معرض القاهرة الدولي للكتاب 55.. يحتفي بمئوية فؤاد المهندس «الأستاذ» بمشاركة عمرو دوارة

معرض القاهرة الدولي للكتاب 55..  يحتفي بمئوية فؤاد المهندس «الأستاذ» بمشاركة عمرو دوارة

العدد 860 صدر بتاريخ 19فبراير2024

احتفى معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55 بمئوية الفنان الكبير الراحل فؤاد المهندس، بحضور الناقد والمخرج دكتور عمرو دوارة، ونجلة الفنان محمد فؤاد المهندس، والإعلامي عادل معاطي، والكاتب يحيى فكري ناشر كتاب «مهندس البهجة» عن الراحل فؤاد المهندس، وأدارت الندوة المذيعة دينا شرف. 
وفي كلمته قال الدكتور. عمرو دوارة: إن فؤاد المهندس يستحق الاحتفاء به دومًا، وأقدم الشكر لمعرض الكتاب والهيئة العامة للكتاب التي انتبهت لهذه المناسبة وقامت بالاحتفاء بمئوية فؤاد المهندس. 

البداية.. المسرح المدرسي
وتابع: لقد أحب فؤاد المهندس الفن من خلال المسرح المدرسي، والذي يمثل أول روافد شخصيته ورحلته، مع الفن منذ البداية، حيث انبثقت الروافد التي أثرت في شخصيته الفنية، وبعد ذلك المسرح الجامعي، حيث كان فؤاد المهندس يمارس فن المسرح حتى في أيامه الجامعية بكلية التجارة، وأقنع نجيب الريحاني بالإخراج للطلبة بكليته، وقدم عددًا من أعمال الفنان الكبير نجيب الريحاني، وتأثر بأسلوبه بشكل واضح، وكان «المهندس» متميزًا بامتلاك اللغة العربية السليمة ويمتلك لياقة جسدية، وأذنًا موسيقية مميزة، والإلقاء، وقدرة كبيرة من التوافق العضلي العصبي والتمكن الكبير في التحكم في جسده.  
ثنائيًا مميزًا وناجحًا
وقدم فؤاد المهندس 20 مسرحية، سُجلت غالبيتها، وهذا ليس رقما باليسير، وبدأ بالإذاعة مع فرقة «ساعة لقلبك»، مع مجموعة كبيرة من الفنانين، ويحسب له ذكاؤه في اختيار المؤلف الذي يكتب له، وبعد ذلك استطاع هو وفرقته أن يخرجوا من الإذاعة، لتقديم مسرحيات من خلال فرقة «ساعة لقلبك» المسرحية، وقدم من خلالها سبع مسرحيات، والتي اعتمد عليها مسرح التليفزيون فيما بعد تأسيسه برئاسة المخرج القدير السيد بدير، وشارك «المهندس» في فرقة الفنانين المتحدين، غير أن الكثير شاركوا بتأسيس فرقهم مثل فرقة «هنيدي»، وفرقة «المدبوليزم»، وغيرهم. 
فقدم فؤاد المهندس مع فرقة مسرح التلفزيون «السكرتير الفني» من تراث الريحاني 1962 وقدّم «أنا وهو وهي» 1963، «أنا فين وأنتِ فين» 1964، «حالة حب» 1967، مسرحيات خالدة ومتميزة بنصوص متميزة

مع فرقة الفنانين المتحدين
وقدم فؤاد المهندس مع فرقة الفنانين المتحدين والمنتج المسرحي المتميز سمير خفاجي الذي اختار فؤاد المهندس بطلا لمسرحياته كحصان رابح في ذاك الوقت، حيث قدّم مسرحيات أولها: «أنا وهو وسموه»، «حواءالساعة 12»، ثم قدم درة أعماله المسرحية «سيدتي الجميلة» فهي مسرحية رصينة مكتملة العناصر كوميدية ولكنها من المسرح الرصين والجاد، وتميزت في كل عناصرها المتكاملة من النص الموسيقى والتمثيل والديكور والإخراج، نشاهدها مرارًا وتكرارًا ولا نمل منها، بل دوما نحظى بالمتعة ولاقت نجاحًا كبيرًا جدًا، رغم أنها مقتبسة لكنها قدمت لنا بتميز الحارة المصرية، والثنائي المتميز والإبداع المقدم من شويكار وفؤاد المهندس.

