العدد 929 صدر بتاريخ 16يونيو2025
هناك شبه إجماع على أن الفنانة «سميحة أيوب» ولدت فى «شبرا» يوم الثامن من مارس عام «1932»، وبذلك تكون توفيت عن عمر «93» سنة!! وهذا الإجماع يجب أن يتغير، لأن سميحة أيوب ولدت فى «الدرب الأحمر» يوم الثامن من مارس عام «1930»، وبذلك تكون توفيت عن عمر «95» سنة!! هذا ما تبينه لنا الوثيقة المنشورة تحت عنوان «استمارة بيانات» والمؤرخة فى 4/5/1969، ولا يوجد وثيقة رسمية أسبق منها فيها بيانات مخالفة! وهذه الاستمارة صحيحة ولا تقبل الشك لأسباب ثلاثة: الأول أنها مكتوبة بخط يد سميحة أيوب وموقعة عليها، لا سيما وأن آخر سطر مطبوع فى الاستمارة مكتوب فيه “أقرّ بأن البيانات المدونة أعلاه صحيحة”! والسبب الثاني: أن هذه الاستمارة رسمية تتبع التفتيش الفنى بالإدارة العامة للرقابة الفنية التابعة لوزارة الثقافة! والسبب الأخير: أن هذه الاستمارة مقدمة إلى «مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية» للموافقة على سفر سميحة أيوب ضمن أعضاء الفرقة القومية لعرض بعض المسرحيات فى الدول العربية – والطلب منشور - مما يعنى أن «جميع بيانات» الوثيقة صحيحة!!
من الوثائق المهمة أيضاً، ما هو منشور وخاص بالمعهد العالى لفن التمثيل العربى، حيث يوجد شبه إجماع أيضاً بأن «سميحة أيوب» كانت ضمن الدفعة الأولى لهذا المعهد، وهذا غير صحيح!! فقد التحقت سميحة بالمعهد ضمن المتقدمات للدفعة الثانية وليست الأولى، ولم يكن انضمامها بوصفها طالبة نظامية، بل كانت «طالبة مستمعة» هى و«فاتن حمامة» وكُتب بجوار اسم فاتن حمامة «النجمة السينمائية»!! كان هذا فى سبتمبر 1945، ولم تستكمل فاتن حمامة دراستها، وخرجت من المعهد دون الحصول على الشهادة، أما سميحة فتخرجت من المعهد بعد سبع سنوات أى فى عام 1952، حيث كانت كثيرة الرسوب والغياب والآنقطاع عن الدراسة بسبب نجوميتها وعملها فى السينما والإذاعة وفى فرقة المسرح الحديث!!
وقد علق ناقد فنى على رسوب سميحة فى أحد المقررات عام 1951 قائلاً: “الملاحظ أن نسبة الرسوب هذا العام كانت كبيرة جداً، خصوصاً فى السنتين الأولى والثالثة، بل لقد تقرر فصل ثمانية طلبة وطالبات من السنة الأولى. والطريف أن ممثلات المسرح الحديث وهن سناء جميل، وانشراح الألفى، و«سميحة أيوب» قد رسبن فى الامتحان ولديهن دور ثانٍ! فسناء جميل لها دور ثانٍ فى اللغة العربية وعلم النفس، وانشراح الألفى لها دور ثانٍ فى أدب المسرح، وسميحة أيوب لها دور ثانٍ فى علم النفس. فهل يعود هذا الرسوب إلى انشغالهن فى فرقة المسرح الحديث وفى الأفلام؟”. وللتاريخ أذكر هنا أسماء «دفعة سميحة»، وهم: سميرة عثمان أحمد أيوب – وهو الاسم الحقيقى للفنانة سميحة أيوب - عبد العزيز أبو الليل، حسين محمد حسين جمعة، قدرية عبد القادر أحمد، نجاح محمد على الشامى، هدى عيسى أحمد، السيد عبد الخالق السيد زيد، أنور السيد وهبه، أنور محمد محمد، كمال الدين محمد عيد.
