«تمظهرات الحداثة السائلة في النص المسرحي المضاد» في رسالة دكتوراه

«تمظهرات الحداثة السائلة في النص المسرحي المضاد»    في رسالة دكتوراه

العدد 855 صدر بتاريخ 15يناير2024

تمت مناقشة رسالة الدكتوراه بعنوان «تمظهرات الحداثة السائلة في النص المسرحي المضاد» مقدمة من الباحث سنان علي حسين، بكلية الفنون الجميلة جامعة بابل، وتضم لجنة المناقشة الدكتور عامر صباح نوري المرزوك (رئيسًا)، والدكتور أمير هشام عبد العباس (عضوًا)، والدكتور حسن عبد المنعم الخاقاني (عضوًا)، والدكتور حميد عبد الله قدح (عضوًا)، والدكتور وسن عبد الأمير حسين (عضوًا)، والدكتور عامر حامد محمد (مشرفًا). والتي منحت الباحث درجة الدكتوراه بعد حوارات نقاشية انتظمت وفق شروط ومعايير أكاديمية.
وجاءت رسالة الدكتوراه الخاصة بالباحث سنان علي حسين: 
الحداثة السائلة مفهوم سكة عالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان، وكان لظهور المفهوم الأثر في إنهاء الجدل القائم في أروقة النقد الأدبي حول تسمية العصر الذي جرت فيه تحولات كبيرة على كافة المستويات سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، ثقافياً، لتصبح الحداثة السائلة الخيار الأمثل حسب اعتقاد «باومان» من خيارات النُقاد الآخرين الذين أطلقوا على تلك المرحلة تسمية ما بعد الحداثة، وبعد ما بعد الحداثة.. الخ من التسميات. 
كما يرى «باومان» أن الحداثة السائلة هي مرحلة إذابة وتمييع لدور وتاريخ الحداثة الصلبة وليس القطيعة، وبما أن المسرح هو جزء لا يتجزأ من متغيرات العصر فكان التغير لا بد منه في ظل تلك التحولات الفكرية والمعرفية، وهذا ما حدث بالفعل في خمسينيات القرن المنصرم عندما ظهر المسرح المُضاد على يد أشهر كُتاب المسرح العالمي يوجين يونسكو وصمؤيل بيكت، ولن يبقى المضاد راكزاً في تلك المرحلة بل أخذ باتجاه ابتكار أنواع جديدة من الصيغ المغايرة في كتابة النص المسرحي وهذا ما تواءم مع مرحلة السيولة التي تعشقت كلياً في جميع الأبنية الثقافية ولا شك أن بنية النص المسرحي هي إحدى تلك الأبنية التي سالت وتراخت في ظل تمظهرات الحداثة السائلة التي أذابت ميراث الحداثة الصلبة حين كان النص المسرحي قائما على قوانين ثابتة صلبة وضعها المعلم الأول أرسطو في كتابه فن الشعر. 
تضمن البحث الحالي (تمظهرات الحداثة السائلة في نصوص المسرح المُضاد) أربعة فصول رئيسية، حيث جاء الفصل الأول (الإطار المنهجي) ضَم مشكلة البحث التي من خلالها استعرض الباحث ماهية الحداثة الصلبة وطريقة تعابراتها أو انتقالها إلى الحداثة السائلة نتيجة تحولات العصر العولمية. والتي أدت به إلى صياغة مشكلة البحث بحيث اختتمها بالتساؤل الآتي (إلى أي مدى تمثلت الحداثة السائلة في نصوص المسرح المُضاد) وكان هذا التساؤل باباً أساسياً انفتح عليه البحث الحالي، ثم جاءت أهمية البحث والحاجة إليه من خلال استعراض الطروحات التي عُنيت بها الدراسة. 
في حين جاء هدف البحث للتعرف على بنية النص الدرامي كنتاج مغاير في فضاءات الحداثة السائلة والكشف عن تمظهرات الأسلوب المضاد فيها. 
وتضمن الفصل حدود البحث فكان الحد المكاني يقع في العالم، في حين اشتمل الحد الزماني على المدة الزمنية الواقعة في عام (2004- 2022)، كمدة زمنية جديدة تُعنى بأهم الأفعال الحديثة، كما جاء في ما بعد التسمية الموضوعية للعنوان الرئيس، أما تحديد المصطلحات فتناول أهم المصطلحات التي تخص البحث وعلى أساسها استطاع الباحث الخروج فيما بعد بالتعريف الإجرائي. 
