«فن الأراجوز والتوعية السلوكية للطفل - دراسة تحليلية»

«فن الأراجوز والتوعية السلوكية للطفل - دراسة تحليلية»

العدد 872 صدر بتاريخ 13مايو2024

تم مناقشة رسالة ماجستير بعنوان «فن الأراجوز والتوعية السلوكية للطفل - دراسة تحليلية لأعمال فرقة الأرجواز المصري والعرائس» مقدمة من الباحثة شيماء شكري أحمد المكاوي، بقسم المسرح التربوي كلية التربية النوعية جامعة طنطا، وتضم لجنة المناقشة الدكتور سيد علي إسماعيل، أستاذ الأدب المسرحي وتاريخه بقيم اللغة العربية كلية الآداب جامعة حلوان (مشرفًا خارجيًا ورئيسًا)، الدكتورة عزة حسن الملط، أستاذ المسرح المساعد ورئيس قسم الإعلام التربوي السابق بكلية التربية النوعية جامعة طنطا (مشرفًا رئيسيًا)، الدكتورة فايزة أحمد مسعود، مدرس المسرح بقسم الإعلام التربوي بكلية التربية النوعية جامعة طنطا (مشرفًا)، الدكتور محمد عبد المطلب جاد، أستاذ سيكولوجيا الإبداع المتفرغ بكلية التربية النوعية جامعة طنطا (مناقشًا داخليًا)، الدكتورة رندا حلمي السعيد، أستاذ التمثيل والإخراج والقائم بعمل رئيس قسم العلوم الأساسية سابقًا بكلية التربية للطفولة المبكرة جامعة دمنهور (مناقشًا خارجيًا). والتي منحت الباحثة من بعد حوارات نقاشية انتظمت وفق شروط ومعايير أكاديمية درجة الماجستير.
وجاءت رسالة الماجستير الخاصة بالباحثة كالتالي:
تُعد مرحلة الطفولة من المراحل المهمة فى حياة الفرد، وذلك لأثرها البالغ فى تكوين شخصيته، فهى الفترة التى تنمو فيها قدراته، وتتفتح مواهبه، وتتحدد سلوكياته واتجاهاته، ومفهومه عن ذاته، ولذلك أصبحت محل اهتمام المؤسسات التربوية لسهولة تشكيلها.
وتتعدد المصادر التربوية التي توعي الطفل وتمده بالقيم والمعايير السلوكية، حيث تقوم مجموعة من المؤسسات التربوية بتعليم الطفل وبث هذه المعايير والقيم السلوكية، والمسرح من أهم المؤسسات التربوية المؤثرة في الطفل بسبب المشاهدة الحية بينه وبين المتلقي وهو ما يزيد من أثر الرسالة التربوية في نفوسهم، ويزداد تأثير المسرح خاصة إذا كان المسرح الموجه للأطفال من خلال العرائس لما له من مكانة خاصة في نفوس الأطفال، حيث ارتباط الطفل بالدمى منذ مراحله الأولى، ويزداد تأثيرها عندما يجدها تتحدث وتتحرك أمامه،  
وفن الأراجوز من أكثر الأشكال العرائس المحببة للطفل بسبب هيئته وصوته المميز بفعل آلة الأمانة، ونظراً لللتأثير الذي تؤكده الكثير من الدراسات لهذا الفن فيجب عند تقديمه للطفل أن يتضمن خطابه المسرحي قيماً تربوية وأخلاقية في شتى نواحي السلوك الإنساني لتقويمه وفق عادات ومعتقدات المجتمع. وأن يراعي مراحل نمو الطفل وخصائصها النفسية المختلفة، وتوظيفه لتقنيات فن الأراجوز بطريقة تناسب طفل اليوم لكي تجذب الطفل وتؤثر عليه. ومن منطلق ذلك تري الباحثة ضرورة التعرف على الدور الذي يقوم به الأراجوز في التوعية السلوكية للجيل الناشئ.
والأطفال هم الأكثر تأثيراً بفن العرائس عامة لارتباطهم بالدمى منذ مراحله الأولى فكل طفل له دمية يحبها ويلعب معها، ويزداد تأثيرها عندما يجدها تتحدث وتتحرك أمامه، وخاصة عروسة الأراجوز بلونها وصوتها المميز الذي يجذب الجميع حوله بمجرد سماعه، وأيضاً تجمع بين الخيال المحبب للطفل من خلال العروسة والواقع المعاش التي تتناوله، ونظراً لهذه العلاقة الودودة بين الطفل والدمى فقد لفت نظر المربين والقائمين على تربية الطفل من خلال الفن بتوجيه فن الأراجوز للطفل من خلال «إحياء عروض فن الأراجوز الشعبي بشكله التراثي المعروف وتقنياته الراسخة في الوجدان وتقديمها للأطفال بمضامين جديدة وحيوية مناسبة لواقع الطفل ولكن بطريقة أكثر تنميقا وتهذيبا من الأراجوز الشعبي لتنمية وتهذيب سلوكيات الطفل بأسلوب فني وتربوي هادف، ليلعب دورًا تربويا وتوعويا محددا ومقصودا ومستهدفا نقد العديد من السلوكيات السلبية ومحاولة تقويمها عند الطفل وتدعيم السلوكيات الإيجابية التي تتفق مع أخلاقيات وعقائد المجتمع المصري».
