العدد 954 صدر بتاريخ 8ديسمبر2025
فى ليلة احتفالية مهيبة احتضنها المسرح القومى، نظم قطاع المسرح برئاسة المخرج هشام عطوة احتفالية كبرى بعنوان خالد الأثر لتكريم المخرج القدير وعضو مجلس الشيوخ خالد جلال، تقديرًا لمسيرته الإبداعية وإسهاماته العميقة فى تطوير المشهد المسرحى المصرى وصناعة أجيال جديدة من الفنانين
بدأت الاحتفالية، بعزف السلام الوطنى فى أجواء رسمية مهيبة، عكست حجم التقدير لمكانة المخرج الكبير خالد جلال ودوره الممتد فى خدمة الفن المصرى. أعقب ذلك عرض فيلم تسجيلى من إنتاج المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية بقياده المخرج عادل حسان مخرج حفل التكريم، قدّم توثيقًا بصريًا ثريًا لمسيرة جلال الفنية والإدارية، متتبعًا أبرز محطاته منذ بداياته وحتى وصوله إلى مكانته الراهنة كأحد أهم صنّاع الحركة المسرحية فى مصر.
وتناول الفيلم، الذى أعد بعناية، مقتطفات صوتية مؤثرة لخالد جلال يتحدث فيها عن تجربته ورؤيته ولحظاته التاريخية، وفى مقدمتها إشادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى بعرضه المسرحى الشهير «سلم نفسك»، وهى الإشادة التى مثلت علامة فارقة فى تاريخه، ورسالة تقدير رسمية لدوره فى دعم المواهب الشابة. كما ضم الفيلم شهادات لعدد من الشخصيات البارزة التى ارتبطت بتجربته، من بينهم وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى، والفنان عمرو عبد العزيز، والفنان صلاح الدالى، الذين تحدثوا بحميمية عن أثره الإبداعى والإنسانى، وعن قدرته الفريدة على اكتشاف الطاقات الكامنة لدى الشباب وتحويلها إلى تجارب حقيقية على خشبة المسرح
وزير الثقافة
وخلال كلمته، شدّد الدكتور أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة، على أن تكريم المبدعين هو استحقاق طبيعى لقيمة الفن المصرى الراسخة، لافتًا إلى أن الاحتفاء بالمخرج خالد جلال هو تقدير لمسيرة متميزة تركت أثرًا واضحًا فى الوجدان، وقدّمت نموذجًا خاصًا فى اكتشاف المواهب وصقلها ودعمها حتى تصل إلى النجومية. وأكد الوزير أن مشوار جلال داخل وزارة الثقافة كان مليئًا بالعمل الجاد والرؤية الواضحة، وأن الشراكة بينهما خلال العام الماضى كانت تجربة مثمرة أثرت المشهد المسرحى بشكل ملموس.
وأضاف وزير الثقافة أن خالد جلال كان عنصرًا محوريًا فى منظومة العمل الثقافى، مشيرًا إلى أن انتقاله لتولى مهامه فى مجلس الشيوخ كأول مخرج مسرحى يحظى بهذا المنصب مثّل تحديًا مهمًا نظرًا للدور الكبير الذى قام به فى تطوير قطاع المسرح وبناء منظومة متكاملة داخل مركز الإبداع الفنى عبر سنوات من العمل المتواصل. وأكد هَنو أن الوزارة لا تحتفى به لأنه غادر منصبه، بل لأنه يمثل جزءًا مهمًا من نسيج الثقافة المصرية، ولأن مركز الإبداع سيظل دائمًا مدرسته ومنصته وبيته الذى خرجت منه أجيال عديدة من الفنانين.
واختتم الوزير حديثه بالإشارة إلى الصداقة التى تجمعه بخالد جلال منذ سنوات طويلة، مستعيدًا بعض المواقف الطريفة بينهما، ومؤكدًا أن إنسانيته لا تقل عن قيمته الفنية، وأن بصمته على المسرح المصرى ستظل حاضرة ولامعة فى سجل الإبداع.
خالد جلال
فى بداية كلمته، ظهر التأثر جلياً على المخرج خالد جلال الذى لم يملك دموعه وهو يتحدث عن زوجته وأبنائه وزملائه الذين رافقوه فى رحلة النجاح، مؤكداً أنهم السند الحقيقى وراء كل ما حققه فى مشواره.
وأعرب جلال عن سعادته البالغة بهذا التكريم، واصفاً إياه بأنه محطة مهنية وإنسانية فارقة فى مسيرته، ومبدياً اعتزازه الكبير بتقدير الجمهور والوسط الفنى لما قدّمه على مدار سنوات طويلة. وأوضح أن هذا التكريم يمنحه دافعاً جديداً لمواصلة مسئوليته تجاه الفن والشباب، مشيراً إلى أنه يهديه أولا إلى زوجته السيدة علا فهمى وأبنائه، ثم إلى «أبنائه من النجوم» من خريجى مركز الإبداع، الذين يعدّ نجاحهم الامتداد الحقيقى لكل ما بناه عبر تاريخه.