أما الفصل الثاني المعنون (الإطار النظري) فقد انقسم إلى أربعة مباحث رئيسة جاء المبحث الأول الموسوم (الحداثة الصلبة من الضبط إلى العبور) وتناول الباحث فيه مفهوم الحداثة الصلبة حسب تسمية باومان وآلية انتقالها أو تعابيرها إلى فضاء السيولة وهذا الانتقال أتاح للباحث فرصة للمقارنة، وتضمن المبحث الثاني الموسوم (أركيولوجيا الحداثة السائلة) وفيه تناول الباحث حفريات القبلية التي ساهمت في تكوين أسس الحداثة السائلة منها الطروحات الفلسفية والنفسية والاجتماعية، والنقدية فيما كان المبحث الثالث الموسوم (مولد الحداثة السائلة) وفيه تناول الباحث مفهوم الحداثة السائلة والبيئة الحاضنة الممهدة له كذلك فكك الباحث تعابرات المفهوم الإجناسي. 
فيما كان المبحث الرابع الموسوم بـ(اشتغالات التفكير السائل في المسرح العالمي) وفيه تناول الباحث أهم التمظهرات التي وجدها في نصوص المسرح المُضاد والتي كانت إسقاطات ابتكارية يعمدها الكاتب في إيجاد بنية نص جديد مغاير، ومن ثم أخرج الباحث المؤشرات التي أسفر عنها الإطار النظري والدراسات السابقة. 
وتوصل البحث إلى جملة من النتائج من أبرزها:
1-  تجسدت افكار الحداثة السائلة عبر فضح الايديولوجية وأثرها المضاد على المجتمع كما في مسرحية (تسعة أجزاء من الرغبة، مسرحية عندما يكتب الروبوت مسرحية). 
2-  اللانمطية التي وفرت ظروفها الحداثة السائلة خلقت حالة من التواصل والتبادل الجمعي في الخطاب المضاد كما في مسرحية (المزبلة الفاضلة، ومسرحية موعد مع الإله) 
3-  الاعتماد على حالة الوعي أكد مفهوم النص المضاد بعده الرؤية السائلة للتقلبات التي تحدث للشخصية كما في مسرحية ( 25 سم) 
4- أغلب نصوص المُضاد تهمش الحبكة وتذيبها لصالح حبكات متعددة كما في مسرحية (25سم، مسرحية موعد مع الإله)
5- الرؤية الكونية للنص السائل تعطي مساحة لجذب القارئ بعدهُ نموذجاً للاستهلاك كما في مسرحية (عندما يكتب الروبوت مسرحية). 
6- تتجاوز الرؤية التضادية للنصوص أفكار الزمان والمكان وتعمد التفكيك كحل معرفي كما في مسرحية (موعد مع الإله، عندما يكتب الروبوت مسرحية، تسعة أجزاء من الرغبة). 
7- التشتت فعلُ النص المُضاد كونه خارج يافطة السلطة بكل أشكالها كما في مسرحية (25سم، موعد مع الإله). 
أما الاستنتاجات فجاءت كالآتي:
1- اللابطولة فعل استراتيجي يسعى دائماً إلى إذابة الرؤية الأحادية، بذلك يجعل الجميع بطلا في وقت ضياع الأبطال.
2- كسر نمطية اللغة وخلخلة معناها سمة رئيسة من سمات المسرح المضاد. 
3- الحداثة السائلة هي عصر تفكيك وإذابة الروابط الاجتماعية وقيمها الصلبة.
4- خَلقَ النصُ المُضاد بِنية سائلة لصالح اللعب الحر وتعددية الدوال.
5- الحداثة السائلة هو العصر الذي سالت وتراخت فيه الحدود بين الأجناس لصالح تدوين بِنية نص مسرحي مرن يهدم أي تفسيرٌ أو معنى صلب. 
ثم تأتي فيما بعد التوصيات والمقترحات التي عُثر عليها داخل المتن ويراها مهمة لاستكمال جوانب دراسة نصوص المسرح المُضاد الذي تمظهرت فيه الحداثة السائلة، ويختتم الباحث بحثه بالمصادر والمراجع وملخص البحث باللغة الإنجليزية.
 


ياسمين عباس