العدد 957 صدر بتاريخ 29ديسمبر2025
فى إطار الموسم المسرحى 2025/2026، تستعد جامعة بنى سويف لتقديم العرض المسرحى «آخر ظلال الأرض»، من إعداد وإخراج يوسف المنصور. يُقدَّم العرض برعاية رئيس جامعة بنى سويف الدكتور طارق على، والكابتن محمد فاروق مدير رعاية الشباب، هبة صلاح الدين أخصائى الشئون الفنية، سحر حامد مدير ادارة النشاط الفنى.
يوسف المنصور: المسرح كمساحة للتيه لا للإجابات الجاهزة
ويقول المخرج يوسف المنصور: «فى مسرحية آخر ظلال الأرض أسعى إلى تقديم حياة كاملة للمتلقى، بتناقضاتها وتشعباتها، وطرح الإيجابى والسلبى من أكثر من منظور دون وجود إجابة ثابتة، بجانب ذلك فكرة إهمال الأصول والتقاليد: هل هى أمر إيجابي؟ أم أن هناك ضرورة لمراجعة مجتمعية مستمرة؟ لذلك أحببت أن أطرح ما حدث للمجتمعات العربية فى صورة سؤال، دون تقديم إجابة جاهزة، ومن أسباب اختيارى لهذا النص فكرة التيه المجتمعى الذى نشعر به».
ويضيف: «اختيار مسرح جامعة بنى سويف أمر أسعدنى كثيرًا؛ ففريق العمل القائم على المسرح متعاون إلى حد كبير. فكرة العرض موجَّهة بالأساس إلى الشباب، فكرة البحث والتفكير، فكرة أنا أفكر إذن أنا موجود. المسرح الجامعى، بطبيعة هذه الفكرة، يحتاج إلى تفكير مستمر وصراع أجيال. وجامعة بنى سويف تسعى إلى تطوير شبابها باستمرار، سواء على مستوى المشاهد أو الممثل، لذلك أحببت العودة إلى الأصول فى مجتمع صعيدى، حتى يشعر الشباب بأهمية الرجوع إلى جذورهم».
ويكمل المنصور: «فى الحقيقة، حين أتى بأسلوبى الإخراجى، أحرص على وضع نفسى فى أكثر من موضع؛ تارة كمشاهد، وتارة كممثل، وأحاول أن أستنتج الصورة الأكثر احترافية لتقديم المشهد. لا أفضّل تقييد نفسى بمدرسة محددة أو مذهب معيّن فى الإخراج، فقد أستخدم فى بعض المناطق الأسلوب الكلاسيكى، وفى مناطق أخرى أساليب مختلفة، لكن الأهم بالنسبة لى هو تماسك العرض المسرحي».
ويضيف: «الموسيقى تمثل الإحساس الداخلى للشخصيات، فالمسرحية تميل إلى التراث، ومن أهم عناصر التراث لدينا الموسيقى، بينما أردت للسينوغرافيا أن تعبّر عن اللازمان واللامكان، ولذلك وقعت عاتق الإضاءة مهمة التعبير عن هذا البُعد».
ميرا أشرف: شخصية تُبنى من الخيال لا من الواقع
وتكمل الممثلة ميرا أشرف: «أجسّد دور الفتاة القادمة مع الضيوف من الخارج، وهى شخصية تسعى إلى تحقيق أهدافها من خلال استغلال نقاط الضعف التى تعرفها. بدأت فى بناء ملامح الشخصية منذ القراءة الأولى للنص؛ حيث تعرّفت على دوافعها وأهدافها من مجيئها إلى النجع، وكذلك أهدافها تجاه كل شخصية داخله».
وتقول: «جميع تفاصيل الشخصية كانت صعبة، لاختلافها عن شخصيتى الواقعية وعن أغلب الشخصيات التى نقابلها، فهى لم تكن طبيعية بانفعالات طبيعية، بل كانت تحتاج إلى دراسة أعمق وخيال أوسع».
وتوضح: «فى بداية البروفات كان المخرج الأستاذ يوسف المنصور يتحدث معى كثيرًا عن الدور، وكيف يتخيله من منظور رؤيته الإخراجية، إلى جانب تصورى الخاص من القراءة الأولى. الأستاذ يوسف مخرج كبير دون نقاش، عملت معه لمدة ثلاث سنوات، وفى كل عام كنت أستفيد أكثر من السابق. خلال البروفات لا نضيّع وقتًا مطلقًا، بل نعمل على تمارين تساعدنا على تطوير قدراتنا كممثلين وتعزّز تناغم العرض ككل».
