العدد 890 صدر بتاريخ 16سبتمبر2024
في إطار فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الحادية والثلاثين التي حملت اسم الراحل د. علاء عبد العزيز، برئاسة الكاتب سامح مهران، أُقيمت سلسلة من الندوات الفكرية التي تناولت قضايا حيوية في عالم المسرح. ومن أبرز هذه الندوات كانت سلسلة «رد الجميل» وتهدف إلى تكريم نجوم المسرح في الوطن العربي ومنها المخرج البحريني الرائد عبدالله السعداوي موضوع تلك الندوة ، والذي ترك بصمة واضحة في تاريخ المسرح العربي
استمرت الندوة على مدار ساعتين وذلك يوم السبت الماضي شهدت حضور كوكبة من النجوم والمفكرين المسرحيين، وجسدت تقديراً عميقاً لمسيرة السعداوي الحافلة بالإبداع والتجديد بدأت الندوة بفيلم تسجيلي عن أهم محطات المخرج البحريني «عبدالله السعداوي»
شارك في هذه الندوة نخبة من النجوم والمفكرين المسرحيين، منهم يوسف الحمدان وخالد الرويعي وأحمد خميس، الذين قدموا شهادات حية عن تجربتهم مع المخرج عبدالله السعداوي. وقد أدار الندوة الدكتور محمد زعيمة الذي قال ان السعداوي عمل علي تنوع أساليبه الإخراجية واهتمامه بالتجريب والبحث عن فضاءات جديدة في المسرح مما يدل ذلك على روحه المبدعة ورفضه للتقليد.
مضيفاً ان السعداوي حصل على جائزة الإخراج في مهرجان القاهرة التجريبي في وقت مبكر، حيث كانت السيطرة للأعمال الأوروبية، ويعد هذا الامر إنجازًا كبيرًا يعكس التقدير الدولي لأعماله واصفاً فلسفة السعداوي الفنية بأنها فريدة من نوعها، حيث يرى أن الفن غير مرتبط بالجنون.
هذه الرؤية تجسد شخصية الفنان المتمرد والمختلف.
أكد زعيمة على أمانة السعداوي في الإشارة إلى المصادر والنصوص التي يستند إليها في أعماله هذه الصفة تعكس احترامه للإرث الثقافي وحبه للمعرفة مؤكداً أيضاً على أن المسرح كان الشغف الأكبر للسعداوي، وهو ما دفعه للاستمرار في العطاء والإبداع.
تابع زعيمه يمكن القول إن عبدالله السعداوي كان فنانًا مبدعًا ومتميزًا، ترك بصمة واضحة في تاريخ المسرح العربي. فقد كان رائدًا في مجال التجريب، وحاز على تقدير كبير على المستوى الدولي، وتميز برؤيته الفلسفية الفريدة وأمانته الفنية.
أحمد خميس
بينما تحدث الناقد المسرحي أحمد خميس عن علاقته بفرقة الصواري وتميزها ب الطابع التجريبي لعروضها ، والتي كانت تتنافس مع فرقة «أوال» في تقديم عروض مبتكرة ومغايرة ضمن المهرجانات التجريبية في القاهرة. هذا التوجه التجريبي هو ما جذب انتباهه بالإضافة إلي انتباه النقاد والجمهور على حد سواء.
مضيفاً أنه فوجئ ب فوز عرض «الكمامة» للمخرج عبد الله السعداوي بجائزة أفضل مخرج في مهرجان تجريبي مصري، متسائلاً كيف استطاع مخرج خليجي على المنافسة في مثل هذه المهرجانات التي تشتهر بطابعها الطليعي وغالباً ما يفوز بها بعض العروض الأوروبية نظراً لكفاءتها في التطور الدائم .