ومن نشاط «سميحة أيوب» وهى طالبة فى المعهد أن رشحها زكى طليمات – عميد المعهد والمدير الفنى للفرقة المصرية – للقيام ببطولة مسرحية «العشرة الطيبة»، ولكن ترشيحه رُفض وقامت المطربة «شهرزاد» بالبطولة، والسبب أن اقتراحه يخالف لائحة المعهد التى تنص على أن الطلبة والطالبات لا ينخرطون فى سلك الاحتراف قبل الآنتهاء من دراسة المعهد، حتى يأخذوا نصيبهم الكامل من الثقافة الفنية. وأول مشاركة لها كانت فى مسرحيتى «الجلف» و«البخيل» فى مايو 1946، عندما قدمهما المعهد فى موسمه الأول بدار الأوبرا الملكية. ثم انضمت سميحة لفرقة المسرح المصرى الحديث التى كونها زكى طليمات من طلاب وخريجى المعهد عام 1950، ومنشور صور بمفلتات وإعلانات لمسرحيات شاركت فيها سميحة بالتمثيل لهذه الفرقة، مثل: المتحذلقات، ومريض الوهم، وفى خدمة الملكة، ومسمار جحا، وصندوق الدنيا، وشروع فى جواز، وبنت الجيران، وحورية من المريخ، وبيت الطاعة، وكسبنا البريمو، وكدب فى كدب، وصندوق الدنيا، كما أن سميحة كانت ضمن أعضاء الفرقة القومية، وهناك صور بمفلتات لعروض مسرح حديقة الأزبكية عام 1955 شاركت فيها بالتمثيل سميحة أيوب، مثل مسرحية «حواء»، و«دموع إبليس» عام 1957، و«أهل الكهف» عام 1960.
وتوجد أيضاً مجموعة من الوثائق تخص سميحة أيوب بوصفها ممثلة ضمن الفرقة القومية، أو بوصفها مديرة للمسرح القومى، ومنها وثيقة «كرم مطاوع» مدير المسرح حول سفر الفرقة إلى الأردن لعرض مسرحية «وطنى عكا» عام 1970. ووثيقة من مصلحة وثائق السفر والجوازات والجنسية للموافقة على سفر سميحة أيوب إلى لبنان عام 1973. وخطاب من سميحة للموافقة على سفر سلوى سعيد، واستخراج جواز سفر لمحمد عبد الحليم، وموافقتها على سفر محمود عبد الحميد حجازى عام 1973.
ويوجد أيضاً بعض إعلانات لسميحة أيوب خاصة بحرب أكتوبر 1973، ولها دور كبير فيها، فعندما اندلعت حرب السادس من أكتوبر 1973 لم يشعر بها المسرحيون فى أيامها الأولى، ومثال على ذلك أن «سميحة أيوب» كانت تعرض مسرحية «مقالب عطيات» على المسرح القومى من إخراجها وبطولتها مع كل من: عبد المنعم إبراهيم، محيى إسماعيل، سلوى سعيد، أحمد الناغى، نجوى السيد، عمر ناجى، سعيد خليل. ولكن بعد أيام قليلة ظهرت بوادر نصر أكتوبر المجيد، فسارعت «سميحة أيوب» بوصفها مديرة المسرح الحديث – مع بقية مديرى المسارح – بعرض مسرحيات تواكب الحدث من «ريبرتوار» المسرح المصرى، فظهرت مرة أخرى مسرحيات: صلاح الدين الأيوبى، هزيمة التتار، شدى حيلك يا بلد، الحب والحرب، الغول، أيوب الجديد، صقور وغربان. وقرر حينها وزير الثقافة «يوسف السباعي» فتح المسارح مجاناً للجماهير لتتأمل وتستمتع وتشارك الجيش البطل الزاحف إلى النصر. ومن بين الاستعدادات على ذلك إلقاء القصائد الشعرية المناسبة، لتساهم فى العرض المسرحى، لذلك قامت «سميحة أيوب» بالاتصال بالشعراء لإعداد هذه العروض التى تسهم فى خدمة المعركة.