وتتابع: «التجربة كانت صعبة بشكل عام، لأنها كبيرة وتحتاج إلى وقت وجهد، خاصة مع كِبر حجم الفريق، وكان أغلب المشاركين يخوضون تجربتهم المسرحية الأولى. المخرج بذل مجهودًا كبيرًا ليصل بالفريق إلى الشكل الذى ظهر به العرض على المسرح، بالإضافة إلى توظيف قطع الديكور للتعبير الدرامى عن المشاهد».
وتختتم: «السؤال الجوهرى من وجهة نظرى يتمثل فى جملة (قمر) فى بداية العرض: لو أعدنا ما حدث، أيمكننا أن نتعلم الدرس ونعلمه لغيرنا؟ وما سبقها من حديث يوسف عن تاريخ الإنسانية. أرى أن من الأسباب الرئيسية لما وصل إليه المجتمع هو فقدان الهوية والتاريخ، أو تفسير التاريخ بشكل خاطئ، وهو ما أفسد العقول وجعلها فارغة بلا جذور».
محمد فريد: الأغنية كامتداد درامى لا تعليق مباشر
يقول الشاعر محمد فريد «بدأت التجربة بالصدفة؛ كنت حاضرًا إحدى البروفات، وسمعت الأستاذ يوسف المنصور يتحدث مع مؤمن على، ملحّن العرض، وكان وقتها بحاجة إلى كلمات، بدأت بالفعل فى تحضير الأـشعار وعرضتها على المخرج، ووافق عليها، بعد أن كتبنا واستبدلنا، حتى وصلنا إلى الشكل النهائي»
ويتابع: «كل الأغانى كانت تُكتب وفق ترتيب المشاهد، مشهدًا تلو الآخر؛ نعمل على الأغنية الخاصة به، ثم ننتقل إلى المشهد التالى. هذا الأسلوب ساعدنى كثيرًا فى الالتزام بروح العرض وتسلسل الأحداث».
ويؤكد: «أكثر ما ساعدنى ككاتب هو كونى ممثلًا ضمن فريق العمل؛ كنت حافظًا للعرض، وعشت كل مشاعره من الداخل، لذلك عندما كتبت، كتبت كمن عاش داخل تفاصيل المشاهد، فاستطعت استحضار الروح المناسبة للكلمات».
ويضيف: «حريصًا دائمًا على أن تكون أى كلمات أكتبها مرتبطة بالمشهد بشكل واضح وصريح، ولكن بصيغة غير مباشرة، حتى لا تتحول الأغنية إلى واقعية مباشرة. وكانت هذه نصيحة أستاذى، الأستاذ يوسف المنصور، والتى التزمت بها طوال العمل».
ويختتم: «كنت قد كتبت ما يزيد على سبع أغانٍ لمشاهد مختلفة، لكنها لم تُستخدم، لأنها كانت تميل إلى الواقعية المباشرة، وهو ما لم يكن مطلوبًا فى الرؤية العامة، فكنت أعيد الكتابة مرة أخرى حتى نصل إلى الشكل الأنسب».
عبدالرحمن سامى: التاريخ كعبء نفسى لا مادة دراسية
يقول الممثل عبد الرحمن سامي: «أجسّد فى المسرحية شخصية الأستاذ يوسف، مدرس تاريخ فى نجع صعيدى، وهو شخص متمسك بمبادئه، واعٍ جدًا، ويمتلك فهمًا عميقًا للتاريخ، سواء بحكم طبيعة عمله أو نتيجة للبيئة والنشأة التى أسهمت فى زيادة ثِقله ونضجه. فقد والديه فى سن الثانية عشرة، فأصبح مسؤولًا عن أمور تفوق سنه، خاصة تجاه شقيقه أسامة، إذ تحمّل مسؤولية تربيته وضحّى بوقته وجهده من أجل أن يكبر أخوه ويتعلم، وبالفعل نجح فى ذلك، وأصبح أسامة طبيبًا».
يتابع «أكثر تفصيله نفسية تطلّبت منى مجهودًا مضاعفًا كانت الخوف من الفقد؛ فيوسف فقد والديه مبكرًا، وفقد حنان الأم ومساندة الأب، كما فقد لذة المراهقة والشباب. ورغم أن (فاقد الشيء لا يعطيه)، كان مضطرًا أن يكون الأب والأخ والصديق فى آن واحد بالنسبة لأخيه، الذى لم يتبقَّ له غيره. فكرة التمسك بأسامة، ومحاولة تحقيق ما لم يحققه هو من خلاله، كانت من أكثر التفاصيل النفسية التى تطلّبت مجهودًا وكانت مميزة جدًا فى دراستها والعمل عليها أثناء البروفات».