واصفاً إياه (عبدالله السعداوي) بأنه كان صادقًا في تجربته المسرحية، وأنه كان مشروعًا ضخمًا امتدت تجاربه إلى دول خليجية أخرى. كما يشير إلى أن السعداوي كان عازبا ولكنه تزوج المسرح وكان له العديد من التلاميذ والأبناء في هذا المجال وفي سياق آخر أكد خميس أن السعداوي يستطيع أن يستخدم كل الاشياء والأدوات لبناء صورة مسرحية متكاملة علي خشبة المسرح أو في الفضاء المغاير بشكل واعي جداً حيث أنه في احد أعماله استخدم (النار) كمصدر للضوء وغيرها من الأفكار كما أنه يراهن دائماً علي جسد الممثل
خالد الرويعي: كنت محظوظا مع السعداوي
تكلم في البداية الناقد خالد الرويعي عن علاقته بالمخرج البحريني عبدالله السعداوي قائلا انها متشابكة على كافة المستويات، مما يشير إلى عمق الترابط الفني والشخصي بينهما وان علاقتهما ليست مجرد علاقة زمالة، بل علاقة صداقة واحترام متبادل.
مؤكداً أنه يشعر الآن بفقدان جزء كبير بعد رحيله مما يدل ذلك على الأثر الكبير الذي تركه السعداوي على الرويعي وعلى تطوره كفنان.
وصف الرويعي السعداوي بأنه كان مخلصًا وصادقًا في عمله، وهذه الصفات هي جوهر أي فنان حقيقي. إن الإخلاص للفن والصدق في التعبير هما الأساس لإنتاج عمل فني قيم.
وان هذا الشعور مشترك بين الكثيرين ممن تتلمذوا على يد الأستاذ عبد الله السعداوي. إن إسهاماته في تشكيل وعينا المسرحي لا يقتصر على الجانب الفني فقط، بل يتعداه إلى جوانب أعمق في الشخصية والتفكير.
مشيراً أن السعداوي قد غرس فيهم نظرة فريدة للعالم والفن. هذه النظرة ليست مجرد رؤية عابرة، بل هي طريقة تفكير متكاملة تشكلت عبر سنوات من التعلم والتجربة تحت إشراف السعداوي .
بينما اعتبر خالد الرويعي نفسه محظوظًا لكونه الوحيد من بين أصدقائه الذي تم اختياره للإخراج المسرحي واستمر فيه وأن هذا يؤكد على أهمية الدور الذي لعبه السعداوي في تشكيل مسيرته الفنية وتشجيعه على الاستمرار.
شدد الرويعي على أن المعرفة التي اكتسبها من السعداوي فريدة من نوعها، ولا يمكن مقارنتها بما قدمه له أي شخص آخر. يرجع ذلك إلى العلاقة الوثيقة التي جمعته بالسعداوي وكمية المعرفة التي نقلها إليه.
يوسف الحمدان
اما يوسف الحمدان قال أن السعداوي لم يكن مجرد ممثل أو مخرج، بل كان مفكرًا يتمتع برؤية فلسفية عميقة للمسرح. هذه الرؤية تجلت في اختياراته الفنية وتجاربه الإبداعية ابتعد بها عن المسارح التقليدية، واختار أن يقدم عروضه في أماكن غير تقليدية مثل البيوت والأسواق. هذا الاختيار الجريء كان له تأثير كبير في تقريب المسرح من الجمهور وجعله أكثر تفاعلية
مؤكداً ان السعداوي كان يولي اهتمامًا كبيرًا بالجانب الجسدي والصوتي للأداء المسرحي. هذا الاهتمام جعله يبتكر لغة حوارية جديدة بين الممثل والجمهور، وجعل العروض أكثر حيوية وإثارة وسعى كثيرا إلى خلق لغة تواصل جديدة بين المسرح والجمهور، حيث كان يركز على التفاعل المباشر وتجاوز الحواجز التقليدية بين المسرح والواقع وفي النهاية يرى الحمدان أن السعداوي كان يسعى إلى بناء مسرح يتجاوز الحدود الزمنية والمكانية، حيث تلتقي فيه الحضارات والثقافات، ويتداخل الماضي بالحاضر.