أمام هذا الموقف وغيره، عقدت هيئة المسرح اجتماعاً بمسرح البالون برئاسة مديرها «السيد بدير» لبحث دور المسرحيين فى الظروف الراهنة، وتم الاتفاق على تقسيم ممثلى وممثلات المسرح والعاملين بالهيئة إلى خمسة أقسام لخدمة المعركة. وبناء على هذا الاجتماع تكونت مجموعة من ممثلى وممثلات هيئة المسرح مهمتها جمع التبرعات النقدية والعينية من المتاجر والمؤسسات والشركات، وهذه المجموعة أشرفت عليها «سميحة أيوب»، وكان من بين مهامها زيارة الجرحى وتقديم الهدايا إليهم.
وفى نوفمبر 1973 اجتمعت «سميحة أيوب» مع لجنة القراءة بهيئة المسرح، وحضر الاجتماع كل من: السيد بدير، والدكتور رشاد رشدى، وأنيس منصور، ونبيل الألفى، وأنور أحمد، وسنية ماهر، وأحمد حلمى، ومحمد محمود شعبان، وأحمد عبد الحليم، وعبد الرحيم الزرقانى، وأحمد زكى .. وذلك للانتهاء من اعتماد خطة المسرح الجديدة لما بعد السادس من أكتوبر. ومن المسرحيات المقدمة: صقور وغربان، هيلا هيلا يا مصر، أحلام الفتى المسافر، شطارة، حبيبتى شامينا، أولادك يا مصر.
لم تكتف «سميحة أيوب» بدورها الإدارى والتطوعى، بل أسهمت بفنها فى المعركة، عندما قررت التمثيل فى مسرحية «عفاريت الليل» مع صلاح قابيل، وعبد السلام محمد، من إخراج عبد الرحيم الزرقانى، وموضوعها يدور حول تحرير الأرض. وأيضاً قامت ببطولة مسرحية «حبيبتى شامينا» تأليف الدكتور رشاد رشدى، وقام بالتمثيل معها: عبد الله غيث، محمد الدفراوى، حمدى غيث، وغناء فردوس عبد الحميد، إخراج سمير العصفورى، وخصص المسرح حفلة كل أسبوع لأفراد القوات المسلحة وقوات الأمن لحضور عرض المسرحية مجاناً. وأيضاً قامت ببطولة مسرحية «العمر لحظة» مع عزت العلايلى ومحمود عزمى من إخراج أحمد عبد الحليم. ومسرحية «رأس العش» كانت الأخيرة فى هذا الإسهام الفنى، حيث قامت ببطولتها مع شكرى سرحان، وعبد السلام محمد، وعبد الحفيظ التطاوى، ومديحة حمدى، ورشوان توفيق، ونبيل بدر، ومرفت سعيد، وسعد الغزاوى، وعادل بدر الدين، ومحمد الشويحى وآخرين.
آخر الوثائق المنشورة تتعلق بسميحة أيوب – بوصفها مديرة المسرح القومى – حول طلب رقابة بعض المسرحيات من قبل الرقابة المسرحية، مثل مسرحية «ست الملك» 1978، و«رجل فى القلعة»، و«عجبي»، و«ردوا السلام» 1986، و«اثنين فى البلاعة» أو «اتنين تحت الأرض»، و«شهرزاد»، و«مأساة الإنسان» عام 1987. والوثيقة الأخيرة تتعلق بغلاف بمفلت تكريم سميحة أيوب فى «لقاء الرواد» الذى نظمه المركز القومى للمسرح عام 1997 برئاسة الفنان محمود الحديني.