ووجّه جلال الشكر لوزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هَنو على دعمه المستمر للمبدعين، كما ثمّن الجهد الكبير الذى يبذله المخرج هشام عطوة، رئيس قطاع المسرح، فى ترسيخ منظومة عمل تقوم على الانضباط والخيال والإبداع. وأكد أن العاملين بقطاع المسرح شركاء أساسيون فى كل نجاح يصل إلى الجمهور، وأن العمل الجماعى يظل الركيزة الأولى لأى إنجاز فنى.
هشام عطوة
وفى كلمته، أكد المخرج هشام عطوة، رئيس قطاع المسرح، أن تكريم المخرج خالد جلال هو احتفاء مستحق بقيمة فنية وثقافية شامخة أثرت المسرح المصرى على مدى عقود، مشيراً إلى أن جلال لم يكن مجرد مخرج أو مدير مركز، بل حالة فنية متفردة استطاعت أن تعيد صياغة دور المسرح كمنصة لاكتشاف المواهب وصناعة النجوم.
وأوضح عطوة أن المنظومة التى أسسها جلال داخل مركز الإبداع الفنى تحولت مع مرور الوقت إلى مدرسة قائمة بذاتها، تمتلك فلسفتها الخاصة فى التدريب والتمثيل والإخراج، وأن هذه المدرسة أثمرت جيلا كاملا من المبدعين الشباب الذين تركوا بصمة واضحة فى الدراما والمسرح والسينما.
وأضاف أن تأثير خالد جلال لم يقف عند حدود العروض التى قدمها، بل امتد ليشمل روحاً جديدة صنعها داخل قطاع المسرح، تقوم على الانضباط والشغف والبحث الدائم عن الشكل الأكثر تعبيراً وصدقاً على خشبة المسرح. وأكد عطوة أن حضور جلال داخل الوسط الفنى سيظل حاضراً بقوة عبر أبنائه وتلاميذه ومشاريعه التى أسست مسارًا جديدًا لفهم الدور الحقيقى للفنان فى المجتمع.
شهادات
قال الفنان عمرو عبدالعزيز أحد النجوم الذين تخرّجوا على يد المخرج الكبير خالد جلال انه ليس مجرد مخرج، بل «صاحب المصنع» كما يطلق عليه، إذ يدخل الفنان عنده تجربة معينة ويخرج بشكل مختلف تمامًا، فهو أيضا صاحب البيت الكبير لكل من مر بتجربته.
وتوقف عمرو عند موقف يصفه بأنه لن ينساه، حين طلبت وزيرة الثقافة الأسبق إيناس عبد الدايم من خالد جلال إعادة تقديم عرض «قهوة سادة» بعد مرور عشر سنوات على عرضه الأول، وقالت له: «أعلم أن الأمر قد يكون مستحيلاً». إلا أن رد جلال جاء حاسماً وبسيطاً فى الوقت نفسه «مفيش مستحيل مع خالد جلال»، وهو ما يعكس عزيمته وإيمانه بالمسرح وقدرته على صناعة النجاح مهما بدا الطريق صعباً.كما تضمّن الحفل شهادات مباشرة قدمها عدد من تلاميذ خالد جلال الذين أصبحوا اليوم نجومًا بارزين على الساحة الفنية،
أما الفنان صلاح الدالى فأعرب عن سعادته بحضوره التكريم، مُشيرًا إلى أنه يشعر بالفخر كونه أحد خريجى الدفعات السابقة، مداعبًا الحضور: «أصبحنا الآن من الدفعات السابقة». وتحدث عن علاقته بالمخرج خالد جلال، موضحًا أنه كان يشعر ببعض التوتر عند لقائه أول مرة قبل انضمامه إلى مركز الإبداع بسبب هيبته ومكانته الكبيرة. كما استعرض جانبه الإنسانى، قائلا إنه عندما توفى والده، كان خالد جلال أول من قدم له واجب العزاء، ما ترك أثرًا عميقًا فى نفسه.
بينما عبر آخرون عن التأثير العميق الذى تركه فى حياتهم المهنية والإنسانية، مؤكدين أن مدرسة خالد جلال ليست مجرد ورشة تدريبية، بل مصنع حقيقى لإعادة تشكيل الموهبة وصقل الشخصية الفنية، وأن العمل معه تجربة تشبه العبور إلى مستوى جديد من الوعى والاحتراف. وأكدوا أن ما يتعلمونه فى مركز الإبداع الفنى لا يقتصر على التمثيل فقط، بل يمتد إلى فهم الالتزام، والانضباط، واحترام خشبة المسرح، والثقة فى مواجهة الجمهور.وزير الثقافة
كما قدمت خلال الاحتفالية فقرات فنية جسدت تأثير تجربته على الحركة المسرحية، إلى جانب كلمة للدكتور محمد فتحى، أستاذ الإعلام بجامعة حلوان، أكد فيها أن تجربة خالد جلال كانت ولا تزال نموذجًا حقيقيًا فى اكتشاف المواهب وصناعة النجوم، وترسيخ القيم الإنسانية التى يحملها الفن فى المجتمع.