المحفوظات ليست مقابر ضخمة.. التراث السمعي والبصري وحق الأجيال 

المحفوظات ليست مقابر ضخمة.. التراث السمعي والبصري وحق الأجيال 

اخر تحديث في 12/18/2020 1:49:00 PM

محمد إمام

"المحفوظات ليست مقابر ضخمة وإنما هي أماكن أساسية لاستمرار الوعي البشري؛ وتستلزم اهتمامًا خاصًا، ومن واجبنا أن ننقله إلى الأجيال المقبلة" خايمي توريس بوديت شاعر مكسيكي ومدير عام اليونسكو سابقًا.
يحتفل العالم في السابع والعشرين من أكتوبر كل عام باليوم العالمي للتراث السمعي والبصري بعد اعتماده فى 1980، لزيادة الوعي بأهميته السياسية والاقتصادية والتاريخية، ومردوده الاجتماعي على الثقافات المحلية وتأثيره عالميًّا.
ينقلنا التراث في رحلة عبر الزمن إلى ماضٍ سحيق، نسمع فيها صوتًا يحكي ماضينا ونلمس فيه جانبًا من حاضرنا.. ونرى حياة الإنسان القديم اليومية بسيطة وسهلة وأحيانا نحكم عليها بسذاجة، وفي وقتها كانت عبقرية ومتحضرة، فها هو ملك يمشي في موكبه منتصرًا وآخر يجر أذيال الخيبة من الهزيمة.. قائد ينظم صفوف جيشه.. سيدة تعد الطعام.. شاب يعمل.. طفل يلهو وفتاة تغني نسمع صوتها من قسمات وجهها وملامح الحاضرين.. كل هذه المشاهد قد تمر على البعض مرور الكرام ويهزأ منها آخرون وكأن الماضي منفصل عن الحاضر.

أمثلة عن التراث السمعي:
مصر مليئة بالتراث السمعي والبصري، فلا تكاد تخلو منطقة أو حي أو حتى إنسان منها، فالأمثال الشعبية جزء من التراث السمعي، ينتقل من جيل إلى جيل شفاهة وله تأويلات مختلفة، وعند سماعه قد ندرك مراد قائله، فالمثل القائل "العين ماتعلاش على الحاجب" يفسره البعض نوعًا من التواضع أو الأدب؛ فالقائل بمثابة العين والسامع في مرتبة الحاجب فلا يعلو القائل على السامع، ويراه البعض من التذلف والخضوع فيضع القائل نفسه في مرتبة دنيا عن السامع، وقد يراه آخرون وضع كل من القائل والسامع في حجمه الحقيقي فمن كان بمرتبة العين فلا يعد نفسه حاجبًا. 

الموسيقى:
تشير بعض أنواع الموسيقى إلى بلد بعينها، ومنها الأناشيد الوطنية الذى تتفرد فيه كل بلد عن الأخرى وأصبحت جزءا من تراثها وحاضرها، وعند سماعها نشعر بالحالة التي تعيشها البلاد، فعلى سبيل المثال عندما نسمع "اسلمى يا مصر إننى الفدا" النشيد الوطنى لمصر في فترة الثلاثينيات في القرن الماضي نشعر فيه بالحماس لمقاومة الاستعمار نتيجة للرتم السريع، بينما النشيد الوطنى الحالي "بلادي بلادي" فنشعر منه لرتمه البطيء حالة السلام التي تعيشها البلاد.

التراث البصري:
أما التراث البصري فنراه في شتى أنحاء العالم وبمشاهدته نعرف موطنه ومنها الكيميونو الياباني والساري الهندى والزي الفرعوني...إلخ، وكذلك الشواهد الأثرية في العالم، معلما بصريا لأصحابها كالأهرامات، تمثال الحرية، سور الصين العظيم، وبرج بيزا.. وغيرها من الشواهد في كل أنحاء العالم.
ويختلف هذا التراث من مكان إلى آخر ويكون مميزا، فالتراث الشلاتيني يختلف عن التراث النوبي الذى بدوره يختلف عن السيناوي، فلكل منهم شكل مختلف ومميز.
وقد تصنع بعض المدن هوية بصرية لها تعبر عنها ومستلهمة من تراثها، ومنها محافظة الأقصر.. التي تسلمت شعار هويتها البصرية منذ عامين أو ثلاثة تقريبا وهو مشتق من أشكال مقتبسة من اللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية).

جهود قصور الثقافة للحفاظ على الموروث السمعي والشفهي:
سخرت الهيئة العامة لقصور الثقافة جهودها عبر إدارة أطلس للمأثورات الشعبية للحفاظ على التراث الشفاهي والسمعي، من خلال جهود الباحثين الميدانيين في التراث الشعبى، ومنها جمع وتوثيق عادات وتقاليد الشعوب كأزيائهم وطعامهم وهويتهم، وقد سجلت قصور الثقافة آلاف الساعات من التراث الشفهي/ السماعي، علاوة على إصدار كتب مثل أطلس الأدوات الموسيقية وأطلس الخبز وتستعد لإصدار أطلس الفخار، إضافة إلى عقد مؤتمرات سنوية تضم باحثين لمناقشة الوضع الراهن للتراث الشعبي ووضع توصيات لها.


محمد إمام

محمد إمام

راسل المحرر @