلك ذهب غضبها ورحبت بأم زوجها وصارت تجمع الجواهر منها، ثم اختلت بزوجها وطلبت منه أن يأخذ أمها إلى المغارة التي وضع أمه فيها، فوعدها بذلك. 
في الصباح حمل أم زوجته ووضعها في المغارة وعاد، وبعد أيام حضر الشابان إلى العجوز الثانية فسلما عليها، فلم ترد عليهم السلام وقالت لهما بلهجة منزعجة: ماذا تريدان، ولماذا أتيتما؟ فسألاها عن بعض الطعام والشراب، فقالت بغضب: ليس عندي لا طعام ولا شراب، فسألها الأول: ما رأيك في الصيف؟. فقالت: كله حرّ وتعب وغبار الله لا يعيده، وسألها الثاني: ما رأيك في الشتاء؟. فأجابت: أرذل من الصيف ليس فيه سوى البرد، والثلج والوحل الله لا يعيده. 
غضب الشابان من كلامها ودعا الأول، فجفّ النبع ويبست الأشجار، واختفت الخضرة وأصبحت الأرض قاحلة جرداء، ودعا لها الثاني أنها كلما قالت كلمة تخرج من فمها حصاة، فشتمتهم، فتركوها ومضوا في حال سبيلهم.
بعد أسبوع أتى حسن ليعيد أم زوجته، بينما جمعت زوجته الناس لاستقبالها بالزينة والطبول والأفراح، ولما وصل حسن إلى حماته العجوز، وجد الأرض قاحلة ليس فيها عرق أخضر ولا نقطة ماء، ورأى حماته تكاد تموت من العطش، والجوع فسألها عن حكايتها؟ فأخذت تسبّه وتلعن الساعة التي تعرّفت بها عليه، وكلما نطقت بكلمة خرجت من فمها حصاة تصيب وجهه، فتعوذ بالله من الشيطان ومن أخلاقها، وحملها على الحمار وعاد إلى البيت. 
وفي القرية استقبلها الناس يرحبون بعودتها، وينتظرون الجواهر منها، فأخذت تسبّهم وتلعنهم ويخرج من فمها الحصى، يضرب وجوه الناس، فهربوا من أمامها وتركوها وحدها. 
لما رأت ابنتها هذا الحال أخذت تبكي على أمها، فوضعها حسن وراء أمها على الحمار وطردها من البيت، وعاد إلى أمه وقبل يدها وطلب منها الرضى والغفران، فدعت له بالتوفيق والسعادة والهناء، وخطبت له بنت الجيران، وعاشوا في تبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات.
وقد استمتع الأطفال بالاستماع للحكاية وطالبوا بسماع غيرها وتم طرح مجموعة من الأسئلة على الأطفال وحصل الفائز على هدايا مطبوعات الهيئة.

شاهد بالصور


محمد ابراهيم

محمد ابراهيم

راسل المحرر @