فؤاد المهندس المخرج المسرحي
وأوضح «دوارة» أن المخرج حسن عبد السلام، هو آخر المخرجين الذين تم اختيارهم لتقديم هذه المسرحية الخالدة، حيث وقع الاختيار على العديد من المخرجين من قبله وهم على التوالي كمال يس، جلال الشرقاوي، ثم عبد المنعم مدبولي، ثم فؤاد المهندس كمخرج، فهو أيضًا مخرج مسرحي مهم وقدير ومتميز قدّم «حالة حب»، و« سك على بناتك»، وغيرها من المسرحيات المتميزة، وفي النهاية اختار سمير خفاجي حسن عبد السلام لدماثة خلقه وهدوئه الشديد ليقدم المعادلة الصعبة ويقدم فؤاد المهندس وشويكار للجمهور بأفضل حالة درامية بالمسرحية، والجميع بالمسرحية، وهو عرض مسرحي سيبقى وسيظل خالدًا في تاريخ المسرح المصري وتاريخ الكوميديا المصرية والعربية وتعريفنا بالحارة المصرية.

الثنائي الأشهر 
وأشار «دوارة»: إلى أن «المهندس» كان يشكل ثنائيًا مميزًا وناجحًا مع الفنانة شويكار، والثنائي الأشهر في الفن المصري والعربي، وكان له تأثير كبير في تطوير فن المسرح في تلك الفترة.
وبعد ذلك عاد فؤاد المهندس كشريك مع رفيق دربه منذ المسرح بجامعة عين شمس الفنان محمد عوض الذي أسس فرقته «الكوميدي المصرية» بمشاركة صلاح يسري وشويكار وكان صاحب عقلية متميزة.
كما قدم «المهندس» لمسرحيات المتميزة الأخرى منها «هالة حبيبتي»، «علشان خاطر عيونك» مع شريهان، «إنها حقا عائلة محترمة» والتي قدم من خلالها الفنانة القديرة أمينة رزق لأول مرة في إطار كوميدي، كما قدّم مع عبد الله فرغلي بأداء مختلف وشخصية مختلفة معه في مسرحياته.
وقدم فؤاد المهندس مع شويكار في التسعينيات من القرن الماضي مسرحيات «روحية اتخطفت»، «هالو دوللي»، «النجمة الفاتنة»، «مراتي تقريبا»
وأوضح «دوارة»: أن فؤاد المهندس قدم أغاني كثيرة في أعماله المسرحية والسينمائية وتميز في هذا الاتجاه، مثل: «رايح أجيب الديب من ديله»، وأغانيه في مسرحية «هالة حبيبتي». 

مكتشف للنجوم
واختتم: وكان فؤاد المهندس هو الفنان المتميز ممثلا ومخرجًا، يمتلك ذكاءً كبيرًا في الاختيار ولم يغامر، فقد كان مؤسسًا مع فرقة الفنانين المتحدين، وقدم مع هذه الفرقة سلسلة أعمال ناجحة، كما قدم من تراث «الريحاني» مع مسرح التليفزيون عدة أعمال مسرحية ناجحة، وكان دائما يكتشف مواهب ويقدم نجومًا بجواره، ويقف خلفها، فلن ننسى محمد أبو الحسن في دور «حنفي» وكذلك دور أحمد راتب في دور «سامح» في مسرحية «سك على بناتك»، كما قدّم شريهان، ومحسن محيي الدين، وتقديمه للفنان المبدع المنتصر بالله ومشاركته مع على خشبة المسرح، وكان يتسم بالولاء للنجوم الكبار ومنهم: نظيم شعراوي، وزوزو شكيب، ويمتلئ بالإيمان بالتواصل بين الأجيال.


فؤاد المهندس.. كان المسرح محرابه وسيبقى للأجيال قدوة ورمزًا

واختتم عمرو دوارة: إن تاريخ فؤاد المهندس المسرحي باق في الذاكرة، وعدد كبير من مسرحياته تحولت لأفلام فقد كان ملكا للمسرح، وكانت له تقاليد في تقديم المسرح لا تقل أبدا عن تقاليد فرقة «رمسيس» للفنان القدير يوسف وهبي في عشرينيات القرن الماضي، فقد كانت كواليس فؤاد المهندس يغمرها الالتزام كأن المسرح هو محرابه المقدس، فستبقى أعماله خالدة في الذاكرة لن تنسى، وسيبقى هو رمزًا وقدوة للأجيال الحالية والمقبلة.