وقد أصبح فن الأراجوز في مقدمة الاهتمام لدى القائمين على الفن والثقافة خاصة بعدما أدرجته «اللجنة الدولية الحكومية المشتركة لصون التراث الثقافي غير المادي بمنظمة اليونسكو ضمن قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة للتراث غير المادي الذي يحتاج إلي الصون العاجل»،  حيث اهتمت به «منظمة اليونسكو»عالمياً، وأدرجته في قائمة الصون للتراث الثقافي غير المادي عام 2018، ومن ثم أدرجته المراكز الثقافية في مصر ضمن قوائم اهتماماتها، وضمت إليها فرقة الأراجوز المصري- موضوع الدراسة- بعد أن كانت فرقة حره تقيم عروضها بالجهود الذاتية.
ومن خلال ما سبق يمكن تلخيص مشكلة الدراسة في التساؤل الرئيس الآتي:
«كيف تم توظيف السمات الدرامية والفنية في فن الأراجوز للتوعية السلوكية للطفل؟»
وتهدف الدراسة إلى التعرف على كيفية توظيف فن الأراجوز في التوعية السلوكية للطفل، والكشف على التقنيات المستخدمة في المعالجة الدرامية والفنية للتوعية بالمشكلات السلوكية، وعلى التعرف على القضايا السلوكية المطروحة في النمر -عينة الدراسة- وعلى الأساليب الفنية التي طوعوها للأهداف الدرامية في النمر، وعلى محاور التوعية السلوكية التي تم الاهتمام بها لتهذيب سلوكيات الطفل.
وقد اكتسبت الدراسة أهميتها من ندرة الدراسات الموجودة في تحليل النصوص الأراجوزية والعروض التفاعلية لفن الأراجوز، وكونها تسلط الضوء على فن الأراجوز باعتباره من الفنون الدرامية ذات الأهمية البالغة في تعليم الطفل وترفيهه ومن ثم تصبح مرجع لكل من يهتم بإرشاد الأطفال وتوعيتهم عبر هذا الفن، وأيضأ لأولياء الأمور للاستعانة بها في توعية أطفالهم بالسلوكيات الايجابية من خلال فن محبب لهم.
تنتمي هذه الدراسة للدراسات الوصفية، وتعتمد على المنهج الوصفي التحليلي للنمر الأراجوزية - عينة الدراسة - باعتباره أنسب المناهج لهذا النوع من الدراسات للوقوف على أهم القيم والمعايير السلوكية التي تتضمنها نمر فن الأراجوز _للفرقة محل الدراسة - على اختلاف أنماطها، من خلال تحليل السمات الدرامية والفنية لتلك النمر، وطريقة المعالجة والصياغة لإدراك الطفل بما يحويه.
وتعتمد عينة الدراسة التحليلية على مجموعة من النمر لفرقة الأراجوز المصري التابعة لمركز ثقافة الطفل، في الفترة مابين (2020: 2023)، وفقاً لتوافق مضمونها وقضاياها مع مستحدثات قضايا الطفل السلوكية، وهم: (نمرة الأراجوز والمولات، نمرة هنعمل إيه في الحظر، نمرة أراجوز 2020 - الأراجوز والموبايل، نمرة التنمر، نمرة الفكهاني الغشاش، نمرة التكبر - الأراجوز نجم النجوم، نمرة أعمال السنة، نمرة حقي وحقك)
وقد توصلت الدراسة إلى:
- تتناول هذه النمر الكثير من القضايا السلوكية الإيجابية التي قد يجد فيها الطفل ما يحببه في إحدى الخصال الحميدة (كترشيد الاستهلاك وقت الأزمات، واخترام الغير، والأمانة، والتواضع، والاستخدام المفيد للتكنولوجيا الحديثة)،والقضايا السلبية التي تنفره من الخصال السيئة (كالكسل، والإسراف، والسرقة، والغش، والتكبر، والتنمر).
- استخدمت النمرة الأساليب الانشائية مثل «الاستفهام، والتعجب» وطوعتهم فنياً للتعبير عن الحدث الدرامي والرسالة الموجهة من خلاله.
- استخدمت الفرقة العديد من الأساليب الكوميدية التي تعتمد على التلاعب اللفظي مثل (المحاكاة الساخرة والتهكم، التكرار، التورية، وقلب الموقف، والمفارقة الدرامية الساخرة، والقفشة) للتوعية بالسلوكيات السلبية والسخرية منها والتأكيد على السلوكيات الإيجابية.
- استخدمت النمر العديد من الأساليب التقويمية المستخدمة في تعديل السلوك ووظفتها فنيا لتقويم السلوكيات السلبية، وخدمة الرسالة التربوية المتناولة مثل (النمذجة، توكيد الذات، التسلسل، التشكيل، الإرشاد الديني، الثواب، العقاب، التنفير، الإقصاء).
- قدمت النمر العديد من الموضوعات التي تعمل على التوعية السلوكية الإيجابية للطفل تمثلت في (التوعية بسلوكيات تربوية وأخلاقية، توعية بالسلوكيات الاجتماعية، التوعية بسلوكيات دينية، التوعية بالسلوكيات المعرفية والثقافية).
- حافظت النمر المطروحة على شكل الأراجوز وهيئته في الموروث الشعبي، وبعض تقنياته مثل الملاغي والشخصيات النمطية، ولكنها أزاحت أداة الترومبيطة للملاغي، وعصا للأراجوز، وكثرة الشخصيات، والألفاظ النابية ونمقته وهذبته لتوجيه رسائل تهذيبية لسلوك الطفل .
 


ياسمين عباس