في لحظة توقفت فيها عقارب المسرح العربي عن الدوران، غادرتنا الفنانة الكبيرة سميحة أيوب، سيدة المسرح العربي، تاركة خلفها صدى صوتها في أروقة المسارح، ونبض حضورها في ذاكرة الفن العربي.رحلت سيدة الخشبة، لكنها لم تغادر قلوب عشاقها، ولا صفحات التاريخ التي سطّرت اسمها بحروف من نور.رحلت أيقونة الفن التي لم تكن مجرد ممثلة، بل كانت مدرسة مستقلة بذاتها، جسّدت الكلمة، ونبضت بالشخصية، ووقفت على خشبة المسرح كما تقف القمم على الأرض: راسخة لا تهتز. امتد مشوارها الفني لأكثر من سبعة عقود، كانت خلالها رمزًا للالتزام، والقوة، والاحتراف، ورفعت راية المسرح عاليًا في زمن تبدلت فيه الأذواق، لكنها بقيت وفية لخشبته كمنبر حياة ورسالة.قدّمت سميحة أيوب عشرات الأدوار التي غاصت من خلالها في أعماق النفس المصرية والعربية، ونقلت الهموم، والأحلام، والصراعات بأسلوب آسر لا يُنسى. لم تكن ممثلة تؤدي النص فحسب، بل كانت تعيشه وتمنحه من روحها ما يجعله خالدًا في الوجدان.ساهمت في نهضة المسرح المصري على المستويين الفني والإداري، في أصعب مراحله، ووقفت إلى جانب الأجيال الجديدة مشجعة، ناقدة، ومعلمة.نالت أرفع الأوسمة والجوائز، ولم تغرها الألقاب بقدر ما شغلها صدق العمل وقوة الرسالة.برحيل سميحة أيوب، تفقد مصر والوطن العربي إحدى قاماتها الثقافية والإنسانية. لكن ما تركته من إرث فني وأداء نادر وتجربة إنسانية فريدة، سيبقى حيًّا في الذاكرة والوجدان.في هذا الملف، نفتح صفحة وداع أخيرة لامرأة لم تكن عادية، بل كانت أسطورة فنية خالدة.وداعًا سميحة أيوب.. لن تُطفأ أضواء المسرح من بعدك، بل ستزداد توهجًا كلما ذُكر اسمك.