روافد شخصية فؤاد المهندس
وفي كلمته أوضح الدكتور عادل معاطي، الروافد الأربعة الأساسية التي شكلت ملامح شخصية فؤاد المهندس، وأولها الأستاذ زكي المهندس، والذي يُعَدُّ من رواد التربية واللغة في الوطن العربي، وقلعة من قلاع اللغة العربية، وأشار إلى أن بيته كان ملتقى للعلم، وكانت تربيته لأبنائه مستندة إلى قيم العلم والثقافة، وتناول الصداقة القوية التي ربطته بعميد الأدب العربي والأديب طه حسين، وكيف أسهم في توجيه اهتمام ابنه فؤاد نحو فنون اللغة.

ببغاء.. عيد ميلاد أبو الفصاد 
 ثم تحدث «معاطي» عن صفية المهندس، والتي تمثل الرافد الثاني، وتأثر «الأستاذ» بها كثيرًا، والتي كانت تُعَرَف بلقب «أم الإعلاميين» نظرًا لبرنامجها الشهير «ربات البيوت»، أكد أن الجميع نشأ على صدى كلماتها في برامجها، وكانت تُلقي بالتحية إلى ربات البيوت، كما أشار إلى أنهم كانوا يتابعون تحركات الفنان فؤاد المهندس من خلال عمله في عائلة «مرزوق أفندي»، ودوره «أمين سر»، والرافد الثالث الإذاعي القدير محمد محمود شعبان «بابا شارو»، واختياره لفؤاد المهندس في مشاركته في دور الببغاء في أوبريت «عيد ميلاد أبو الفصاد».

لغة سليمة ومهارات فائقة
وأكد «معاطي» أن شخصية «محمود» في فرقة «ساعة لقلبك» والدويتو الذي شكله مع الفنانة خيرية أحمد كان بداية معرفة الجمهور به ونجاح كبير له، كما قدم أيضًا حلقات برنامجه الشهير «كلمتين وبس»، والذي كنا نتابعه منذ صغرنا، وكان يعتبر مرجعية في معالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي كانت تواجه مصر، وكلامه كان سابقا عصره وهناك حلقات كأنه يتكلم عما نعيشه الآن.

أستاذ ومعلم للجميع
وأكد أن «المهندس» كان يتمتع بلغة سليمة ومهارات فائقة في التعبير، حيث كانت جميع أعماله الإذاعية معيارًا للنجاح والتي نجحت وتميزت جميعها، وقد خلَّد بصمته في عالم الإذاعة والتلفزيون والسينما.
وأشار «معاطي» إلى الدور المهم الذي قدمه خلال تقديم فوازير «عمو فؤاد»، وأوضح أن الجميع كان يترقب قدومه للإذاعة أثناء عرض هذه الفوازير، معتبرًا إياه معلمًا وأستاذًا للجميع.
وأشاد بشخصية «المهندس» الفريدة والتي كانت تتميز بتنوعها وتميزها، مُشيرًا إلى أنه استمد إلهامه بشكل كامل من مدرسة الريحاني، ثم أسس مدرسته الخاصة والفريدة، «مدرسة فؤاد المهندس» التي أنجزت أعمالا فنية خالدة.
واختتم «معاطي»: فؤاد المهندس ترك بصمة في مصر وكان متميزًا بما ورث وبما أورثنا من أعمال فهو فنان عظيم يجب الاحتفاء به دائمًا. 

الأستاذ والأب المثالي
وفي حديثه قال الفنان محمد فؤاد المهندس: «أشكر القائمين على الندوة، ولكن لو تكلمت لن أوفي والدي حقه، وسوف أقول الأستاذ ومنذ طفولتي وأقول له «الأستاذ» وهو كان أبا مثاليا وشديدا في تربيته، وكانت تربيته على ثلاث مراحل مهمة في حياتنا، مرحلة فيها شديد جدا ويضربني لأنني كنت شقيًا بالابتدائية، وكان يبكي لذلك، ولكن من فترة الإعدادية تحول لصديقي وعلمني المسئولية والحرية بحدود، وكنت مرافقًا له في التصوير وفي المسرح وكنت أرى حب الناس له.

حب الناس..  الكنز والإرث الكبير
وأضاف: «قبل وفاته قال لي: «تركت لكم إرثًا كبيرًا، ويمثل كنزا كبيرًا وهو «حب الناس»، لي ولإخوتي، ورفضنا أنا وأخي تقديم حياته ومسيرته رغم الإغراءات المادية، وأفتقده منذ رحيله حتى الآن كثيرًا، وتأثيره عليّ عظيم جدا في حياتي، وهو بالمناسبة كان متواضعًا جدًا ويحب الناس وكان ينزل ويجلس مع البوابين ومع العاملين في الجراچ، وعلمنا كثيرًا المواجهة والمسئولية والتواضع».
 


همت مصطفى