مقدمة:فى ليلة فنية تحتفى بالبهجة والفكر والإنسان، فتح المسرح القومى أبوابه لاستعادة روح شاعر رسم ملامح الضحكة المصرية بصدق وعمق، وهو الشاعر الكبير صلاح جاهين. حفل “ضحكة مصر” ليس مجرد استذكار لاسم لامع فى تاريخ الإبداع بل هو عودة حية إلى وجدان وطن صاغ جاهين أحلامه وآلامه بالكلمة واللحن والصورة، فبقى صوته معاصراً رغم مرور الزمن.يأتى هذا الحفل ليؤكد أن صلاح جاهين لم يكن شاعرا عابراً بل حالة فنية وإنسانية متكاملة، استطاعت أن تمزج بين البساطة والعمق، وبين الضحكة والسؤال الوجودى، لتصنع تراثاً ما زال قادراً على مخاطبة الأجيال الجديدة بذات الصدق والحرارة. ومن خلال فقرات غنائية وحكى مسرحى يعيد العرض تقديم عالم جاهين بروح معاصرة، تضع إبداعه فى سياقه الإنسانى الواسع، وتكشف عن رؤيته التى سبقت عصرها وما زالت حاضرة حتى اليوم.شهد المسرح القومى بوسط القاهرة، مساء الأربعاء، احتفالية فنية كبرى نظمها المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية لإحياء ذكرى ميلاد الشاعر المبدع الكبير صلاح جاهين، وسط حضور جماهيرى لافت وعدد من المثقفين والفنانين والمهتمين بالحركة المسرحية والثقافية.اقيمت الاحتفالية فى إطار حرص وزارة الثقافة على تكريم رموز الإبداع المصرى، برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وبدعم المخرج هشام عطوة رئيس قطاع المسرح، وبالتعاون مع البيت الفنى للمسرح، وجاءت لتؤكد مكانة صلاح جاهين كأحد أبرز من شكلوا وجدان المصريين فنياً وإنسانياً.كما تضمن برنامج الحكى والغناء “جاهين.. ضحكة مصر” الذى قدم قراءة فنية وإنسانية لتجربة جاهين الإبداعية، جامعاً بين الشعر والغناء والحكى المسرحى، فى محاولة لاستعادة روحه الساخرة والعميقة فى آن واحد، والتوقف عند محطات مهمة من مسيرته الفكرية والفنية العرض من كتابة محمد مخيمر، وإخراج محمد مرسى، شارك فى الأداء والحكى، الفنانون: هبة سامى، خالد محروس، محمود الزيات، مصطفى عبدالفتاح، المخرج المنفذ: محمد صلاح، مادة فيلمية: أحمد فتحى، تصميم إضاءة: محمد الصاوى، تنسيق مناظر: أحمد الألفى.الذين قدموا العرض بسلاسة بين النصوص الشعرية والمشاهد السردية، معبرين عن عالم جاهين الإنسانى المتناقض بين البهجة والحزن، والسخرية والتأمل.كما شهدت الاحتفالية فقرات غنائية مستوحاة من أعمال صلاح جاهين، قدمها الفنانون: أنغام مصطفى، أحمد محسن، هند عمر، بمصاحبة الفرقة الموسيقية التابعة للمركز القومى للمسرح، تحت إشراف الدكتورة رانيا عمر، وقيادة المايسترو الدكتور أحمد ماهر، حيث لاقت الفقرات الغنائية تفاعلا كبيراً من الجمهور.قال المخرج عادل حسان مدير المركز القومى للمسرح، إن العرض يأتى ضمن جهود المركز لإحياء ذكرى أعلام الفن المصرى وتسليط الضوء على إسهاماتهم الخالدة، مشيراً إلى أن صلاح جاهين يمثل نموذجا للمبدع الشامل الذى ترك بصمة ى تمحى فى الوجدان الثقافى المصرى، وأن الإقبال الجماهيرى الذى شهده العمل يعكس استمرار تأثيره وقدرته على مخاطبة مختلف الأجيال.قالت الدكتور هبة سامى، إحدى المشاركات فى عرض الحكى إن العمل يقوم على حكى مسرحى تتخلله فقرات غنائية، حيث تؤدى دوراً محورياً فى السرد من خلال استعراض السيرة الإبداعية للشاعر الكبير صلاح جاهين،والحديث عن محطات حياته وأبرز أعماله، وكوكبة النجوم الذين تعاون معهم خلال رحلته الفنية، وهى رحلة ما زالت ممتدة بتأثيرها حتى يومناً هذا.وأوضحت أن التعامل مع تراث صلاح جاهين يأتى حياً وقريباً من وجدان الناس لأنه كان سابقاً لعصره، تماما مثل الفنان محمد فوزى إذ ظل كلاهما معاصراً عبر الزمن لما يحملانه من خطاب إنسانى عميق على مستوى الشكل والمضمون يتناول الإنسان فى جوهره وقضاياه الأساسية.وأضافت سامى، أن العرض اعتمد على مزيج أدائى يجمع بين الأداءات الفردية والروح الجماعية فى تنوع فنى واضح، نجح المخرج محمد مرسى فى صياغته بانسجام، ليكمل كل عنصر فنى الآخر داخل العرض.وعبرت عن سعادتها بالمشاركة فى احتفالية “ضحكة مصر” معتبرة إياها مصدر فخر وفرحة كبيرة مؤكدة أن المشاركة فى أى فعالية ينظمها المركز القومى للمسرح، تحت قيادة المخرج عادل حسان، تمثل لها قيمة خاصة، واصفة إياه بالمخرج الدؤوب والمتميز.ووجهت رسالة وجدانية إلى الشاعر الراحل قائلة:”أقول لصلاح جاهين: كم أنت عظيم وصاحب رؤية فنية متفردة... وحشتنا كتاباتك، نفتقدك كثيراً، لكنك ما زالت باقيا بأعمالك الخالدة”.واختتمت حديثها بالتأكيد على أن الوقوف على خشبة المسرح القومى شرف كبير لأى فنان، لما يحمله من مكانة خاصة فى تاريخ الحركة المسرحية المصرية، مشيرة إلى أن المسرح القومى يمثل لها مصر و(بيت المسرحيين) معربة عن أملها فى أن ينال العرض إعجاب الجمهور.شهد العرض حضوراً جماهيرياً لافتاً، إلى جانب كوكبة من الفنانين والإعلاميين، من بينهم: الفنان القدير سامح مجاهد مدير عام فرقة الغد، وسمر الوزير، مدير عام الإدارة العامة للمسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة، والفنانة إيناس نور مدير عام المسرح القومى للأطفال، والفنانة القديرة وفاء الحكيم، والفنانة القديرة عزة لبيب، د.أحمد الشربينى، وغيرهم.