ويضيف: «البروفة الأولى أضافت لى الكثير مقارنة بالقراءة الفردية للنص؛ منحتنى شعورًا خاصًا، وعمقًا أكبر فى فهم الشخصيات المحيطة، وبدأت أستوعب بشكل أوضح الحالة العامة والتركيبة الدرامية وتسلسل وتصاعد الأحداث. هى علاقة أتمنى ألا تنتهى أبدًا. وجدير بالذكر الأستاذ يوسف كان يعاملنى وكأنه يرى نفسه فيّ وهو صغير، وكان دائم الاحتواء لى، ومنحنى ثقة كبيرة ساعدتنى على الإبداع فى الدور والتجسيد دون خوف من الخروج عن مسار رؤيته الإخراجية. علاقة أنا ممتن لها جدًا، وخبرة لا حصر لها بحق. ممتن لوجود الأستاذ يوسف، ولأننى عملت مع شخص عبقرى فنيًا وعظيم إنسانيًا».
ويختتم: “بدأت من البعد الاجتماعى والحالة الاجتماعية للشخصية، لأنها تُرتّب البعد النفسى. انطلقت من النشأة والأسرة والظروف المحيطة، ثم تسلسل الأحداث حتى نقطة وفاة الأب والأم، حيث حدث تحول كامل فى شخصية يوسف اجتماعيًا ونفسيًا، وأصبح أكثر مسؤولية، ودخل مرحلة صراع لإثبات ذاته وتحقيق مجده الخاص، والمتمثل فى تربية وتعليم ورعاية الأخ الأصغر.
حسام حسن: التفاصيل الصغيرة تصنع صدق الكاركتر
يقول الممثل حسام حسن: «قدّمت دور رضا، أو كما يُنادى داخل العرض بـ(راضي)، وهو شخص راضٍ بحاله وبكل ما حوله، ويُعدّ من أطيب الشخصيات داخل النجع».
ويتابع: «ملامح الشخصية كانت واضحة جدًا منذ القراءة الأولى للنص، فالدور كان مكتوبًا بدقة، ويشرح نفسه بنفسه، وهو ما يعود إلى براعة الأستاذ يوسف فى الكتابة؛ إذ إن كل شخصية على الورق كانت تحمل ملامحها النفسية والدرامية بوضوح».
ويضيف: «الصعوبة الحقيقية لم تكن فى فهم الشخصية، بل فى بعض التفاصيل الأدائية مثل التهتهة فى الكلام، إضافة إلى لازِمات الجلوس والوقوف، والتى كانت مرتبطة بالكركتر نفسه وتحتاج إلى ضبط دقيق».
ويضيف: «هدفنا كان أن نتفوّق على أنفسنا بهذا العرض، خاصة أننا نعمل مع نفس المخرج للعام الثانى على التوالى، وبعد مشاركتنا فى المهرجان القومى العام الماضى، أصبح التحدى أصعب، لأن المطلوب هو تقديم عمل أقوى وأكثر نضجًا»
ويؤكد: «التحولات الداخلية للشخصيات كانت عنصرًا أساسيًا فى العرض، فكل مشهد يحمل رسالة مختلفة، بينما الذروة الحقيقية لم تكن فى مشهد واحد، بل فى تراكم الإحساس تدريجيًا لدى المتلقي».
ويختتم: “قمت ببناء أبعاد الشخصية من خلال بناء أبعادها النفسية من خلال تحديد ما يحب وما يكره، بجانب تحديد خصائصه الخارجية والداخلية، التفاصيل الصغيرة هى التى تصنع صدق الشخصية على المسرح».
عرض آخر ظلال الأرض من إعداد وإخراج يوسف المنصور، سينوغرافيا أحمد شيربى، أشعار محمد فريد، توزيع موسيقى محمد عبد الوهاب، مؤمن أمين، شادى شوارب، تعبير حركى محمد بحيرى، ملابس وماكياج محمد شاكر، إضاءة محمود الحسينى، فريق منفذين الإخراج سيف فؤاد، ريهام عبد النبى، أبانوب صديق، إبرام أوسام.
الممثلون: ميرا أشرف، عبدالرحمن سامى، حسام حسن، كريم أحمد، مؤيد علاء، أبانوب صديق، جينا سامح، شهد خالد، ملك البنا، هبة مجاهد، أحمد حسن، مينا أكرم، على محمد، جوفانى إيهاب، سلفيا عماد، عبد العظيم محمد، اسلام هيثم، هنا عبد الستار، منة رشاد، ملك حسنى، كاترين أشرف، إسراء طه، شيماء أحمد، حبيبة عزام، شهد ياسر، أدهم حلمى..